|
كما الماء حق للجميع ، ايضاً من حق الجميع بناء دولة قوية ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6746 - 2020 / 11 / 28 - 16:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ هناك مفهومان تقليديان ، بالطبع ، بالإضافة للحاضر الذي الناس يعيشونه ، ايضاً هناك مستقبل سيتعاقب عليه الأجيال ، وهذا يحتاج إلى مجموعة من المهندسين في مجالات شتى ، قادرون على دفع الحياة إلى ذاك الإيقاع الذي يحمل من البناء والهدم ، وبالتالي التفكير في تحصين وتحسين إدارة الدولة يتحقق ضمنياً مع وعي الفرد ، كنقطة دائمة للانطلاق نحو كافة الجوانب ، وهذا أيضاً قد شهده العالم الرأسمالي عندما شيد عواصمه بالممرات المسقوفة حتى وصل اليوم إلى بناء عواصم ومدن كاملة تحت الأرض ، للنقل العام ( الميترو ) ، فدولة بحجم مصر ، البشري والجغرافي والسياسي ، لا تزال حتى الآن تصنف بثالث أكبر دولة تستورد القمح بإجمالي 12 مليون طن سنوياً وتنتج في المقابل 8 مليون طن ، وكما هو معروف تصنيفياً ، يعتبر إعتماد أي حكومة على استيراد غذاء مواطنيها من الخارج نقطة نقص في أمنها القومي ، الذي ينعكس بالتأكيد على قرارها السياسي المستقل ، فالأرقام تشير وعلى مستويات متعددة ، كانت الحكومات السابقة تستورد من الخارج من 60 إلى 90 % من احتياجاتها الغذائية ، أما اليوم ومع الحركة النهضوية تقلص الاستيراد إلى 30% ، بالفعل لقد اعتمدت وزارة الزراعة سياسات وطرق جديدة بشكل عام ، الذي وفر ذلك 40% من استهلاك المياه والاسمند والمبيدات وشكلت التوجهات الزراعية الحديثة معايير تراعي البيئة لأول مرة ، بالإضافة إلى أن المواطن المصري أصبح يتمتع بإنتاجات طازجة .
بعد سقوط العراق لم تعد أي دولة محصنة تماماً ، ولم يعد الصمت إزاء النهج السابق للدول مقبول ، لأن السير مثل البطة ، سيمهد ذلك للسائر أن يصدر أصوات بطاطية تعرضه للذبح من الوريد للآخر ، فتاريخياً تعتمد جمهورية مصر على مياه المتدفقة من العمق الأفريقي كما هو معلوم ، لكنها ايضاً تعاني من شح الأمطار السماوية ، وهذا دفع ألاب الروحي مبكراً للدولة الإسرائيلية ، ومؤسس مقبرة جبل هرتزل الواقعة في غرب مدينة القدس وحسب وصيته ، خصها لقادة إسرائيل التى يجتمع فيها الآن فقط من صنعوا لاسرائيل الحياة والقوة والمستقبل ، أمثال جولدا مائير وإسحاق رابين وحاييم هرتصوع وزلمان شازار وصاحب الوصية ، بالفعل قام تيودور هرتزل عام 1898م بزيارة مدينة الإسكندرية في مصر كرئيس للحركة الصهيونية ، وقد جاءت حصيلة الزيارة بتصورات أولية ، تطورت فيما بعد إلى رؤية ومن ثم إلى مخططات ، لقد وضعوا خبراء إسرائيليين مخطط لنقل مياه النيل إلى إسرائيل عبر قنوات خاصة ، وهذا بالفعل ما شرع به بعض المهندسين أمثال الخبيرين ( كالي و اروزلوف ) ، لكن الأهم من ذلك ، الذي طرح المشروع مجدداً وأسس سلوك التجاوزي ، إن جاز لنا توصيفه هكذا ، هو الرئيس الأسبق أنور السادات ، لقد أشاح وجهه عن معاهدتي 1929م و1959م بين مصر ودول حوض نهر النيل، كان في زيارته الشهيرة للقدس عام 1977م ، أعلن عن ( اتفاق الإبراهيمي ) بين الأديان الثلاثة وأقترح تأسيس ( ترعة السلام ) التى تمد إسرائيل بالحياة ، فإسرائيل اليوم تعتبر نفسها محاصرة مائياً وهذا ليس افتراءً بل تقديراً صحيحاً ، وهناك مؤشرات خطيرة تهدد مصادرها المائية ، فالبحر الميت وبحيرة طبرية وصلا مؤشرهما إلى درجة الأسود ، وبالتالي التفسير الوحيد لنشر إسرائيل منظومتها الصاروخية حول سد النهضة في اثيوبيا ، هي رسالة صريحة عن حجم قلقها على المستقبل ، ولديها ايضاً أكثر من 200 شركة استثمارية ، جميعها تعمل الآن في مجال الري والكهرباء والمياه ، إذن إسرائيل عندما وجدت نفسها غير قادرة على مد القنوات المائية باتجاه أرضها ، سعت بالتسلل إلى اثيوبيا والعمق الأفريقي ، وهذا سيجعلها في المنظور القريب أن تتحكم بالمياه النيل من خلال الشراكة التى حققتها مع اثيوبيا ، بل هناك معلومات شبه مؤكدة ، بأن مصر انتهت من بناء 6 أنفاق ضخمة في سيناء ، من المرجح الهدف من وراء بنائهم هو نقل المياه لإسرائيل ، وبالتالي مياه نهر النيل لم تعد تقتصر على الدول الحوض ، بل إسرائيل باتت فعلياً الجهة التى تتحكم بموارد الطاقة ومصادرها ، الذي سيؤهلها أن تكون حاضرة في أي مفاوضات أو متغيرات في المستقبل ، انطلاقاً من مفهومها للمتغير التابع والمتغير المستقل ، فالتابع عادةً يتأثر بالمستقل .
