أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح الجاسم - (الهذيان الشعري الضاج بسحر يرقات الضوء !)














المزيد.....

(الهذيان الشعري الضاج بسحر يرقات الضوء !)


صباح الجاسم

الحوار المتمدن-العدد: 6674 - 2020 / 9 / 12 - 20:08
المحور: الادب والفن
    


قراءة في قصيدة سامي العامري ( ما أشارت له النجوم )
ــــــــــــــــــــ
أخطر ما طالعني في قراءة قصيدة الشاعر سامي العامري هو نعته لها بـ " ذات الفلقتين" وهو ما أثار لدي رجع ذكرى لما كنت أطالعه قبل خمسين عاما. فهذا التعبير يذكرني بهذيان قصيدة للشاعر الإنجليزي صمويل تايلر كولريدج في قصيدته – قبلاي خان- . في ذلك النص كان الشاعر يعاني من اضطراب ثنائي القطب والذي تعذّر أثناء حياته تحديد علته، وقد حدثنا في قاعة الدرس أستاذنا الراحل د. سلمان الواسطي كيف أن الشاعر صادف في طريقه أحد القساوسة وكان يهم بالصلاة بمن تجمع في الكنيسة إلاّ أن الشاعر أمسك بإزرار عباءة القس وصار يقول الشعر. ولما جاهد القس للتخلص من قبضة الشاعر وعجز اضطر إلى أن يستنجد بمقص من حقيبة يده ويقص الأزرار الممسك بها الشاعر.
الغريب في أمر هذيان الشاعر كولريدج أنه بقي ممسكا بأزرار عباءة القس حتى بعد أن انتهى القدّاس وعاد القس في نفس طريقه ليجد الشاعر ما يزال ممسكا بأزرار عباءته المقطوعة ويقول الشعر!
تبدأ قصيدة الشاعر سامي وكأنه يسر بحكاية نبيلة لحبيبته، لكنه سرعان ما يشغلنا بحكايته فنغدو كلنا أحباءه! وهنا تشرع اليراعات الشعرية ببعث ضوئها الوامض! انها قصيدة ( النشرة الضوئية الوامضة ).
سأسميها – بعد إذن الشاعر – القصيدة الحباحبية – بنفحة من الرومانسية – السوريالية . والحباحب هي كائنات أو يرقات عادة ما تتواجد في الغابات وتطلق أضواءً في العتمة فتضج الغابة بقناديل ضوء.
أرى عبر سنوات الغربة أن لها تأثيرها على ما يكتب من قصائد في مجال التحليل النقدي لما تمتاز به من صور فاتنة موزونة جماليا.
وهذا ما نلاحظه ابتداءً :
" سوى حُبِّك المشتهى للأبَدْ
ليس عنديَ من مُعتقَدْ
وأنت النجومُ وترفل حولي
وليس بوسعي
أن أنثني فأعدَّ كؤوسي
فكيف أعدُّ على الأرض
نجماً تناثر من غير حَدْ ؟"
فشعره مُرسل بلغة بلاغية انسيابية إذ يختصر مسافات البعاد بينه وحبيبته فيقلصها متحديا لواقع السلطات الحدودية أرضيةً كانت أم قدرية !
أما معتقد الشاعر فليس بأكثر من الحب ! وهل هناك عاطفة أكبر منه .. هل هناك نبي لا يتواضع بظله .. هل من ربٍ لا يتيه بدونه ؟
من ثم تذهلنا ومضات التورية والإستعارة ، فنشاركه ما يعاني من ألم التباعد ولا من مدد :
" حتى تصيحَ جراحاتُ قلبي: مَدَدْ !"
كما يحذر الشاعر من النظر إلى الوراء ! يكتب جون أوزبورن : أنظر إلى الوراء بغضب! وعلى غرار ما تنشد -أصالة نصري- من شعر نزار قباني: إغضب
يقول الشاعر ويحذر :
" وحين أعود بذاكرتي للوراءِ
أكون كمَن يتجوَّل في حقل ألغامْ "
وينصح :
" فإذنْ ليس عندك يا واهماً
غير أن تَتخطّى المسافات
دون زمانٍ ولا ذكرياتٍ
وأن تتحرَّرَ،"
التحرر من ماذا ؟ من كل قيود التاريخ والتقاليد والمبالغات التي لا نفع فيها بل كل الشرور والبلاء .. هذا ما أشار إليه بغمزة استعارته التاريخية الفلسفية :
" وإنْ تسألي
فلِأمرٍ بنفسي
ولا دخلَ فيه ليعقوبَ "
هل أراد لاوعي الشاعر القول ( لا ذنب ليعقوب )! كما ورد في سفر التكوين 18/ 29-27 " أن إسحاق عليه السلام لما كبر وكفّ بصره دعا إبنه عيسو، وهو الأكبر، وحسب التقليد لديهم فإن البركة تكون للأكبر، وطلب منه أن يصطاد له جدياً ويطبخه حتى يباركه، فذهب عيسو للصيد كما أمره أبوه، إلاّ أن أمهما كانت تحب يعقوب - وهو الأصغر- أكثر من أخيه عيسو، وأرادت أن تكون البركة له، فدعته وأمرته أن يحضر جدياً فيطبخه، وأن يلبس ملابس أخيه، ويضع فوق يديه جلد جدي حتى يبدو جسمه بشعر مثل جسم أخيه عيسو، فيظن إسحاق عليه السلام أنه هو فيباركه " وهذا ما حصل فلا ذنب ليعقوب فعلا .. الخ – تلك هي خزعبلات التاريخ والأساطير .. واقع الحال يختلف تماما أمام بداوة جلفاء قاحلة السلوك.
إنها قصيدة اللغة المصاغة بضوئها المشع الجامع بين المنطقي مع الهذيان العاطفي والوعظ الفلسفي.
وإذن ، يختتم الشاعر هذيانه المعرفي بالضربة الشعرية :
" أن تتسلّحَ بالخمرِ لا الصبرِ
منتقماً من خداعكِ للذات شَرَّ انتقامْ !" فالصبر هنا خنوع قدري – وقد خرجت عليه ام كالثوم حقا – أما الخمر فهو الحركة المفعمة بالإصرار والإقدام والتجاوز على حالة السلب والكسل. وهو الحراك الذي يحرّك حتى جنّات الخلد.
استعارة راكزة .
وبعد .. السؤال يتساءل : أين هي الحبيبة من كل هذا ؟ إنها داخل شغاف قلب الشاعر يهمسها وتهمسه ويطرق بابها ثم يستدرك ملتفتا إلى وطنه وشعبه. الشاعر أمام خيارين – وهو ما يعانيه اليوم ويفلق له فؤاده : أيدلف عبر باب جنته أم ..
ذلك هو هذيانه الوطني. وعسى أن تحتدم غيوم الشاعر وتعلن حرائق صواعقها وننتهي ويرتاح الشاعر ، فهل سيرتاح حقا؟..

