|
العتبة الجميلة … مازالت مخطوفة!
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 6707 - 2020 / 10 / 18 - 11:05
المحور:
الادب والفن
في يوليو 2019، وصلنا، عبر بريد جريدة "المصري اليوم" خطابٌ محترم من اللواء خالد فوزي، مساعد وزير الداخلية لقطاع الإعلام والعلاقات، يؤكد أن هناك تفاعلا بين شكاوانا كمواطنين وكتّاب صحفيين، وبين أجهزة الدولة التي تتحرك فورًا لإصلاح أيّ خللٍ يشوّه لوحة الجمال في مصر البهية. جاء في الخطاب ما يلي: (بالإشارة لما نشرته صحيفتكم الموقرة بعددها الصادر بتاريخ 11 الجاري متضمنًا مقال الأستاذة/ فاطمة ناعوت تحت عنوان: "سيادة الرئيس … انقذْ لنا مجمّع مسارح العتبة" انتقدت فيه انتشار الإشغالات بنطاق مجمع مسارح ميدان العتبة بالقاهرة، وطالبت بتكثيف الحملات الأمنية لإزالة تلك الإشغالات. نودُّ الإحاطة بأن مديرية أمن القاهرة قامت بتوجيه العديد من الحملات الأمنية بالمنطقة محلّ الشكوى لضبط كافة المخالفات واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها.. وقد أسفرت جهود تلك الحملات خلال الآونة الأخيرة عن الآتي: رفع (225) حالة إشغال طريق. تحرير (10) محاضر إشغال طريق. تحرير (51) محضر بائع متجول بدون ترخيص. تنفيذ (1) غلق إداري. كما نود الإشارة إلى أن أجهزة وزارة الداخلية لا تدخر جهدًا في مجال توجيه الحملات الأمنية لضبط كل ما يشكّل مخالفة. وتفضلوا سيادتكم بقبول وافر الاحترام.)
انتهى مضمون الخطاب الرسمي الجميل، الذي كان ردًّا عمليًّا على مقال وجهتُه للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يعمل ما يفوق المستحيل حتى تتزيّا مصرُ بثوب الجمال والصحة والتحضّر الذي يليقُ باسمها العريق. جاء في مقالي: (يا سيادة الرئيس، أعلمُ تقديرَك للدور الخطير الذي تلعبه القوى الناعمة في إعادة بناء العقل المصري. ولا أنسى مقولتَكَ لنا، في أحد لقاءاتنا بك: (أنتم المثقفين، قاطرةُ النهوض بالمجتمع.) لهذا أرفع إليك شكوى مثقفي مصر، من الحال المُذرية التي آل إليها مجمّعُ مسارح العتبة: (القومي- الطليعة- العرائس). إشغالاتٌ عشوائية يستحيل معها وصول سيارة إطفاء للمسرح، لو نشب حريقٌ، لا سمحَ اللهُ. وبلغت من القبح مبلغًا يؤذي الناظرين. أسلحةٌ بيضاءُ تُباع أمام مسرح يرتاده الأطفال! تحرّشٌ بالفنانين في الدخول والخروج! وتشوّهات في بقعة تُعتبر مزارًا سياحيًّا رفيعًا؛ كونه معقلا ثقافيًّا يضمُّ مسارحَ عريقةً وجليلة وقف عليها فنانون عظماءُ ليقدموا روائعَ أريستوفانوس وسوفوكليس وشكسبير وبريخت!) واليوم أكتب هذا المقال الجديد لسببين: أولا لأشكر مكتب السيد وزير الداخلية على استجابته لاتخاذ ما يلزم فور نشر مقالي في يوليو 2019، بتنقية مجمع المسارح من التشوه والإشغالات، وثانيًا، لأقول بمنتهى الحزن والأسى إن الإشغالات عادت تخنقُ مجمع المسارح الثلاثة على نحو بشع لا يليق بمصر العريقة، ولا بمصر الجديدة التي نبنيها اليوم لتغدو عروسَ العالم. ولأنني أعلم حرص القيادة السياسية على إنشاء جيل مصريّ واعٍ يرسمُ غدًا أجمل