في المقابل ، ملف كملف اثيوبيا بالغ التعقيد ، حاله كحال المياه المتشابكة بين المكسيك وولاية تاكساس في الولايات المتحدة ، وثمة مفردة تستحضرني في هذا المقام ، هي مفردة قاطعة لدي ، بل تواظب في تحذيري كلما دانت إشكالية الأذية بمياه النيل ( المخاطر المائية ) ، تعيدني مجدداً للكتابة حول هذه الإشكالية المستدامة والجدلية ، لقد عانت تاريخياً اثيوبيا من مسألتين ، الأولى الحروب الأهلية كما هو حاصل اليوم ، فالبلد يحتضن لأكثر من مئة لغة وهو دائم الصراعات والذي عكس تاريخياً سلباً على التنمية ، فأثيوبيا تعرضت لأكثر من مجاعة بسبب الجفاف لأنها دولة فشلت في تخزين المياه كما فعلت مصر في السد العالي والذي تسبب في وفاة أكثر من مليون إنسان ، وبالتالي لولا السد العالي ، ومع ازدياد السكاني ، كانت مصر وقعت في خندق الجفاف والموت ، فالوتيرة المتصاعدة لازدياد أعداد السكان فيها مستدامة وكبيرة ، وبالرغم من السد العالي ، إلا أن باتت مصر اليوم تصنف بالبلد الفقير مائياً ، الذي يستدعى ذلك ، ضرورة وضع حلول وخطط تراقب خطوة بخطوة الارتفاع السكاني واحتياجاتهم وتقديم الحلول الذكية ، وفي الوقت ذاته ، البحث عن موارد أخرى ، فعلياً تحتاج مصر من الناحية الغذائية إلى 25 مليون فندان لكي تلبي احتياجات المصريين ، وهنا تكمن المعركة الأولى التى تواجهها الحكومة الحالية والجيش معاً ، على سبيل المثال ، في المنطقة الشمالية في الصحراء الغربية من ساحل البحر ، هذه المنطقة تمتاز بانخفاض دراجات الحرارة ، ومؤهلة حسب المعايير الزراعية ، استيعاب زراعة القمح وتربية المواشي ، وبالتالي استثمارها يوقف اولاً الاستيراد ، يعني يتوقف استنزاف الدولار في الأسواق العالمية ، وثانياً معالجة البطالة ، الذي يمكن من خلالها تشغيل 3 مليون مواطن ، كما أن نهري السوباط وعطبرة مازالا مهمشين ، بإعتقادي آن الأون التفكير بشكل جدي وسريع من الاستفادة من مياه السوباط التى بدورها ستساهم في التنمية الزراعية وتوفر المراعي وتولد الكهرباء .
كما لا يخفى ، قد تتجلى قدرات البعض في إخفاء الأحداث للوهلة الأولى ، وهنا يتساءل المراقب ، المتعود على المنطق البسيط ، ربما مرتاباً من وراء ذلك التستر المقصود ، لقد بدأوا الثلاثي ، الإثيوبي والإسرائيلي والأمريكي بالشروع في بناء سد النهضة عام 2009م ، قبل عام واحد للانتخابات المزورة ، والذي وُصف مهندسها بالمثير للجدل وسبب أساسى في سقوط نظام مبارك ، وليس كما رُوجَّ إعلامياً بعد الثورة الشعبية المصرية ، بالفعل هذا التوقيت الحقيقي ، أثناء هيمنة جمال مبارك على إدارة حكم البلد ، حددت الولايات المتحدة موقعَّ لبنائه ، من خلال مسح جغرافي وبعدها باشرت الشركات في وضع الخطط الإنشائية ، قبل ذلك ، حاولت اثيوبيا مع جهات دولية إنتزاع موافقة الرئيس مبارك لبنائه لكن للتاريخ ، الرجل رفض دون أن يضع بدائل لاثيوبيا التى تعاني الفقر والمجاعة والجفاف ، كان من الأولى ، تقديم مبادرات تستبق مبادرات إسرائيل ، الذي جعله عرضة إلى محاولة الاغتيال الشهيرة في اثيوبيا عام 1995م على أيدي الجماعات المسلحة .
