|
قصّة الشّرف في سطور
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6700 - 2020 / 10 / 11 - 09:50
المحور:
الادب والفن
كما يوجد قصة لبدء الخليقة ، لأصل الإنسان. هناك قصة للشرف سوف نلخصها في سطور من خلال شهادة شخصية من إحدى نساء أكاديمية " الشّرف" الي يرأسها الدكتور شريف. يقول الدكتور شريف الحاصل على دكتوراه في بحث "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم " أن شرف لمرأة بين فخذيها. وقد أورد هذه القصة في أرشيف الأكاديمية كي تكون عبرة للمرأة التي تخلّ بالشّرف ، علّق على الموضوع قائلاً: أيتها المرأة: احفظي فرجك ، و إلا سوف تكون عاقبتك مثل صاحبة القصة. لن يغتصبك الرجل إلا إذا استثرت غريزته حتى لو كنت طفلة في المهد . تقول ساحبة القصة التي تحفّظ الدكتور شريف على اسمها. قال: لنصفها بالعاهرة، فالعاهرة لا اسم لها ولا لقب . إذن تقول العاهرة: أستيقظ مذعورة بعد منتصف الليل ، يتسلل من النافذة صوت يهمس في أذني " قليلة الشّرف" ، يتراءى لي خيال رجل يشبه أخي ، بيده سكين يغرسها في صدري ، أنزف ، أرى الجميع يزغردون. غسلوا الشرف! أودّع العالم، و أنا أشعر بالخجل من الشّرف ، من نفسي ، من الحمل ، الولادة ، و من أن أبحث عن زوج أسافر برفقته أينما أشاء ، هو جواز سفر لا غنى عنه، لكن ماذا لو " ذهب مع الرّيح" ذلك الجواز .من أين نجلب جواز سفر آخر؟ هواجس تحضرني قبل موتي . تتعبني كلّ تلك الأشياء ، أعود بذاكرتي إلى أوّل لحظة اغتصاب ، من يومها و أنا أشعر بالموت ً . ضاع الشّرف في عمر العاشرة ، أصبحت أداري صمتي كي لا يكتشف أهل الدّار ما حلّ بي، فيقتلني أخي، أو أبي ، أو مغتصبي. . . لم يكن مغتصبي غريباً ، كان من ضمن مجموعة من عائلتي تتحدّث عن الرجولة، عن البطولة، عن الشّرف ، يتباهى فيها الرّجال بأنّهم غاوون. نادمة أنا على ذكرياتي ، ونمط حياتي ، لماذا لم أهرب من بيت أبي طالما كان المغتصب أخي؟ لماذا حاولت أن أتجاهل ما جرى لي ؟ عندما التقيت بالحبيب قبل أن ألفظ أنفاسي الأولى . كان شعور الحبّ يصارع الكره ، انتصرت على نفسي الوضيعة ، أقنعتها أن تسمح له باغتصابي، تربيت على قبول ذلك ، أخشى أن يعاقبني الله إن امتنعت عن تسليم ذاتي. أليس هذا منصوص عليه في كتب الرجال المقدّسة ، فالله رجل، و الأنبياء رجال، ومسلم وبخاري رجال . ذهبت إلى معلم الجنس الحكيم" أوشو" شرحت له أمري ، قال لي: عليك أن تتدربي على الشعور بالمتعة ، سوف أدربك في معهدي ، قبلت منه ذلك. كان اغتصابي هناك بهدف تعلّم الدّرس. فهمت أن الحياة هي مجرد فعل اغتصاب ، و لا زلت لم ألفظ أنفاسي الأخيرة . طالما أن الوضع يسمح لي بعد أن فقدت عذريتي قرّرت ممارسة الدعارة كنوع من الاغتصاب التطوّعي ، لكن الحاجّة أم الفضل التي تابت على يد أحد الأغنياء من زبائنها نصحتني بأن هذه المهنة لا تصلح لي ، سوف يكون عملي تبرعاً و ليس له ساعات دوام . الدعارة مهنة لها أصول مارستها منذ كنت في العشرين مع بعض كبار القوم ، أصبحت علاقاتي معهم طيبة، أتى أحدهم إلي وطلب مني أن أتوسط له كي يصبح وزيراً ، عندما عرف إمكانياتي تزوجني ، ومن يومها يستعمل اسمي فقط في الحصول على مكاسب . يقول لي: أتفاءل بك يا حبيبتي أم الفضل! أجبتها : إذن لا أصلح إلا للاغتصاب! أجابتني بحكمة امرأة خبيرة: انظري إليّ جيداً:" فاتك القطار" .هي ضربة حظ تستطيعين من خلالها تحقيق الدفعة الأولى من المليون في عمر مبكر . عندما تجمعين المليون -ليس بالعملة السورية طبعاً -يصبح الشّرف ملكك، وتصبح نزواتك حرية شخصية، يصبح أبوك و أخوك حرّاس شخصيين لك يذهبون برفقتك . تذكري جيداً أن المال يصنع السعادة، يمنح الشّرف . هل رأيت فتاة تنتمي للطبقة الغنية قُتلت من أجل الشّرف؟ يا للهول! اعتقدت أنّ الشرف هو الشّرف ، ولا يسلم من الأذى " حتى يراق على جوانبه الدّم" . لازلت لم ألفظ أنفاسي الأخيرة . وضعت خماري على جرحي ، خلعت ثيابي ، تعرّيت احتجاجاً على الفقر . ذهبت إلى أوّل إمام شرف كي أسأله: لماذا الشّرف يخص الفقراء؟ تراجعت عن الأمر . ذهبت إلى طبيب النّساء : سألته : كيف يمكن أن يخسر الرجل ذكورته؟ أجابني: الأمر سهل : " بالخصي" إذن يمكنك أن تخلصني من أنوثتي بنفس الطريقة ! بالطبّع لا. خلقت أنثى وسوف تبقين . للأسف توقفت أنفاسي الأخيرة في صدري، لم ألفظها ، قرّرت أن أكون غنيّة حتى أتخلّص من العار الذي يلاحقني ، ذهبت إلى منظّمة تعنى بشؤون المرأة . المسؤولة في المنظمة امرأة وقورة في عمر الخمسين . استقبلتني ببشاشة. قلت لها : انصحيني كي أستعيد نفسي من قصة الاغتصاب التي تلاحقني. شرحت لي قصتها: انسي أنك تستطيعين فعل ذلك دون دعم الرّجال . الشّرف فعل افتراضي صنعه الرّجال ، لكن دون حمايتهم لن تصلي ، فزوجي الأوّل كان متسلطاً، طلّقته . صحيح أن الطلاق بيد الرجل من حيث المبدأ، لكن هذا فقط يخص الفقراء . أنا مثلاً أخلع الرجال كما أخلع أحذيتي ، و أختار من الصف الذي ينتظر أمام الكوة ما يناسب حاجتي. -هل يمكنني القول أن الأرملة، و المطلقة قد تحظى بفرصة زواج؟ -بالطّبع لو كانت تملك بين يديها زمام الحياة " المال" -و أنت من أوصلك إلى هذا المكان الرفيع؟ -وصلت بالانتخاب ، الانتخاب هو آخر مرحلة في العلاقات الاجتماعية ، علاقاتي الاجتماعية وفرت لي مجتمعاً حاضناً ، احتضنني سمسار الرئيس ، خرجت إلى الإعلام. قلت: أن جسد المرأة ليس عورة. صفقت لي النساء، و الرجال، فالرجال تبهرهم المفردات مثل جنس، جسد، امرأة ، وكل ما يتعلق بذلك. كتبت بعد ذلك كتاباً في سبعة أيام . نقلت بعضاً من أجزائه من آراء الزعماء في حرية المرأة، تنافست دور النشر على نشر الكتاب، عندما ترشحت للمنظمة كنت الأقوى صمتت باقي النساء، فزت في الانتخاب. -كتبت أن منظّمتكم غير ربحية، ماذا يعني هذا؟ -يعني أننا لا نبيع ونشتري ، نموّل المنظمة من الاشتراكات، و التبرّعات ، وهي كثيرة و الحمد لله، نسدد تكاليف المنظمة ورواتب العاملين ونوفر فرصاً للعمل . -هل تتقاضين المال من أجل عملك؟ -فقط ما يكفي! أنا و السائق والحرّاس الشخصيين لا يتجاوز ما نأخذه العشرة آلاف ! -عشرة آلاف ليرة سورية ليس مبلغاً كبيراً ! قلبت على قفاها من الضّحك : عشرة آلاف دولار. العلة العالمية هي الدّولار. صرفتني بلطف . عدت إلى بيت أبي ، رفعت الخمار عن الجرح، لفظت أنفاسي الأخيرة عارية من ثيابي ومن الشّرف.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل مارست الجنس مع الفقر؟
-
جائزة نوبل للأدب 2020-الشّاعرة الأمريكية لويز غلوك-
-
غريزتنا البدائية -الرّغبة-
-
أسرار جائزة نوبل -سولجينتسين
-
لا لثقافة الارتزاق
-
الصّراع من أجل البقاء
-
امرأة ملتزمة في لحظة ضعفها
-
الخوف من المجهول- الموت-
-
القوى العظمى، و أعظم القوى
-
أفكار حول دستور سورية المقبل
-
أسباب التخلف في العالم الثالث ، وفي سوريّة
-
صديق الجميع لن يكون صديق أحد
-
يتّهمن أنفسهن بالحبّ !
-
فيلم -المعضلة الاجتماعية-
-
الطلاق العاطفي و القانوني
-
أيمي دوريس وقصتها مع ترامب
-
شياطين الدولة العميقة-شعوذة أمريكية
-
امرأة في زنزانة
-
المرأة في ما بعد الحداثة
-
المرأة و الدين
المزيد.....
-
فيلم - كونت مونت كريستو- في صدارة إيرادات شباك التذاكر الروس
...
-
-الجوكر جنون مشترك- مغامرة سينمائية جريئة غارقة في الفوضى
-
عالم اجتماع برتبة عسكري.. كيف تشرّع القتل بصياغة أكاديمية؟
-
-لوكاندة بير الوطاويط-.. محمد رمضان يعلن عن تعاون سينمائي مع
...
-
العرض الأول لفيلم -Rust- بعد 3 سنوات من مقتل مديرة تصويره ها
...
-
معرض -الرياض تقرأ- بكل لغات العالم
-
فنانة روسية مقيمة في الإمارات تحقق إنجازات عالمية في الأوبرا
...
-
جنيف.. قطع أثرية من غزة في معرض فني
-
مسرحية -عن بعد..- وسؤال التجريب في المسرح المغربي
-
كاتبة هندية تشدد على أهمية جائزة -ليف تولستوي- الدولية للسلا
...
المزيد.....
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
المزيد.....
|