|
التطبيع مع الكيان الصهيوني - مآلات و دلالات الجيوسياسية والعسكرية والاقتصادية
محمد أحمد بكور
الحوار المتمدن-العدد: 6688 - 2020 / 9 / 26 - 20:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دراسة سياسية
و بحثنا الموجزعن التطبيع بين دولتي الامارات العربية والبحرين وآفاقه على المدى المنظور والبعيد نفد فيه الادعاءات والاكاذيب وآثاره السلبية على قيام دولة فلسطينية مستقلة تتمتع بالسيادة الكاملة و عاصمتها القدس الشريف.
لا يخفى أن المنطقة العربية أو الوطن العربي الذي أطلق عليه الغرب ما يسمى الشرق الأدنى ثم الشرق الأوسط لاعتبارات سياسية واستعمارية وأمنية هو قلب العالم القديم والحديث، وقد كان الغرب الأوربي يحتل معظم أجزائه، ولكن بعد تأسيس الدولة الاسلامية وتحرير وطرد الغزاة من أرضها و وصول رسالتهم الى القارة الأوربية في عهد الأمويين، فقد تشكل بوقت مبكر لدى الغرب الأوربي الخوف من العرب والاسلام الذي أصبح منذ القرن السابع الميلادي جزءاً مهماً من تكوينهم النفسي ومحل إلهامهم كقوة دافعة ورافعة، ولذلك هذا ما شكل لدى أفكار ومشاعر الغرب الأوربي هاجساً حيث نظروا إليه نظرة عدائية على أنه دين وثني انتشر بالسيف، إلى جانب حالة الرهاب الممزوجة بدوافع سياسية ودينية من أن العرب المسلمين قد أصبحوا يمثلون منافساً لهم وتحدياً لوجودهم وخطراً على عقيدة العهد القديم والجديد التي يؤمنون بها.
لقد أدرك الغرب الأوربي مبكراً أن وحدة العرب ونهضتهم ستكون سداً منيعاً في طريق تنفيذ مشاريعه الامبريالية ولذلك من أجل هزيمتهم و لكرهه وحقده على عقيدتهم الملهمة وبذريعة تخليص الأرض المقدسة منهم قام بالحملات الصليبية أو حروب الفرنج العدوانية تلبية لدعوة البابا أربان الثاني 1095 الذي دعا إلى شن حملة ضد المسلمين تحت راية الصليب وقد كانت تلك الحروب التي منيت بالهزيمة والفشل بداية تنفيذ مشاريعهم الامبريالية التي سبقت الاستعمار الحديث حيث كانت فرنسا أول من طرح فكرة توطين اليهود في فلسطين ففي 1798 أعدت حكومة الإدارة فيها خطة لإقامة كيان يهودي في قلب الوطن العربي يكون حاجزاً بشرياً من الغرباء يفصل بين مصر وسورية ليضمن تفككه وضعفه ويمنع وحدته وبعد احتلال نابليون بونابرت مصر أصدر بياناً حث في اليهود في أفريقيا وآسيا على الالتفاف حول رايته من أجل إعادة مجدهم الغابر وبناء مملكة القدس وكرر لهم النداء في أثناء حصاره لمدينة عكا في 1899ولكن المشروع الفرنسي هزم أمام صلابة أسوارها وعلى الرغم من تلك الهزيمة إلا أن مـحـاولات الغرب الأوربي ما انفكت في تحقيق هذا الشأن وكانت هذه المرة من الجانب البريطاني لاسيما بعد أن التقى في 1902 ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية مع جوزيف تشمبرلن رئيس الوزراء البريطاني والذي أكد له أن مكانهم يجب أن يكون في فلسطين من أجل أن يشكلون دولة حاجزة في المنطقة تؤمن المصالح البريطانية فظهرت كتابات ودعوات لشخصيات بريطانية تدعوا إلى إيجاد دولة حاجزة في فلسطين والمناسب لإقامتها هو اليهود وهذا ما دفع حزب المحافظين البريطاني إلى الدعوة لعقد مؤتمر سري في لندن استمر من 1905 إلى 1907 وكان أعضائه الدول الامبريالية بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا حيث مثلهم كبار السياسيون والأكاديميون والخبراء وقد رفع المؤتمر توصياته إلى هنري كامبل بنرمان رئيس الوزراء البريطاني بعد توصلوا إلى أن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي لهم لكونه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب ولكن الإشكالية تكمن في أنه يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان وهو الفئة الثالثة حسب تقسيمهم العالم إلى فئات ثلاثة حيث الفئة الأولى دول الحضارة الغربية المسيحية وهي دول أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، والفئة الثانية دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ولكن لا يوجد تصادم حضاري معها ولا تشكل تهديدا عليها كدول أمريكا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها والفئة الثالثة تضم العرب والمسلمين ولا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديدا لتفوقها والواجب حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية ومحاربة أي توجه وحدوي فيها ولتحقيق ذلك لابد من إقامة دولة "إسرائيل" في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل بين العرب من أجل أن يحول دون تحقيق وحدتهم وإبقائهم في حالة من الضعف. وكانت الترجمة العملية لهذه التوصيات أن قام وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور في 2 تشرين الثاني 1917 بكتابة رسالة إلى المصرفي اللورد روتشيلد وهو أحد كبار زعماء اليهود في بريطانيا يبلغه فيها سروره من أن حكومة صاحبة الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، ولتهيئة الظروف المناسبة لتنفيذ هذا الوعد وضعت عصبة الأمم في 29 تموز 1922 فلسطين تحت الانتداب البريطاني وعينت الحكومة البريطانية اليهودي الصهيوني هربرت صموئيل حاكماً لفلسطين الذي أصدر سلسلة من القرارات التي أسهمت في تمكين اليهود منها وبعد الانسحاب البريطاني في 14 أيار 1948، أعلن دافيد بن غوريون في اليوم نفسه قيام دولة "إسرائيل" وعودة الشعب اليهودي إلى ما أسماه أرضه التاريخية، فكان الاتحاد السوفيتي أول الدول المعترفة بهذا الكيان ثم تلته الولايات المتحدة وكان لكلاً منهما دوافعه الأيديولوجية فضلاً عن تلاقي استراتيجياتهم في الموقف من القومية العربية. إن نص إعلان إقامة الكيان الذي أعلنه ديفيد بن غوريون على أن فلسطين هي أرض "إسرائيل" التي نشأ فيها الشعب اليهودي وبدافع هذه الصلة التاريخية التقليدية فإن اليهود يعودون إلى وطنهم القديم ويستوطنون فيه هو ادعاء غير صحيح بالمطلق ويكذبه التاريخ والواقع من خلال محاولات المشاريع المتعددة لتوطين اليهود وإقامة دولة لهم بغية التخلص منهم لكراهية مجتمعاتهم لهم وهذا يعود لسلوكهم المعادي للدول التي يقيمون فيها وعزلتهم وعدم انصهارهم في نسيجها في أماكن متعددة من العالم ليس منها فلسطين، كمدين في شمال الحجاز، ومنطقة العريش وسيناء في مصر والجبل الأخضر في ليبيا وجنوب العراق والبحرين والاحساء في الخليج العربي فضلاُ إلى قبرص وأوغندا وموزمبيق والكونغو وأنجولا والأرجنتين وأضنة التركية و رودس فثيودور هرتزل في كراسه الدولة اليهودية لم يتقيد ببقعة معينة لإقامة الدولة اليهودية. لقد رفض الشعب العربي والفلسطينيون اقتطاع جزء من أرضه بالقوة فقام الفلسطينيون بعدة ثورات وانتفاضات ضد الاحتلال البريطاني والغزاة اليهود الصهاينة كما قاطعوا مصالحهم حيث شكل الفلسطينيون من 1919 إلى 1945 لجان تدعوا إلى مقاطعة بضائعهم وما تزال مقاومتهم مستمرة على مختلف الصعد على الرغم من خذلان حكام الأنظمة العربية لهم وتأمرهم عليهم. في عام 1945 أعلن مجلس الجامعة العربية مقاطعة البضائع اليهودية، ثم تلاه في 1951 بقرار أخر بالمقاطعة كان أكثر شمولاً تضمن انشاء مكتب مركزي في دمشق ومكاتب في كل الدول العربية تعنى بشؤون مقاطعة الكيان الصهيوني تشمل مقاطعة البضائع والخدمات المصدرة منه والشركات التي تتعامل معه أو تشحن بضائعه فضلاً عن المقاطعة الفنية وكل مخالف يدرج بالقائمة السوداء ولكن هذه المقاطعة بدأت تتهاوى منذ أن وقع الرئيس المصري أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد بحيث أن بعض الأنظمة العربية سارعت إلى إقامة علاقات علنية أو سرية تحت عناوين مختلفة لاسيما أن الكيان الصهيوني هو الحليف الأول والقاعدة الأمريكية المتقدمة.
