|
الشهيد عمر بن جلون رجل الاستراتجيات الكبرى و القضية الوطنية
مليكة طيطان
الحوار المتمدن-العدد: 6766 - 2020 / 12 / 20 - 23:43
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
الشهيد عمر ذات تاريخ إفراج من اعتقال استمر من شتنبر 1973 على خلفية اتهامه في أحداث مولاي بوعزة . و لأن القضاء برأ عمر الشهيد تم اختطافه إلى وجهة سرية حتى شهر غشت 1974 ...فترة كافية الدولة المغربية استجمعت همتها لإتمام استقلال سبق و منح لها ناقصا من رأس الوطن إلى أسفل الجسد حيث الاحتلال الاسباني , و تبعا لمرحلتين مختلفتين في الشرط الزماني أولا و الذاتي ثانيا . الشهيد عمر بنجلون أفرج عنه في ظروف بمثابة حقل ملغم , لم تسكنه الانتظارية أو ما شابه الابتزاز أو الانتقام كان عمر مدعو لكي يجسد موقف الوطنية التقدمية , شروط عديدة توفرت لعمر جندها في معركة الدفاع عن وحدة التراب المغربي . من المعتقل بعد الإفراج شد الرحال كمحامي متمرس إلى لاهاي حيث محكمة العدل الدولية توقع اللقاء المتسلسل لنقاش ملف القضية الوطنية و سؤال واحد طرحته الجمعية العامة للأمم المتحدة على محكمة العدل الدولية : هل الصحراء المغربية كانت عند احتلالها من طرف اسبانيا ( أرضا موتا ) لا تخضع لأية سيادة أم أنها كانت تحت سيادة الدولة المغربية ؟ الشهيد عمر بن جلون كخلاصة للوطنية المغربية و أحد أبنائها الأوفياء هو ثمرة العصر في تقدمه العلمي و التكنولوجي . تشبع عمر بتاريخ الوطنية المغربية . الجيل الذي فتح عينيه على أصداء جهاد عبد الكريم الخطابي قبل أن تحمله أصداء معركة المطالبة بالاستقلال , و حين بدأ عمر يكرح الفكر الاشتراكي و كمهندس عام و تطبيقي و مختص يصوغ أيضا مشروع المجتمع و الغايات إنسانية صرفة , كانت الوطنية و التقدمية تبدوان له ملتحمتين في الإشتراكية التجسيد الحي لهذا الاندماج . و انطلاقا من التجربة الشخصية للشهيد تمثل أمام ناظريه في هوشي منه و جان جوريس ...لهذه الغاية أقف لكي نتأمل في حجم الوطنية الحقة فطالما ردد الشهيد عمر : الاشتراكية لا تضحي بالوطن من أجل الطبقة و المجتمعات التي ولجت العهد الاشتراكي دخلته عبر بوابة الدفاع عن الوطن , بل كان يردد دائما : إننا اشتراكيون و لكننا أيضا وطنيون فنحن من الشعب و إليه . فالوطنية العميقة لدى عمر جعلته في مواجهة فكرية سياسية مع الاستعمار و مع حلفائه في المنطقة المغاربية بنفس الحجم في مواجهة المترددين و المتخاذلين بالداخل و مع الطفيليين اليساريين تلك الأفكار الطفيلية التي لا أثر لها في كتاب تاريخ الجهاد من أجل التحرير . الشهيد لم ينتقم أو يبتز النظام الذي اعتقله ... ملف الوحدة الترابية ركع النظام و سلمه للأيادي النظيفة الوطنية بمعية رفيقه في الكفاح المجاهد عبد الرحمان اليوسفي المنفي قسرا آنذاك في الديار الفرنسية من هناك استنشق نسيم الوطنية فانخرط في الدفاع , يلتحم اللقاء و يتواصل الجهاد بصيغة المرافعات و متابعة النقاش و ردود أفعال العدو الكلاسكي الجزائر و كيف تتحرك بالمكشوف و ليس وراء الستار داخل ردهات المحكمة الدولية ...