نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6727 - 2020 / 11 / 9 - 19:16
المحور:
الادب والفن
عزيزي السّرطان :
شكراً لك. حللت أهلاً ، ونزلت سهلاً .
كنت في انتظار زيارتك ، كانت ضرورية حيث كشفت لي أنّني أحبّ نفسي و أحبّ الحياة . لم أكن أعلم أنك كنت جزءاً منّي لسنوات طوال ، كان يمكن أن لا أشعر بوجودك، و تستمر الحياة بشكلها الطبيعي . أنت اليوم طفلي المدلل تعيد لي ذكريات رعاية أطفالي ، أحملك معي إلى العيادة النسائية، وسوف أحملك معي إلى مركز الأشعة، وتكون حاضراً بقوة مثل جميع الأحداث التي مرّت في حياتي.
لم أبدأ رحلة العلاج بعد، سوف تكون رحلة بكل ما تحتويه كلمة رحلة من إثارة ، وكون حياتي كانت خالية من الرحلات. فقط كان لديّ رحلات لجوء، رحلات هزيمة ، ورحلات هروب إلى المجهول، كان ذلك في الماضي، لكنّني اليوم مواطنة سويدية أعيش حالة من الرفاه ، أشعر أنّني طفلة في العاشرة، و أن ذهني قد عاد إلى وعيه بعد أن كان قد دخل في حالة علاج .
تنقلت في حياتي في أماكن كثيرة ، ومن كل مكان اختزنت بعض الجمال ، في بلدتي الصغيرة السّلمية، في دمشق، في عامودا، و القامشلي، في الإمارات ، في اليونان ، في إيطاليا ، ثم في السويد وكندا . ربما جميع الأماكن لا تستطيع احتضان الإنسان إلا إذا احتضن نفسه ، و أنا التي تعوّدت على احتضان نفسي ، لكن حزّ في نفسي كثيراً كيف كنت أختبئ من البوليس في رحلة لجوئي، وعندما حصلت على جواز السفر السويدي ، ذهبت إلى كندا، فتمنى لي المشرفون رحلة سعيدة ، فقط لأنّ جوازي ليس سوري، وعندما وصلت كندا إلى دائرة الهجرة ناديت البوليس ، قلت له أنني متعبة، فجلب لي كرسي وكأس ماء، و أنهى هو الإجراءات بسرعة . كانت تمرّ بي ذكريات التنمّر من الموظفة من أجل فيزا لمانيا، وكانت لبنانية، أخبرتني بأنّ طلب زيارتي قد رفض لأنني سورية سوف تذهب إلى ألمانيا، ولن تعود ، تلك الموظفة نفسها كان يمكن أن تقبل .
عزيزي السّرطان: أعلمك أنني أملك جواز سفر سويدي، وسوف يكون لدي قريباً الإقامة الدائمة الكندية . لم أعد هاربة في قارب، و لم أعد أقود رحلتي إلى المجهول . لم أعد مهاجرة غير شرعية ، لكّنني لا زلت أسمع عواء الَضباع في ليالي خيم اللجوء، لا زلت أبكي الأطفال الذين يقتلون، لا زلت أشعر بالقرف من السياسيين السّوريين المتصدرين لجميع المنصات .
عزيزي السرطان : أنا مستعدة للرحلة حتى لو كانت في الدرجة الثالثة . . . .
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