أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الله غني عن الكينونة والوجود














المزيد.....

الله غني عن الكينونة والوجود


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6697 - 2020 / 10 / 8 - 13:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



فلا بد إذن من إعادة النظر في مفاهيم مثل العدمية، والعبثية، والإرتيابية، والإنكارية، واللاعقلانية أو اللامعقول، والسلبية واللاشيئية واللامبالاة واللا انتماء الخ. إن كل هذه المفاهيم والتصورات الفلسفية تظهر كل يوم على سطح الساحة الفكرية المعاصرة دون تمحيص أو تدقيق ورغم ان جذور هذه المفاهيم تبدو بعيدة تاريخيا عن إهتماماتنا المعاصرة، إلا أنه من الواضح ان السمة المشتركة بين كل هذه التصورات هي فكرة السلبية، أي فكرة قول (لا) للحياة، والإجابة بالنفي عن السؤال المطروح في البداية. ومن الواضح ايضا تشوش هذه التصورات وعدم وضوحها واختلاطها الواحد بالآخر، ومن هنا تأتي ضرورة الفحص والتدقيق والتحقيق في أصول وجذرو ومصدر هذه السلبية، لمحاولة فرزها وتخليصها من هذا الضباب الكثيف الذي يغلفها. والناتج فيما يبدو عن تجدد ونمو هذه النظرة الأخلاقية الجديدة والقديمة في آن واحد، والعميقة في تمركزها في الفكر العالمي، والتي تجتاح الحياة الفكرية في الشرق كما في الغرب. ونعني هنا النظرة الدينية للعالم وللأشياء. فالعدمية مثلا، والتي تغوص جذورها في التاريخ الفلسفي الغربي، تعاود الظهور ثانية وبإلحاح، بواسطة العديد من الفلاسفة والمفكرين في السنوات الأخيرة. واللجوء إلى مثل هذه المقولة كتفسير وحيد لأزمة العقل، راجع إلى حد ما لغياب المنظومات الفلسفية الشاملة من ناحية، وايضا ـ كما سبق القول ـ لتطور وتقدم الفكر الديني الغيبي وانتشاره السريع بين طبقات المثقفين من جميع الاجيال، واحتلال هذا الفكر الغيبي لفضاءات جديدة، واحتوائه لمساحات من الفلسفة لم تكن متاحة له من قبل. فالعدمية اعتبرت في السابق مرضا وسرطانا ينخر روح الحضارة الغربية، وسبب إنحطاطها، نتيجة سريان الأفكار الدينية المسيحية، في كل شرايينها الحيوية. هذه الروح المسيحية التي ترفض الحياة وتقلل من قيمتها، وترفض الجسد وإرهاصاته ولذاته المباشرة. وقد حمل نيتشة على هذه العدمية ونقدها عن طريق إنتقاد الدين المسيحي وتقويض أسسه الروحية. مركزا على أن الدين المسيحي كأيديولوجية، يرفض عموما غريزة الحياة مصدر القوة والحيوية. ولذلك لا بد من الخروج من هذه الدائرة العدمية لتخليص الإنسان من صخرة سيزيف وصليب المسيح، والقلق الذي ينخر وجوده، والوصول إلى الإنسان الصحيح عقلا وجسدا، أي الإنسان المتفوق حسب مقولة نيتشة، أو الإنسان الديمقراطي حسب الايديولوجيات المعاصرة. أي الإنسان الذي يحيا على هذه الأرض، ويتقبل كل مكوناته وذاته المطلقة ـ كمصدر أساسي ووحيد للحياة ـ والتخلص من الأفكار الشمولية والإجتماعية، والرجوع إلى "الموضوع" الفردي كقلعة للإنسانية. بينما من الجهة المقابلة، نرى أن الفكر الديني والغيبي يعتبر العدم كمصدر للخراب والدمار الذي حل بالأرض ومن عليها، معتبرا العدمية