أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم جركس - شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]32 ((عَنْ الفضيلة الواهبة/ الجزء الثالث))














المزيد.....

شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]32 ((عَنْ الفضيلة الواهبة/ الجزء الثالث))


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 6726 - 2020 / 11 / 7 - 14:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تتمّة

# الخطاب الثالث
============
إنّ الدافع الرئيسي لحجّة زرادشت هنا هو أنّ نزوله من الجبل ليكون بين رفاقه ومريديه من البشر هو أيضاً "هبوط" بمعنى التكرار بعد إنجاز مهمّته. ففي تقدّم الحياة يمرّ كل شيء، حتى تلك العناصر الأكثر قوّةً وصحّة والأكثر مساهمةً. يجب أن يكون العَطاء في النهاية تدميراً. وذلك في تناقض صارخ مع يسوع الذي يريد أن يظلّ تلاميذه مخلصين منه، يطالب زرادشت بإيجاب ومحبّة أن يتنكّر تلاميذه له، كما قال بالفعل في القسم السادس لايمكن أن يكون عكّازاً لهم يتّكئون عليه.

يجب عليهم التحقّق ممّا علّمهم إيّاه وإعادة تقييم تعاليمه "فَلَعَلَّه قد خَدَعَهُم". يجب أن يُدرِكوا عملياً (من خلال "التجريب") ما تعلّموه منه ("عليهم أن يَجِدوا أنفسهم"_ وذلك ليس مناشدة للفَردانية بل للتمعّن والتفكير نحو الداخل _أي إعادة تشكيل وصياغة مجموعة دوافع المرء وغرائزه من أجل موائمتها مع الحياة التي يحياها المرء).

أخيراً، يجب عليهم أن يتخلّصوا من تقديسهم له: ((إنّكم تجلّوني، لكن ما الذي سيحدث لو أنّ إجلالكم هذا تَداعى ذات يوم؟ احتَرِسوا من أن يقتُلَكُم صَنَمٌ ماَ! تقولون إنّكم تؤمنون بزرادشت! لكن ما أهمية زرادشت؟ وتقولون أنّكم تؤمنون بي؟ ولكن ما أهمية كل المؤمنين!)). ((حقاً أنصَحُكُم: انصرفوا عني واحترسوا من زرادشت! بل وأكثر من ذلك عليكم أن تشعروا بالخجل بسببه، فلعلّه قد خَدَعَكُم)). وبعد ذلك علهم أن يتجاوزوه ويتجاوزوا أنفسهم ثمّ يتّجهون إلى مرتية الإنسان الأعلى. لنقرأ ما كَتَبَ نيتشه في الشذرة 303 في كمابه "العلم المرح" : ((كائنان سعيدان: في الواقع، إنّ هذا الرجل، رغم شبابه، يتّقن ارتجال الحياة ويُفاجِئ حتى المُراقب المُحَنّك: يبدو في الواقع لايتعثّر، مع أنّه لايكفّ عن لَعِبِ الجُزء الأكثر مُخاطَرَةً. نتذكّر هؤلاء المعلّمين، مُرتَجِلِي فَنّ الأصوات، الذين يعتقدون أنّ المُستَمِعَ نفسه أنّه يجب أن يُضفي عليهم عِصمَة إلهية في اليد، مع أنّهم يلمسون الأوتار خَطَأً هنا وهناك، مثلما يحدث لأيّ إنسان. لكنّهم مُمَرّنون ومُبدِعون بحيث تجدهُم مستعدّين، في كل لحظة، لأن يدمجوا النغمة التي يقودهم إليها، اعتباطاً، مَزَاجُهُم أو نَزوة إصبَعِهِم في التركيبة المضموناتية مباشرةً، وهكذا يبعثون روحاً ودَلالَةً جميلة في الصدفة. إنّنا هنا أمام رجلٍ آخر تماماً، إنّه يَفشَل جُملَةً في كل ما يباشره ومايعتزم فعله. فَمَا كان محبوباً لديه، عند الحاجة، قد قاده من قبل قاب قوسين أو أدنى من الهَلاك: ولِئَن نجا منه فإنّه لم يخرج منه بـــ"عَينٍ مَكدومةٍ" فقط. فَهَل تظنّونه تَعِساً لهذا؟ لقد قَرّرَ منذ مُدّةٍ طويلة أن لايولي اهتماماً كبيراً لرَغباته أو مشاريعه الخاصة. "إن لَمْ أُوَفَّق في الحاجة الفُلانية، يقول لنفسه، فَلَرُبّما سأُوَفَّقُ في الحاجة الأخرى: وعلى العموم، لا أستطيع أن أقول إن لَمْ أكُنْ مَديناً لخَيباتي أكثر منه لأي نجاح. فَهَل خُلِقتُ لكي أكون عنيداً وأحمُلَ قرني ثورٍ؟ إنّ مايشَكّلُ قيمةَ وفائدةَ الحياة، في رأيي، يمكنُ في وضعٍ آخر، أَنَفَتي مثل بؤسي، يَكمُنانِ في موضعٍ آخر. إنّي أعرِفُ الحياة أكثر لكوني كثيراً ما كُنتُ على وَشَكِ فَقدِها، ولهذا السبب بالذات أعطَتني الحياة أكثَرَ مِمّا أعطَت أيّاً منكُم!)). هنا كل النصائح السليمة والصحّيّة التي يجب أن تُشَكّلَ جزءاً من أيِّ علم أصول تدريس مستَنير. فقط عندما "يُنكَروه"... سيَعود إليهم.

