|
إيران الرابح الأول، ولبنان الخاسر الأكبر
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1615 - 2006 / 7 / 18 - 12:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقراءة المرارة التي نعيشها جميعا، ويتجرعها الشعبين الفلسطيني واللبناني بما فيه من علقم وحنظل لابد لنا من النظر بعمق وموضوعية لما جرى على الساحة بمحض الصدفة ، وخدم ودفع بالأحداث نحو مأساويتها، وما كان مقصوداً ومدروساً ليصب في خدمة أجندة غير عربية!! أولها ...قضية تخصيب اليورانيوم الإيراني، ووصول المعضلة بين إيران والدول الغربية بعد كل المحاولات الدبلوماسية المتبعة والطرق السلمية، لكن ما قدمته إيران لا يصب في الإطار المطلوب منها غربياً، لهذا عادت القضية لتطرح من جديد في دوائر هيئة الأمم، وهذا بحد ذاته يعني ، إمكانية تعرض إيران على أقل تقدير لعقوبات اقتصادية وغير اقتصادية، وإيران تسعى بكل طاقتها وضمن اللعبة السياسية المعروفة لكسب الوقت والمراهنة عليه ..لتصل لغاياتها وتضع المجتمع الدولي أمام الأمر الواقع..وحينها يمكنه أن يعدل من مواقفه مع بعض الشروط المقبولة، لكن كيف يمكنها أن تبعد الأنظار وتكسب الوقت؟؟؟ ثانيها...ويتعلق بما جرى على أرض غزة والقطاع من اجتياح إسرائيلي وتدمير وتنكيل بأهلنا في فلسطين، ولم يكن الجندي ( جلعاد شاليت) ، سوى ذريعة إسرائيلية لتقويض السلام ــ رغم هزالته ــ ولفرض سلام من طرفها وحسب مخططاتها واحتياجاتها، وذلك بالقضاء على أي بادرة لقيام دولة فلسطينية يمكنها أن ترى الحياة، وبالتأكيد وضمن المعطيات العربية الراهنة وفي البعد المنظور يمكنها وبكل سهولة ويسر أن تنفذ ما ترغب به ..دون رادع أو قوة تستطيع أن تحد من طموحاتها، ناهيك عن تأكدها من المواقف الغربية جميعها لصالح وجودها وأمنها، والمجيرة دائما لخدمتها باعتبارها حسب المنظور الغربي ـ الدولة الوحيدة الحديثة والقوية والتي تمثل أحد نماذجها الغربية في المنطقة ، ــ رغم أنها تقوم على أساس ديني ــ .. لكن هذه الأحداث بالذات ، جاءت لتخدم الأجندة الإيرانية، بمحض الصدفة .. ولتصب في خدمة أغراض إيران في كسب الوقت وإبعاد أنظار المجتمع الدولي عن قضيته النووية... كيف؟؟ بإيحاء سوري إيراني قام حزب الله في لبنان ... باختطاف الجنديين وافتعال الحدث بحجة الانتقام لما يجري في فلسطين، بل والانتقام لكرامة العرب المهدورة والضعيفة المتخاذلة ..لدرجة الانعدام ، وهذه حقيقة وواقع ...تمنح حزب الله التأييد السياسي والتعاطف الوطني معه من الشعوب العربية المخذولة والمجروحة منذ عقود طويلة ، وخاصة ذات البعد والفكر القومي ... و هذا ما يثبته الواقع والتصريحات الصادرة من هنا وهناك منذ العدوان الغاشم على لبنان وما قدمه من تضحيات بشرية ومادية ..لكن هذا .. الهدير القومي والعاطفي العربي .. يقرأ الواقع بمنطق العاطفة... كلنا ينحاز ويفرح لأبسط هجوم أو أذى يمكن أن يلحق المنشآت أو السكان الإسرائيليين...ونقف مع حزب الله..حين يحققها...لكن هل نقرأ المعطيات على الأرض بعمق وتمعن بعيدا عن العواطف التي لا يمكنها أن تحقق نصرا؟! ... إنها نفس العواطف والسذاجة ، التي اعتقدت أن صدام حسين سينتصر، سواء في حربه الأولى أم الثانية مع الأمريكان ، وهي نفسها التي تعتقد أن ميليشيات حزب الله وما يملكه من سلاح تقليدي، رغم (صواريخ الرعد والزلزال )، مقابل ال 1350 غارة طيران إسرائيلية بمقاتلات الإف 16 و 15 والأباشي!!