|
الأحترام تليق ببائعة الجسد
ابراهيم زورو
الحوار المتمدن-العدد: 6754 - 2020 / 12 / 7 - 00:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كافة الأعمال والمهن التي اشتغل بها الإنسان كانت نابعة من الحاجة الماسة لها أو من أجل لقمة عيشهم، فأولى هذه المهن هي السحر والشعوذة وبعدها تأتي مهنة الدعارة أو البغاء والتي من نتيجتها الطبيعية هي دخول المجتمع في مرحلة جديدة من التطور، ونتكهن بعد ذلك مرحلة تنظيم المجتمع بظهور السياسي الذي لا يملك شيئاً سوى لسانه والذي تم ابرام العقد بينه وبين المجتمع كي ينظم له اعماله ويسيّر المجتمع عبر القوانين الناظمة لهذا الشيء، فمن البديهي جداً أن يجتمع السياسي مع العاهرة فأنها هي التي تقرر إذا ما منعته من رجولته! ويخرج صباحاً ويقول أنا ديمقراطي، يالها من ليلة حمراء مليئة بالقرارات المصيرية، ويفكر الشعب أنه من حقه الطبيعي أن يرفا عن نفسه. المرأة قد لعبت دوراً مميزاً في حياة البشرية فمن اجلها قامت الحروب ومن أجلها كانت الأساطير ومن أجلها تم اعتناء المرء بنفسه ولا نخاف كثيراً إذا قلنا بوجودها ظهر علم الجمال وما إلى ذلك من اعمال التي تعتبر ممراً اجبارياً للحصول على العمل، ومن هنا أيضاً كانت الدعارة بمثابة الحصول على لقمة العيش وقد اعترف المجتمع آنذاك بهذه المهنة، رغم انها بقيت غائبة في اللاشعور المجتمع، اعتقد من حيث انها تعتبر ملكية فردية خاصة جداً ولا يمكن الاقتراب منها بلغة عسكرية على أنها منطقة عسكرية عليها الحظر والحماية، كون المرأة تعتبر ساحة للرجل وهي تمنحه شرط الدخول في المجتمع الذكوري وعليه أن يرفع رأسه طالما قد تجاوز أمتحان الدخول مع المرأة واستطاع ان يكون رجلاً لأنه نجح في تمزيق ذلك الغشاء والتي تعتبر حسب مفاهيم المجتمع بأن قوته تعادل جدار برلين أيام الحرب الباردة بين المعسكرين، إذاً يمكن اعتبار أحدى أسباب الحقد على المرأة من قبل الرجل هو ضعفه الجنسي فيسقط ضعفه على المرأة والكل يعلم هذا السبب ولكن الطريق إلى الضعف الجنسي يقع أمام الرجل وليس خلفه من هنا فمحاربته للمرأة هو موقف من رجولته لأسباب ذاتيه وليست موضوعية، فحراثة الأرض تلزمها قوة الرجل في تمسكه وتمكّنه من مسك بمحراثه القديم، علماً أن العلم قد تطور لكسر هذا الحقد وهذا الضعف إلا أن ذاكرته لم تسعفه على أن تطور ما يسري على حد من ضعف رجولته. فالذين اعترضوا على بيوت الدعارة اعتراضهم ليست لها علاقة بواقع الحال، وأنما علاقتهم مع انفسهم!. في ذلك العصر الذي اعترف ببيوت الدعارة وعلى بيع الجسد تم الأتفاق بين العشائر وبين فئة(جماعة) على توكيل الأخير لتسيير اعمال الأول بموجب عقد اجتماعي مبرم على ان لا ينكل أي طرف ببنود العقد، وقد تطاولت هذه الفئة على الطرف الأول فباتوا سجناء عملهم الذي لا يغتفر، فكانت ولادتهما معاً، من حيث العاهرة لا عمل لها سوى بيع الرغبة، وهؤلاء كانوا يعتبرون من الفئة المتطفلة على طرف العقد. مقارنة من حيث الولادة ومن حيث العمل، على اعتبار ان عمل العاهرة قريب جداً من عمل السياسي ثم أنها لا تظلم كي تستمر بعملها بينما السياسي يستمر في اغتصاب السلطة، تصور لو قارننا بين ما ناقشه الروائي ميلان كونديرا في روايته احدى عشرة دقيقة وهي المدة التي تستغرق العملية الجنسية، بينما المدة التي تستغرقها السياسي هي مدى الحياة، لو قلنا أن الدكتاتور عدد شعبه يربو على خمس وعشرين مليون نسمه فكم يستغرق وقته في إتمام العملية الجنسية!. فمدة العملية الجنسية في حالة كونديرا يقضونها صامتين بينما السياسي يكذب، يرتشي، يظلم، يسجن، يلاط