|
زمن الفرهود والضباع... طبخة موازنة 2021 بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم برعاية السيد الأمريكي
ماجد علاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6755 - 2020 / 12 / 8 - 17:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مقال خطير جداً لمايكل نايتس ((العلاج بالصدمة سيقضي على اقتصاد «كردستان العراق»))(1) يكشف المستور عن الدور المباشر والفج للولايات المتحدة في إدارة شؤون الدولة العراقية والحدود التي يجب أن لا يتجاوزها واضعوا الموزانات المالية وبالأخص موازنة 2021 القادمة. ومن ضمن ما كشفه السيد الأمريكي من أرقام عند توجيه أوامره، أن حكومة الإقليم تبيع النفط ((بسعرٍ مخفّضٍ يبلغ حوالي 33 دولاراً للبرميل (مقابل 45 دولاراً للبرميل متوسطات برنت)) وطبعا المشتري الرئيسي للنفط بهذا السعر المخفض هو الكيان الصهيوني بالإضافة إلى السعر الخاص للمبيعات إلى تركيا. كما كشف بالأرقام موارد الإقليم من المنافذ الحدودية التي بلغت 240 مليون دولار شهريا قبل جائحة كورونا، وتبلغ تلك الموارد الآن 100 مليون دولار شهريا، ومعلوم أن هذه المبالغ لم يسلم منها دولارا واحدا إلى الحكومة الاتحادية خلافا لقانون الموازنة الذي يشترط تحويل كامل مبالغ تلك الواردات بأعتبارها من الحقوق الحصرية للحكومة الاتحادية بموجب الدستور. مايكل نايتس يرفع الصوت لتلافي إنهيار حكم العائلة المالكة في الإقليم إذا لم يتم تدارك تبعات القرار الذي إتخذه المجلس النيابي العراقي في شأن استثناء الإقليم من قرض تمويل العجز في الموازنه لدفع رواتب الموظفين، وما قد يجره ذلك القرار من تكراره في الموازنات المالية القادمة ويتساءل) ( كيف ينبغي أن يكون رد الولايات المتحدة والشركاء الآخرين)) ويرسم الرد: ((حان الوقت الآن لكي تساعد واشنطن حلفاءها من خلال حثّ بغداد على تعديل مطالبها الاقتصادية المتسرعة من «حكومة إقليم كردستان»... وكخطوة أولى، يجب على واشنطن أن تضغط فوراً على مختلف الفصائل في بغداد لتأجيل الالتزامات المتعلقة بـ «حكومة إقليم كردستان»... يجب ممارسة هذا الضغط على الصعيدَين العام والخاص، وبالتنسيق مع جهود "صندوق النقد الدولي" و "البنك الدولي" و"الأمم المتحدة" و"الاتحاد الأوروبي"... وإذا لم تنجح واشنطن في المساعدة الآن، ربما سيتم تذكُّر هذه اللحظة على أنها النسخة الاقتصادية لأزمة كركوك من تشرين الأول/أكتوبر 2016)) ، ويحدد بشكل لا لبس فيه المبلغ الواجب على الحكومة المركزية تأمينه لحكومة الإقليم في موازنة 2021: ((أن تكون قيمة الدخل الصافي الإجمالي لـ «حكومة إقليم كردستان» ما لا يقل عن 800 مليون دولار شهرياً))!!. وتأتي رسالة مسرور البارزاني إلى رئيس مجلس وزراء الحكومة الأتحادية(2) في 26/11/2020 لتكشف أن ما اتفق عليه مسرور مع وزير المالية العراقي هو نفس ما أمر به السيد الأمريكي: تغطية كاملة لاحتياجات الإقليم الأساسية بمبلغ 800 مليون دولار شهريا، وهذه التغطية تستقطع من حصة بقية المواطنين. هناك اتفاقان أشار إليهما مسرور في رسالته: الأول الاتفاق الذي أبرمه وزير النفط ونائب رئيس الوزراء في حكومة عادل عبد المهدي في 25/7/2019 ثامر الغضبان مع حكومة الأقليم جاء فيه: ((تلتزم الحكومة الاتحادية بتوفير استحقاقته [أي الإقليم] من الموازنة العامة الاتحادية [لسنة 2020]... بمعدل شهري يبلغ 857 مليار دينار مضافا إليه كلفة نقل النفط... البالغة 29 مليار دينار، وثبتت التزامات الإقليم النفطية والمالية