أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - د. مراد وهبة .. -فاوست- فى مسوح جديدة














المزيد.....

د. مراد وهبة .. -فاوست- فى مسوح جديدة


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 6693 - 2020 / 10 / 2 - 09:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فاوست، حكاية شعبية ألمانية قديمة، صاغها يوهان فولفجانج جوتة مسرحية تحكى عن الدكتور يوهان جورج فاوست الذى باع روحه للشيطان حتى يخدمه طوال حياته ويساعده للحصول على النجاح وقمة السعادة والمعرفة المطلقة والتمتع بملذات الحياة الدنيا، فى مقابل أن يستولى الشيطان على روحه بعد مماته. نشر جوتة الجزء الأول منها عام 1806، والجزء الثانى بعدها بستة وعشرين عاماً. ولعلنا فى أيامنا السوداء هذه بصدد الجزء الثالث منها، لكننا هذه المرة أمام فاوست جديد باع نفسه لشيطان آخر غير "مفستوفيليس" فى مسرحية جوتة. مسرحية جوتة كانت من نوع الميلودراما المؤثرة، أما صاحبنا فاوست الجديد فأرادها كوميديا سوداء، جاءنا فيها بمسوح الفلسفة ليسوغ التسليم بإحتلال الأرض الفلسطينية، ويسخر من العقل العربى وقيم المقاومة المتمثلة فى رفض التطبيع، بل يدعو لقبول صفقة القرن والتطبيع مع إسرائيل، والتماهى مع مشروعها الاستيطانى بدعوى التسامح ومحاربة الأصولية الإسلامية، بل يطالبنا بالوقوف مع إسرائيل ضد إيران الأصولية ومشروعها التوسعى فى منطقتنا العربية، أو هكذا كتب فى مقاله بالأهرام بتاريخ الأول من سبتمبر بعنوان "إما إيران أو إسرائيل". ولقد بينا فى مقالنا السابق كيف اعترف هو نفسه بأنه كتب يحث الفلسطينيين التنازل عن القدس كعاصمة واتخاذ "أبوديس" بديلاً لها، كما أوحى له بذلك عميد كلية الإنسانيات بتل أبيب، ويالها من كوميديا سوداء.
فى مقالها الأسبوع الماضى بجريدة الأهالى، كتبت فريدة النقاش نقداً موضوعياً تحت عنوان "رداً على د.مراد وهبة .. لا أيران ولا إسرائيل" تبين كيف انتقل د. مراد وهبة فى مقاله بالأهرام من المنطق العلمى إلى المنطق الشكلى، حين يصل إلى القول حرفياً: "بما أن إيران الأصولية ملتزمة بتدمير إسرائيل، فيلزم الدخول فى علاقة مع إسرائيل، ومن ثم تنتهى خرافة منع التطبيع، ومعاً يبدأ التقدم بلاخرافة، وهنا يبدو وكأن التقدم مرهون بتطبيع العلاقة مع إسرائيل". وفى تقديرى فإن آفة الرجال الهوى، إذ فيما قاله صاحبنا ضرب بكل قواعد المنطق والفلسفة، ويوصف علمياً بأنه Speculation أى تكهن بما لايمثل واقعاً لنتيجة مقنعة، وهو استنتاج لايقوم على دليل، وهو نوع من تعسف المنطق وتهاويه. ولابد لصاحبنا الذى عمل بالفلسفة سنوات تربو على أكثر من نصف قرن أن يعلم يقيناً بأن مايقول به ليس من العلم أو الفلسفة فى شئ، بل محض تجديف وهراء. وإذا كان لايعلم فالمصيبة أعظم.