به، تافه، مغتاب، سخيف، مبالغ، فاقد الناموس والشرف والكرامة، يزني، إنه بات كحاوية التي تجمع فيها كل قذازات العالم، يبيع اسرته وأولاده في سبيل استمراره في الحكم، يغتصب، يسرق قوة شعبه كي يجّمل ذاته دون جدوى! يجمع حوله كل التافهين كي يشاركونه في قمع المجتمع ومعارضيه! ولا يتوانى عن استعمال القوة ضد الفقراء إن طالبوا بلقمة خبزهم، فهو الوَهْمُ الذي يجعلك تخافه بعمق، يجعل من شعبه غجر ومصفقين له، ويتباهى بأن حكمه ديمقراطي، يخاطب بصوت عال، إن واجهته يوماً فلا أعتقد ستعود كما كان أي قبل مقابلته، الخوف ينهشك، بينما العاهرة فهي على الخلاف معه، وهي تقارنك بإله، تجعلك أن تكون نفسك تماماً في تلك المدة احدى عشرة دقيقة، تنسى الدكتاتور وكل جماعته، ويكون التطابق بين النفس والجسد على اشده بينما الدكتاتور يفكك وحدتك، فهي تجعل منك كل ذلك وهي صامته فما التي تفعل بك إذا تكلمت عنك كقوتك الجنسية مقابل بضاعتها، اعتقد جازماً بأنك ستعلو على كل القيم في المجتمع، علماً أنك تعرف جيداً لو أن العاهرة أعلنت بأن بضاعتك كاسدة فكل المجتمع سوف يصدقونها وفي جوانب أخرى تبقى العاهرة غير موثوقة بكلامها، ورغم ذلك تعلم جيداً وعلى دراية كاملة بأن أدواتها هي ملكية جماعية، فالعاهرة هي تنشد حقيقتك، ربما تجعلك ثورياً كما في حالة جان جينيه الكاتب الفرنسي!، فعلى سبيل المثال أن تكون ذاتك تحارب العالم كله!، وهي حقيقة أي ثورة في العالم، تستميت لأن تكون أفكارك الخارجية تتطابق وداخلك. ورغم ذلك أن المجتمع يحترم السياسي والدجال والتافه وتحتقر العاهرة التي تبيع جسدها في سبيل لقمة عيشها. ومن سخرية القدر عندما تقارن السياسي بعاهرة فهو يبدي انزعاجاً وكرهاً لا مثيلين لهما. المجتمع الذي يستطيع أن يتكلم ويصف التعذيب الذي يتلقاه من عنصر المخابرات بكل نشاط فهو بالنتيجة النهائية يتكلم عن مازوشيته بكل فرح، أما أنه لا يستطيع ان يتكلم عن سعادته عندما أصبح إلهاً مع العاهرة، هذا المجتمع نستطيع أن نرميه على أقرب حاوية، لأنه لا يستحق العيش. علماً أن المراة هي ساحة صراع الشخص مع ذاته وشهادة دخوله إلى المجتمع من أوسع الأبواب، فعندما لا يستطيع أن يفي شروط الرجولة فأنه ينتمي إلى الصف المازوشي وهو يصبح غذاء للدكتاتور، واعتقد أن للأخير كل الحق أن يوسعه ضرباً، إذا ما عرفنا أن التحويل من المازوشية إلى السادية هو تهديد لحكم الدكتاتور. الهروب من ذاتك ورجولتك كرجل كامل العلامة والمواصفات وتوبيخك المستمر لنفسك كجرائم عقاب الذاتي وتخسر ثقتك بنفسك حينها أنت مضطراً أن تلجأ إلى من يأخذ بثأرك من المرأة عبر الدكتاتور الذي يقوم بمهامك كاملاً وأنت تصف عذابه لجسدك على أنك كنت رجلاً تحت التعذيب الذي مورس عليك، ففي بعض الأساطير الشرقية كثيراً ما يدخل شيخ العشيرة إلى ليلة الدخلة كون العريس يعجز عن قيام بذلك!!! كان الاجدى بكل البشر أن يصف عنفوان رجولته مع المرأة لجالة جلجامش وانكيدو، وبعض الأغاني الكوردية التي تصف الرجل بمواصفات المرأة من حيث الجمال على عكس من قوة جلجامش، فمن الطبيعي نرى أن السياسيين الكورد يلذون بالآخرين للدفاع عنهم ضد أبناء شعبهم، كسائر سياسيين الشرق!. والأديان لم تبتعد كثيراً عن ذلك، وقد حاول الدين الحد من المرأة وسيطرتها على المجتمع، كون البغاء الدنيوي هي ضد البغاء الاخروي، هنا الفرق شاسع وواسع، والرجل السياسي عندما يعلن افلاسه عن مهنته ككاذب فالطريق الذي يسلكه هو الدخول في عالم الأديان، يصبح متديناً متزمتاً تافهاً وحقيراً يستطيع أن يقتل كل من يقطع عليه طريق تزمته والسبب الوحيد