إن اختلال التوازن العربي بعد توقيع الرئيس المصري أنور السادات اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني وخروج مصر من دائرة الصراع واحتلال العراق وإخراجه أيضاً وعدم وجود استراتيجية للأمن القومي العربي وغياب التنسيق بحده الأدنى قد فتح الأبواب على مصراعيها للتدخل الخارجي الإقليمي الذي تمثل في إيران وتركيا فضلاً عن الكيان الصهيوني. إن إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية فيها لم تخف طموحها الإمبراطوري الفارسي الذي تغطيه بعباءة الإسلام ولإدراكها أهمية القضية الفلسطينية وقدسيتها في قلوب العرب خاصة والمسلمين عامة سرعان ما قامت بتوظيفها حيث بدأت عهدها الجديد بإغلاق سفارة العدو الصهيوني في طهران وأعطتها لمنظمة التحرير الفلسطينية. وبعد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة خلقت ظروف أتاحت لإيران المزيد من الهيمنة والنفوذ ما دفع بعض مسؤوليها للتصريح بأنها تسيطر على أربع عواصم عربية مما أدى إلى ارتفاع حالة التوجس لدى أنظمة دول الخليج العربي وإدراكاً من إيران إلى أن مشروعها التوسعي يحتاج إلى قوة نوعية فعملت على تخصيب اليورانيوم لإنتاج سلاح نووي وهذا ما أثار الكيان الصهيوني وحلفائه لأنه يحدث اختلالاً في المعادلة القائمة على تفوقه على العرب ومحيطهم الإسلامي فالرئيس الأميركي دونالد ترامب لطالما شدد على التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على تفوق "إسرائيل" العسكري النوعي وهذا يعود إلى التزام أميركي بضمان حصولها على أسلحة أكثر تقدماً لتمنحها التفوق العسكري النوعي على جيرانها. إن الكيان الصهيوني يبقى شديد الحرص على استمرار التفوق النوعي الاستراتيجي على محيطه على الرغم من تطبيع العلاقات مع بعض الأنظمة العربية إذ لم يمنع اتفاق تطبيع العلاقات مع الامارات العربية من تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو من إن حكومته ستعارض شراء الامارات العربية مقاتلات إف-35 من الولايات المتحدة، من أجل الحفاظ على التفوق العسكري "لإسرائيل" في المنطقة وهذا ما دفع وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أنه من المفترض أن تكون جميع العقبات أمام شراء بلاده مقاتلات إف-35 من الولايات المتحدة قد زالت بفضل اتفاق تطبيع العلاقات مع "إسرائيل". لقد شكلت سياسة إيران وطموحها الإمبراطوري وتدخلاتها في العراق وسورية واليمن ولبنان وتموضع أذرعها العسكرية في لبنان وسورية تحدياً مباشراً للكيان الصهيوني ما دفعه إلى القلق والتحسب الذي لا يقل عن هلع أنظمة دول الخليج العربي من منطلق تهديد وجوده لإدراكه لحجمه وعمقه الاستراتيجي المعدوم ولذلك يقوم طيرانه بين الحين والآخر بالقيام بضربات استباقية على المواقع العسكرية الإيرانية في سورية. أما الجمهورية التركية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك بعد تفكك الدولة العثمانية على أثر الحرب