الاشتراكية.. من المَزدَكيّة إلى الماركسية

محمد علي حسين - البحرين

الحوار المتمدن-العدد: 6719 - 2020 / 10 / 30 - 14:00
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    

مقال صاحبي الكاتب فهد المضحكي "المفكر سمير أمين مفكك الرأسمالية" المنشور في الحوار المتمدن يوم السبت 17 أكتوبر، كان دافعاً لي للبحث عن جذور الاشتراكية التي قرأت عنها في الكتاب الفارسي "جامعه شناسي" (علم المجتمع) نهاية الخمسينات وقبل انضمامي إلى جبهة التحرير البحرانية في بداية الستينات.

بعد نحو سنتين من قراءة كتاب"علم المجتمع" تحدث لنا مسؤول خليتنا في الجبهة، المناضل الراحل "محمد كَشتي" عن "مزدك بامدادان" الذي دعا إلى توزيع الثروات والممتلكات بين الناس بطريقة عادلة، التي سُمّيت بـ"الاشتراكية" بعد مئات السنين.

فشل الاشتراكية عبر التاريخ يثبت عكس ما يدعي "المفكر سمير أمين": "أممية العمال والشعوب تمثل الضمانات الوحيدة لإعادة بناء عالم آخر أفضل متعدد الأقطاب ديمقراطي الذي يقدم بديلاً وحيدًا لبربرية الرأسمالية المتهالكة من أجل اشتراكية القرن الواحد والعشرين هو المطلب الرئيس الضروري للشعوب في هذه الظروف المعقدة الآيلة إلى التهالك".

ندعو القراء الأعزاء إلى البحث عن أسباب فشل تطبيق الاشتراكية، وسقوط الاتحاد السوفيتي في المقالات والبحوث التالية: "مذكرات عميل سابق في الـ"كي جي بي".. روسيا دولة الفساد – صحيفة العرب"، "بريجنيف.. بداية جمهورية الرشوة – ديارنا – البيان"، و"الامبراطورية الأخيرة.. لماذا انهار الاتحاد السوفيتي؟ - الشرق الأوسط".

كما نرجو قراءة مقدمة مقال "الديانة المزدكية" بقلم الناصر لعماري، المنشور في الحوار المتمدن في 18 يونيو 2013، الذي يسعى هذا الكاتب المغرض تشويه شخصية "مَزدك بامدادان" بقوله "اشتراكية في الأموال والنساء والأعراض". مثلما أعداء الاشتراكية كانوا يشوهون سمعة الاتحاد السوفيتي بنشر أخبار كاذبة عن الاشتراك في الزوجات والإباحية!. وعكس ما يدعي الكاتب، المزدكية ليست دين، بل منهج وعقيدة.

"الديانة المزدكية" بقلم الحقود الناصر لعماري.

المزدكية
ديانة فارسية إباحية قديمة ، هادمة للقيم الإنسنانية ، تحريضية فوضوية تقوم على الغريزة الجنسية ، إشتراكية في الأموال والنساء والأعراض ، وتقوم على مبدئين رئيسيين : الخير والشر ، والنور والظلام ، وقد حظيت بموافقة الشبان والأغنياء والمترفين الشواذ ، وناصرها وأيدها الملك الفارسي قباذ الأول (عام : 488 م) ، وبقيت هذه الديانة في عهده حتى إنغمست الدولة الفارسية في الفوضى الخلقية وطغيان الشهوات والشذوذ ، ثم خلعه كسرى انوشروان عن العرش الفارسي فأعاد الديانة الزرادشتية.

تنويه
الكاتب الحقود يعمد الى إستحضار أحداث تاريخية ويسقطها خارج إطارها الزماني والمكاني، فيشوه الحقائق!
----------

مزدك بامدادان كان مصلحًا اجتماعيًا وناشطًا دينيًا إيرانيًا خلال الإمبراطورية الساسانية.

دعم الملك قباد المزدكيين من أجل تقليص قوة الطبقة الأرستقراطية ورجال الدين. قاد هذا مزدك ومزدكيان إلى الارتباط بمملكة قباد.

