أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - بقلم الدكتور علاء العبادي : قراءة في قصيدة (زكاة البدن) للشاعر والناقد مقداد مسعود














المزيد.....

بقلم الدكتور علاء العبادي : قراءة في قصيدة (زكاة البدن) للشاعر والناقد مقداد مسعود


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 6731 - 2020 / 11 / 13 - 00:11
المحور: الادب والفن
    


بقلم الدكتور علاء العبادي
أنت تحتاج سلّمين، مثل تلكما السلّمين، المرئي والآخر غير المرئي، النابتين في بدن القصيدة، لكي تستطيع أن ترتقي لذراها السامية. عنوان القصيدة يُفضي، خِلسةً، إلى بدِنها الذي ستُزَكيه رحلة الشاعر المتطوحة في عالمٍ مرئي وملموسٍ حيناً لكنه تصوريٌ وجدانيٌ حيناً آخر.
في أول الرحلة يكشف لنا الشاعرُ هذين العالمين اللذين تداخلا في حناياه وباتا عالماً واحداً متماسكا بتجانسٍ يُشبه تجانس قصيدته، فالمتحدث يعترف أنه ماضٍ في طريقٍ ما، لايكشفه في البدء، ويترك لنا اكتشافه مع استمرار الرحلة. و المتحدث الذي سيكشف لنا كل ماجرى في تلك الرحلة، يعترف بأنه يمتثل لظله الذي يقوده نحو منعطف، ونبدأ نحن بمتابعة المتحدث وظله اللذين يَتّحدان في بدنٍ واحد يبحث عن زكاة لوجودهما الذي يعرفان أنّه "يتمردُ على النسق". ومثل أيّ رحلة لاستكشاف المجهول، تمتثلُ رحلة المتحدث (الشاعر) إلى شروط صعبة، خيالية وأسطورية، وفي أحيانٍ أخرى واقعية. فالطيور "تغادر رسماتها على الأسيجة"، والسياج "يتلوى ولايريد أن ينقض". هكذا ترتسم لنا صورة حزينة لحال الشاعر المرتبك في عالم يكاد أن ينهار، ويكاد الإحساس والمخيال فيه أن ينعَدما. يواصل الشاعر رحلته رغم الشجن فيتوهم، أو تتوهم عيناه، وكأنه يُذكّرنا هنا بظله المرافق له، بأن "شيخا يتطوح وقد ارتطم الأمر عليه" فنشعرُ أن هذا الشيخ يمثل حكمة المتحدث وخبرته التي جعلته مهموما أبداً، وهو يسعى أن يزيح ذلك الهم عنه، فقدْ "خَمِرَ عنه الفؤاد" ولكن دون جدوى، ولذلك يحث الشاعر الخطى نحو عوالم جديدة لعله يُزكي ذاك البدن المُفعَمِ بالأسئلة والحيرة و الطموح. ولأن رحلة الشاعر تروم المعالي فهو يرتقي سلّما "من فحل التوت" تعبيراً عن أثر الطبيعة الريفية البريئة في وجدانه ومخياله، ليجد نفسه في ذرى المجد "على السلمة الأخيرة" التي لم تُغنهِ ولم تُسعف ذاته الباحثة عن المجهول و السامي، ولذا يشعر أنّها ربما كانت السلّمة الأولى. ولأنها لم تُغنه شيئا، فهو ينعطف لسلّم آخر مختلف هذه المرة. سلّمه الجديد أكثر سمواً من ذاك السلّم الوجداني البريء، فهذا سلّمٌ "تشعره قدماي/ ولا أراه". ربما هو سلّم الشعر والخيال، ومجد الشعر وسموه، ففقرات السلّم "يتدفق عشب فيها/ وأنا أستنشق غيمة من البستج"، وهو هنا لايزال مسكونا بالطبيعة، ومغرماً برحلته الشاقة والممتعة في ذات الوقت.
هذه القصيدة متراصة تراص البدن، والبدن يلاقي مايلاقيه، والقصيدة في جزئها الأخير، إذا جاز لنا تقسيمها شكليا إلى أجزاء، تلاقي تشظيا مقصودا من الشاعر حيث يظهر له "حفيفٌ يتمرد على النسق"، ويهجس بفطرته الثائرة المتسامية للذرى أن هناك "أصواتًا تتكسر/ وأخرى تتصادم: أزيارٌ.. برطمانات.. دنانٌ.. وحناجير". إنها، من غير ريب، جعجعات فارغة، وأشكالٌ دون محتوى، و خربشات تُسمي نفسها قصائد،تلك التي تملأ العالم من حول الشاعر، فتصدمه ويتسمرُ فاغرا عينيه على مايجري، "تراجعت قدماي/ تصنمتُ/ثمَ/ تكدستُ/ كلّي/في عينيّ". هذا التشظي لجملة واحدة في خاتمة القصيدة يعكس لنا تشظي الكتابة اليوم ، وذلك جلّ ما يخشاه الشاعر، على ما يبدو