قوام رؤية الشهيد و هو يذوذ و يجادل ويوضح و يوطد أسس الموقف الوطني التقدمي يمكن تلخيصه في أن المعركة من أجل الوحدة الترابية يستحيل التخلي عنها أو القفز فوقها لاعتبارت تاكتيكية حزبية و لو أن الحركة خلفت معتقلين في المعتقلات السرية و العلنية و عشرات الشهداء , هو القائل حتى صارت قولا مأثورا في تعريف الوطنية : التقدمية الحقة هي التقدمية الوطنية التي لا تنحبس في المشاعر الشوفينية . بنفس الحماس الوطني الذي وضع بموجبه الانتماء إلى الطبقة و الحركة و صراعها جعل منه لحظتها ثانويا أمام الصراع أو تناقض أساسي يفعل فيه الاستعمار المزدوج أساسا الاسباني و جارة لم يوجد في التاريخ و الجغرافية و مكنها المغرب من بناء دولة اسمها الجزائر حقيقة يفاجأ الرأي العام الدولي بفضل الشبكة العنكبوتية بها من تعبير ضمن شريط قديم سنة 1958للجينرال دكول : لم تكن هناك دولة اسمها الجزائر و فرنسا تضع يدها على أرض خلاء بدون سيادة تمكن منها العثمانيون بموجب واقع يؤكد على أن واقعها كان ثغورا للقراصنة تزعج الملاحة البحرية لا غير , هنا يصدق الكلام المأثور ( إذا أنت أكرمت الكريم ملكتته و إن أنت أكرمت اللئيم تمرد ), هنا أشير إلى شظايا بقايا الاستعمار الفرنسي و لا علاقة للشعب الطيب المسالم إخوة الجوار . بنفس الحماس و ضمن رؤيتة الشهيد عمر المتجهة صوب المستقبل خصص لمسألة الديمقراطية و بناء العهد الجديد مجالا هاما معتبرا أن البناء الديمقراطي في معركة التحرير أذاة أساسية و محورية لانفجار الحماس . قد أسعفه تكوينه القانوني إلى جانب مؤهلات مهندس للتنظير و التطبيق من أعتى مدارس المهندسين بباريس أواسط الخمسينات , زملاء له في العلم و المعرفة تحملوا مسؤوليات رؤساء دول في أوربا و إفريقيا و سائر المعمور . نعم الشهيد وظف هذه المؤهلات في تفنيد مزاعم خصوم الوحدة الترابية بنفس المقياس وظفها لتأكيد الأهمية التي تحتلها الديمقراطية عندما يتعلق الأمر بالمواجهة و الصراع المفتعل و أطماع الاستعمار و الهيمنة بل تحديات التبعية و رسم سبل التخلف في المنطقة . هي معركة شمولية بطبيعة الحال . عمر الشهيد بحجم وطن مأمول وظف قدراته العبقرية انطلاقا من الايمان الوطني و الايمان بحتمية المستقبل ... مستقبل التحرر و الاشتراكية و الديمقراطية , نزر يسير من الزمن يعد بالأيام و انطلاقة الشهيد في ترتيب المرافعات في مثل تاريخ يوم أمس 18 دجنبر 1975 امتدت إليه أيادي الغذر ضبط منها متلبسا أذوات ظلامية و سرقت روحه من أمام منزله كتمت أنفاس روح وطنية , و هذه مفارقة كيف تكون وطنيا تقدميا قبل أن يخرسك و إلى الأبد تنظيم العصابات عبر بوابة دين يراد له آنذاك أن يكون وهابيا تطور بالسلب هذا الزمن لكي يكون إسلاما سياسيا . في سياق التصفية نذكر بأن عمر كرجل الاستراتجيات الكبرى لهذا السبب تمت تصفيته بتنسيق مع أيادي خفية لم تحن بعد و طال الانتظار فرصة الإشارة إليها بكل جرأة وشجاعة . عمر الشهيد الذي لبست فكره لأنني من الجيل الذي بدأت نضالها متيمة بمحاضراته و تنظيره ... سأرافقكم في نشر تحليله الملموس للواقع الملموس سواء تعلق الأمر بالقضية الوطنية باستكمال التحرير أو تركيزه على رؤياه المستقبلية حيث الرهان على البناء الديمقراطي لدولة حديثة تسودها الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و تكافؤ الفرص .
