أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - خليل الشيخة - في الشرق والغرب














المزيد.....

في الشرق والغرب


خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 6749 - 2020 / 12 / 1 - 17:41
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


في الغرب والشرق
عندما تخرجت من الثانوية، أخذت أبحث عن بلد أجنبي لدراسة الهندسة. فكنت أراسل الجامعات دون كلل أو ملل. في إحدى المرات ذهبت إلى البريد وكان معي زميل يبتغي الدراسة مثلي، حملنا كل رسالته ودخلنا بناء البريد الواقع في السوق. وكان صديقي تنمو على ملامحه سمات الرعونة. في الكوة، كانت تجلس فتاة في مقتبل العمروقد زيّنت نفسها كأنها في عرس، فأرتبك صديقي وهو يمد يده بالرسالة، أما هي فلم تكترث لنظراته، وبعد أن زانت الرسالة قالت له: ليرة فقط ، فنظر حوله وكأنها تخاطب شبحاً، وسأل فيما إذا كان الكلام له. وأتضحت رعونته، وظلت هي صامته تنتظر، فاستدرك صديقي الأرعن محاولاً أن يمد بالحديث : هل تريدينها صحيحة أما فراطة. فقالت له لا تكن تافهأ وأحمقاً. وعندما خرجنا من المبنى، كان غاضباً فقال هذه الفتاة متكبرة وبشعة وجربوعة. ومنذ قليل كان يعتقد أنها فتنة ربانية.
نحن الشرقيون بشكل عام والعرب بشكل خاص نتعامل مع الغرب بهذه الطريقة. كالمثل القائل ( اللي مايطول العنب يقول عنه حامض). ورد مشهد مشابه في رواية لكاتبة سورية روزا ياسين حسن في إحدى رواياتها (أبنوس) في السفارة الأمريكية عندما رفض القنصل منح شاب ملتح فيزا إلى امريكا. ثارت ثارته وأخذ يشتم القنصل وأمريكا.
هكذا تعاملنا مع الغرب (والغرب يحتوي في مضمونه هنا أمريكا أيضاً) نحبه ونعشقه ولو اتيح لنا لغادر ثلاث ارباع السكان إلى أمريكا، لكنه في الوقت نفسه هو بالنسبة لنا غرب كافر، قليل حياء، أباحي، إستعماري، مشرك، ماسوني، صهيوني. وهذه النظرة بدأت منذ مطلع القرن الماضي عندما خرجت تركيا وتركتنا نواجه مصيرنا بأيدينا. أو بالأحرى تركتنا يد الأحتلال العثماني لتتسلمنا يد فرنسا وبريطانيا وترسم لنا مستقبل أقبح من حاضرنا ذاك.
ولعل رواية يحى حقى (قنديل أم هاشم) قد جسدت أيضاً جانباً من جوانب طرائق تعاملنا مع هذه العالم وكيف يتعامل الغرب معها. وإسماعيل بطل الرواية مثّل الغرب هنا بسبب ثقافته وشهادته من أوروبا. وهنا يريد يحيى حقى أن يقول الشرق شرق والغرب غرب، أو العقل للغرب والخرافة لنا. وعندما حطم الشاب قنديل المسجد، انفض عنه الناس وربما ظنوا أنه كافر زنديق لأنه تعدى على شيء مقدس. والنهاية تقول في الرواية أنه يجب علينا أن نوافق بين الخرافة وبين العقل. هذا المزيج يبدو ساخراً وغير معقول لأن الأثنان لايجتمعان، فلكل مساره وناسه. لكن هذا هو الشرق، كل هذا العلم والتقدم في الطب يلجأ البعض إلى كاسات الهواء التي من الممكن أن تخرب الكلية وتسبب اخفاقها.
في هذا العالم، هناك مجتمعات تستفيد من أقسى التجارب في حياتها وتتعلم من أسوءها. هناك اليابان التي نهضت بعد الاحتلال الأمريكي وتدمير مدينتين هوروشيما وناكزاكي أو حتى كوريا، فقد أستفادت من الأستعمار الفرنسي والأمريكي وأصبحت من الدول المنتجة لأحدث تقنيات العصر. ولاننسى الصين، فقد فعل فيها الاحتلال الياباني الأفاعيل. فكان عندما يدخل بلده أوقرية صينية ويتخفى العسكر الصينيون بين السكان كي لا يعرفهم المحتل، فكانت القوات اليابانية تبيد كل من في القرية عن بكرة أبيهم كي تتأكد من القضاء على الجنود الصينيون المتخفين, رغم كل هذا تنهض الشعوب دون الشعور في حالة من المظلومية والكسل ولوم الآخر ودون عقدة البارنويا التي ابتلينا بها.
ديسمبر 1. 2020



c



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الصمت اليابانية
- في ترامب وهتلر
- في الكفر والكفار
- الحمار والعصفور
- المتواجد هناك للروائي جيرزي كوزنسكي
- عفاش..من الرئاسة إلى البطانية
- استعدوا لأحداث جلل
- روبنسون كروزو والتوحش
- أزمة الخليج وترامب
- يا إسلام ... يا مسيحية
- ديموشراسية
- شتاء في الدم
- أستاذ الحساب
- ليوناردو بيلتير وحكايات مفقودة
- موغابي وسرقة الدجاج
- جاستا والرز
- الموسيقى حرام
- أولاد القردة الخنازير
- استيعاب التاريخ البشري (2)
- دراخيش


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - خليل الشيخة - في الشرق والغرب