أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام الزغيبي - سرحان بين الغيط والبيت...














المزيد.....

سرحان بين الغيط والبيت...


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 6676 - 2020 / 9 / 14 - 00:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كثير مما نعيشه في واقعنا المعاصر، حكايات وقصص وأساطير وخرافات، تعبر عنا وعن أحوالنا وظروفنا التي نعيشها، وكانت طريقة سرد هذه حكايات مشوقة في أغلب الأحيان تسرح بمخيلتنا إلى عوالم غريبة نوشك أن نراها ونعيشها.
من هذه الحكايات، التي مازالت ملتصقة بنا، حينها كنا تلاميذ في المرحلة الابتدائية بمدرسة اللواحي في شارع يحمل نفس أسم المدرسة، وهي من أوائل المدارس التي نشأت في المدينة القديمة في وسط لبلاد في بنغازي، وكانت عبارة عن حوش عربي كبير به عدة حجرات" فصول" وحجرة الناظر وحجرة المدرسين، وكانت هناك صنابير مياه للشرب تصب في حوض مستطيل. ودورة مياه. ووسط حوش" فناء"..يجري فيه التلاميذ في الاستراحة بين الحصص.
في تلك المدرسة لم يكن هناك أي مكان متاح لممارسة نشاطات..رياضية أو فنية،" شأنها شأن باقي مدارس منطقتنا ذاك الوقت"، وهي الهوايات التي كانت تستهوليني منذ الصغر..
في سنوات تلك المرحلة الجميلة من أعمارنا، كانت دروس المحادثة والقصص التي كنا نتلقاها في كتاب المطالعة من المنهج الدراسي المصري، والتي لا زلت اذكر بعضها مثل قصة "القرود وبائع الطرابيش" وهي ضمن القصص التي طالعها الفصل الدراسي الذي كُنت ضمن تلاميذه، والتى تتناول أحداثها القليلة قصة بائع طرابيش (متجول)؛ انتهزت مجموعة من القرود انشغاله بتسويق بضاعته لأحد المارة، فخطفت بعض طرابيشه من سلته التي يحمل في متنها بضاعته ـ من الطرابيش ـ وصعدت بها إلى شجرة كبيرة عالية.
وقصة العنزات الثلاثة والذئب، وقصة ( سرحان بين الغيط والبيت)،وقد بلغ من تأثر جيلنا بمثل هذه القصة، أني ما زلت أتذكرها حتى الآن، كما أتذكر عنوانها بالضبط، والصورة اللطيفة المصاحبة لها، والتي يظهر فيها سرحان، التلميذ الصغير، وهو يحمل خروفا صغيرا ويضمه بذراعيه إلى صدره.
هذه القصص كنا نتخيل أحداثها ونحاكيها أثناء الدرس أو بعده وبمتعة كبيرة تثير الضحك من شخصية سرحان الذي يقع في مقالب كثيرة ومضحكة في رحلته من (البيت) إلى الغيط (الحقل)، وهي قصة تربوية عظيمة تدعو إلى التفكير والإبداع وتطفئ النمطية والغباء، ومفاد هذه القصة أن سرحان كان حرفيا في سلوكه غير مبدع ولا مفكر، فعندما أرسلت أمه معه بعض النقود لجدته حملها سرحان في يده فسقطت منه في الطريق وهو لا يدري، فعاد سرحان يبكي فقالت له أمه: لقد أخطأت يا سرحان بحملك النقود في يدك، كان عليك يا بني أن تضعها في جيبك، وعندما أرسلت معه كمية من الزبد لجدته تذكر نصيحة أمه السابقة، فوضع الزبد في جيبه، وأنصهر الزبد من الحرارة وحدث ما حدث، فرجع باكيا إلى أمه فقالت له: كان عليك يا سرحان أن تحمل الزبد في يدك، وبعد مدة أرسلت معه خروفا صغيرا لجدته، فتذكر آخر نصيحة لأمه فحمل الخروف بين يديه، فأنهكه التعب واتسخت ملابسه فقالت له جدته: كان عليك أن تربط الخروف في حبل وتجعله يسير خلفك، وعندما أرسلت معه دجاجة إلى جدته تذكر نصيحة جدته يوم الخروف، فربط الدجاجة من عنقها وجرها خلفه فاختنقت الدجاجة وماتت ..
ربما يكون سرحان بسبب ضعف قواه العقلية، مثال واضح على ارتكاب عدد غير محدود من الحماقات، ومثال " سرحان" يلوح في ذهني كلما شاهدت أداء هؤلاء الذين تسلموا مقاليد الحكم في ليبيا، في السنوات الأخيرة، الذين تركوا الأمور العاجلة التي تحتاج لحسم ، حتى وصلت بأدائهم السيئ إلى مستوى الكارثة، وتركوا كذلك أمور أخرى تحتاج الى رؤية وعدم تسرع، تجدهم يندفعون دون أي تفكير فتكون الكارثة الكبرى.
من المؤلم أن الارتباك وقصر النظر وعدم وضوح الرؤية، وفقدان الحكمة، كانت هي السمة السائدة من سمات القائمين على الحكم في ليبيا في السنوات العشر الأخيرة وما قبلها، حتى وصلت إلى أقصى درجات الحمق، الذي وصفها الشاعر بقوله: "لكل داءٍ دواءٌ يُسْتَطَبُّ بهِ...إلاّ الحماقَةَ أَعيتْ من يُداويها"...



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العم جورج وأنا والأسماك..
- العم جورج وأنا والأسماك
- رحيل عاشق السينما..مروان عكاوي
- الشعالية.. والهلال..وأنا
- تريبونة الظل...ملعب البركة..
- المعنى والصدى- لجمال حيدر- كاتب مثابر يدوّن سطوره بحبر القلب
- البني آدم والانسان...
- بوش وترامب والكتاب المقدس...
- صديقي.. مدمن المحاكم...
- تائه في أومونيا....
- في أثينا.. بدأ (الحوار) ولم ينته بعد
- هل تكون نهاية -فيس بوك- على يد توكل كرمان..
- قانون ساكسونيا الليبي...
- اليوم يا غريفة فيك الضي..
- لا تذم ولا تشكر إلا بعد سنة وست أشهر..
- الليبيون والسخرية من فيروس الكورونا...
- الحياة في زمن كورونا...
- من وحي كورونا ...
- حارس المدينة المتعبة وميلاد صوت شعري جديد
- رواية تمر وقمعول ... ابداع السرد


المزيد.....




- أدميرال متقاعد يوجه نصيحة لهيغسيث وزير دفاع ترامب وسط جدل مح ...
- عاصمة السهر الأوروبية في خطر..الجيل -زد- يهدد مشهد الملاهي ا ...
- سحر الظلال.. مصور يلتقط جمال الحياة البرية تحت أشعة الشمس
- بكين.. انهيار جسر نهر تشاوباي إثر حريق مفاجئ (فيديوهات)
- الشرطة الإسرائيلية تبحث عن شخص فُقد أثره بعد هجوم لسمكة قرش ...
- اجتماع لندن: ترامب يمنح أوكرانيا -فرصة أخيرة- ويقدم مقترحا ل ...
- انتكاسة قضائية ثانية لإدارة ترامب في مسعاها لإغلاق -صوت أمري ...
- العراق يبدي اهتماما بالطائرات المسيّرة الروسية -كوب- و-سكات- ...
- طرد ضابط استخبارات مولدوفي سابق من روسيا بعد الكشف عن أنشطته ...
- شي جين بينغ: حروب الرسوم الجمركية تقوض نظام التجارة متعدد ال ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام الزغيبي - سرحان بين الغيط والبيت...