|
الفلسطيني الاحمر
نداء يونس
الحوار المتمدن-العدد: 6760 - 2020 / 12 / 13 - 20:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما يحدث الان من تهجم على الفلسطيني والتمنن عليه يدخل في اطار عملية كي للوعي الفلسطيني والعربي، في المرحلة القادمة، سنسمع الكثيرين ممن يدعون انهم لا يريدون ان يطبعوا لكنهم يقومون بذلك نكاية بالفلسطيني السئ الذي لا يقدر الجميل.
منذ سنوات قلت: من اراد ان يطبع فليطبع، لم يكن هذا الموقف استنادا الى رؤية خارجة عن الصف او دعوة للتطبيع، ولكنه رؤية استندت الى دراسة مستفيضة لتجربة امريكا واستراليا تحديدا واللتان قامتا بتصفية ١١٠ مليون هندي احمر بابشع الطرق لانشاء وطن لما اسموه "الشعب المختار" على ما اطلقوا عليه اسم "ارض الرب". بالمقابل، صارت هذه المجتمعات الحديثة نسبيا او المجتمعات التي بلا تاريخ سوى الدم قبلةً للامم (بكسر القاف وضمها)، يتحصلون منها الامتيازات، والمثير في الامر ان لا احد يرى الدم على يد "السيد" لما يسلمه العطايا والاقامات والامتيازات وعقود الدراسة والعمل، وعلى العكس من ذلك، يقوم المستجدون بتجميل صورة مركبة على شاكلة عقلية ترامب. وهنا، في أرض فلسطين، قامت دولة الاحتلال ببناء منظومة مشابهة ومتطورة وستصبح محجةً لكل العرب، المال والمصالح سيحكيان كثيرا ولن يذكر احد دم الفلسطيني الاحمر.
حتى الان لا يزال الدستور الاسترالي يرفض الاعتراف بوجود الهنود الحمر الاصليين ويتعامل معهم كاشباح أو كائنات غير مرئية ومن استقيت اسم فلم اخرجته عن مسافر يطا حيث يدعي المستعمرن وحكومتهم الاحتلالية امام داعمين اجانب للاستيطان ان الارض فارغة تماما، وان هؤلاء الفلسطينيين والفلسطينيون الموزعون في قرى بدوية منذ فجر التاريخ أشباح. المشرع الاسترالي الاول وضع تحسبا عدة خطوات صعبة وشبه مستحيلة لتغيير الدستور، اما هنود امريكا الحمر، فهم افضل حالا من حيث انهم يمنحون جوزات سفر خاصة لعبور الحدود والتواصل مع اشقائهم في كندا، لكنهم معزولون في محميات طبيعية، يتكلف الهندي الاحمر للخروج منها التنازل عن قيمه الثقافية والفكرية، حينها يصبح وهو بلا هوية ثقافية او فكرية او تاريخ مناسبا جدا للاندماج في المجتمعات التي بلا تاريخ وتقدم نفسها بشكل كدول بينما تعمل على محو حضارات الشرق والامم الاخرى بتدميرها تدمر وغيرها. التدمير خيار لما لا يمكن استلابه من تاريخنا لحشوه في متاحف تحتل الجادات الراقية لمدن مستحدثة، وكما فعل الاسرائيليون بتاريخنا اليبوسي الكنعاني الذي يعتقلونه الان في متاحفهم جيدة التنظيم وجميلة الشكل ومرتبكة المضمون، يتلخص الوضع هكذا: آلهة حبيسة وأرض وشعب، ووعي يتم كيُّه ومضامين يتم محوها وانشاء مضامين جديدة باستخدام عدة أدوات مثل الاعلام وأسرله المناهج في القدس وسرقة المطعم الكنعاني والعملة (الشيكل) والتطريز الذي يزين مضيفات العال، والاحجار من القدس لزراعتها أمام مبانيهم التي لا يزيد عمرها عن بضعة عقود، والتطبيع الثقافي من خلال افلام تفرض الوصاية على فهمنا ولقاءات ومهرجانات واصدار انطولوجيات شعرية مشتركة مع شعراء اسرائيليين واجانب تستخدم أسماؤهم كغطاء، وقمت شخصيا برفض عروض لذلك عن طريق موفدين من دول تعتبر حيادية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية تحت عناوين مثل فهم وجهات النظر من خلال الشعر وفهم الاخر والحوار وغير ذلك. الرفض فردي والقبول فردي ايضا لكنه يمر من تحت مظلة مؤسسسة او شخوص متنفذين، اذ تزخر كتابات ادباء هنا وهناك باشارات الى محارق وقصص ما زالت موضع جدل، بل ويصبح المستعمرون ضيوفا في اعلام عربي يبني على وظيفته التي أُنشأ لاجلها، فهمنا متأخرين ربما، بان رواية المحتل ومستعمريه جزءً من السياق الطبيعي للاعلام، بينما هو جزء اصيل من مرحلة كي الوعي.
نتتياهو في مؤتمر صحفي في باريس مع الرئيس الفرنسي ماكرون، يبدأ تاريخ القدس التي عمرها ستة الاف عام من حيث يريد هو او من حيث يخدم روايته واقصد منذ ٣ الاف عام تقريبا، نتياهو الذي يتبنى الرواية التاريخية على علاتها، يتناولها مجزوءة طبعا، والسؤال هنا: اذا كان نتياهو يعترف بالرواية التاريخية التي عمرها ثلاثة الاف عام، فهل هو مستعد ايضا لان يشكر ايران والقائد سايروس الفارسي الذي حرر اليهود من السبي البابلي واعادهم الى فلسطين قبل ٣ الاف عام تقريبا؟ المشكلة ان تخاذل البعض يؤسس لتسلق البعض الاخر على ظهر القدس للمرة المليون وترويج الذات كحماة وناصرين. كلمة البعض هذه تعني دولا بأكملها تصطاد في مياه القدس، وتصطاد القدس والوصاية علينا. حتى الاحتلال نفسه يستخدمها هذه الورقة، يبدو اننا الوحيدون على هذه الجهة، والاخرون على الجهة المقابلة.
لن تتمثل حكومة دولة الاحتلال النموذج الاسترالي بل الامريكي في التعامل مع الفلسطيني الاحمر، ففي معزل طولكرم او رام الله او الخليل سأعيش، وسيتطلب ان اكون مواطنة صالحة او عربية متأسرلة ومتأمركة مرضيا عنها وان اشطب ذاكرتي ووعيي والمقال السابق كله، وان اعلن انني سأطبع مع المحتل نكاية بالعرب.
* كتبت هذه المادة عام ٢٠١٧
#نداء_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لست ادرك لأقول، لكنني أقول لأدرك
-
تمسك ضفة أخرى بالنظر
-
من شهادة الشاعر على نصه - المعنى خارج الاطار
-
الدوران حول كعبة النص في -كتابة الصمت-
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|