العالمية الأولى فقد قام مؤسسها بالتخلي عن ارثها العثماني الإسلامي وتبني العلمانية المتطرفة وما انفكت حكوماتها المتعاقبة نتيجة تهميش الهوية الأصيلة لها من محاولة الانضمام إلى العالم الأوربي على الرغم من اختلاف التكوين الثقافي والحضاري بحيث كان هذا المانع في التلكؤ بقبول انضمامها إلى النادي الأوربي المسيحي وهذا ما دفع تلامذة الزعيم الاسلامي التركي نجم الدين أربكان الذين أغلبهم من خريجي المعاهد الدينية ينضوون في حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان وتسلم السلطة في 2002 إلى إحياء المورث العثماني على المستويين الداخلي والخارجي يهدف لإعادة تركيا إلى الساحة الدولية كدولة كبرى. من أجل كسب الرأي العام وعواطفه في الوطن العربي والعالم الإسلامي عملت العثمانية الجديدة كايران باسخدام الورقة الفلسطينية فارسلت سفينة مرمرة حاملة للمساعدات لكسر الحصار عن غزة وانسحب رئيسها من مؤتمر دافوس والامم المتحدة اثناء القاء ممثل الكيان الصهيوني كلمته. ان احياء تركيا للايديولوجيا الاسلامية قد زادت اهميتها بعد سقوط حكم الاخوان المسلمين بمصر في تموز 2013 ولجوءعدد من قادتها الى تركيا كذلك تبنيها لحركات الاسلام السياسي والتدخل الواسع في ليبيا و سوريا واتخاذها موقف الداعم لقطرفي خلافها مع دول مجلس التعاون اثارانزعاجها وقلقها. وبتقديرنا ان كل من ايران وتركيا قد اخطأتا فهم الموقف الغربي والشرقي المعادي للوحدة العربية او التعاون والتنسيق الجدي وبانه سيسمح لهم ببناء امبراطوريات. ان الفهم الخاطيء قاد الى تقدير الموقف بعيدا عن الصواب وان دعم الغرب لوحدتهما البشرية والجغرافية قد تغير بعد انتهاء الحرب الباردة لفقدهما جزءا كبيرا من دورهما الوظيفي وان الكيان الصهيوني هو الحليف والقاعدة الاستراتيجية الاولى لامريكا في الشرق الاوسط. ان سياسات ايران وتركيا شكلت خوفا مزدوجا للكيان الصهيوني ولدول الخليج التي هرولت للتطبيع فاقدمت الامارات العربية على خطوة لم تكن مفاجئة في 13/8/2020بالاتفاق على التطبيع الكامل وتبادل للسفراء تلتها البحرين في11/9/2020 بخطوة مماثلة. لقد اضفى كل منهم على تصرفاته هالة كبيرة ووصفها بالخطوة التاريخية العظيمة. لقد اظهر استطلاع للراي العام بالامارات ان 80% من الاماراتيين يرفضون التطبيع كما اجتاحت البحرين مظاهرات تعبر عن احتجاجها. في 15/9/2020 تمت مراسيم التوقيع بحضور الرئيس الامريكي بمسرحية اتفاق السلام لقد بررت الامارات تصرفها لايقاف ضم اراضي من الضفة الغربية؛وهذا ليس صحيحا فالتعليق لا يعني الالغاء وهذا ماعبر عنه صراحة نتنياهو بخطاب حفل التوقيع بالتزامه بضم تلك الاراضي و ان القوة صنعت السلام مؤكدا انها خطوة مجانية املتها الظروف والضغوط دون شروط بل هدية لترمب لتساعده في الانتخابات الرئاسية؛ ولانقاذ نتنياهو من ازمته امام القضاء تهدد مستقبله السياسي لفساده...وهذا يفسر سر التوقيت والاستعجال.
