أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مهاجر - الصراع السياسى المتحضر














المزيد.....

الصراع السياسى المتحضر


محمد مهاجر

الحوار المتمدن-العدد: 6745 - 2020 / 11 / 27 - 02:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-
يقال على سبيل المدح ان في إنجلترا 60 ديانة مختلفة وادام واحد, اى مذاقهم بالنسبة للطعام هو نفسه. وفى نفس السياق يحتفى ويفخر الشعب الهولندى بارضه الصغيرة فيقول ان بها 16 مليون نسمة و 16 مليون رأى و16 مليون حزب. ان الأمم الراقية تنظر الى التنوع باعتبار انه مصدر ثراء لا نزاع. ان العامل الرئيسى الذى أدى الى إطالة امد الحرب الاهلية البشعة في السودان هو فشل النخب السياسية في إيجاد صيغة لا تضع حدا للحروب الاهلية فقط انما تتجاوز ذلك الى وضع صيغة تنظم العمل السياسى بحيث يستبعد منه خيار اللجوء الى العنف لخسم الخلافات السياسية.

لقد تمكن حزب المؤتمر الهندى من قيادة الشعب الثائر حتى تحقق الاستقلال. ولم تك المهمة سهلة بالنسبة للمهاتما غاندى ورفاقه. فقد كانوا يحضون شعبهم على الوحدة وطلب العلم والتسامح وقبول الاخر وحسن إدارة الخلافات. ولما جاء الاستقلال كانت هنالك كوادر مؤهلة وواعية قامت بإدارة الدولة وكانت هنالك نخب سياسية مستعدة لتقديم التضحيات من اجل الوحدة وبناء الدولة الفتية. ولولا حكمة تلك النخب لما استمرت الهند موحدة الى اليوم. واذا كان الانحياز للديمقراطية التعددية الرافضة لادارة التنوع هو المرجح لتمكنت طائفة الهندوس ذات الأغلبية الساحقة من الاستفراد بالحكم الى الان وربما الى عقود كثيرة قادمة. وفى الهند هنالك تمييز ايجابى في الجامعات يوفر منح للدراسة فى الجامعات المميزة لابناء الفقراء. والان تستعد الهند للانتقال من العالم الثالث الى العالم الأول في خلال بضع سنوت.

وفى أمريكا اللاتينية انشق رجال الدين الثوريين عن كنائسهم وانضموا الى ركب الثوار الاشتراكيين وغيرهم في ما عرف بلاهوت التحرير. هؤلاء الثوار قاموا باعادة قراءة الدين المسيحى واستخلصوا منه المبادئ التي تحض الجماهير على الثورة والوقوف ضد الظلم والاضطهاد, فاكتسبوا ثقة الفقراء وبعض الثوريين من الطبقة الوسطى. وفى نهاية المطاف تمكن لاهوت التحرير من لعب دور كبير في الحركة الاستقلالية. وفى هذه الحالة وفى حالة الهند كان المقصد واحد وهو توحيد الشعب من اجل انجاز القضايا الكبرى.
ان الذى يجرى في السودان من محاولات مستميتة لجعل الصراع عنيقا جدا ودمويا, لا يستبعد من ان تكون للايادى المتامرة القذرة يد فيه. والثوار الذين توحدوا في زمن الكبت والقهر ووحشية نظام البشير القذرة, لا يمكن ان ينجرفوا الى ما يقود بلادنا الى موارد الهلاك. ان اى محاولة للعفو العام او الواسع عن كوادر حزب المؤتمر الوطنى انما تعنى اعطاءهم الضوء الأخضر للمضى قدما في تامرهم ضد الثوار والانقلاب على الثورة وإشاعة الفوضى وارهاب المواطنين. ان التنظيم الذى حكم ثلاثين عاما بقبضة حديدة باطشة سوف يصبح اكثر بطشا اذا سنحت له سانحة. ويجب الا ننسى القثل الوحشى للمعارضين والتنكيل بهم والذى استمر الى اخر أيام البشير.