يقول نيتشه في كتابه "العلم المرح"، شذرة 286: ((هاتِهِ أماني [أي لأشكال جديدة من الإنسانية:... إني لا أملُكُ سوى أن أذكّرَكُم _لاغير! أتَنتَظِرونَ مِنّي أن أبعَثَ الحَياة في الأحجار وأجعَلَ من الحيوانات أُناساً؟ آهٍ، لَمْ تكونوا غير أحجارٍ وحوانات)). بعبارةٍ أخرى، ما لَمْ يَكُن القارئ قد اختبر بالفعل بعض التوق ورأى نفسه والإنسان في ضوءٍ معيّن، ما لَمْ يَكُن هذا قادراً على التحوّل، فَلَن يَحدُثَ أيُّ فَرقٍ فيما يقوله نيتشه أو يَفعَلَهُ.

هنا في كتاب زرادشت، ما يفعله التلاميذ الآن هو اختبار ذلك. وبذلك ينتهي الكتاب الأوّل بمنظر الظهيرة العُظمى باعتبارها نقطة التحوّل التاريخية العالمية للإنسانية بين مرحلة الحَيوان والإنسان، أي بين المَرحَلَة الوحشية/البربرية، ومَرحَلَة الإنسان الأعلى. الظهيرة أو منتصف النهار هي لحظة تحوّل، نقطة محورية، مُنعَطَف، وذلك لأنّ الشمس تكون قد استقرّت في سَمت السماء، أي في أعلى مستوياتها، وبذلك تكون "الظلال" أقرَب وأقصَر.

"الظلال" هنا لها معنيان، وكلاهما يجب التغلّب عليه وتجاوُزَه (الأقصَر)، كما أنّها تعني صورة المِثال (الأقرَب). في ساعة الظهيرة العُظمى، عندما يُدرِكُ المَرء أنّ جميع الآلهة قد ماتَت (أقصَر الظلال) _ويُدرِك ذلك، ليس فكرياً فقط، بل بكلّ ما له من آثار على مستوى الجسد_ يُمكِن أن تبدأ حقبة الإنسان الأعلى.

انتهى الكتاب الأول عند لحظة الظهيرة العظمى



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]32 ((عَنْ الفضيلة ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]32 ((عَنْ الفضيلة ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]31 ((عَنْ الموت اخ ...
- ما علّمني إياه نيتشه
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]30 ((عَنْ الزواج و ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]29 ((عَنْ لدغة الأ ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]28 ((عَنْ المرأة ش ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]27 ((عَنْ طريق الم ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]26 ((عَنْ محبّة ال ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]25 ((عَنْ ألف هَدَ ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]24 ((عَنْ الصديق))
- الخوف من الموت من وجهة نظر فلسفية
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]23 ((عَنْ العفّة))
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]22 ((عَنْ ذُباب ال ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]21 ((عَنْ الصنم ال ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]20 عن الحرب والشعو ...
- زرادشت و-موت الإله-
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]19 عَن دُعاة الموت
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]18 عَن شجرة الجبل
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]17 عَن القراءة وال ...


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الاتفاق النووي المتوقع بين واشنطن والرياض؟
- أردوغان: لن نسمح بتقسيم سوريا وسنقف إلى جانب حكومتها في مواج ...
- أبو عبيدة يُعلن فقدان الاتصال بالمجموعة الآسرة للجندي عيدان ...
- عشرات الغارات الأمريكية الجديدة على اليمن
- ماذا يحدث في الأردن؟ ومن هي الجماعة التي تلقت تدريبات في لبن ...
- تونس .. أرقام قياسية لاكتظاظ السجون ورؤية لإصلاح المنظومة
- فيتسو ردا على كالاس: لن يمنعني أحد من حضور احتفالات النصر في ...
- السلطات الأردنية تحبط محاولة تهريب أكثر من نصف طن من الحشيش ...
- وزارة الخارجية الأمريكية تلغي منحاً لدول أجنبية بـ215 مليون ...
- الجيش المصري ينفذ بحثا عسكريا يرسم مستقبل أمن الطاقة


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم جركس - شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]32 ((عَنْ الفضيلة الواهبة/ الجزء الثالث))