|
من مذكرات امرأة متحرّرة -6-
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6749 - 2020 / 12 / 1 - 11:24
المحور:
الادب والفن
المزرعة الخاصة لم تكن مزرعة، ولم تكن خاصة . تعودنا أن نطلق الأسماء عكس ما تعنيه الأعرابي الذي حدثتكم عنه ليس أعرابياً كل شيء يدعو للريبة هنا سوف أمضي في التجربة ، سوف أنجح، لن أكون ضحية في هذه المرة. سوف أكذب، أقتنص الفرصة ، ثم أقلب الطّاولة . أخذني " الأعرابي" إلى صالة الضيوف ، قدّموا لي الطعام ، أعطوني جلباباً كي أتستّر! أتت امرأة في عقدها الرابع اسمها فضيلة أم المؤمنات ، طلبت مني أن أحضر محاضرة تثقيفية في الإيمان في يوم غد. فضيلة أم المؤمنات لديها خطاب بلاغي رائع . قالت في بدء المحاضرة : هل سمعتن بحملة احمل قضيبك وامشِ؟ بالطبع لم تسمعن ، فقد ألهتكم الدنيا عن العمل على الآخرة . سوف أقول لكم سرّاً : الرجل لا يستطيع السيطرة على غرائزه ، وقد أطلقتُ حملة احمل قضيبك وامش رداً على حملة مماثلة من المفروض أن تكون للنساء ، لم تعجبني الحملة ، فأولئك الممثلات اللواتي بدأنها خاطئات. أنا من أنصار الرجال . حملة مي تو على الفيس تبناها كبار القوم من الرجال ، ليثبتوا للعالم أنّ مجتمعنا دافئ ، تحدّثوا عن مناهضتهم للتحرش بالنساء، بعضهم متزوج من أربعة" وهذا حقّه الشّرعي " لكنه ذو شأن ،قد يكون من أصحاب السمو ، وموقفه من المرأة مهم عن النساء. ماذا تريد المرأة أكثر من أن يساند قضيتها علية القوم من الرجال؟ هل من الضروري أن تصرخ، وصوتها عورة؟ صحيح أنّ الرّجال بالغوا في نسويتهم ، مع أن الأمر لا يستحق فالتحرّش له أسبابه ، وقضيب الرجل يبدو وكأنه يحمله على كفّه، فقد يلتقي بامرأة في الشارع، وتكون متستّرة ، لكنها مسكونة بالجن، من حقه أن يغتصبها، لأنها أغرته ولا عقوبة عليه . ليس في الرجل عورة. . . . هل أضرب فضيلة أم المؤمنات ؟ لا . سوف أمثّل أنني أستوعبها فالغضب يجعلك تفقد أهدافك . لكن الكلمة فلتت من لساني ، قلت لها: تبّاً لك يا فضيلة ! تراجعت ، قلت لها : عفوا يا أم المؤمنات. هي زلّة لسان. كنت أود أن أقول تباً لك أيتها المرأة التي تطالبين بحقوق كحقوق الرجل. حلّ المساء، دُعينا إلى حفلة في قبو المحاضرات التثقيفية . أتت فضيلة أم المؤمنات بثياب الرّقص ، وقدّم الحفل من اعتقدت أنّه أعرابي ، لكنني عرفت أنّه المسؤول عن القضية الوطنية ، قال: نحن المجاهدين نستحق الترفيه عن أنفسنا، وهو في الشرع حلال . هيا يا فضيلة! تغيّر لون الأعرابي وصوته، و أصبح يراقص فضيلة، وهو يردد "كلّه من أجل القضية"، فتلتهب الأكف بالتصفيق. الجو حماسي بامتياز . مادامت فضيلة هي أمّ المؤمنات ، و الأعرابي هو أب القضية، ثقوا أنّكم في أيد أمينة. تباً لفضيلة ، و تباً لكل القضايا! من أين أتى جميع هؤلاء الرّجال و النساء؟ لو استوليت على المزرعة التي هي ليست مزرعة لو نصّبت في المكان بعد أن أحوله إلى وطن قاضياً ، يضع النساء المؤمنات مثل فضيلة في دار إصلاح ، ونصبت قاض امرأة كي تفاوض أبو القضية على استلامها منه ، مقابل أن يدفع تعويضاً لعائلات من ورطّهم في الجهاد . هذا هو حلمي اليوم. تغيير المزرعة ، وقوانينها. عندما سألت الأعرابي ما هو الجهاد يا أبتِ أجاب: مرّة يكون الجّهاد بقتل الكّفار، ومرّة يكون بقتل المؤمنين كي يختبر إيمانهم. ومرة يكون بجمع الثروة بأيّة طريقة من أجل القضيّة، لهذا السّبب يجب أن يتولى أمر الرّعية، و المجاهدين رجل صالح يختاره الله للقضية، وهذا الاختيار مسؤولية كبيرة . ألا ترين كم أنا مرهق من أجل تلك القضية المقدّسة. . . . تباً لك أيتها القضيّة ! تباً لكن أيتها الفضيلات و أمهات المؤمنات ! في هذا المكان تعلّمت الحياة لا شيء حقيقي هنا يجتمع الشّر فارداً جناحيه تفرح المرأة بعبوديتها يذهب الرجل إلى الموت برجليه هو ليس بطلاً هو بشر يخاف الموت لكنّه يعرف أنّه ميت على كل حال فيقبل المهمة كنت أعتقد أنّ الرجال ليسوا عبيداً الآن عرفت لماذا يتنمرون تباً لك أيها الرّجل! لماذا اخترت أن تكون عبداً؟ عندما رأيت أبو القضيّة يوزع السلاح على الشباب بكيتهم ، عرفت أنّهم لن يعيشوا بعد الآن . ما ذنب المرأة إن وُلدت أنثى، و ما ذنب الرجل إن ولد ذكر؟ الرّجال الضّعفاء مهمشون أيضاً ، ولكن! ولكن ماذا؟ لكن أمثال أمّ المؤمنات، و الأعرابي هما من قلل من شأن النّساء، ربّت أمّ المؤمنات آلاف المؤمنين على أنّ قضيبهم هو الأوّل، فتحرّشوا و اغتصبوا ، و أهانوا النّساء. عندما أحوّل هذه المزرعة إلى مزرعة حقيقية سوف أدخل لها قوانين للتربية، و سوف يكون القبو الذي نتعلم فيه دروس الخضوع مكاناً لتعليم الأمهات كيف يعاملون بناتهم. ليتني لم أر هذا المكان. كنت أعتقد أنّ العالم ربما بخير، وطوال رحلة تشّردي كنت أحلم أن ألتقي بشخص ما طيب القلب يساعدني . الآن فقط عرفت أنّه إن لم أساعد نفسي لا أحد سوف يساعدني، لكنّني أعد أن أطلق شرارة الخير الأولى .
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من مذكرات امرأة متحرّرة -5-
-
من مذكرات امرأة متحرّرة 4
-
من مذكرات امرأة متحرّرة -3-
-
من مذكرات امرأة متحرّرة -2-
-
من مذكرات امرأة متحرّرة -1-
-
نسويات
-
المعاناة
-
رحلة البحث عن السعادة
-
من أين أتت تغريدات ترامب الروحانية
-
من غرفة العلاج الكيماوي
-
حول دفء العلاقة المزيّف
-
إلى ابنتي سيناء في يوم مولدها
-
أمازون في السويد
-
ترامب ، أم بايدن؟
-
جميعهم يقلّدون أبطال الأساطير
-
الدين، العلم، والأرهاب
-
رسالة إلى السّرطان
-
شعار - أمريكا أولاً-يتراجع
-
لا تستسلم للحنين
-
ظاهرة ترامب مستمرة حتى لو لم يربح
المزيد.....
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|