ان توقيع اتفاقية سلام لا تعنى ان تستبدل نخبة سياسية بنخبة عسكرية ولا تعنى ان تقصى فصائل فصائل أخرى او قبائل قبائل أخرى او أقاليم أقاليم أخرى, انما الصحيح هو ان يشترك الجميع في قيادة الفترة الانتقالية ملتزمين بالمواثيق والقوانين والنظم. وان الفهم الصحيح لبرنامج الحد الأدنى هو انه البرنامج الذى يمثل القاسم المشترك من برامج جميع الفصائل الموقعة عليه. ان برنامج الثورة له غايات ترميمية واسعافية وتحضيرية. اما الأولى فتتمثل في محو اثار دمار وتخريب النظام البائد ومحاكمة المفسدين. والثانية هي وضع وتنفيذ برامج تهيئ البلاد لنمو طبيعى في مختلف المجالات منها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. والثالثة هي وضع اللبنات الأساسية لبناء الدولة الجديدة ويشمل ذلك المبادئ الوطنية العليا ومسودة الدستور.

ان انجاز المهام الثلاثة الواردة في الفقرة السابقة يتطلب ان تتضافر جهود كل الفرقاء السياسيين من اجل الوصول الى مرحلة تأسيس الدولة الحديثة. ومن البديهى ان يستبعد حزب المؤتمر الوطنى تماما من العملية السياسية في الفترة الانتقالية, فلا يعقل ان تطلب من المجرمين ان يساهموا في تحقيق العدالة. اما الذين يصدرون الاحكام الجزافية التي تبرئ بعض قيادات النظام البائد فهم اما واهمون او مخاتلون.

لو بذلت جماعات التطرف الدينى جهودها في مساعدة التلاميذ في استذكار دروسهم وتطوير المهارات لكان افضل لها من مهاجمة المنهج الدراسى الذى وضعه اختصاصييون وخبراء. ولو انفقوا وقتا كافيا لدراسة تجارب الشعوب في التحول الديمقراطى وبناء الأمم لتمكنوا من استيعاب مفهوم الدولة المدنية او العلمانية. وفى حديث للرئيس التركى رجب اردوهان وصف الدولة العلمانية بانها تلك الدولة التي تقف على مسافة واحدة من كل الأديان والثقافات وان الفرد لا يمكن ان يكون علمانيا لان العلمانية هي خاصية للدولة وحدها ولا علاقة لها بالافراد او تدينهم. ان الفهم المتقدم للاسلام هو الى يبعد عنا التطرق وتحويل الصراع السياسى الى صراع دينى.



#محمد_مهاجر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصل الكرونا نعمة ام نقمة؟
- الارادة الحرة
- خيار العلمانية في السودان
- المهام العاجلة للثورة السودانية
- جوانب من ممارسات الراسمالية الطفيلية في السودان
- اهانة اعلامية ام اهانة لدولة القانون
- دور المغتربين السودانيين في التنمية
- عقبات في طريق الثورة السودانية
- قلت اصطبر
- الثورة السودانية وتحقيق العدالة
- لماذا طالت الحرب فى السودان
- تراتيل الروح المنعمة
- هل هو تفاوض من اجل السلطة ام السلام
- حول النظام الطائفى فى السودان
- حرية ثرنا من اجلها
- هل هى ازمة نخب
- ادارة التنوع
- الاطار النظرى لادارة التنوع
- هل ادارة التنوع ضرورة
- خوارزمية العشق


المزيد.....




- ترامب يكشف عن ما سيفعله مع روسيا والصين إذا فاز في الانتخابا ...
- إيلون ماسك محور جدل في أمريكا واتهامات له بالتحريض على قتل ب ...
- روسيا.. انخفاض عدد مستعمرات النحل بمقدار 500 ألف على مدى الس ...
- خسوف جزئي للقمر سيتمكن سكان مختلف مناطق العالم من مشاهدته
- Lava تكشف عن هاتفها الجديد لشبكات الجيل الخامس
- من النصر إلى كارثة. الغرب يتناسى أنه قبل عامين احتفل بهزيمة ...
- المهندسون الروس يدرسون مبادئ عمل صاروخ هيمارس الأمريكي
- نمط غريب ومفاجئ في إدارة الحملات الانتخابية في أمريكا
- بلقاسم حفتر لـ-الحرة-: شرق ليبيا وغربها يتوافقان على إعمارها ...
- بعد -محاولة الاغتيال الثانية-.. بايدن يتصل بترامب


المزيد.....

- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مهاجر - الصراع السياسى المتحضر