يزيد عاشور
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 6671 - 2020 / 9 / 8 - 16:24
المحور:
الادب والفن
شاءت ادارة البلدية أن تحول البناء المقابل لبيتي الى سكن مأجورعادة ما يكون لذوي الدخل المحدود يعني ليس اوتيل ولا موتيل ولا مدري شو عمارة كاملة اسمها بالسويدي vandrarhem خلينا نسميها نُزل ونخلص المهم أن حظي جعلني أجاور بناء ثابت وسكان متحولين
نافذتي على موعد مع ناس جديدة بشكل دائم
صارت عادتي أن أختلس النظر علني أرى ما خلف الشبابيك الخالية من الستائر ومن حسن حظي أن نوافذ العمارة النزل كبيرة واسعة تمنحني فرصة جيدة كي أشاهد كامل الغرف تقريباً . طلاب من مدن غريبة - عمال فتيات غريبات لا يكترثن لنظراتي الفضولية والوقحة أحياناً طالما أنهن لسن مقيمات لأجل طويل ولا يعلمن أني أنا الأخر مثلهن غريب
رجل يبدو أنه أسيوي كل صباح يفتح النافذة وقد تحزم بوزار حريري يرفع رأسه للسماء صوب الشمس يحرك يديه مرة على طريقة عبادة الهنود كأن يضع الكف على الكف ويرفع يديه كسيف في منتصف الوجه ثم ما يلبث أن يبسط راحتيه كما لو أنه يقرأ الفاتحة على طريقة المسلمين ليختم صلواته بنصف تصليب على صدره حينها يزم أصابعه ويرفعها حتى جبينه ثم يسقطها كي تتلاشى قبيل وصولها للسرة
يغلق النافذة بحركة توحي بأن يومه أبتدأ والألهة راضية عنه
اليوم شاهدت فتاة ربما كانت من احدى الجمهوريات السوفيتية أو تلك الدول التي ينتهي أسمها بايا مثل رومانيا بلغاريا ألخ فاتنة مكتنزة ناضجة كحبة خوخ في موسمها
تقدمت من النافذة وهي تحمل صينية فيها ثلاثة أكواب خشبية بهدوء وروية كانت تحمل الصينية بكلتا يديها وبحركات موزونة كما لو أنها صبية تتقدم بصينية القهوة لأهل خطيبها وقد رسمت كل ما تعملته من حياءعلى محياها ومشيتها فتحت النافذة تأملت الفراغ نظرت ألي بطريقة غير مبالية كما لو أني لم أكن موجود أفرغت الماء من أول كأس صمتت أفرغت الكأس الثاني من النافذة وضعت يدها على صدرها برهة ثم أفرغت الكأس الثالث مدت رأسها من النافذة نظرت الى موطيء سقوط الماء
يبدو كما لو أنها تخلصت من عبيء ثقيل وأكاد أرى ابتسامتها.تنفست الصعداء حينها فقط قررت أن تنظر صوبي لوحت بيدها وأغلقت النافذة دون أن تنتظر مني رد السلام
#يزيد_عاشور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