تسبب تعاطف قباد مع مزدك في انتشار عقيدة المزدكية في جميع أنحاء إقليم إيرانشهر، وحتى تجاوز حدود إيران ووصل إلى شبه الجزيرة العربية. ومع ذلك، في نهاية عهده، توقف قباد عن دعم مزدك، مما أدى إلى مذبحة المزدكيين على يد خسرو الأول.
ومع ذلك، لم تختف معتقدات مزدك دفعة واحدة بعد مذبحة مزدك، لكنها استمرت في شكل حركات جديدة مستمدة من دين مزدك. وأشهرهم حركة بابك خرمدين.
يعتقد المؤرخون أن هناك أوجه التشابه بين معتقدات مزدك وأفكار أفلاطون. القاسم المشترك بين معتقدات أفلاطون ومزدك لا يتعلق فقط بالمجتمع الجماعي، ولكن مزدك يتأثر أيضًا بمعتقدات أفلاطون في السياقات الصوفية والفلسفية.
كان مزدك شخصًا محبًا للسلام يعارض الحرب وإراقة الدماء. على الرغم من فشل حركة مزدك، إلا أنها تمكنت من أن تصبح مصدر الإصلاح في المجتمع الساساني في ذلك الوقت.

قدمه الشاعر الكبير فردوسي على أنه رجل خير. كما أطلق بعض المؤرخين على مزدك لقب الشيوعي الأول، على الرغم من وجود اختلافات كثيرة بين مزدك وماركس.

أوجه التشابه بين مزدك وغاليليو
تم إعدام مزدك وأتباعه بسبب العقيدة الاشتراكية، وعندما بدأ غاليليو إلى التأكيد على أن الأرض في كروية وتدور حول الشمس، تم إدانته من قبل المؤسسة الكنسيّة.
محمد علي حسين
**********

نرجو قراءة قصة مزدك من الولادة حتى الموت، وتعاليم منهج مزدك، وفي النهاية سيتم مناقشة الفرق بين مزدك والاشتراكية.
ولد مزدك بامدادان عام 456 م في "تِسيفون" (مقاطعة فارسية في عصر الساسانيين، وسميت فيما بعد المدائن)، ودرس العلوم الدينية في طفولته مع الكهنة. كتب كتابا اسمه ديزني وصف فيه عقيدته ، ثم ذهب إلى الساساني الأول قباد (487-531 م) وعرض عليه عقيدته. كان الرعايا ظالمين ومعظم الأثرياء لديهم حريم كبيرة، وكان الشاه عاجزًا ضدهم وانزعج الناس وطالبوا بالتعابير في البلاد . إعلان الممتلكات والنساء.
لذلك، من أجل إضعاف الكهنة الزرادشتية ، قبل الشاه عقيدة مزدك وحاول نشرها، وتحدث الكهنة إلى الشاه وقدموا له نصائح كثيرة ، لكن قباد لم يقبل، ونتيجة لذلك شكل الكهنة جمعية وخلعوا الشاه. وسجنوه ووضعوا شقيقه جماش على العرش، لكن سياوش، أحد النبلاء الإيرانيين، أنقذه وعلى الفور ذهب إلى بلاط ملك الإيطاليين وأخذ ابنته زوجة وبدأ جيشًا.
استولى قباد على إيران دون حرب وصعد العرش مرة أخرى لكنه لم يلتفت إلى المزدكيين. كما تعاون الأسقف المسيحي مع الكهنة، وبعد نقاش طويل، تمت إدانة المزدكيين وهزيمتهم، وهاجمهم الجنود الذين حاصروا المزدكيين وطعنوهم وقتلوا جميع قادة مزدك ومزدك نفسه عام 531 م.

تعاليم المزدكية
يعتقد مزدك أن النور يسود على الظلمة، وأخيراً الله الذي هو نور سينتصر على شيطان الظلام، ويعتقد أن نصر الله ليس كاملاً لأن العالم المادي الذي يتكون من مزيج من مبدأين أساسيين باقٍ ومقدر. نهاية تطور الكون أن جزيئات الضوء تتحرر من الجمع بين الظلام، وقال مزدك إن الله جالس على عرش الكون أمامه أربع قوى، وهي: الإدراك، والذكاء، والذاكرة، والسعادة.

