حيدر سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6765 - 2020 / 12 / 19 - 16:20
المحور:
الادب والفن
عباءةٌ سوداء تختصر الأرض، يتساقط منها أمل أصم، لا يصغي إلا إلى نفسه، لا يشرب إلى صوت أرجل مذبوح ترافس في التراب، عباءةٌ شاحبة، تلفحها شمسٌ غاضبة، أمي على حافة بعيدة ترتبُ نحيبها، و تجمعهُ في أكياس مستعملة، و تشد صررها واثقة أن حمّالاً ما سيأتي ذات يوم و يأخذ تلك الحمولة، الإرث المثقوب؛ إلى الله.
أجلس في الركن الرطب، يدهشني أبي لا يهمه زلال الهموم الذي يركض في ملامحه الواهية، يضغ خبزة على المدفئة النفطية، و يأكلها وحدها، يناقش كيف تغير طعم الشاي، كيف شربه ذات ليلة حالكة في الجيش، يضيء خوفه أزيز الرصاص ،يضع السكر في القدح المتراقص، يحاول تثبيت يديه الراقصة أبدا من الخوف و البرد، و رغم أنه في بيتنا إلا أنه يهبطُ برأسه من الرصاص الذي ما زال يلمع أمامه، كيف إختزل عمراً من الأنين و الخوف و البرد في مذاق الشاي، كيف يبوح لي سراً كلما تكلم عن ذلك المذاق بحكايات لم يقصها يوماً علي!!!
أمي ترتب الأكياس، أبي يفتش عن مذاق الشاي، و أنا أحاول أن أستكشف حكاياهم بينما أنسى أنني حكاية يجب أن أصغي إليها !!
#حيدر_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