|
ترمب والترمبية: إلى متي يستمر تأثير الرئيس ترمب الذي غير الحزب الجمهوري.
مهند طالب الحمدي
الحوار المتمدن-العدد: 6728 - 2020 / 11 / 10 - 02:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أصبحت مطالبة الليبراليين للناخبين الأمريكان بالتخلي عن الرئيس دونالد ترمب وبرنامجه الشعبوي من كليشيهات وسائل الإعلام الليبرالية المملة. ومع فوز المرشح الديمقراطي السيد جوزيف بايدن بالرئاسة، فإنه من الصعب القول بأنها قد حققت ما تصبو إليه.
ينظر الرئيس ترمب إلى خسارة محاولته لتحقيق إعادة انتخابه من خلال حصوله على ثاني أكبر عدد من الأصوات على الإطلاق في تاريخ الانتخابات الأمريكية. يبدو أنه حقق هذا العمل الفذ بشكلٍ أساسي من خلال إبعاد القوى الأكثر تميزاً في تحالفه القوي. عزز رجال الطبقة العاملة البيض، على وجه الخصوص، سيطرة الجمهوريين على أصوات الناخبين في بعض المناطق التي ربحها في إنتخابات 2016. ذهبت أصوات الناخبين في مقاطعة ماهونينغ في ولاية أوهايو، التي يهيمن عليها شباب المدن المتحمسين، إلى الجمهوريين لأول مرة منذ عام 1972.
أثبت خطاب الرئيس ترمب الشعبوي، وهجومه على النخب والمهاجرين غير الشرعيين، وميله العرقي، أنه حقق أقل بكثير من التغير الذي كان يأمل به الديمقراطيون بشكلٍ عام. حصل الرئيس ترمب على دعمٍ وفير من الأمريكيين ذوي الأصول الكوبية في ولاية فلوريدا والأمريكيين من أصول مكسيكية في جنوب تكساس بأكثر من ضعف هامش فوزه في الولاية الأولى وقضى على أحلام الديمقراطيين بالفوز بالولاية القادمة بالشكل الذي كانوا يحلمون به. تشير استطلاعات الرأي إلى أن الرئيس قد حقق نصيباً متزايداً من الأصوات من كل مجموعة عرقية باستثناء الرجال البيض. إذا كان هذا الأمر صحيحاً، فإنه يشير إلى أن الديمقراطيين قد فازوا في الانتخابات بشكل رئيسي من خلال جهودهم لتشجيع الإقبال على الانتخاب وليس من خلال استمالة الناخبين بعيداً عن الرئيس ترمب.
حصل هذا، للتذكير فقط، بعد حملة انتخابية أظهرت الرئيس في أسوأ حالاته. في خضم جائحة مميتة، سخر الرئيس من خبراء الصحة العامة وسخر من منافسه للرئاسة لاتباعه نصائحهم. أعطى الرئيس إيماءة من نوعٍ ما دعمت نظرية المؤامرة التي تحاول تصوير الديمقراطيين كانهم كائنات "طفولية تتبع خطوات الشيطان." وصف الرئيس السيدة كامالا هاريس، نائب الرئيس المنتخبة ذات الأصول الهندية، بأنها "وحش". ليس من الصعب أن نرى لماذا يعتبر خصوم الرئيس ترمب النتائج متقاربة للغاية. ومع ذلك، فإن آمالهم في تحقيق إنفصال تام عن حقبة الرئيس ترمب مدفوعة بجرعة غطرسة وحصولهم على دفع إعلامي ليبرالي غير محترف ومنحاز بشكلٍ علني، تبدو الآن غير واقعية.
يشير التاريخ المعاصر إلى أن القادة الشعبويون القوميون المعاصرون، مثل أندريه دودا في بولندا أو فيكتور أوربان في المجر، وبعض الرؤساء الأمريكان على حد سواء يفوزون بإعادة انتخابهم. بناءً على هذا المقياس، فإن مجرد إزاحة الرئيس ترمب من المنصب من شأنه أن يمثل إنجازاً. وتجدر الإشارة إلى أن رسالة حملة السيد بايدن الإنتخابية كانت مُكرسة بالكامل تقريباً للقيام بذلك بالضبط لأهميته الحيوية. إن لم تكن نتائج الإنتخابات رفضاً ساحقاً للرئيس ترمب، فإنها مع ذلك تبدو رفضاً.
بالنسبة لأولئك القلقون من إمكانية استمرارية النزعة الشعبوية التي عززها الرئيس ترمب، ينبغي عليهم أيضاً ملاحظة أنه ليس من الواضح تماماً ماهي تلك النزعة بالأساس. بعد فوزه في عام 2016، بدت الظاهرة الترمبية بمثابة دعوة حاشدة لمن يعانون من ضائقة اقتصادية. خاض الرئيس ترمب الصراع خلال تلك الحملة بالقول إنه قد بنى "أعظم اقتصاد في تاريخ البلاد." يبدو أن من مميزات الظاهرة الترمبية كما قدمها الرئيس هو مزيج من الانعزالية الاقتصادية، والمحسوبيات، وخطاب قومي، وسلطوية أدائية من نوعٍ ما، وتخفيضات ضرائب للشركات ونوع من تقديس الشخصية. لا أحد يجد هذا الأمر أكثر إحباطاً من الأقلية الصغيرة من الجمهوريين، بما في ذلك السناتور توم كوتون والسيناتولر ماركو روبيو، اللذين حاولو ان يدفعوا توجه الحزب الجمهوري نحو الطبقات العاملة وتحويله إلى وسيلة فعلية لإظهار مخاوف الطبقة العاملة التي أثارها الرئيس والتعامل معها. يمكن القول إن الرئيس ترمب قد برز كأنه العقبة الرئيسية أمام نشاط الحركة المحافظة التي ألهمها هو نفسه.
