|
الدَّرْسُ الْمُلْغَى...
فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 6761 - 2020 / 12 / 15 - 21:14
المحور:
الادب والفن
أنَا التلميذةُ المجتهدةُ ... أحضرُ كلَّ حصصِ التاريخِ والجغرافيَا أجمعُ الخرائطَ و الرسومَ البيانيةَ... كلمَا كلَّفَنِي مدرسُ الإجتماعياتِ أنْ أرتبَ السبورةَ على ظهرِي... ليرسمَ مجارِي المياهِ والحاراتِ ... واجتماع َ الأهالِي حولَ جنازةٍ مَا وحريقَ الْبَرَارِيكْ ( دور الصفيح).... و الثرثرةَ حول الدينِ والجنسِ والسياسةِ ...
أنَا تلكَ التلميذةُ ....! اِتَّهَمَهَا تلميذٌ بالغشِّ لأنَّهَا حازتْ علامةً 17 على 20... فارقُ ثلاثةِ نقطٍ كلَّفَتْهَا مسطرةً على أصابِعِهَا... حتَّى لا تَنسَى فدرسُ التاريخِ والجغرافيَا لَا يُنْسَى...
لكنَّ موضوعاتِ الثالوثِ المقدسِ ... يجبُ أنْ تُنْسَى لَايُسمَحُ انْ نكتبَهُ في الْكَنَانِيشِ .... أوِْ الْأَرْدْوَازَاتِ يُستحسَنُ كتابتُهُ في الْمِمْسَحَةِ ... دونَ أنْ يضبطَنَا المراقبُ فَنُتَّهَمَّ بالإخلالِ بالأدابِ العامةِ...
يأمرُنِي مدرسُ التربيةِ الوطنيةِ ... أنْ أقفَ وأردِّدَ النشيدَ الوطنيَّ ولوْ بشفاهِي ... حتَّى مِنْ غيرِ حفظِ الكلماتِ كببغاءٍ لَا يفقهُ المعنَى... وكلُّ مَنْ لَا يُجيدُ الإنصاتَ و طَنْجَلَةَ العينيْنِ و جمعَ اليديْنِ ... أعلى رأسِهِ مشنقةٌ دونَ أنْ يشعرَ الآخرونَ ... ترفعُكَِ وكأنَّهَا الْبَالُوعةُ أوِْ الزلزالُ ... أو كأنَّهُ المسيحُ والسقفُ صلِيبٌ ...
لَا أخوضُ في هذهِ المواضيعِ ...! تحتَ وسادتِي بعضُ الصورِ الإباحيَّةِ و نكثٌ بذيئةٌ.... أختُمُهَا بنكثٍ حولَ الفقهاءِ فَتَطْوِي ضحكتِي سِرًّاالْكَنَانِيشَْ ...
كلَّ صباحٍ أقفُ في الصفِّ ... أقدمُ التحيةَ لمعلِّمِ الرسمِ وحدَهُ أحبُّهُ ... ولَوْ أنِّي لمْ أُثْقِنْ سوَى رسمِ وجهِ حبيبِي... يُشْبهُهُ في الخُيَلَاءِ وفي تَوْأَمَةٍ غريبةٍ لِلْأَلوانِ ... كأنَّنِي في مَرْسَمٍ أوْ لوحةِ "الْغِيرُونِيكَا " لِ " بِّيكَاسُو"...
أقفُ لمُدرِّسَةِ اللغةِ العربيةِ ... اسمُهَا " فاطمة " تتعاطفُ معِي كلمَا تأخرتُ ... لَا أَدَّخِرُ كذبةً منْ أُكْذُوبَاتِ الطفولةِ : تأخرتُ لِأنَّ زوجةَ أبِي (أقصدُ أمِّي ) تفرضُ عليَّ غسلَ الأوانِي ... تهضمُ عذرِي وأدخلُ دونَ عقابٍ منهَا أوْ تأنيبِ ضميرٍ مِنِّي...
تعلمتُ منذُ ذاكَ الوقتِ ...! كيفَ أتلاعبُ باللغةِ والكِنَايَةِ و التَّوْرِيَّةِ ... تُعَرِّي عينَايَ جلبابَهَا المغربيَّ فَأرَى جسدَهَا الْبَضَّ ...
تعلمتُ كيفَ أرسمُ تفاصيلَ الجسدِ ... دونَ أنْ أضعَ سطراً أو نقطةً أو لوناً أحدِّدُ بهِ مكانَ الرؤيَا ... تعلمتُ كيفَ أتلاعبُ بالألوانِ والأشكالِ أُعْلِنُ شيئاً وأعْنِي شيئاً آخرَ...