في مشروع الموازنة)) ومع أن مسرور لم يحدد أرقام هذه الالتزامات، إلا أنه يمكن التكهن بها من خلال الأرقام التي أوردها مايكل نايتس في مقاله. أن الإلتزامات الشهرية للإقليم بما فيها تسديد الديون هي 1,080 مليار دولار، وإن مجموع الأرقام التي إلتزمت الحكومة الاتحادية بدفعها للإقيم هي 753 مليون دولار (857 + 29 مليار دينار) فيكون المبلغ المتبقي لتغطية التزامات حكومة الإقليم هو (1080 – 753 = 327 مليون دولار)، وهذا المبلغ يأتي حسابيا من مبيعات النفط بعد الاستقطاع النظري لأموال 250 ألف برميل نفط يومياً التي روجت لها حكومة عبد المهدي مضافا إليها بعض الفتات من الموارد غير النفطية. وهذا الاستقطاع ورقي ونظري صرف ولن يصل دولار واحد منه إلى الحكومة الاتحادية، فحكومة الأقليم لم تلتزم بأي اتفاق لتسليم كميات من النفط إلى الحكومة الاتحادية منذ 2011، ولم تسلم أو تسدد قيمة برميل واحد مما التزمت به في كل اتفاقاتها بتسليم 250 ألف برميل يوميا منذ عام 2015 إلى الآن. وبغض النظر عن التزام أو عدم التزام حكومة الإقليم بالاتفاق، إلا أنها حققت جملة أغراض بعقد هذا الاتفاق مع حكومة عادل عبد المهدي، منها أولاً- موافقة الحكومة المركزية الضمنية على التصدير المستقل بالرغم من علمها بعدم دستوريته بموجب قرار المحكمة الاتحادية في الدعوى 66 وموحداتها/2018 بالحكم بعدم دستورية... ((2- الفقرة (ثالثاً وخامساً) من المادة (4) من القانون وبقدر تعلق الأمر بعملية تسويق النفط حيث أن ذلك من مهام وزارة النفط والشركة المرتبطة بها وذلك لتعارضها مع المادة 112 من الدستور... )) ، وثانياً- ضمنت حكومة الإقليم تسديد مستحقات عقود المشاركة النفطية وعدم الاعتراض على تلك العقود المخالفة للدستور في مادته 110 التي حصرت ملكية النفط بالشعب العراقي، بالإضافة إلى تسديد أقساط ديون الإقليم إلى جهات دائنة اخرى والمقدرة بعشرات المليارات من الدولارات، ثالثاً- تغاضي الحكومة العراقية عن اتفاقية الإقليم مع تركيا والتي تمنحها تخفيضات وامتيازات هائلة لمدة 50 عاماً، رابعاً- قبول الحكومة العراقية للمبيعات إلى الكيان الصهيوني وهو ما يمهد عملياً للتطبيع. لكن موازنة 2020 لم تر النور، فقد ذهبت ضحية الظروف السياسة، حسب تعبير مسرور، لكنها بقيت الأساس لما تلا ذلك. أما الاتفاقية الثانية التي أشار إليها مسرور، وهي الأخطر، فقد وقعها الإقليم مع وزير المالية في 19/5/2020 وجاء فيها حسب رسالة مسرور: ((نص الاتفاق المشار إليه بأنه على وزارة المالية الاتحادية تمويل الإقليم بمبلغ ٣٢٠ مليار دينار شهرياً لتسديد بعض نفقات الإقليم [لاحظ "تسديد نفقات الإقليم" وليس "تسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين" وفعلاً لم تصرف لتسديد رواتب الموظفين م.ع]، وقد تم تحديد هذا المبلغ على أساس معادلة حسابية مبنية على تقديرات الحكومة الاتحادية للواردات النفطية من إنتاج الإقليم النفطي وواردات الإقليم الأخرى)) إن أرقام السيد الأمريكي تقول أن الحكومة الاتحادية وقعت صاغرة اتفاق يملي عليها ايصال موازنة الأقليم إلى مبلغ ال800 مليون دولار شهريا حسبما حددها السيد الأمريكي، وهي تعلم علم اليقين من خلال تلك الأرقام وما اعلنه السيد الأمريكي: ((حوّلت الحكومة 268 مليون دولار شهرياً إلى «حكومة إقليم كردستان» من دون الطلب من الأكراد إرسال كافة إيراداتهم إلى الحكومة الاتحادية)) أنها لن تقبض فلسا واحدا من واردات الأقليم. ومن خلال الأرقام يتبين كذلك انعدام