قد يستمر تأثيره بالإستدامة لو تولى مثل هؤلاء الأتباع المُحبطون زمام الأمور في أعقاب خروجه من الرئاسة. يُقدر السيناتور روبيو وبقية الجمهورين المحبطين إنفصال الحزب الجمهوري ما قبل الرئيس ترمب عن مؤيديه الرئيسيين. قام الرئيس بجعل السياسات الحمائية والسياسات الأخرى التي يحبها اؤلئك المؤيديدن تبدو سياسات طبيعية. لكن لا يوجد سبب لافتراض أن خليفة شعبوي للرئيس ترمب سوف يستمر في استخدام الإيقاع القومي العالي النبرة والهجوم الحاد على الخصوم، أو على الأقل، يفلت من العقاب بسهولة إن قام بذلك. والأمر الغريب الآخر الذي حققه الرئيس ترمب هو كيف منحه الناخبون الذين يرفضون مثل هذا السلوك المُستهجن دعماً مستمراً. الرئيس ترمب، الشخصية الشهيرة، ذو الصوت العالي، منذ 40 عاماً، من خلال تحقيق ذلك، يعني أنه سياسي فريد من نوعه.
ينبغي أن تكون هذه الأمور ومثيلاتها عوامل إطمئنان إلى حدٍ ما لمنتقديه في كلا الحزبين. لقد غير الرئيس ترمب اليمين، لكن تأثيره قد يكون أقل ديمومة مما توحي به نتائج الانتخابات. في بيئة تتميز بالاستقطاب المتزايد، ربما لا تمثل تلك النتائج تأييداً واضحاً له حتى من قبل اليمين كما تبدو على السطح. تشير قياسات شعبيته المنخفضة إلى أنه تلقى مرة أخرى دعماً من الجمهوريين الذين لا يحبونه، لأنهم لا يتحملون التصويت لصالح البديل. إن منطق اتباع هذه الحزبية المفرطة هو أنه بمجرد تركه للمنصب، فإن العديد من الجمهوريين سينقلون ولائهم إلى زعيم جديد، وسيتأثرون به بدورهم.
مع ذلك، لا يزال هناك الكثير من نتائج الانتخابات مما يدعو للقلق من قبل معارضي الظاهرة الترمبية. قبل كل شيء، يشير نجاح الرئيس في توسيع ائتلافه إلى نقاط ضعفهم. من المُحتمل أن يستخلص الديمقراطيون من ذلك أنه كان ينبغي عليهم تقديم رسالة اقتصادية أفضل إلى الأمريكيين من ذوي ذوي الأصول اللاتينية (أمريكا الجنوبية) والقيام بالمزيد من الحملات الانتخابية في مجتمعاتهم. لازال الديمقراطيون يقولون هذا الكلام بعد إنتهاء معظم الانتخابات. ومع ذلك، بعد حملة حكمتها بالكامل تقريباً سياسات وولاءات حزبية سلبية من كلا الجانبين، يجب على الديمقراطيين التفكير ملياً في الكيفية التي ربما قاموا بها بإبعاد قاعدتهم الانتخابية من غير الناخبين البيض الذين شعروا بالاقصاء.
الاستقطاب الشعبوي
يعادي الأمريكيون الكوبيون الاشتراكية، وهي عنوان يفتخر به اليسار الديمقراطي. لا يهتم الأمريكيون من الأصول المكسيكية بخطاب الرئيس ترمب المناهض للمهاجرين بقدر اهتمامهم بخطاب الديمقراطيين، مع وجود أدلة كثيرة تثبت عكس ذلك. من المعروف، إن ذوي الأصول الأمريكية الجنوبية، وهم جماعة عرقية متطلعة للنمو والصعود المستمر ضمن المجتمع الأمريكي، لا يعتبرون أنفسهم عموماً أقلية مضطهدة كما يشير إليهم اليسار. لن يكون الديموقراطيون بديلاً موثوقاً به للشعبوية اليمينية ما لم يصححوا مثل هذه الأخطاء ويوسعوا جاذبيتهم للمجموعات العرقية غير البيضاء.
في البيئة المُستقطبة الحالية، سيكون أي شيء أقل من السيطرة التامة على الحكومة عبارة عن وصفة لفتح باب المآزق والسخط. كان ذلك هو الفعل التمكيني للرئيس ترمب. لذلك فإنه ليس من الصعب تخيل أن الولايات المتحدة تبدو وكأنها تتجه نحو جولة أخرى من وجود حكم منقسم بشكل واضح مما يشكل تحدياً لابتهاج الديمقراطيين، الذي يبدو انه سيكون قصير المدى.
#مهند_طالب_الحمدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحفاد فولتير بين حرية التعبير والإساءة إلى مقدسات الأخرين.
المزيد.....
-
تعهدات مكتوبة بخط اليد.. شاهد ما وجده جنود أوكرانيون مع كوري
...
-
إيمي سمير غانم وحسن الرداد بمسلسل -عقبال عندكوا- في رمضان
-
سوريا.. أمير قطر يصل دمشق وباستقباله أحمد الشرع
-
روسيا ترفض تغيير اسم خليج المكسيك
-
عائلات الرهائن الإسرائيليين يدعون حكومتهم إلى تمديد وقف إطلا
...
-
أثر إعلان قطع المساعدات الخارجية الأمريكية، يصل مخيم الهول ف
...
-
ما الذي نعرفه حتى الآن عن تحطم طائرة في العاصمة واشنطن؟
-
العشرات من السياح يشهدون إطلاق 400 سلحفاة بحرية صغيرة في ساو
...
-
مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
-
من بين الركام بمخيم جباليا.. -القسام- تفرج عن الأسيرة الإسرا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|