أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - ( أنينُ الجِسرِ : وفراكُهُم بَجَّانِي )!














المزيد.....


( أنينُ الجِسرِ : وفراكُهُم بَجَّانِي )!


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6686 - 2020 / 9 / 24 - 04:19
المحور: الادب والفن
    


(كُتِبَ النَصُّ في مقهى الشاهبندرعلى ضِفافِ دجلة الخير)

إِستَرَقَ سَمعِي أنينَ الجِسرِ وإذ هو يَتَغَمغَمُ خُفيَةً ويُتمتمُ :
إِيِهٍ بَغدادَ يَا دَارةَ الرَّشيدِ!
صَومُ العَوَامِ شَهرٌ كُلَّ عَامٍ مُتَوَاكِلٌ مُتَنَقِّبٌ , وصَومُكِ سَبعَةَ عَشَرَ عَاماً متَوَاصِلٌ مُتَعَقِّبٌ !
عُذرَاً بغدادَ, إِذ أُنَاجِيكِ وإذ يَغشَاني غَمٌّ شَارِدٌ مُتَرَقِّبٌ !
(أَمَّن لِي بِبَغدادَ أبكِيها وَتَبكِيني)؟
وَلَئِن كَانَ لِلأفئِدةِ أن تَهوى مَدَائِنَها , فأنَّى لِفؤادي إرتِقاءٌ في هواها مُتَيَّمٌ مُتَهَيِّبُ !
أَمَّن يُفتِينِي بَرَسمٍ كَرَسمِ بغدادَ مِن لُؤلُؤِ البَحرِ إنبَجَسَ وَجهُها فَتَجَسَّم , فَعَلا ثمّ علا ثمّ علا فتجلّى في بأسِ التّبَرُّمِ فَعَرَشَ هناك وَنَجَم!
أَمَّن يَأتينِي بإسمٍ كَإسمِ بَغدادَ مِن بُؤبُؤِ الزَهرِ أقتَبَسَ حَرفُها فَتَبَسَّم , فدنا ثمّ دنا ثمّ دنا فَتَدَلى في كأسِ التّبَرعم ففرشَ هناك وَوَشَم !
(قَد عَشَّشَ الحُزنُ - يا بَغدادَ - حَتى في رَوَازيني )!
مَا بَالُ جَبينُكِ يَتَصَببُ عَنبَراً يَا شَمعَةَ الأعيَادِ ! أَفَعَليلَةٌ أنت ! مَابَرحتِ تَسخَرينَ منَ عِلَلٍ وكُلِّ ضَمادِ ! فَإن غَزاكِ دَاءٌ كَفَرتِ بهِ بِلَمزٍ وإلحادِ !
أَفهُوَ ضِغثٌ مَرَّ بغَفوَةٍ ؟ كيفَ وأنت ألشاهدٌ على النّجمِ والأشهَادِ ؟
حَدَّثيني بَغدادَ ولا تذريني أغمغمُ وبعداً للصمتِ والهجر والإبعاد , فَثَنايايَ لا تَتَبَسَّمُ إلّا بكِ ومِنكِ ومَعكِ وإليكِ يا بَهاء نَسبي وأجدادِي .
افغاضبةٌ أنت من خنوعي يا سَماءَ عِزَّتي وأمجَادِي , وكبرياءَ والدي وأولادِي , ويا رِداءَ الفخرِ للأحفادِ.
إنهَضي بَغدادَ..
إنهَضي بَأسَاً يا مَربَضَ الآسَادِ بَينَ الأممِ, وَمَقبضَ الأوتَادِ بَينَ الخِيَمِ . إنهَضي فَادحَضي رِجسَاً , يَا سُؤدَدُ الأجنادِ فَوقَ الحِمَمِ .
شُدِّي عَلى الأحزَانِ وَتَبَسَمي , يَا غَدير الدَّوْحِ والسَّوادِ ,
مُدِّي عَلى الأفنَانِ وتَنَسَمي , يَاهَديرَ الرَّوْحِ وَالأجسَادِ , شُدِّي ومُدِّي فمَا أنتِ بِرَقمٍ نُكرٍعَابِرٍ, بَل..
أنتَ مَن صَكَّ الرَّقمَ للأفرَادِ ودكَّ العظمَ للأسيَادِ.
كيفَ الصَمتُ ! وسَمتُكِ بغدادَ نابِضٌ بِتَغرِيدٍ وإنشَادِ , وَنَحتَكِ رَابِضٌ عَلى قِمَمٍ وَأطوَادِ , وَنَعتُكِ رَافِضٌ كُلَّ صَمتٍ وَحِيادِ!
صَمتُكِ بغدادَ لَمُوجِعٌ لِخَافِقِي وَكُلِّ الجَوارحِ تُبَّعٌ لهُ بانقيادِ ! مُوجِعٌ حَتى لِمَن يَمَّمَ رُمحَهُ صَوبَكِ وكانَ وإياكِ في تَضَادِ ! صَمتٌ مُكَمِّمٌ لِأنفاسِ الحِكمَةِ وَأقبَاسِ الرَّشادِ.
كيفَ الصَمتُ ! كيفَ أجيبُ أَهلُ الضَّادِ ومَا انفَكُّوا يَتَحَسَّسُونَ مني أَنباءَكِ يَا نَداهُمُ وَندىَ العِبادِ والبِلادِ .
أنتِ المَناقِبُ للضَادِ وأنتِ المُعاقِبُ لِكُلِّ ضَادِ؟
تَفَوَّهي يا بَيتَ الرَّشيدِ ويا قَارِبَ السّندبادِ ,
لا تَتَأوَّهي وأنتِ المُهَلِلُ للعاكِفِ والمَضيفُ للبَادي.
ثمَّ...
أطبَقَ أنينُ الجِسرِ في صَمتٍ كَظيم , فَتُهتُ أنا في صَحارى أنينُ صمتَيهما بغداد والجسر , وبَدَأتُ أتَحَسَّسَ سبيلاً لِأنجَادِي:
لعلَّ الأمرَ عارِضُ رِيحٍ صَرٍّ جَاءَ بها زُرّاعُو ضوضاء وكُفرٍ وإلحادِ , وأذنابٌ مِن خَلفِهم غوغاء وأوغَادِ , تَبغي أَحرَاقَ الخيمةِ والعمادِ , وتَنوي إغراقَ النّخلةِ والعِنادِ , وآنَ أوَانَ فَتحِ البابِ وصَدِّها بوِحدةٍ وإتِحَادِ..
فَذي (التَّحريرُ) تَقدَحُ:
نحنُ الأصابعُ على الزنادِ وسيفٌ كارِهُ الأغمادِ , فلا عَزاءَ , لا حداد.
وذا (سوقُ الصّفافيرِ) يَجنَحَ لِصُنعِ مَفاتِحَ القيدِ والأصفادِ , وذا (مقهى عزّاويّ) يَصدَحُ بِرَنَّة الشّاي ليُضَيّفَ أكارِمَ الخِلّانِ والرّوادِ, وذي (ساحة الميدانُ) تَمنَحُ مُستَبشِرَةً (سوقَ السّرَايَ) قِلادَةَ الحَرفِ والمِدادِ.
(شَارعُ الرَّشِيدِ) وخِلُّهُ (السَّعدَون) تَهامَسوا أمرهم بينهم عندَ مَجمَع بَحرَيهِما (نَصبُ الحُريَّةِ) : نحنُ المُنتُدى للوِدٍّ ونحنُ المُفتَدى للجَهادِ.
وذاكَ (حَجي مُقدَادَ) نَادى عُكازَهُ المُزَخرَف:
(إنّي لَفي شَوقٍ لخُطوةٍ رُوَيدَاً , رُوَيدَاً على (الكورنيش) , مُتَأنِقاً بسِدارتي الحَنونِ السَّوداءِ ورفيقتي عُكّازتي من خيرةِ الأعواد) .
وذاك (جَمُّولِي) صغيرُ الحيِّ , الفتى المُلَقَّب (قِمبيزَ) :
(إنّي لَفي تَوقٍ لِسَطوَةٍ على صَدرِ مَقعَدِ طابقٍ علوِيّ لِحافلتي الميمونِ الحمراء , وأناعلى أهبَةِ الإستِعدادِ).
(أُم جَمُّولي) أراها مُزَغرِدَةً :
(إنّي لَفي جَذوَةٍ لِسُوقِ حَيّنا ذي البَرَكاتِ والإمدادِ , وسأعودُ مٍنهُ تَمايِلاً بأنفاسٍ مُجتَرَّةٍ لاهِثَةٍ وخُدُودٍ مُحمَرَّةٍ بَاعِثةٍ ببسماتٍ وإسعادِ , سأَقبِضُ بِشِمالي بِحقيبَتي على رَأسي وبِيَميني على عباءتي تُشبِهُ المِنطادِ ).
أنَّكِ بَغدادَ في ذَرى العَافيَةِ؟
مَا كَذَبتُ أنا ؟ ومَا هي بشِيمَةٍ ليَ! فَهَيّا بغدادَ لنَسمَعَ فَنَستَمتِعَ بِنَبَراتِ صَوتِكِ مُؤَطَّرَةً باشجانِ زِريَاب ومُعَطَّرَةً بِالحانِ التَّاريخِ كُلِّهِ وهي تَأمُرُ(عَزاويّ) بِصَحنِ فطورِها (كاهيّ وقَيمر) وليَعزِفَ بِمِلعَقَةِ الاستكانِ نَغَم (البستنگار الشَّجيِّ - ياحلو يابو السدارة) ولتَتَهادى حَبَّاتُ المَسابِحِ هُوَيناً هُوَينا وحَبَّةً على حَبَّةٍ وَلِيَصدَحَ المَقهى عَالياً بمقام البيات:
((وفراكُهُم بَجَّانِي جالمَاطِليَه بالضِّلع , بِيك أشتِرَك دَلّالِي يكلُون حُبِّي زَعلان ,
آآآآآآآه.. يا كَهوِتَك عَزاوي بِيها المدَلَل زَعلان)).
آآآآآآآه.. وإِيهٍ بغداد..
أَوَمِن رَحلِ إستِبدادٍ خَرَجتِ , إلى وَحلِ أَوغَادٍ وَلَجتِ!
فَدَتكِ عَينُ العَينِ وَفَلَذَةُ الأَكبَادِ.



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسةٌ بقلم -الفيلسوف- عنترة بن شداد
- تأملات في أمواجِ فنجانِ قهوةٍ عربيٍّ
- ( سَأُحاجِجُكِ عِندَ ذي العَرشِ أُمَّاهُ )
- *لا قُبحَ في الوُجُودِ*
- * خَرِيفُ العُمرِ*
- * رِحالُ الكَلِماتِ!!!*
- *نَواميسُ الصُدفَةِ*
- والله إنَّ هؤلاءِ لرجالُ مخابراتٍ
- إي وَرَبِّي : إِنَّ الأَرضَ بِتِتكَلِّم عَرَبيّ
- -لحظةَ أنْ سَبَّحَ البُلبلُ وسَبَحَ في صحنِ الوَطن-:
- (أيُّ الفَريقينِ لهُ حقٌّ أن بِضِحكاتِهِ يَزأر)؟


المزيد.....




- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...
- المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - ( أنينُ الجِسرِ : وفراكُهُم بَجَّانِي )!