ماني (فيلسوف إيراني)
أصل المزدكية
لكن أساس منهج المزدكية كان في الواقع المساواة ، وقال إن "اهورا مزدا" (الله) جعل النعم المادية متاحة للناس على قدم المساواة ويجب أن يشارك كل شيء ويتمتع به الناس وبهذه الطريقة، يجب إزالة التأثيرات الطبقية والرموز. سوف يتخلص المجتمع من كل التفاوتات الاجتماعية والقمع والطغيان، ولن تكون هناك حرب بينهم، وسيحققون حريتهم وتطلعاتهم الإنسانية.
وعليه فإن ثروة المجتمع ملك لعامة الناس ويجب إنفاقها علانية ، ولكل رجل الحق في الزواج بامرأة، والزواج الجماعي ليس عمليا، وقد طالب مازداك بنوع من الإصلاح في قضية الزواج، وألغى النبلاء الحرم وتعدد الزوجات. كانوا يعلمون أنه يجب نهب ممتلكاتهم وتقسيمها من قبل البلطجية، وطالب مزدك بأن يتعلم كل الناس، الأغنياء والفقراء، ويعارض القتل والتحرش بالآخرين.
أحد هذين المبدأين يسمى النور والآخر يسمى الظلام. يعتقد مزدك، على عكس أسلافه، أن الدمج النهائي أو الفصل بينهما لم يكن مقصودًا، بل نتاج حادث. لدى الله شعور في نظام فكر مزدك وله أربع قوى رئيسية في حضوره الأبدي: التميز والذاكرة والتفاهم والفرح. تتجلى القوى الأربع في أربعة أشخاص، وهؤلاء الأشخاص الأربعة، بمساعدة الأشخاص الأربعة الآخرين، يصبحون كوزموبوليتانيين ، وخصائص الكائنات التي تجعلهم ينفصلون عن بعضهم البعض تولد من نسبة القوى الأربع.
الجانب الأبرز في تعاليم مزدك هو شعبويته، ولا شك أن الاتجاه المانوي تجاه العالم الوطني كان له تأثير في هذه الشعبوية. قال مزدك إن جميع البشر متساوون، لكن المحكمة الحاقدة، التي تريد أن تجعل العالم الإلهي مسرحًا لمعاناة لا تنتهي، تضلل الناس بتزوير مفهوم الملكية الفردية. على الرغم من أنه، وفقًا لأتباع Mazda، تم التحدث عن النار المقدسة وشهدت على صحة مهمة Mazdak ، إلا أن الكهنة الزرادشتية، الذين لم يعجبهم الجانب الاجتماعي من دينه بشكل خاص، قتلوا هو وأتباعه.
الفرق بين مزدك المنهج والاشتراكية
يقول البروفيسور جمال زاده : "الاختلاف المهم للغاية بين مزدك المنهج والاشتراكية هو أن مازداك يتحدث باسم الدين والله، والاشتراكيين من وجهة نظر إنسانية ، بغض النظر عن الفكر الديني والأفكار السماوية". لم تكن أفكار مزدك مبنية فقط على مشاركة المرأة ورغباتها، وقد علق معظم الكتاب على ذلك بسبب التعصب الديني والتحيز الديني، وأحضر مدرسة تأثرت بالوضع الاقتصادي والسياسي في ذلك الوقت وتأثرت بالمانوية.
وبحسب مزدك، فإن الشرور تنشأ بسبب عدم المساواة بين الناس، وبالتالي لا يحبهم أهورامزدا، وكان يعتقد أن العالم الملموس يشبه العالم الروحي، وأن شؤون هذا العالم هي الظل ونقيض حقائق ذلك العالم. أساس الدين Mazdak هو أن كل الشرور والآلام سببها اللامساواة والظلمة علامة على الشيطان. يتجسد جسم الإنسان في عناصر الظلام، ويتأثر كل شر بهذه العناصر المظلمة.
مزدك بشّر الناس بأن كل الشرور هي نتيجة شيطان الحسد والغيرة والغضب والجشع وهذه الصفات الشريرة هي التي تقضي على المساواة التي خلقها الله، ودعا أهل مصر إلى من أجل استعادة هذه المساواة، يجب ألا يمارسوا التقشف فحسب، بل يجب عليهم أيضًا إتاحة ممتلكاتهم، والتي تشمل الممتلكات القابلة للتداول وخادماتهم، لأنه كان يعتقد أن كل رجل يجب أن يكون له زوجة واحدة فقط، وليس بناء حريم والكثير فيه. وضع.
ودعا مزدك البشر إلى تنقية أرواحهم وتربية الأخلاق، بل ونهى عن قتل الحيوانات، وأراد أن يعيش الجميع في مساواة وعدالة وسعادة وسلام وطمأنينة، وذكر أنه لا يحق لأحد أن يكتسب مثل هذا القدر من الأسلاك والذهب. وعليه أن يجمع زوجته وممتلكاته ويدوس على حقوق الآخرين ويفقد حياته بسبب الجوع وحاجة الجماعة، ومن واجب الجميع أن يحاول بهذه الطريقة حتى يتمكن الجميع من العيش في رفاهية وراحة الحياة، لأن Ahuramazda يمنح الحياة للجميع بثمن بخس.
قال مزدك: خلق الله طعاما على الأرض ليقسمهم الناس بالتساوي فيما بينهم ولا يكون أحد أكثر من غيره، لكن الناس يضطهدون أنفسهم والجميع يفضل روحه على أخيه وأنا أكثر أريدهم أن يشرفوا على هذا العمل ويأخذوا ممتلكات الفقراء من الأغنياء ويعطونها للفقراء، ويأخذونها من كل من لديه الكثير من الأملاك والزوجة والخدم والممتلكات، ويساويها به وغيره حتى شخص ما لا توجد نقاط متبقية للآخرين.

