خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 6720 - 2020 / 11 / 1 - 21:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من نافلة القول أن الخلاف الظاهر بين فرنسا و تركيا في شرق المتوسط ليس دينيا و إنما هو قائم على خلفية تضارب مصالح كل منهما ، حيث تحاول الأولى المحافظة على نفوذها في لبنان و سوريا بينما تريد الثانية استعادة بعض من الجغرافية التي خسرتها في الحرب العالمية الأولى . و الدليل على ذلك أنهما تعاونتا في حرب تفكيك الدولة السورية بعد نجاحهما في تقسيم ليبيا و إلغاء دولتها .
لا أطن أيضا ،في هذا السياق ، أن الدافع إلى نشر الرسوم الكاريكاتورية التي تتناول الإسلام و رموزه ، في فرنسا ، أو معاودة نشرها بين الفينة و الفينة ، هو ممارسة حرية التعبير أو تلقين هذه الممارسة للآخرين .
كما أن ذلك ليس تعبيرا عن فوبيا من الإسلام ، استنادا إلى أن الإيمان هو في لبه مسار روحاني متدرج يقطعه المرء و حيدا في فترات اعتزال لا يدركها غيره ، فمن من غير المحتمل أن يتأثر المؤمن بأصداء رسوم كاريكاتورية ، أصلها مجتمعي سياسي .
فلا يخفى على المتتبع للحياة السياسية و الفكرية في فرنسا ، أن الدافع الحقيقي لإخراج الرسوم الكاريكاتورية من و قت إلى آخر هو " كراهية الآخر" . بكلام صريح وواضح ، هو تهميش المهاجرين من أصل عربي ، الذين هجرهم في الواقع الإسلام السياسي ، كونهم يمتلكون خطابا سياسيا و فكريا علمانيا معدي ، مناهضا للاستعمار والعنصرية اللذين يجسدهما الفكر الصهيوني .
ليس من حاجة لأن يكون المرء اختصاصيا في علم الاجتماع و السياسة لكي يتوصل إلى معرفة من هم الذين يسوقون هذه الصور الكاريكاتورية و ماهي الغايات الحقيقة التي يسعى لبلوغها بعض مثقفي و سائل الإعلام من وراء تحذيرهم من خطر " جماعة المسلمين " المتوهّمة ، ثقافيا و أمنيا . فمن البديهي أنهم يتطلعون إلى إسكات كل إخبار أو شهادة عن السياسة التي تتبعها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالإضافة إلى الحد من حرية المهاجرين العرب ، في التعبير في الحقل الثقافي و السياسي .
مجمل القول أنه ليس مستبعدا في مسألة الرسوم الكاريكاتورية عن الإسلام ، أن نكون حيال واحدة من الأساليب المستخدمة من أجل توفير الظروف المؤاتية للاصطياد في الماء العكر من قبل الظلاميين الذين يترقبون عادة الفرص لإصدار الأوامر إلى عملائهم المرتزقة و الذابحين بالقيام بأعمال ارهابية شنيعة ( ضد المدنيين العزل ) تظهرهم كما لو كانوا كثيري العدد و شديدي البأس . فأغلب الظن أن المستهدفين بالكاريكاتير هم المهاجرين من أصل عربي بعد وصمهم " بالإٍسلاميين " ، و هم أفراد و ليسوا تنظيما أو جماعة ، من أجل ارباكهم و بعثرتهم ، و التشكيك بمصداقيتهم ، وإسكاتهم . و المستهدفون أيضا هم اليساريين بسبب نشاطهم ضد الاستعمار و التمييز العنصري . فلم يتردد مثقفو منصات الإعلام من اشتقاق تسمية " الاسلامية ـ اليسارية " التي يمثلها أشخاص رُعْن أو مختلون أو مضللون ، لا يعرف من أين جاؤوا و من أرسلهم ، يهاجمون المدارس الرسمية و يقطعون رؤوس المعلمين و المصليين من الديانات الأخرى .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