ومن المتوقع كما قال الرئيس الامريكي ان تلتحق خمسة اوستة دول اخرى ولانعتقد ان هذا بعيدا عن توقعات المراقبين والمتابعين فهو انتقال من الدبلوماسية السرية والجهود الامنية الى العلنية مستغلة حالة الاحباط الجماهيري وما آل اليه الربيع العربي من فشل. قبل الخوض في التوقعات والتنبؤات نعرض ماهو مفهوم التطبيع: • لغويا جعل الامور طببعية والانتقال من حالة شاذة غير عادية او غير مالوفة الى طبيعية. • سياسيا هي اقامةعلاقات دبلوماسية- اقتصادية- ثقافية -سياحية وتبادل للسفراء…. ان هذا التطبيع يجب النظر له من زاويتين الشعبية – والرسمية.
فمن وجهة النظر الشعبية لايعني شيئا اذ لازال مرفوضا من الغالبية العظمى حسب استطلاعات الراي العام في مصر والاردن والامارات ومظاهرات البحرين.... النظرة الرسمية يمثلها حكام لا شرعية حقيقية لهم وليست بظروف متكافئة في ظل التهديدات والعصا الغليظة لايران و امريكا والخوف على كراسي الحكم هو الدافع للهاث وراء التطبيع السياسي كمنطلق للمآل العسكري. و لايخفى على المحللين الاستراتيجيين اهمية سماح المملكة العربية السعودية للطيران الصهيوني بعبور طائراته في اجوائها.فهو شكل للتطبيع السياسي والسياحي في المظهر وفي الجوهرايحاءاته العسكرية اكبر فالمشهد امام تحول دراماتيكي وضع دول الخليج العربي خط دفاع اول بكل مقدراته عن الكيان الصهيوني لممارسة الضغوط واعادة ايران لبيت الطاعة. و استعدادا لحالة الحرب ان توفرت اسبابها بفشل الضغوط لتعديل سياساتها والاهم القناعة لدى امريكا بالتوقف الجدي عن انتاج سلاح نووي يليه ايجاد حل لسلاح حزب الله وسحب مليشياتها من سوريا مقابل نفوذ سياسي واقتصادي في المنطقة العربية كمجال حيوي لها. ونرجح احتمال عدم الحرب وفق المعطيات الحالية لان ايران ضرورية لامريكا و الكيان الصهيوني كصراع بديل عربي فارسي شيعي سني اذ لولا هذه السياسات لما تم التطببع وشراء الاسلحة...ونهب الثروات كما انها مهمة لامريكا في صراعها اوتنافسها الاقتصادي مع الصين.
المآل الجيوسياسي: ان فكرة الشرق الاوسط التي عمل عليها الغرب منذ حوالي 70 عاما و فشل في تحقيقها هي الخلفية لسياسات امريكا وراء شرق اوسط جديد؛واكدها ترمب في خطابه بالاحتفال بالتطببع بان صفقة القرن هي آلية تنفيذها على مراحل..وقريبا سيتم ترسيم حدود العدو البرية والبحرية مع لبنان...و مساومات السودان لرفع العقوبات عنه مقابل التطبيع و ليس بعيدا عن هذا ترتيبات الحل السياسي في سوريا و إدامة الصراع بين المعارضة و النظام. اما دلالاته الاهم: • محاولة طمس القومية العربية و الوهم باحلال هوية شرق اوسطية. • التخلي عن القضية الفلسطينية كقضية عرببة • التنازل عن جزء من ارض فلسطين والاعتراف بالدولة اليهودية وهوما عبر عنه نتنياهو في خطاب الاحتفال. • التخلي عن كافة الحقوق التي اقرتها الامم المتحدة دون مقابل و قرارات مؤتمر الخرطوم لا مفاوضات لا صلح لا اعتراف بعد هزيمة حزيران 1967. والمبادرة العربية في مؤتمر قمة