|
هاتوا الانقلاب العسكري !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1609 - 2006 / 7 / 12 - 09:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل أن تتشكل حكومة المالكي التي سميت بحكومة الوحدة الوطنية ! مع أن واقع تلك الحكومة لم يكن يحمل حرفا واحدا من اسمها ، وذلك لأنها قامت على أساس من المحاصصة الطائفية المقيتة ، هذا المبدأ الذي أغرم به الأمريكان من قبل ، وفي تشكيل أول إدارة حكم لهم في العراق غبّ انهيار حكم صدام الساقط ، وأعني بذلك مجلس الحكم ، وبعد ذلك سرى وباء المحاصصة الطائفية في كل تشكيل أعقب قيام ذلك المجلس . ورغم أنني والكثير من الكتاب العراقيين قد طالبنا ، وعن متابعة مستمرة للوضع السياسي في العراق ، بتشكيل حكومة إنقاذ وطني ، وترك فكرة حكومة الوحدة الوطنية التي أصرت على تطبيقها الإدارة الأمريكية ، والتي تحولت منذ ساعة ولادتها الى حكومة المحصاصة الطائفية ، وكان سبب الدعوة الى تشكيل حكومة انقاذ وطني يكمن في أن مسار تدهور الوضع السياسي على الأرض قد تجاوز فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية هي في حقيقتها حكومة طوائف . لقد كان تدهور الوضع السياسي وقتها يتطلب قيام حكومة إنقاذ وطني تتكون من عسكريين ومدنيين ، تعطل البرلمان المعطل أصلا بالمماحكات الطائفية ، وبالغيابات الكثيرة لأعضائه ، وبالمساومات الرخيصة من هذا الطرف أو ذاك ، خاصة تلك التي تصدر من طرف قوات الاحتلال أو من بعض الفصائل العراقية المرتبطة بجهات أجنبية . وكان على حكومة الانقاذ تلك أن تعلن قبل ذاك كذلك حالة الطواريء في عموم العراق ، يرافقها العمل الجاد في بسط الأمن من خلال القضاء المبرم على فوضى السلاح التي تفشت بين الناس بشكل مريع ، وصار الأطفال في العراق يلعبون به ، ويتحكمون من خلاله بهذا الشارع أو ذاك ، وفي هذا الحي أو غيره . لقد كتبت أنا بعيد قيام حكومة المالكي متوقعا أنها ستكون أضعف الحكومات المنتشرة في العراق اليوم ، وقد بينت الأسباب ساعتها ، وقلت إن أرسخ الحكومات على الأرض في العراق الآن هي حكومة قوات الاحتلال الأمريكية ، ثم تعقبها بالرسوخ حكومات المليليشيات التي استبدت بشوارع العراق ، وصارت تفرض هيمنتها على الناس ، وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة من أمور حياتهم اليومية ، وصار لها أن تقتل من تشاء ، وتذبح من تريد ، والعجيب في الأمر أن هذه المليليشيات تأتمر بأوامر من أحزاب ممثلة في حكومة المحاصصة الطائفية ، وبعض الأحيان تأخذ الأمر على عاتقها ، وتفعل ما تريد أن تفعله ، ووصل الأمر بها الى أن تفرض هي إرادتها على شرطة وجيش حكومة الوحدة الوطنية ! وكل واحدة من تلك المليشيات تدعي الإسلام دينا ، وهي في ذات الوقت تقتل المسلمين كل يوم ، وتهدم جوامعهم وحسينياتهم ، وتخطف نساءهم ورجالهم وأطفالهم ، ومع كل هذا تجدها تنفي ، وبصوت مبحوح ، تهمة الطائفية عنها ، مع أنها جميعا غارقة في بحر تلك الطائفية حتى الآذان . والآن ، وبعد الأحداث الفظيعة التي شهدتها شوارع بغداد في الساعات الماضية أثبت التجربة فشل فكرة حكومة الوحدة الوطنية ( المحاصصة ) ، ثم إن فكرة قيام حكومة إنقاذ وطني في العراق ، وبعد مرور هذا الوقت الطويل ، قد صارت فكرة