لمصرَ. لهذا أضعُ من جديد على مكتب السيد وزير الداخلية المشحون بالهموم والتحديّات، ملفَ "مجمع المسارح" بوصفه: "عاجل: قضية أمن قوميّ”. لأن قلبَ مصرَ، وعقلَها، وقوتها الناعمة، بل شرفَها ذاتَه، مغروسٌ بقسوة في كفِّ الخطر! يا دولة الوزير، الأمرُ ليس جديدًا بل يمتدُّ لأكثر من خمسة عشر عامًا. جميع من مرّوا بنا من وزراء ثقافة، كافحوا لحلّ تلك المشكلة. بعضهم نجح برهةً من الزمن، ثم تعود المشكلة من جديد. عام 2015، مع إعادة افتتاح المسرح القومي، نجح المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء آنذاك، ومحافظ القاهرة د. جلال السعيد، في إزالة الإشغالات وتنظيف المنطقة بالكامل. ثم عاد الأمر سيرته الأولى بعد برهة من الزمن! واليوم من جديد، أرفع شكوانا، جموع مثقفي مصر، لمناشدة السيد رئيس الوزراء، والسيد وزير الداخلية، والسيد وزير التنمية المحلية، والسيد محافظ القاهرة، لإنهاء تلك المهانة الحضارية على نحو نهائي، لا يُعيد إقحام تلك المشاهد القبيحة في إطار لوحة بديعة فائقة الجمال: مجمع مسارح العتبة. بوسعنا إيجاد مكان آخر للباعة في منطقة أخرى، حتى لا نقطع أرزاقهم. يا صُنّاع القرار في مصر العظيمة، جميعنا نعلم أن المسرح ليس مكانًا للترفيه، بل "أداة" خطرة تعلو بالعقل الجمعيّ للمجتمع. لهذا قال قسطنطين ستانسيلافسكي: “أعطني الخبزَ والمسرح، أُعطك شعبًا مثقفًا.” فالخبزُ لعيش الجسد، والمسرح لحياة العقل والروح. الخبزُ يجعلنا "نعيش"، والمسرح يجعلنا "نحيا". الخبزُ دون مسرح، يضمن عَيشَنا، والمسرح يجعلنا كائناتٍ ممتازة تفكّر وتبتكر وتتطوّر وتحبُّ وتنهض بالمجتمع. فننتقل من خانة المستهلِك، إلى خانة المنتج، وهي الخانة العليا للإنسان. الفنون الرفيعة ليست ترفًا، إنما هي سيفٌ ماض لمقاومة أدران المجتمعات، ومشعلٌ مضواء لإنارة بقاع الظلام في النفوس والعقول، ومدرسة لتعليم ما فاتنا تعلّمه على مقاعد الدرس من قيم ومبادئ."الدينُ لله، والوطنُ لمن يعلو بالوطن”.
***
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليوم العالمي للإبصار… هذا الرجل أحبّه!
-
عظماءُ حرب أكتوبر المجيدة
-
قبل أصالة … حاكموا سعاد محمد!
-
أعداءُ مصرَ الخبثاء
-
القيم واحترام الآخر… شكرًا يا ريّس!
-
لمن نسيَ ما يفعله الرئيس السيسي!
-
إن شالله ينجّيك يا ولدي… تقولُ مصرُ للرئيس
-
(سيد درويش)… المسرحُ في تمامِه
-
خيري شلبي …. شيخُ الحكّائين!
-
ماذا قال تحوت عن -الشرّ- …. رأس السنة المصرية 6262
-
ماذا قال تحوت عن الشرّ …. رأس السنة المصرية 6262
-
أمّي … التي تموتُ كلَّ يوم!
-
آية … إبراهيم … عظماءُ على مُنحنَى المعادلة الرباعية
-
علاء الدين… المسرح في أوجِ الإبهار
-
سمير اللإسكندراني … خالدٌ كما تعاويذ الفراعنة
-
القلمُ الباركر …. الذي علّمني نُصرةَ المظلوم
-
روشتة النجاح: -الصَّمَم الجميل- !!!
-
وفاءُ النيل … عند السلف الصالح
-
بابٌ من صفيح
-
إطلاقُ اسم سمير الإسكندراني … على أحد شوارع القاهرة
المزيد.....
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|