إن الشهيد عمر الذي سترافقونني من داخل هذه المقالات هو الضمير الحي و النداء . أتمنى سبر أغواربنات أفكاره لعله يفيد من يعاني من البؤس المعرفي و القضية الوطنية . في ختم هذا التقديم سأستأنف رحلتي بمقالات تستدعي مني أن أردد : سلاما سلاما إلى الكفاءات و الأدمغة الإعلامية التي تركت لنا هذا الزاد من الحقيقة العمرية أرجع إليها متى سنحت الفرصة سلام يسري على مفكرين و فطاحلة في الصحافة كالراحلين محمد باهي و مصطفى القرشاوي , هذه صدقة جارية تركوها لنا مرتبة فهل من تركيبة بشرية تنتمي إلى الحركة الاتحادية تتعض بمثل هذه المواقف ؟
#مليكة_طيطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن هول ما جرى أحكي لكم : عرجت على قبور المنسيات
-
قوة الإتحاد الاشتراكي بين المناضل العضوي وبين عابري السبيل
-
خليلة الكلب المحترم ...( عن هول ما جرى أحكي لكم )
-
عن هول ما جرى أحدثكم ( ورقة ثانية من ذاكرة معتقلة سياسية ساب
...
-
في المغرب هل هي هشاشة أم اغتيال سياسة ؟
-
عن هول ما جرى أحدثكم ( ورقة من ذاكرة معتقلة سياسية سابقا )
-
سرد الدكتورة ايمان الرازي يؤشر على اندماجها في ركاب الأقوياء
-
خولة ... قراءة نص من مجموعة قصصية بعنوان (مغتصبات ) للباحثة
...
-
مليكة طيطان - ناشطة يسارية ونقابية وعضو المجلس الوطني لحزب ا
...
-
رسالة إلى ملك
-
أنطربولوجيا العنف ...السجن ...ملاحم التشفي
-
(ورقة ثانية ) ...من مقدمة أوراق سيرة لم تكتمل ...دعوني أتكلم
-
تجار الدين في المغرب ... ليس في القنافذ أملس
-
فرع الإخوان بالمغرب و الرق السياسي
-
بسيمة الحقاوي ...نزهة بري ...وجهان لعملة واحدة
-
مقدمة ورقة من أوراق سيرة لم تكتمل ...أنقلها لكم
-
يسار مغربي بشارب وأساور وحناء
-
دائما قوية ,,, أتركوني أتكلم
-
كتاتيب قرآنية ,,,إغتصاب طفولة سرمدي
-
تهمة المس بالمقدسات تصدر في حقي من جديد والمدعى رئيس فرع الم
...
المزيد.....
-
نداء اليوم الوطني 20 للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة الت
...
-
بيان حول متابعة ومحاكمة الأستاذ محمد الكشكاش على خلفية مناهض
...
-
وثائق سرية تكشف: الملكة إليزابيث لم تكن على علم بتورط مستشار
...
-
تجديد حبس شباب «بانر فـلسطين» 45 يومًا
-
«المفوضية»: للمرة الثانية المحبوسين بـ«العاشر 6» يديرون أجسا
...
-
إضرابها دخل يومه السابع بعد المئة.. نظام الاستبداد يقتل ليلى
...
-
صوفيا ملك// حتى لا تبتلعنا أمريكا..
-
مذكرة من «البلشي» للنائب العام بعد إحالة «صحفيين» محبوسين إح
...
-
“المبادرة” تطالب بالتحقيق في شكاوى معتقلي العاشر 6
-
جنايات “المنصورة” تقضي بحبس معتقلي حادث المطرية 45 يومًا
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|