متخلفة الآن ، فهي لن تستطيع أن تنقذ المواطنين العراقيين الذين عادوا يذبحون كل دقيقة بسبب من انتمائهم الديني ، أو المذهبي ، أو القومي ، وحتى العشائري ، كما إن التمسك بهياكل الديمقراطية الكسيحة من مثل المجالس البلدية التي يهيمن عليها المتخلفون ، والمرتشون من العراقيين ، أو من مثل البرلمان الذي ( لا يحل ولا يربط ) على حد تعبير الناس في العراق ، قد كلف الشعب العراقي الموت والدمار ، والفقر والعوز والحرمان ، وتراكم الأزمات الاقتصادية على أكثر من صعيد ، فلا كهرباء ، ولا غاز ، ولا بنزين ، وفوق كل هذا فقدان الأمن والأمان ، وصار الموت لعبة يمارسها الأشقياء في شوارع مدن العراق صغيرها وكبيرها . لقد ( وصف عضو مجلس النواب العراقي عن التحالف الكردستاني محمود عثمان الوضع الامني في العراق بانه"متدهور جدا وقد تصل الامور الى نقطة اللا عودة". وأضاف : ( لا بد من حل جذري ) . والحل الجذري الذي يعالج هذا التدهور المريع ، استنادا للواقع المر الذي يعيش في العراقيون الساعة ، هو الانقلاب العسكري الذي يتوجب على أصاحبه أن يفرضوا النظام بقوة القانون والسلاح ، وإنقاذ رقاب المواطنين من سيوف الذبح المستبدة بهم على مدار ثلاثة سنوات من ديمقراطية لم يعرف الناس فيها غير الموت والخوف والتسلط ، وأن يبادر الانقلابيون الى إعلان حالة الطواريء ، وتعطيل البرلمان والدستور ، ومنع جميع الأحزاب السياسية العاملة في العراق الآن من مزاولة نشاطها في الظرف الحالي ، وتحريم وجود المليشيات تحريما تاما ، وجمع السلاح من الناس بعد حثهم على تسليمه للدولة طواعية ، وخلال مدة شهر واحد ، وبعدها يعرض كل من يحمل السلاح الى المسألة القانونية ، ووفقا لأحكام حالة الطواريء المعلنة . وعلى السياسيين العراقيين الحاليين الذين تحركهم غايات وأهداف حزبية ضيقة أن يعيوا جيدا الوضع السياسي الذي ينحدر فيه بلدهم الى هاوية الفوضى ، والموت الأعمى ، وفي ظل حالة من سياسة بائس أوهموا بها أنفسهم حين اعتقدوا أنهم أشادوا حكومة هي أضعف الحكومات في العراق ، أو برلمانا هو برلمان معطل بالغياب ، وبالمماحكات السياسية ، وإن يدركوا أن الدماء التي تسيل في شوارع العراق هي في أعناقهم جميعا ، وهم المسؤولون عنها أمام الشعب والتاريخ ، وليعلموا أن الناس في العراق الآن قد تركت التفكير بالماء والكهرباء وصارت تفكر بدلا عن ذلك بالخلاص من طوفان الموت الذي يجتاحهم ، وهم في بيوتهم .
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقهى والجدل باللغة السويدية
-
المالكي : القصيدة الرومانسية وصولاغ !
-
رحلة ابن فضلان
-
قتل شيوخ العشائر العربية في جنوب العراق !
-
التابوت*
-
مرأة كان اسمها ميسون *
-
قراءة في رسالة إزاحة الجعفري !
-
نحو حكومة إنقاذ وطني !
-
ما بعد الجعفري !
-
حرب الأسماء في العراق !
-
عند ضفاف المعدمين !
-
النهج الأمريكي الجديد !
-
إبن فضلان والعودة الى بغداد !
-
الشيطانان يلتقيان !
-
قصيدتان : السؤال وغزل
-
الشهواني يلوح بحظر منظمة بدر كمنظمة إرهابية !
-
العراق والحرب الأهلية !
-
الجعفري عاد من تركيا دونما توديع !
-
انتصرت أمريكا وخسرت إيران !
-
مضحك من مضحكات الوضع في العراق !
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|