علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 6741 - 2020 / 11 / 23 - 21:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إنَّ جوهر الاعتراف بدولة العدو والتطبيع البالغ درجة التحالف بينها وبين دول الخليج العربي لا يمكن تفسيره بضغط ترامب/ كوشنير. لنسجل هنا، أن خبر اللقاء السري اليوم بين نتنياهو وابن سلمان في السعودية نفسها، والذي سربته الدوائر الإسرائيلية بعد ساعات على حدوثه ومنها وزير التعليم الإسرائيلي يوآف غالانت، جاء بعد هزيمة ترامب الانتخابية وليس قبلها، وهذا له دلالاته، بل يتعلق كل هذا بأسباب أعمق وأقدم كثيرا منها: انكشاف الطبيعة الواحدة لإسرائيل ودول الخليج المتصهينة كدول مصطنعة قليلة السكان الأصليين الذين لا تتجاوز نسبتهم السكانية أحيانا 12 بالمائة كما هي الحال في دولة الإمارات حيث يعيش 11.53 بالمائة من السكان الأصليين العرب في بحر العمال الآسيويين والأجانب، وهي دول كثيرة الثروات الطبيعية، ومحمية عسكريا وأمنيا واقتصاديا من قبل أميركا والغرب منذ قيامها. وقد وضِعت هذه الدول في عهد ترامب، كوشنير ونتياهو، أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الإعلان عن طبيعتها وتحالفها المصيري مع الكيان الصهيوني أو أنها تتركت لتواجه مصيرها بنفسها ألا وهو الزوال كأنظمة حكم هشَّة ولا شرعية لها. وقد كانت الانتفاضة الشعبية في البحرين مجرد مثال وناقوس إنذار، أما التهديد الإيراني لهذه الدول فهو مجرد أكذوبة وستار من الدخان الإعلامي ولا تصدق به شعوب هذه الدول نفسها رغم التدخلات الإيرانية في المنطقة وهي ليست جديدة على أية حال ولا تقل عن التدخلات التركية مثلا!
دول عربية أخرى واجهت وستواجه تهديدات وضغوطات لتكون أمام خيارين آخرين: الأول اعتبارها دولا إرهابية منبوذة من الغرب أو محاصرتها اقتصاديا وتجويع شعوبها كالسودان ولبنان وسوريا والمغرب، ودول أخرى تحاول واشنطن تكبيلها بالديون الخارجية والاقتصاد الاستهلاكي وتعميم الجهل والتضليل وإيصال عملاء وجواسيس شبه علنيين إلى الحكم كالعراق وليبيا. شخصيا، لا أعتقد بأن حملة ترامب / كوشنر ستنتهي بوصول الديموقراطي بايدن إلى البيت الأبيض، بل ستستمر بأشكال أخرى، وسيشتد الضغط على السعودية الخاتلة خلف دورها الديني كبلد الحج الإسلامي وصفتها كدولة الحرمين الشريفين، وقد يشتد الضغط أيضا على الكويت باستغلال حالة الحماية الاستراتيجية الأميركية الغربية لها والتهديد برفعها إنْ لم تخضع للتطبيع والصَّهْيَنة!
أما الخلاصة من كل ما سلف فهي: إنَّ جميع هذه الحالات من التطبيع والتحالف والاعتراف بدولة العدو لا قيمة استراتيجية لها طالما ظل الشعب الفلسطيني صامدا مقاوما على أرضه، وحين سينتقل هذا الشعب من حالة الدفاع والصمود الى الهجوم، إنْ آجلا أو عاجلا، ستتحول هذه التحالفات والاعترافات والتطبيعات الى هباء منثورٍ، لتبدأ مرحلة تفكك وزوال هذه الكيانات والدويلات المصطنعة بدورها.
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