أنه اعلن الإفلاس حتى عن رجولته، فيشلف هزيمته على كتف الله، كي يقنع نفسه على ان في الآخرة هناك ولائم البغاء والزنا وانهار من العسل وما إلى ذلك، السياسي الغبي يرى أن الله لا يرى شيئاً من اعماله وتفاهته. هناك تقارب بين الله والمرأة من حيث هي التي تمد الله بالعبيد، وهي تمد البشر بالعلم والثقافة، فهي تجعل من البشر آلهة وتجعل من الله بشراً يسكن بيننا. المرأة الأم الطبيبة والعالمة والأمية والمثقفة والجاهلة تسلك نفس الطريق لتربية أطفالها. المرأة هي التي تقرر من وراء الله قرارات نهارية مصيرية وعلى الرجل يعود الصيت، اعتقد أنها تفعل ذلك كنتيجة طبيعية من رغبتها الداخلية المستورة عن أعين الناس. طبعاً، إذا ما طبقنا كلامنا على سياسيينا فأن ماصدقهم يظهر كما لو أنهم حقيقتهم نابعة من حيث أن وجودهم بالاصل لا وجود لهم، لو وضعتَ أي شخصية تحت المجهر تراه يعاني من مشكلة كبيرة وهو يشعر بأنه غير منتمي لكنه واقف على رأس الانتماء ويقرر هو من ينتمي إليه، والحق يقال لا احد ينتمي إليه كونه حالة خاصة من أسرة بالكاد تقف على حدود الوطنية من عدمها، خذ أي سياسي كوردي إلى المختبر! وحتى الأحزاب التي انشقت من حزب الأم هي جاءت لتكرس مبدأ المازوشية لا أن يكون سادياً إذا اعتبرنا السادية في الحروب هي نوع من الدفاع عن شعبه!، ونعرف تماماً أن الانشقاق الطبيعي هو عملية جراحية من أجل رأب الصدع الذي لم يتمكن الحزب أن يجد له حلاً، ولكن الخوف يزجيه أن يشق ليكون عميلاً، وهذا الذي صرح به حميد درويش! رغم ان والده كان موقفه واضحاً أيام الاحتلال الفرنسي لسوريا، أما لماذا حميد ظهر بصورة مازوشي خائف وهو أبن اسرة وطنية لا يقارع وجودها بوجود الآخرين! ويشهد لمواقف والده! وقراراته. ويشهد لموقف حزب حميد انه جعل من شعبه اقلية ثم عاد ليطلق عليه الشعب؟ لو أن حميد حاول أن يلعب على أي وتر كان من الممكن الدفاع عنه بهذا الشكل أو ذاك؟! ولكن لكرمه حاول أن يضرب العمق ما ذهب عليه والده حول الشعب الكوردي، وكأن مفهوم ملكه الشخصي أراد ان يوزع الأرث على مورثين، وسأكتفي بهذا المثال كون الماصدق فيه على أشده! وأن مفهوم أي شعب هو حق تقرير مصيره، والشعب الكوردي هو الماصدق الحقيقي لهذا المفهوم. المثال الذي قلناه آنفاً هو التمثيل الحقيقي حيث وكأن ليس هناك أي علاقة من شأنه أن يقول أن حميد هو الوريث الحقيقي لأب كان يمثل نفسه وشعبه، وبقية القيادات الكوردية لا تزيد على حميد ذاته، فإذا كان حميد هو هكذا فعلى البقية السلام.
#ابراهيم_زورو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقدمة في فلسفة التنوير
-
وحدة الأراضي السورية/المدونة السورية نموذجاَ
-
الرئيس حافظ الأسد في ذمة البارتي!
-
مواصفات النبوة!
-
مواصفات النبوءة!
-
لا شرقي يسكن في الحي الشرقي لصديقي منصور المنصور
-
هذه ليست اعراض الثورة!!.
-
آزاد زال، ورفاق عبدالله
-
بالنقد وحده، يبقى كامل عباس رفيقاَ
-
هل تعرفون لماذا نريد الفيدرالية!
-
المثقف السوري في مكان الخطأ!
-
تريد الصحيح، محمد جمال باروت!
-
فلك/روشن
-
ليس-إلاي-معي
-
المتاهة!
-
الفيدرالية تجمعنا
-
طيور متكاسلة!
-
قراءة نقدية في مفهوم طرح اللبرالي لهيئة العمل اللبرالي في ال
...
-
الأنوف المهاجرة!
-
المجلس الكوردي إلى أين؟
المزيد.....
-
-لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة
...
-
الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
-
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا
...
-
رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|