حميد حبيب المالكي
الحوار المتمدن-العدد: 6737 - 2020 / 11 / 19 - 01:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يلجأ بعض المخرجين في الأفلام والبرامج التي يستخدمون فيها شخصيات حيوانات إلى إخراج هذه الحيوانات بعيون بشرية، لأن العيون البشرية قادرة على التعبير وبالتالي فالمشاهد يفهمها ويتفاعل معها أكثر مما لو أخرجها على هيئة العين الحيوانية الأصلية، إذ يستطيع المشاهد رؤية الحزن والحب والغضب والكره في العين البشرية، أو على الأقل لأننا بشر نستطيع رؤيته وفهمه هكذاً.
أما من الناحية الوظيفية فالعين البشرية متطورة جداً ومعقدة بذات الوقت، وهي تتفوق حتى على عيون الطيور التي يُستشهد بها على أنها قوية، فعين الطائر مثلاً تستطيع التقريب عدة أضعاف عين البشر، لكنها لا تنقل الصورة بشكل حقيقي، فتعمل على تضخيم الجزء في مركز النظر ليحتل معظم مساحة المشهد العيني وتصغير المناطق في الأطراف ليصبح ضئيلاً جداً، ويمكن تقريب الفكرة بالقول أنه شبيه بالصورة المنعكسة في مرآة شديدة التحديب. "يدعى هذا رؤية عين الطائر".
تكيّفت أعضاء الإنسان لتخدم إحتياجاته وتتماشى مع عمل باقي الأعضاء وأولها العقل، فالعقل الإنساني السليم يهتم جداً بالموازنة والإعتدال.
العمل الحزبي في العالم يقوم على الموازنة مابين المصالح الشخصية والحزبية من جهة، والمصالح العامة من جهة أخرى، فالحزب يسعى لتحقيق هدفه الأساسي وهو تنفيذ برامجه ورؤيته والبقاء بالسلطة أطول فترة ممكنة.
تعتبر الأحزاب في الدول "الراقية" سياسياً أن طريقها لهدفها الأساسي هو بخدمة الشعب بأفضل وجه ممكن ليجدد لها الإنتخاب والبقاء في الحكم، فتكون المصلحة تبادلية.
وهكذا تمكن الحزب الديمقراطي الإشتراكي المسيحي في المانيا بزعامة ميركل من البقاء في السلطة والفوز المتكرر في الإنتخابات منذ 2005 لليوم.
أما الدول "المتخلفة" سياسياً فمنهج الأحزاب للبقاء في السلطة يقوم على العنف والترهيب، وامتلاك وسائل القوة المالية والعسكرية والمعنوية والاستئثار بها ومنع الآخرين من حيازتها. إن رؤية هذه الأحزاب المتخلفة هي نفسها رؤية عين الطائر؛ فتنظر لمصالحها بصورة متضخمة بشكل هائل بينما هناك مساحة ضئيلة جداً لمصالح الشعب.
إنَّ من يريد أن ينتقل بالعمل الحزبي والحكم والإدارة من التخلُّف إلى الرُقيّ فعليه أن ينظر بعين البشر لا بعين الطير.
#حميد_حبيب_المالكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