وإذ يتهم د. مراد وهبة كل المثقفين العرب بالخيانة لأنهم لايحاربون الأصولية الإسلامية بالجدية المطلوبة، وهذا غير صحيح، وإذا كان يرى بأن إيران دولة أصولية، فهل لايعلم أن إسرائيل أيضاً دولة أصولية استعمارية، إذ حولت الدين ومنذ نشأتها إلى قومية، ومن ثم فهى تنادى حتى اليوم بيهودية الدولة، ولعل "قانون يهودية دولة إسرائيل" الصادر من الكنيسيت الإسرائيلى فى يوليو 2018، خير شاهد على ذلك. وهو أمر صرح بنيامين نتانياهو فى 18 يوليو 2018 باعتباره لحظة تاريخية حاسمة، كما أوردت BBC. فإذا لم يجد د. مراد وهبة فى ذلك دليل على أصولية الدولة الإسرائيلية فماذا عساه يكون؟. إنها إذن المغالطة والقفز بالاستنتاج إلى المجهول، وهو عيب يرى فيه المشتغلون بالعلوم والفلسفة انتقاص كبير من موضوعية العالم أو الفيلسوف، وقدح فى معلوماته ومقاصده. وهو أمر لو وقع فيه باحث صغير لعوقب عليه من مجتمعه العلمى، ولفقد مصداقيته واحترامه، فما بالنا بحضرة الفيلسوف الذى ما فتئ يصدع رؤسنا عن العلم والفلسفة والأصولية، ويقوم بتوليد أفكاراً هجينة يعافها منطق الفلسفة ومنهج العلم ويرى فيها تلفيقاً وانتحالاً.
أكتب هذا وكلى ألم أن يصل الحال بالدكتور مراد وهبة إلى هذا المستوى الذى لايسئ إليه وحده، إنما ينسحب للأسف على امتداده ليسئ إلى مدرسة الفلسفة المصرية الرصينة التى وصلت بأفكارها وأساتذتها إلى حد التقدير فى الأوساط العلمية والأدبية العربية والدولية، والتى سطر أعلامها سمعة مرموقة من أمثال د. زكى نجيب محمود، د. عبد الرحمن بدوى، د. عثمان أمين، د. يوسف كرم، د. يوسف مراد، د. محمود أمين العالم، د. فؤاد زكريا، د. عبد الوهاب المسيرى، وكثيرين غيرهم.
وبناء على ماتقدم فأنا أعلن رفضى لهذه النسخة المنتحلة من فاوست الجديد، حتى وإن جاءتنا فى مسوح الفلسفة وادعاء الموضوعية والعلمانية والتقدم.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- د. مراد وهبة: عندما تخذل السياسةُ الفلسفةَ
- توفيق الحكيم والبطولة بأثر رجعى: حين تخذل السياسة الفن
- د. مراد وهبة واللص الذى يسرقنا مرتين
- جو بايدن واستعادة المكانة الأمريكية المفقودة
- بيروت والوطن الذى فى حضرة الموت
- ويعيش جمال حتى ف موته
- تأملات حول نكتة - أو العالم فى نكتة
- رئيس من متحف العنصرية القديم
- -فن المسافات- بين فلسفة التراث والمعاصرة
- من قبيل -البيداجوجى-
- ترامب: أسوأ الخيارات للبيت الأبيض -بالإيمان يمكنك أن ترى الأ ...
- عندما يُسَخر الرئيس كل مقدرات الدولة لمصالحه الشخصية
- كورونا: موت النظرية والإنسان الصغير
- هل -كورونا- حرب صينية أمريكية؟
- محمود درويش: وكم نمشى إلى المعنى .. ولا نصلُ
- أزمة سد النهضة: رؤية الأحزاب والخبراء
- المجتمع المصرى والسياسة: مشاهد تنذر بالخطر
- إعادة هندسة النخبة والجماهير
- إن السفينة لا تجرى على اليبس
- التنوير ومؤسساتنا الثقافية الغائبة


المزيد.....




- مقتل يحيى السنوار.. CNN حللت فيديو لحظة مقتلة وهذا ما وجدته ...
- تحذيرات طبية بشأن الإفراط في تناول الباراسيتامول
- كيف تطورت الكلاب لتلبية احتياجات البشر؟
- اكتشاف عوالم حيوانية مزدهرة تحت قاع البحر!
- بماذا سيضحي أردوغان لقبول دولته في -بريكس-؟
- خبير ألماني يتوقع تقليص الإنفاق الأوروبي على أوكرانيا
- عقب مقتل السنوار.. بلينكن يشدد لنظيريه القطري والسعودي على ض ...
- صحة غزة: 1206عائلات فلسطينية مسحت من السجل المدني خلال عام م ...
- هاريس تدافع عن سياستها.. وجمهوريون ينتقدون أداءها
- مساعدات أميركية لكييف تزامنا مع إعلان -خطة النصر- الأوكرانية ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - د. مراد وهبة .. -فاوست- فى مسوح جديدة