مزدك والاشتراكية الخيالية
على الرغم من وجود كتب ومقالات عديدة وفي نفس الوقت غير كافية ذات توجهات متناقضة بشأن كراهية مزدك ومدح خسرو أنوشيروان، حتى الآن سقطت فكرة الاشتراكية الخيالية في هذا الزمان والمكان المجهولين. في حين أن الأغلبية تعتقد أن فكرة الملكية الجماعية والاشتراكية هي شيء حديث متعلق بأفكار ماركس وفلاسفة ماركسيين، فإن هذا النوع من التفكير كان دينيًا قبل أن يتم تعريفه في مجال الاقتصاد السياسي. يعود عمرها إلى ما قبل تكوين الجسيمات الأولى لتراكم رأس المال. بطريقة ما.
بصرف النظر عن هذا الرأي السلبي، "اعتبر بعض مؤرخي حركته أول حركة شيوعية له، مدعيا تقاسم الملكية". لذلك، كان بعض المؤرخين المعاصرين والخبراء في حركة مزدك مهتمين بفهم أيديولوجيتهم أكثر من فهم هذا الحدث التاريخي.

ما هي الاشتراكية؟
الاشتراكية هي عقيدة اجتماعية اقتصادية تدعو إلى الملكية العامة بدلاً من الملكية الخاصة أو السيطرة الفردية على الممتلكات والموارد الطبيعية. وفقا للنظام الاشتراكي لا يعيش الأفراد أو يعملون في عزلة ولكنهم يعيشون بالتعاون مع بعضهم البعض، لذا فكل ما ينتجه الأفراد هو إلى حد ما منتج اجتماعي.
وكل شخص يساهم في إنتاج سلعة يحق له الحصول على حصة فيه، وبالتالي يجب على المجتمع ككل امتلاك أو على الأقل السيطرة على الممتلكات لصالح جميع أعضائه.
في الاشتراكية، يقرر الشعب بنفسه من خلال المجالس المحلية والمجالس المنتخبة شعبيا كيفية عمل الاقتصاد، وهذا يجعل الاشتراكية نظامًا ليبراليًا لأن غالبية الناس لديهم رأي حول كيفية إدارة الدولة، وتؤيد الاشتراكية وجهة النظر القائلة بأنه ينبغي توزيع السلع والخدمات بناء على إنتاجية الفرد.

#محمد_علي_حسين_-_البحرين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات