|
حركة التحرر الكردي : ثورات لا تنقطع ( 2 من 2 )
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6764 - 2020 / 12 / 18 - 03:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لكل من العائلتين المالكتين لكردستان العراق : ميليشيات مسلحة ضاربة هي البيشمركة . لا توجد وزارة دفاع ، ولا اية مؤسسة اخرى لقيادة بيشمركة موحدة . حين تباينت مواقف العائلتين بأزاء تداعيات الاستفتاء الذي امر به البارزاني ، انشقت البيشمركة على نفسها الى قوتين ، وأعلنت كل منها تابعيتها المطلقة : لآل البارزاني أو لآل طالباني . اذن ، اضافة للمناصب والامتيازات والثروات الطائلة ، تمتلك كل من العائلتين جيشها الخاص الذي هو أقوى بما لا يقاس من سلاح عشائر أربيل ومناطق نفوذ البارزاني الاخرى ، واقوى من سلاح عشائر السليمانية ومناطق نفوذ طالباني الاخرى . ولهذا لم يكن امام الشباب الكردي الا الدخول في منطقة الارض الحرام وانتهاك المحرمات بالثورة : ومعالجة العنف المسلط عليها بعنف أشرس واكثر تصميماً على السير الى امام حتى تحقيق أهداف الثورة . بمعنى ان الشعب الكردي الذي افقدته كرامته سياسة العائلتين اللامعقولة ، لم يكن امام الا الثورة للتأكيد على ان الشرعية الثورية : شرعية الكفاح المسلح ضد نظام الطغيان الصدامي قد انتهت ، ولم تعد قادرة على الاستمرار بمنح الشرعية لعائلتي البارزاني والطالباني للاستمرار في الحكم ...
تؤكد مظاهرات أهالي السليمانية وتوسعها الى الكثير من القرى والبلدات : على ان ذكريات الكفاح المسلح ضد نظام الطغيان الصدامي قد تهاوت وبدأت بالتلاشي ، ولم تعد قادرة على منح الشرعية لعائلتي البارزاني وطالباني للأستمرار بالحكم . لم تعد من قيمة تذكر للقصص الثورية التي كان يتغنى بها طالباني او البارزاني وقيادات حزبيهما في مقارعة استبداد سلطات بغداد . ان الكفاح المسلح ضد نظام صدام وما قدمه الحزبان - الى جانب الحزب الشيوعي العراقي - من تضحيات جسيمة : حقيقة لا احد بامكانه إنكارها ، ولكنها الحقيقة التي ابتز فيها الحزبان الشعب الكردي وأجبراه على ان يرضخ لطموحهما في الحكم مدى الحياة ، فدفع بهذا الرضوخ ثمناً باهضاً لهما ، يشبه الى حد كبير ما دفعه أهالي الوسط والجنوب من ثمن باهظ للأحزاب الدينية . لقد قطع هذا الابتزاز الطريق على تكون وازدهار أخلاق ثورية حقيقية لا يطالب فيها السباقون الى التضحية بثمن لتضحياتهم : ان هذه المطالبة بحد ذاتها ستكون عقبة حقيقية امام اجراء انتخابات نزيهة ، وستكون مدخلاً لإزاحة المنافس والقضاء على حرية الرأي والضمير . وهذا الاستمرار بالحكم لعقدين من الزمان هو الذي جعل فعل سرقة واردات الدولة ، وسرقة أموال الشعب : ممكناً . لقد تسببت مطالبة عائلتا طالباني وبرزاني ومثلهما عائلتا الحكيم والصدر بامتيازات لا حصر لها ، ومنها : امتياز الحكم الوراثي مدى الحياة الى عجز الدولة عن سداد رواتب موظفيها . لقد تغيرت الحياة تغيراً كبيراً ولم يعد مصدر الشرعية كامناً في سردية ماضي النضال المسلح ضد استبدادية النظم المركزية في بغداد ، بل بدأ وعي الناس السياسي يربط شرعية الحكم بالتنمية الاقتصادية وببرامج الارتفاع بمستوى معيشة الناس وتوفير الوظائف . لقد بدأ حاضر العدالة بوجهيها السياسي والاجتماعي بالدخول كحكم في تقييم مسيرة الحكام وفي التصويت للأحزاب والحركات ، أكثر من امتيازات الماضي الثورية : سيما وان كفاح الاحزاب المسلح مجتمعة او منفردة ، لم يتكلل بالزحف على بغداد وتغيير نظام صدام السياسي فيها ...