متمثلة في أفول المتعالي وسقوط الله من سمائه (في غياب الله كل شيء ممكن ـ حسب قول دوستوييفسكي)، وإعتبار الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية، وكذلك الإرهاب والتحلل النفسي والأخلاقي، وظاهرة الإنتحار كوارث ناتجة عن هذه الغولة، أو الشيطان المسمى بالعدم، الذي ينخر الحياة الأخلاقية، والذي يمجد الحياة المادية الفانية، ويبخس من قيمة الحياة الأزلية والقيم الدينية. وليس أمام الإنسان اليوم سوى أن يختار بين العدمية والعدمية. ولكن عليه أن يحاول الفهم ليفرق بين عدمية القسيس وعدمية الحاكم، عدمية الفقيه وعدمية الفيلسوف، وعليه أن يختار بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة. ويبدو الإنسان اليوم شبيها بالمرأة المتهمة بالسحر في العصور المظلمة لمحاكم التفتيش، حيث يربط بقدمها حجر كبير ويلقى بها في أقرب بحيرة، فإن غرقت وماتت فهي بريئة من تهمة السحر، وإن طفت على سطح الماء فهي ساحرة، وبالتالي يجب حرقها. فمهما كان إختيار الإنسان اليوم، فإنه يمكن أن يسقط تحت تهمة العدمية في نظر الفكر العقلي والعلمي، أو بواسطة الفكر اللاهوتي والغيبي، فما هي الآليات المستعملة للوصول إلى هذه النتيجة، وما هي هذه القوة السحرية التي تعطي لمفهوم العدمية القدرة على تغطية موقفين متناقضين..؟! 
يعتقد فويرباخ بأن الله هو الفراغ الذي ينعكس فيه تاريخ الإنسانية، وهذا الفراغ قد يكون رمزا للعدمية قابلا لإحتواء الله والعالم وتاريخ البشرية. في نهاية الأمر.. الكينونة والعدم هما شيء واحد، ووجود الله او عدم وجوده لن يغير من الأمر شيئا (الله بكماله المطلق لا يحتاج إلى الوجود). وإذا كانت كل الأمور سواء، فلا داعي إذن.. لا للحياة ولا للموت. وهنا تتحول العدمية إلى فكرة أخرى مقابلة.. هي العبثية.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله والخياط
- قط شرودنجر
- التمرد على الكلمات المتشيئة
- بين الكلمة والصورة
- وتبعثرت قشور الليل
- الجسد المكهرب
- الرنين
- كوجيتو
- قلق الزوايا
- الجريمة الأولى
- قابيل وهابيل - الإخوة الأعداء
- لقاء آدم وحواء على الأرض
- السيدة حواء
- أبجدية الخيال والعلاقة بين الدين والفن
- محكوم علينا بالحرية
- ثورة ليليث
- دفاعا عن المثلية
- الله يزور نيوتن
- داغرمان - الفنان والموت
- ستيج داجرمان .. أو الحياة المضعوطة


المزيد.....




- جين من فرقة -BTS- شارك في حمل شعلة أولمبياد باريس 2024
- العثور على أندر سلالات الحيتان في العالم
- الجمهوريون يرشحون ترامب رسميا لخوض الانتخابات والأخير يختار ...
- ليبرمان: نتنياهو يعتزم حل الكنيست في وقت مبكر من نوفمبر
- هل تنهي أوروبا أزمة أوكرانيا دون واشنطن؟
- موسكو: لا يوجد أي تهديد كيميائي لأوكرانيا من قبل روسيا
- الولايات المتحدة تؤيد دعوة روسيا لحضور -قمة السلام المقبلة- ...
- غروزني.. منتدى القوقاز الاستثماري
- شاهد.. احتفالات زفاف العام الفاخرة لابن أغنى رجل في آسيا تتو ...
- انتعاش الموسم السياحي في تونس


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الله غني عن الكينونة والوجود