أي احتمال مستقبلي لمساهمة الإقليم بدولار واحد من موارد الموازنة، فمبيعات كامل النفط الذي يصدره الإقليم حسب أرقام السيد الأمريكي 396 مليون دولار شهريا +100 مليون دولار واردات غير نفطية = 496 مليون دولار شهريا، يضاف إليها مبلغ 268 مليون دولار (320 مليار دينار) التي تبرع بها السيد وزير المالية العراقي ورئيسه فسيكون مجموع موازنة الإقليم 764 مليون دولار، وهو أقل بقليل من رقم 800 مليون دولار الذي حدده السيد الأمريكي. وهذا يعني حسب منطق الأرقام أن موافقة الحكومة دفع مبلغ 268 هو تقيد بأمر السيد الأمريكي لإيصال واردات الإقليم إلى ما يقارب 800 مليون دولار شهرياً وبدون التزام الإقليم دفع برميل واحد من النفط المنتج فيه. والقراءة المعمقة لرسالة مسرور تؤكد أن الإقليم لن يسلم أي برميل نفط إلى الحكومة الاتحادية: ((تم تحديد هذا المبلغ [320 مليار دينار] على أساس معادلة حسابية مبنية على تقديرات الحكومة الاتحادية للواردات النفطية من إنتاج الإقليم النفطي وواردات الإقليم الأخرى)). أن المطلوب أمريكيا من الحكومة العراقية، وسيفها مسلط على رقبتها، هو تمويل عجز موازنة الأقليم حيث حددت أن احتياجات الإقليم الأساسية تغطى كاملة ب710 مليون دولار شهريا، وعليه فيجب تغطية عجزها من حصة المواطن العراقي الآخر من الدرجة الثانية وليذهب هو واحتياجاته المتعاظمة وجوعه وافتقاده إلى أبسط مستلزمات العيش الكريم إلى الجحيم. إن هذا الإمعان المقصود في تقسيم الشعب العراقي إلى مواطن درجة أولى يجب تغطية كافة احتياجاته، ومواطن درجة ثانية يتحمل كلفة تلك التغطية هو الطريق لشق وحدة هذا الشعب وتمزيقه، أن إزالة هذه الألغام لا يتم إلا بالمعادلة العادلة والبسيطة والموحدة للشعب وبدون أوامر السيد الأمريكي وسيفه المسلط على الرقاب، وذلك بالتخلي الكامل من قبل حكومة الإقليم وبشكل موثق وبات، وليس بالوعود، عن تصدير النفط المستقل وإعادته إلى الصلاحية الحصرية لسومو حسب الدستور، مع تقاسم الموارد النفطية بالتساوي في كل مناطق العراق حسب النسب السكانية، وبذلك نرسخ الأخوة والتكاتف مع أشقائنا الكورد، أو أن تتحمل حكومة الإقليم مسؤولية خياراتها بالتصدير المستقل للنفط وتغطية موازناتها المالية من واردات ذلك التصدير حصرا بدون التعدي على أموال الآخرين. وبعكسه فإن أي سكوت على هذا الابتزاز والنهب والإيغال فيه هو تفريط متعمد، ومخالفة لليمين الذي أداه الوزراء والنواب بالحفاظ على مصالح الشعب والمواطنين بدون تمييز، ويضعهم أمام المساءلة الجنائية لإخلالهم بهذا اليمين. فهل من متعض من دروس التاريخ... أشك في ذلك فنحن في زمن الفرهود تتناهشنا الضباع. (1) العلاج بالصدمة سيقضي على اقتصاد «كردستان العراق» بدلاً من . (2) نص رسالة رئيس حكومة إقليم كوردستان إلى رئيس الوزراء الاتحادي بشأن المستحقات المالية للإقليم
#ماجد_علاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صحيح شبهة الخطأ بهدم الهيكل
-
هل تنبهوا إلى الكوارث المحيقة بهم؟
-
هل نحن أمام موازنة أم سرقة وتواطؤ
-
يا أيها السلطتين التشريعية والتنفيذية: هل حفظتم الأمانة
-
الطعن القضائي بقانون شركة النفط الوطنية بالدعوى 71/اتحادية/2
...
-
الطعن القضائي بقانون شركة النفط الوطنية بالدعوى 71/اتحادية/2
...
-
الطعن القضائي بقانون شركة النفط الوطنية هو أول الطريق للتصدي
...
-
ليس دفاعاً عن د. سمير أمين
-
تأبين الرفيق ابراهيم علاوي
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|