و دون خلفية وعمق عربي أو حتى محلي يدعمه ويناصره ويمكنه أن يشكل له ظهرا وسندا ورديفاً ..يفتح إلى جانبه مقاومة أخرى على جبهة أخرى مثلاً!!...وتكفي قراءة ما خرج به وزراء الخارجية العرب لمعرفة ..إمكانياتنا... وخاصة من يتاجروا بدم اللبنانيين ...لو أردنا فعلا دعم لبنان ومقاومته ...لما اقتصرنا على الاستنكار وبيانات الشجب ، وتقديم بعض الأموال لتعويض لبنان عما يفقده من خسارات مادية ، لكنها لن تعيد إليه خساراته بالأرواح...العواطف لم تصنع لنا نصرا لا في تاريخنا السابق ولا الحاضر...وللتذكير فقط .... كم صفقنا فرحا ونشوة لصورايخ صدام التي هبطت فوق رؤوس الإسرائيليين أثناء حربه مع أمريكا؟! وكم رقصنا نشوة مصدقين وزير إعلامه " محمد سعيد الصحاف " ، وهو يعدد خسائر الأمريكيين على أبواب بغداد، ونرى الزعيم القائد صدام تحت وابل القصف الأمريكي مع الشعب في أحياء بغداد، ونتصور أن النصر ..أو على الأقل التصدي البطولي والذي يمكنه أن يرد لنا بعضاً من كرامتنا المهدورة لعقود خلت ، قد غدا قاب قوسين وأدنى!!! لكن أحلامنا على ما يبدو ذهبت أدراج الرياح...لأننا نتقن الحلم ونخلطه بالواقع...بل لا نقرأ قدراتنا السياسية قبل العسكرية ، كوننا نراهن ونستمر في المراهنة دون أن نتعلم من دروس نمر بها ونعتبر...على أن أنظمة الاستبداد والشمولية المرتبط استمرارها بالابقاء على حالة اللاسلم واللاحرب ..نعتقد أن يإمكانها أن تصنع نصرا!! سيقول قائل منكم ...لكن حزب الله ..استطاع أن يحرر الجنوب اللبناني، ويصنع نصرا ..وسيتمكن كما يعد السيد حسن نصر الله من الفعل مرة ثانية!!! نعم كان لحزب الله شرف التحرير ...لكنه لم يكن وحيدا في صنع التحرير والنصر، كان لبنان بأكمله حكومة وشعباً يقف معه في الخندق الخلفي على الأقل، رغم أنه كان موجودا من خلال المقاومة الوطنية قبل أن يوجد حزب الله على الأرض بمساعدة سورية وتسليح إيراني، ومنع التسليح أو الدخول لأي طرف من أطراف المقاومة الأخرى إلى الجنوب اللبناني ( الحزب القومي السوري الاجتماعي ، الحزب الشيوعي اللبناني ...) ، لكن كل هذه الأحزاب وقفت معه ودعمته وكان كل لبنان ظهرا لحزب الله وللمقاومة..، ناهيك عن الموقف العربي والدولي آنذاك ..كان الحق كل الحق مع حزب الله لمقاومة المحتل الإسرائيلي، لأنه يريد تحرير أرضه من الإحتلال.. اليوم، الأمر مختلف كلياً...حزب الله اتخذ قراره وحيدا دون العودة لحكومة ينتمي إليها ويشاركها الحكم في المجلس النيابي والوزارة.. ثم لم يتخذ قراره اليوم متطوعاً فردياً من جانبه وحده كحزب لبناني عربي ..يسعى فعلا من منطلق قومي عربي ، لنصرة غزة ولتحرير أسرى لبنان وفلسطين ...بل جاءت حركته الأخيرة بايعاز إيراني سوري .لإشعال المنطقة وإلهاء العالم ..." هيئة الأمم ، قمة الثمانية الكبار، الجامعة العربية "وبهذا تبتعد الأنظار عن القضية النووية الإيرانية لبعض الوقت..وتكسب إيران الجولة... ويكفي أن نقرأ التهديد والوعيد الإيراني لإسرائيل ، فيما لو حاولت الإعتداء على سورية!! لماذا تكون إيران الفارسية أكثر عروبة من العرب ؟؟ أمن باب الإسلام فقط؟؟ أم لأن ما يجمع نظامي الملات في إيران والبعث في سورية، مصالح متبادلة بعيدة كل البعد عن أهداف التحرير والكرامة والغوغائية التي تصدر هنا وهناك بكل فجاجة وركاكة وسطحية..خاصة ممن يعتقدون أن حزب الله سيحقق لهم نصرا مؤزرا على إسرائيل ويتمكن من دحرها!!...ـــ إن كان حزب الله صاحب عمق وبعد عربي فعلاً...اسألوه عن موقفه من جزر طنب الكبرى والصغرى وابي موسى، بل والبحرين أيضا...لقد اصدمت هنا في باريس مع أكثر من منتمي لهذا الحزب وأعلم يقينا أن أنتماؤه الطائفي أقوى من انتمائه العربي ..كفانا ..إذن ..نفخا بقربة مقطوعة ــــ ربما ...ربما ستندحر إسرائيل بعد أن تعيد لبنان لما كان عليه قبل ثلاثين عاما، وبهذا تنفش الطيور السورية ريشها معتقدة أنها أيضا عائدة لأعشاشها اللبنانية!! من دفع ويدفع الثمن؟؟ لبنان الذي يعيش بعد فترة نقاهته..ولم يتعاف من صدمات الحرب الطاحنة الأهلية لعقدين، والاجتياح الإسرائيلي وآثاره المدمرة ، والاغتيالات المتلاحقة والتفجيرات بين فترة وأخرى، والتي طالت شبابه ومفكريه وأحراره... بالتأكيد سيخرج من محنته..كطائر الفينيق ...سيعود للحياة من جديد، فقد علمنا هذا الشعب أنه حي ..حي لا يموت..رغم تعدد الكبوات ورغم الجراح النازفة والمآسي الكبيرة، رغم أنه بنى أكثر من مرة ، ويصر على البناء والحياة.. لكني أقولها بصراحة لن تعجب الكثير من المتحمسين والمقاتلين بلغة العاطفة المجروحة والتي أفهم دوافعها ..لا بلغة العقل وقراءة الواقع العربي المتخاذل والعالمي المنحاز ...أن الرابح الأول في هذه الحرب ..هي إيـــــــران، ومن ورائها إسرائيل ، إيران ، التي مع الأسف غدت سيدة في المنطقة تقرر مصيرنا نحن العرب وتعبث بمقدراتنا ..وتجير سياسيينا لخدمة أطماعها في المنطقة ، والخاسر الأكبر والضحية هما الشعب اللبناني ومن ورائه الشعب الفلسطيني .
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى أي مدى كان وعد حزب الله صادقاً؟ وما هو ثمنه؟
-
بين الشهيد الجولاني - هايل أبو زيد -، والجندي الإسرائيلي الم
...
-
تنصيب ( علي الديك) على رأس المشروع السوري الكبير بخطته غير ا
...
-
لماذا تغيرت القيم في سورية؟ ولماذا اهتز الانتماء الوطني؟
-
خاسرون ومهزومون...حتى بالرياضة!
-
مطر الصيف فيلم الأسبوع الفلسطيني بجدارة...المخرج إسرائيلي و
...
-
أحلام صفقة سورية أمريكية ملحقة بالإيرانية
-
الوقت غير مناسب
-
فلورنس غزلان مع الفضائية الكردية روج تي في
-
ألم تنته مدة صلاحية الاستبداد في سورية بعد؟
-
كان ...هنا
-
متى نخرج من قمقم عبودية النصوص والخطوط الحمر؟
-
تعرفوا على رئيس سورية المستقبل!! هكذا يقدم - الغادري - نفسه
...
-
إضاءة على الخطوط المنحنية والمتعرجة، ذات المغزى في صحيفة -ا
...
-
هل هناك بوادر لصفقة إيرانية أمريكية، تليها صفقة سورية أمري
...
-
نهرع للقاء......ولا نلتقي
-
ليبرالية في عالم الاستبداد! ...ردا على المحور الثالث
-
نحن والآخر!
-
أنراهن على الطاغوت، أم على المحاربين الأشداء؟
-
المسموح به في سورية، هو الالتزام بالممنوع
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|