بيروت 2002 كحد أدنى. • انهاء حالة العداء و الإنتقال الى الصلح والتطبيع مما يعطل حل الدولتين الذي اقرته الامم المتحدة ومؤتمرات القمم العربية ووافق عليه الفلسطينيون بدولة ذات سيادة وليس تحويل الحكم الذاتي الا ادارة تحت حكم الاحتلال لتعيين رؤوساء بلديات ومخاتير و شرطة وامن للعدو. • ان الادعاء ما تم لمصلحة فلسطين هو تضليل وخداع وتبرير لا يقبله عقل سليم ولايقره الواقع. فمصر بحجمها وثقلها لم تحقق اي خطوة ايجابية بعد كامب ديفيد بل توظف احيانا لصالح العدو. • ان تغيير الجغرافيا السياسية هي الاكثر خطورة و اهمية لانها مدخل ضروري لابد منه للمآلات الاخرى فالعدو صار على الضفة الغربيةللخليج العربي. فالتطبيع الجديد هدم جزءا مما تبقى من السور العربي الذي اخذ يتهاوى سريعا فحقق الحكام العرب لليهود اكثر مما حلم به المؤسسون الاوائل(باسرائيل من الفرات الى النيل)(باسرائيل العظمى من النيل الى الخليج) اي بالنفوذ و الهيمنة على كل الاصعدة.
المآل الجيوعسكري:
نعتقد ان الاهداف العسكرية هي في منتهى الاهمية للكيان الصهيوني سواء كان للضغط مع التلويح بالقوة بالحشد وتهيئة مسرح العمليات لاجبار ايران بالتنازل عن سعيها النووي وصواريخها البالستية لانها لاتشكل تهديدا للعرب فقط بل تهدده واوربا. وقادة ايران يدركون جيدا تمركز الصهاينة بالخليج على الضفة المقابلة لهم بقواعده وقدراته. ان الاحتمال العسكري بالحرب لن يتم الا اذا تأكدت امريكا ان ايران اقتربت من الوصول لسلاح ذري قد تدفع باتجاه العمل العسكري و تسعى لعقد تحالفات واسعة قد يكون اخر الخيارات فايران وخصومها يدركون مخاطره الكارثية و نعتقد ان سياسات ايران البراغماتية ستجنبها الحرب.الا اذا حدث طاريءواستجدت متغيرات لم تكن بحسابات الطرفين تغير كل الحسابات وبتقديرنا ان امريكا وحليفها العدو الصهيوني تستعد للحرب وكانها ستقع ومن هنا جاءت رغبة ترمب باقامة تحالف بين دول الخليج ومصر والاردن مع العدو عندما تشكل التحالف العربي لقتال الحوثيين. والحلف حسب القانون الدولي عبارة عن علاقة تعاقدية يتعهد المتحالفون بموجبه بالمساعدة المتبادلة. وعلى حكام دول الخليج والدول العربية ادراك ان امريكا لن تتدخل لحمايتهم وان بلادهم ستكون مسرحا للعمليات و ضحية اذا وقعت الحرب لاختلاف اهداف الحلفاء ويجب الاستفادة من دروس التاريخ فالعراق عندما انضم لحلف بغدادكان يعتقد ان الاتحاد السوفياتي هو الخطر ولما قامت ثورة 14 تموزلم يتدخل الحلفاء لانقاذ حكامه. كما ان حلف السانتو لم يؤيد باكستان في حربها مع الهند مما ادى لانسحابها والناتو لم يؤيد تركيافي قبرص عام 1974 كما رفض تاييدهاعام 2015 عندما اسقطت الطائرة السوخوي 24 الروسية كذلك امريكا لم تدافع عن السعودية عندما قصفت شركة ارامكو ولم تتدخل لانهاء الحرب باليمن بل تعمل لاطالتها..؟
