اخلاص موسى فرنسيس
(Eklas Francis)
الحوار المتمدن-العدد: 6693 - 2020 / 10 / 3 - 00:39
المحور:
الادب والفن
وداعاً لحرية تاهت مع الريح، نثرها الفجر على أمّة غارقة في السواد، مبتورة اليدين لم تستطع التقاط ياسمينها، زهقت أرواح البنفسج، وماتت على أبواب البحر أسماؤنا. وداعاً لنا في ديجور هذا الخراب، وداعاً لامرأة تنام في الشريان، وقلب ينبض في صدر الغربة.
ألم يكن من الواجب توكيل مهمّة إعمار الشرق لها بدلاً من الإمعان في خرابها ودمارها، ونحن من طينها وصلصالها مجبولون؟
ليلك الأخضر برائحة النعناع وغفوة صهيل العنادل، تقتبس من الغيم نفناف الموسيقا، فتتفتّق أزرار فلّ بلون قوس قزح من شفة البدر، ينام في حواسي أريجها، وعلى مقربة من أيادي ربّ الجمال، مصوغ من الأغاني والألحان السرمدية، تطرب لها أرواح من عبروا في جادة الليل الأخضر.
كيف لها ألّا تتهاوى على كتف القصيدة، وتطرب روحها لرائحة زهر البنفسج والسفرجل الصاعد من كوة المساء النائم على ضفاف الثغر؟ ندف الثلج الأزرق على أطراف الأنامل ترسم الشفق بحفيف تكسر الضوء وخمرة البحر وجدائل الشمس المغزولة من حروف الأولين المنسيّة في كهوف أرواحهم.
الوطن.. ما الوطن؟ حين يموت الهدهد على سياج الياسمين، وحين تعتقل الدمعة من ساحل العين، وحين تحترق امرأة في بيانات القيد، ويضيع صوتها مع هبوب النار، والريح تلك التي سحلت بقايانا، لأنّنا لم نحسن ربطها بالوتد بل سقطت على هامش الجهات الأربع، وهشّمت جمجمة الفجر، وتسلّلت رائحة البخور من غدير الحزن، وجرفت السيول زهر اللوز، ومسحت سطور كتب العشق من سجلّ الخالدين.
هذا هو الوطن، بصمة العاصفة، حين احتضر الليل، وهرب من أزراره العتم أطلّ مثل الفجر من بين أصابعها هديل الكرز ورائحة الظلّ وعزلة الكوثر ونهرٌ من رنين العشق، وسرير من الورد الأزرق واشتياق عالق في حنجرة الوقت، وعاصفة حنين تقف بالمرصاد أمام انسدال الرمش وغمضة الكرى وصحوة القلب.
#اخلاص_موسى_فرنسيس (هاشتاغ)
Eklas_Francis#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