زكاة البدن
مقداد مسعود

ثَمِل َ إلى نزهة ٍ حُلمي
أمتثلتْ قدماي
صحبني ظلي
في مُنعطف ٍ
رأيت ُ طيوراً
تغادرُ رسماتَها على الأسيجة ِ
سمعتُ سياجا يتلوى ولا يريد أن ينقض
واصلتُ طريقي
توهمت ُ أو توهمتْ عيناي
: شيخاً يتطوح وقد أرتطم الأمرُ عليه
إذن : هذا شيخ ٌ خَمِر عنه ُ الفؤاد
ثم واجهني سُلّم ٌ
سُلّم ٌ مِن فحل ِ التوت
فارتقيته ُ
ألفيتني على السلمة الأخيرة
وربما هي الأولى
لا أدري لماذا / كيف : انعطفت قدماي
فصعدّتني همتي وهمومي
على سُلّم ٍ تشعره ُ قدماي
ولا أراه.
فقراتُ السلمِ يتدفقُ عشبٌ فيها
وأنا أستنشق غيمة ً من البستج
تحسست ُ ثم رأيت ُ
.أصواتا تتكسر وأنوالاً
وأخرى تتصادم
: أزيارٌ.. برطمانات.. دِنانٌ .. وحناجير
ظَهَر َ لي
حفيفٌ يتمرد على النسق
تراجعتْ قدماي..
تصنمتُ
ثم
تكدست ُ
كلي
في
عينيّ


.




________________________________________



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر الكبير محمد علي شمس الدين : بويب السيّاب وطائر طاغور
- بقلم الدكتور علاء العبادي: قراءة في قصيدة (ولا أخوته ) للشاع ...
- ليس من الإبل
- برق البزرنكوش
- زكاة البدن
- ولا أخوته
- رأي وامض في( مشهد عاطفي) للشاعر مقداد مسعود .. بقلم الدكتور ...
- مشهد عاطفي
- صمخ الصنوبر
- الأخضر بن يوسف
- رهف الرائحة
- حوارية الرتم
- شجيرات الرتم
- الروائي أحمد علي الزين .. ومعروف الرصافي
- أنشطارات السرد: (غدي الأزرق) للروائية ريما بالي
- قراءة في قصيدة (سيرة قصيدة) للشاعر والناقد مقداد مسعود ... ب ...
- سيرة قصيدة
- صيد الحمام : حياة خرج البيت / الأنشطار الروائي وسرد الشيئية ...
- بين صحوين : القاص والروائي علي جاسم شبيب
- رامة الرتم


المزيد.....




- خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و( ...
- -من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا ...
- إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص ...
- رحال عماني في موسكو
- الجزائر: مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يستقبل ضيوفه من ج ...
- أحلام تتفاعل مع تأثر ماجد المهندس بالغناء لعبدالله الرويشد
- شاهد/رسالة الفنان اللبناني معين شريف من فوق أنقاض منزله بعدم ...
- عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ ...
- فنان تشكيلي صيني يبدع في رسم سلسلة من اللوحات الفنية عن روسي ...
- فيلم - كونت مونت كريستو- في صدارة إيرادات شباك التذاكر الروس ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - بقلم الدكتور علاء العبادي : قراءة في قصيدة (زكاة البدن) للشاعر والناقد مقداد مسعود