ان دراستنا تعتمد بالدرجة الاولى على قراءة الواقع للاحداث ومايجري على الارض بشكل موضوعي وتحليله و توصيفه و توقعاتنا. ولهذا نرى ان دول الخليج والدول التي ستسير على خطاها اما مفروضا عليها التطبيع او متوهمة بانه طوق نجاة لحكامها ونحن على يقين ان امريكا وحلفاءها لن تقف معهم اذا نشبت حرب بينهم وبين ايران اذ لايمكنها تقديم اكثر من دعم بالطيران لان مشاعر الخطر متفاوتة والاهداف مختلفة. ان الخيارالسليم هو العمل الجاد للتضامن العربي ودعم الفلسطينيين لتطبيق القرارات الدولية والقمم العربية لاقامة دولة ذات سيادة. وتفعيل ميثاق الدفاع العربي المشترك والاتفاق على استراتيجية امن قومي وتعاون وتنسيق جدي. والحوار مع ايران وتركيا ودول الجوار العربي كاثوبيا لامن اقليمي وحل المشاكل سلميا ومنها سد النهضة.وتجنب الدخول بمغامرات كارثية
المآل الاقتصادي:
ان الدول العربية عدا الدول النفطية تعاني من التخلف والفقر وشظف العيش والبطالة وفقدان العدالة الاجتماعية وهذا يفسراسباب مايروجه الاعلام و يبشر به العملاء بان السلام مع العدو سيحقق نهوضا اقتصاديا و رفاهية للمنطقة. ان هذه (البروبكندا) تدليس وخداع للراي العام فمصرالتي مضى على توقيعها اتفاقية كامب ديفيد اربعة عقود؛ هل حققت تقدما وتطورا وامنت للشعب الخبز والجبن الذي وعد به السادات؟؟؟ام ازدادت معاناة القطاع الاكبرمن الشعب فقرا وجوعا؟ وهل ازداد دخل الفرد وتحسنت معيشته ام تدنت؟ فالجواب نجده في هتافات ثورة يناير و زئير الجماهيرنريد(عيش-حربة-عدالة اجتماعية(.
الاردن: ماذا حققت اتفاقية وادي عربة وهو يشهدبين الفينة والاخرى احتجاجات على غلاء الاسعاروالمحروقات وطلبا للخبز والعيش الكريم ويرفض بشدة التطبيع وما الفائدة التي جنتها موريتانيا. والسؤال الاهم هل استطاع الحكام فرض التطببع على الشعب؟ ان الجدوى الاقتصادية الحقيقية للتطبيع هي للعدو لهذابذلت منذ احتلال العراق2003 محاولات جدية لاعادة تشغيل خط نفط كركوك - حيفا الذي توقف عام 1948 ولازالت تبذل جهود مع العراق والاردن. وقد تنشأ بعد التطبيع خطوط جديدة من الخليج والعراق باتجاه المتوسط والبحر الاحمر بدعم اوربي امريكي كخطوط بديلة عن مضيق هرمز سواء للضغوط الاقتصادية على ايران أو استعدادا لحالة الحرب ان نشبت لافقاد مضيق هرمز اهميته الاستراتيجية ويتخلص الخليج والعالم من التهديدات الايرانية باغلاقه وتفادي ازمة نفط عالمية. كما نتوقع في ضوء ما يجري على الساحة الخليجية انه سيتم وصل خط نفط التابلاين الذي يمتد من القيصومةجنوب شرق حفر الباطن بطول1700 كم وكان مقررا ان يصل حيفا ولكنه توقف عند صيدا بلبنان بعد احتلال فلسطين عام 1948؛ ومنها ينقل النفط بناقلات بحرية لاوربا وامريكا. ان وصول النفط الى حيفا سيجني منه العدو فوائد عديدة منها تخفيض اسعار محروقاته25 %حسب تصريح وزير بيئته التحتية. ونطرح التساؤولات التالية: هل عند العدو الامكانية المالية لنهوض الدول العربية وتقدمها؟ وهل يملك الرغبة؟ ولماذا لم يساعد مصر والاردن..؟ ان من يملك الامكانات هي دول النفط العربي ولن يتغير موقفها بالتطبيع لدعم اقتصاديات الدول العربية الفقيرة.