ما أشارت له النجوم
ــــــــــــــــــــــــــ

سوى حُبِّك المشتهى للأبَدْ
ليس عنديَ من مُعتقَدْ
وأنت النجومُ وترفل حولي
وليس بوسعي
أن أنثني فأعدَّ كؤوسي
فكيف أعدُّ على الأرض
نجماً تناثر من غير حَدْ ؟
وإنْ تسألي
فلِأمرٍ بنفسي
ولا دخلَ فيه ليعقوبَ
بل إنني لأباركَ حُبَّك رغمَ الندوبِ
ورغمَ التجنِّيَ
حتى تصيحَ جراحاتُ قلبي: مَدَدْ !
ــــــــــــــــــ
ليس يجدي لمثلي التوقفُ
في حضرة (الآن) كلا
وما من عبير ينادي على رئتي من بعيدٍ
فتلحقُهُ في الأصائل سائرة للـ ( الأمامْ )
وحين أعود بذاكرتي للوراءِ
أكون كمَن يتجوَّل في حقل ألغامْ
فإذنْ ليس عندك يا واهماً
غير أن تَتخطّى المسافات
دون زمانٍ ولا ذكرياتٍ
وأن تتحرَّرَ،
أن تتسلّحَ بالخمرِ لا الصبرِ
منتقماً من خداعكِ للذات شَرَّ انتقامْ !

ــــــــــــــــــــــــــ
برلين
أيلول ـــ 2020



#صباح_الجاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة الممثل الأمريكي فال كيلمر عن عمر يناهز 65 عاماً
- فيلم -نجوم الساحل-.. محاولة ضعيفة لاستنساخ -الحريفة-
- تصوير 4 أفلام عن أعضاء فرقة The Beatles البريطانية الشهيرة ...
- ياسمين صبري توقف مقاضاة محمد رمضان وتقبل اعتذاره
- ثبت تردد قناة MBC دراما مصر الان.. أحلى أفلام ومسلسلات عيد ا ...
- لمحبي الأفلام المصرية..ثبت تردد قناة روتانا سينما على النايل ...
- ظهور بيت أبيض جديد في الولايات المتحدة (صور)
- رحيل الممثل الأمريكي فال كيلمر المعروف بأدواره في -توب غن- و ...
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- رحيل أسطورة هوليوود فال كيلمر


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح الجاسم - (الهذيان الشعري الضاج بسحر يرقات الضوء !)