ثمة شيء مشترك رشح من مسيرة حكم عائلتا البارزاني وطالباني في كردستان ، وعائلتا الصدر والحكيم الدينيتان : يتمثل بانفصالها عن شعبيهما، وتسييج نفسيهما بأسيجة حديدية عالية عن الناس الذين تدعي تمثيلهم والدفاع عن حقوقهم . وبدأت هذه العوائل الاربع - نتيجة طول الحكم وكثرة الامتيازات والأملاك والأمر بالقتل الفعلي للكثير من المعارضين - تشعر بانها اعلى من مستوى البشر وانها مخلوقة من طينة ثانية - فهم الملوك الذين تجري في عروقهم الدماء الزرق ، وانهم ظلال الله في الارض ووكلاؤه في تطبيق شريعته . وكل ذلك يشي بأن أفراد هذه العوائل مصابين بمرض الشعور بالقداسة ( وهو شعور لم يدرس جيداً ، يصاب به الكثير من الناس الذين يولدون وسط فئات اجتماعية منحها الموروث الكثير من الامتيازات : وهي فئات لا توجد الا في المجتمعات المتخلفة ) ، فيما يشعر شعبيهما بالاختناق . لقد فرضت هذه العوائل على الشعبين العربي والكردي : الطريقة الوحيدة التي تمكنهما من استرداد كرامتيهما والذي يمر فقط من بوابة الثورة ، اذ ان أساليب الثورة هي الوحيدة التي بامكانها ان توقظ هذه العوائل من أوهامها : كبشر مقدسين ، الى مستشفيات اعادة تأهيلهما للعيش في الحياة كبشر طبيعيين ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حركة التحرر الكردية : ثورات لا تنقطع ( 1 من 2 )
-
مساء الليلة الماضية
-
البيت الشيعي
-
شيعة العراق ومقتدى الصدر
-
تعيين الكاظمي بمنصب رئيس الوزراء ليس شرعياً
-
توقفوا عن تدوير هذه الزبالة السياسية
-
بمناسبة الانتخابات الأمريكية
-
في الفضائية العراقية
-
حكومة الكاظمي ومنطق مستشارها السياسي
-
في الذكرى الاولى للثورة
-
صدام حسين ، حيدر العبادي
-
قصيدتنا
-
وجها العرب في عالم اليوم
-
انه عاشوراء
-
تبيح السلطة الفلسطينية لنفسها ما لا تسمح به لغيرها
-
الاتفاق الصعب
-
عن بعض قناعاتي الشخصية
-
انبعاث فيروس الطائفية مجدداً
-
بيروت
-
طاحض هيچ وحدة وطنية
المزيد.....
-
بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
-
الصين تستضيف اجتماعا للفصائل الفلسطينية
-
برلماني روسي: موسكو لن تشارك في أي قمة سلام بشروط أوكرانيا أ
...
-
نيجيريا والإمارات تتفقان على استئناف الرحلات الجوية وإصدار ا
...
-
أوربان يدعو رئيس المجلس الأوروبي إلى استئناف العلاقات مع روس
...
-
بايدن ينتقد مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس ويتهمه بالتملق للأث
...
-
السلطات الأمريكية ستجري تحقيقا في تعامل الأجهزة الأمنية مع م
...
-
عدد المصابين بفيروس حمى النيل في إسرائيل يحطم رقم قياسيا مسج
...
-
دونيتسك: أكثر من 189 ألف قذيفة أطلقتها قوات كييف منذ فبراير
...
-
أوربان: في حال فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية سيعمل فورا كوس
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|