هكذَا تقدمتْ مواهبِي ...! في الجغرافيَا // التاريخِ // اللغةِ// التربيةِ ِ // الرسمِ // الموسيقَى // إلى أنِْ أحدثَتِْ الفلسفةُ إنفجارَهَا العظيمَ...
وحينَ كبُرْتُ مزقْتُ الخرائطَ... التِي قَوَّسَتْ ظهرِي فألعنُ البلادَ...
و بالمِمْحاةِ والمِسْطَرَةِ ... ألغيتُ أسماءَ الذينَ يكذبُونَ مَنْ كانَ مدرساً ... فغدَا مُخْبِراً حاولَ أنْ يُحوِّلَنِي جاسوسةً ... صرتُ أولَ المحارباتِ فشكرااا شكرااا لهُ...
تعلمتُ أنَّ الهزائمَ والخياناتِ والخياراتِ ... لمْ أكُنْ مسؤولةً عنهَا تعلمتُ مِنَْ الذينَ أخافُونِي ... كلمَا وقفتُ أمامَ السبورةِ أوِْ البابِ يرفعُونَ في وجهِي العصَا: قِلَّةُ أدبٍ أنَّهَا جَعْجعَةٌ ولَا طحينْ ...
تعلمتُ مِمَّنْ لوَّنُوا وجهِي.... بأقنعتِهمْ والخدعِ وقالُوا : تَكَتَّمِي على الأمرِ ...! إنْ أردتِ أنْ تبقَيْ في البلادِ ... تعلمتُ الصراخَ فصرختُ...
تعلمتُ كيفَ كسرُوا صوتِي كلمَا سألتُ... وكيفَ خَوَّنُونِي وأنأ أَشِيدُ باليسارِ ... وكيفَ أتهمُونِي بالتجسسِ وأنَا أصرخُ : هذهِ بلادِي اِرْحَلْ ....! قبلَ أنْ أسمعَهَا سنةَ 2011 في خُدْعَةِ الربيعِ ...
تعلمتُ كيفَ أنَّ الوصايَا طاحونةُ هواءٍ... كسرْتُ أقلامِي ومزقتُ أوراقِي... وكلَّ ما يشيرُ إلى عُذْرِيَتِي لأُعلنَ كَ "لَيْلَى بَعْلَبَّكِّي" : " أَنَا أَحْيَا "... وفتحتُ البابَ أمامَ حصصِ الجنسِ والدينِ والسياسةِ ...
وقفتُ عاريةً منْ خُدعِ المدرسةِ والمقرراتِ ... لأكتبَ درساً جديداً في حبِّ الوطنِ... رسمتُ وجوهَ نساءٍ تخترقُهَا السيوفُ ... فصرختُ : لستُ أنَا هاتِهِ السُّيُوفَ...!
هوامش: البراريك: دورٌ مصنوعةٌ من الأخشابِ أو دورُ الصفيحِ الْكَنَانِيشْ : باللغة المغربية هي الدفاتر الْأَرْدْوَازَاتُ : هي السبورات الْمِمْسَحَةُ : هي الإسفنجةُ
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كُرَةُ الْحُبِّ...
-
طِفْلَةُ الْفَرَاشَاتِ ...
-
ضَفِيرَةُ الْأَحْزَانِ...
-
رَقْصَةُ الْحُورِيَّاتِ ...
-
أَزْهَارُ بُودْلِيرْ...
-
قِطٌّ مَوْبُوءٌ...
-
إِلَهٌ رَقْمِيٌّ...
-
لُعْبَةُ الدُّمَى...
-
مُدُنُ السُّعَالِ...
-
مِظَلَّةٌ دُونَ مطَرٍ...
-
كَهَنُوتٌ مَلَائِكِيٌّ...
-
تِرْمُومِتْرْ الْفَرَاغِ....
-
سِفْرُ عَاشِقَةٍ...
-
رَسَائِلٌ لَمْ تَصِلْ...
-
الطِّفْلُ الْمُدَلَّلُ...
-
الْيَوْمُ الْعَالَمِيُّ لِلْفُقَرَاءِ ...
-
عِنْدَمَا يَمُرُّ ظِلُّكَ...
-
حَتَّى مَطْلَعِ الْقُبَلِ ...
-
فِنْجَانُ الْإِنْتِظَارِ...
-
أُتْرُكْنِي لِي ...!
المزيد.....
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
-الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ
...
-
عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع
...
-
تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر
...
-
المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
-
عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو
...
-
الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|