الخلاصة:
ان اتفاقات الاستسلام لم تجلب الا البؤس ولم تحقق اي فائدة اقتصادية او زيادة في الدخل و لم تخفض البطالة...والعكس هو الصحيح فالفقير ازداد فقرا ومتوسط الحال صار فقيراوازدادت التعاسة والشقاء لهذا فهي مرفوضة من الغالبية العظمى للشعب العربي، بالاضافة لقدسية فلسطين و التفريط بحقوق شعبها. كما ان السلام النهائي الذي تبجح به نتنياهو في كرنفال التوقيع لن يحلم به ما لم يحصل الفلسطينيون على حقوقهم ان هذه التبجحات تدخل في اطار اسباغ هالة على دوره املا بحصوله على جائزة نوبل للسلام كالتي تقاسمها السادات مع بيغن ولاعاقة محاسبته على فساده وهي تدخل ضمن الحرب النفسية والاعلامبة. ان الزمن لن يتوقف والظروف تتغير والاحداث تتغير و ان الحاضر لن يكون صورة طبق الاصل عن المستقبل و الدول الضعيفة يمكن ان تصبح قوية والصغرى كبرى والعظمى لادنى فبريطانيا العظمى كانت الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس واقوى دولة بحرية و فرنسا كانت اقوى دولة برية و الاتحاد السوفياتي القطب العالمي الثاني انهار بين عشية وضحاها والصين لم يعترف بها يوم كان تعدادها 700 مليون في وقت كان يعترف بدول سكانها خمسة وعشرون الفا. وامريكا اليوم دولة قوية وموحدة فمن يضمن عدم تفككها كالاتحاد السوفياتي؟ فكم من امبراطورية قامت ثم زالت. ان تبشير ترمب بشرق اوسط جديد سبقه بوش ومستشارته للامن القومي كونداليزا رايس وعدد من رؤوساء امريكا منذ حوالي 70 عاما. لقد فشل الجميع لعدم ادراكهم حقيقة الامة العربية و حيوبتها وسر قوتها بداخلها و روابطها وثقافتها وتاريخها؛ضد اعداء ايديولوجيين من صهاينة وصليبيين فعقيدتها اعمق وتغوص جذورها في اعماق التاريخ.فهي ليست قومية تجمعت خلال 200 سنة او وليدة افكار لاشخاص ورغبات دول خلال 60 عاما ان صراع الامة مع اعدائها صراع مفتوح و لا يمكن انهاءه باتفاق اواحتفال مسرحي مهما طال الزمن اوقصر الا بحل عادل للقضية الفلسطينية واستعادة الحقوق حتى لوكلفت الف حرب بين كر و فر. ان للامم العريقة كبوات لقد احتل الصليبيون القدس مائة عام وتم تحريره وخضعت للحكم العثماني 500 سنة وللاستعمار الحديث عشرات السنين وحافظت على هويتها واصالتها. و ان بتمية الانتصار مرهونة بارادة الشعوب المكافحة و المناضلة. (وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون)
#محمد_أحمد_بكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشروع الروسي - السوري
-
معارضون سوريون يتصارعون و الشعب هو الضحية
-
دراسة مقارنة بين الدساتير الديموقراطية والاستبدادية الدستور
...
-
العام الخمسون لإنفصال سورية عن مصر
-
الحراك السوري: بين التغيير – والتبرير
-
القضية السورية...لا يملك احد حق التصرف بها
-
قراءة سياسية في خطاب الرئيس السوري بتاريخ 20-6-2011
-
اقتراح عقد مؤتمر في السفارة السورية بالقاهرة
-
تنظيم اللجنة العسكرية و أنقلاب 8آذار1963 في سوريه - دراسة مو
...
-
المؤتمر القطري العاشر....... فشل و عجز و أشهار أفلاس
-
حالة جديدة للطوارئ لترشيد التعذيب
-
القيادة للشعب و ليست لفرد أو حزب
-
صحوة الموت ـ و رفسة المحتضر
-
المؤتمر القطري بين الصحوة (الوطنية) و ساعة الصفر
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|