في نهاية المطاف ، على مرّ العصور ، ابداً لم يسجل التاريخ أن الثعالب يوماً ما تخلت عن التمويه والمخادعة ، وايضاً لم تتوقف الضباع عن طبيعتها التربصية من أجل أن تنقض على ما تبقى من أعضاء الفريسة ، إذن المنطق البسيط والتبسيطي والأبسط ، الاستقلال فقط يتحقق بالكامل إذا حققت الدولة اكتفاءها الذاتي ، وفي مقدمة ذلك الأمن الغذائي ، غير ذلك سيبقى القرار الوطني خارجي ويبقى أمنها القومي معرض للاختراقات ، وبالتالي ، الخلاصة تقول بأن ديمومة التخطيط ، هو يتقدم على أي شيء آخر ، والدأب العنيد كفيل في دفع الباحثون لتقديم عشرات بل مئات الأفكار والحلول التى بهما تُولد المشاريع القومية ، الرفيعة والمتنوعة ، ومن خلالها يتم استثمار ملايين الديناميات الحيوية التى جميعها تتحول إلى عناصر جدارية للدولة القوية ، وخط دفاع أول لأي مشاريع تفكيكية للجغرافيا . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في أمريكا الجميع حبساء الدستور ...
-
المماطلة ستأتي بعقوبات أوسع وربما أبشع ...
-
المسكوت عنه ، الإدمان الأقدم في التاريخ ...
-
نظرية مطاردة الأرنب في المضمار البيضي ، الأمريكي يراهن على إ
...
-
كن معي وأصنع ما تشاء ...
-
أربعة مناسبات لا تقترب منهم ، تماماً كأيام الحظر الوبائي ...
-
إبليس والموت والسد بين مواريث آدم وذي القرنين / أمريكا الحدث
...
-
قيمة العملة من قيمة الإنتاج ...
-
هل المشكلة بجيرمي كوربين أو بحزب العمال / انصهار الاشتراكية
...
-
أرض الصحراء الغربية بقيت دائماً تحت الرماد ...
-
ترتيب بيت المسلمين في فرنسا ضرورة عبر مؤتمر جامع ...
-
القذافي من الصحراء إلى المدينة / زنقة زنقة على ايقاع قرية قر
...
-
مهمة الدولة تتجاوز التدابير الأمنية ...
-
موقع المناظرات الأمريكية / جامع المدينة أول جامعة شاملة ومجا
...
-
هستيريا المذهبية والاستخفاف بالفيروس وجدانيات ترمب ...
-
رسائل هيلاري الافتراضية أسقطت أنظمة افتراضية ، فكيف لو إستخد
...
-
الهدف واحد والاختلاف بالمعجم / درويش والمتنبي .
-
أهم واحة للتكنولوجيا في العالم / الثورة الهبيزية أنتجت الثور
...
-
المطلوب الانتقال من التشابك إلى التضامن ، أما الخطب الديماغو
...
-
واحة الإحساء ...
المزيد.....
-
شاهد رياح عاصفة عاتية تخترق نوافذ متجر وتحطمها في لحظات مرعب
...
-
مكسيم خليل لـ CNN بالعربية: -المثقف ينبغي ألا يكون فوقيًا-
-
سقوط 24 قتيلا على الأقل بينهم أطفال بضربات إسرائيلية على غزة
...
-
سوريا.. أحمد الشرع يثير تفاعلا بتقبيل يد والده في احتفال بعي
...
-
-هل تسير إيران نحو الصدام مع الغرب؟- -فايننشال تايمز
-
احتفال خطابي في ستوكهولم بعيد تأسيس الحزب الحادي والتسعين
-
مدفيديف: ساسة أوروبا المصابون برهاب روسيا يعانون الهوس والاك
...
-
الجيش الإسرائيلي يدمر نفقا لـ-حماس- في غزة (فيديو)
-
تمثال رأس ترامب قد ينضم لنصب جبل راشمور التذكاري
-
الرئاسة الفلسطينية تطالب -حماس- بحماية الغزاويين وإنهاء معان
...
المزيد.....
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
المزيد.....
|