حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 6669 - 2020 / 9 / 6 - 14:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لعله أفلاطون هو من وصف أستاذه سقراط بأنه كالذبابة التى تلدغ الخيل فتدفعها إلى الحركة، قائلاً إن حواراته الفلسفية تلدغ البشر وتدفعهم إلى التفكير والتبصر، وهو تعبير أطلقه سلامة موسى على نفسه، حين قال: «إنني العضو المقلق للمجتمع المصري مثل ذبابة سقراط أنبّه الغافلين وأثير الراكدين وأقيم الراكعين الخاضعين».
على صلة بهذا قال سلامة موسى عن نفسه أيضاً: «إنني موفق دائماً في كسب الأعداء»، ولا نعلم أفي سياق النقد الذاتي أتى هذا القول، أم في سياق التباهي، ولكنه كان يشير فيه إلى المعارك التي يثيرها على أكثر من جبهة.
ولم تكن معارك سلامة موسى سياسية فحسب، ضد الجمود والتخلف والتبعية، وإنما لم يتردد أيضاً عن خوض معارك أدبية مع مجايليه من كبار أدباء مصر مثل زكي مبارك وتوفيق الحكيم والدكتورة بنت الشاطئ وعباس العقاد، لا بل وحتى مع طه حسين، على الرغم من أنه كان مثله ينطلق من الأرضية التنويرية ذاتها، فكان سلامة موسى يرى أن طه حسين والعقاد أنفقا وقتهما في دراسة الماضي قبل ألف ومئتي سنة، هاربين من مشكلات وقضايا المجتمع الحديث.
وإذا كان هذا يصح بنسبة كبيرة على العقاد، فإنه من الجور أن يرمى به طه حسين الذي وضع من المؤلفات ما يعد خريطة طريق لا لزمنه وحده، وإنما للمستقبل أيضاً خاصة في مجالي التعليم والثقافة.
بعض من تقصوا سيرة سلامة موسى لاحظوا أنه على الرغم مما كان يظهر عليه من تواضع في سلوكه وتعامله مع من هم حوله، إلا أنه كان شديد الاعتداد بنفسه، ربما حد النرجسية أحياناً.
وطبيعي أن الآخرين لم يكونوا ليصمتوا إزاء هجومه عليهم وعلى أفكارهم ومن أولئك العقاد الذي كتب ضد موسى نقداً لاذعاً. وعلى سبيل المثال اختلف سلامة موسى مع طه حسين عندما دعا الأخير إلى ترجمة أعمال شكسبير إلى العربية، حيث رأى أنه من الأجدى ترجمة الكتب العلمية كي تستفيد منها الأمة في النهضة والعلم، واصفاً شكسبير بأنه، مثل المتنبي وأحمد شوقي، يكتب أدبا للملوك لا للشعب.
رغم حدة معاركه مع زملائه أظهر سلامة موسى مروءة لا يتوفر عليها الكثير من مثقفي اليوم، فحين طردت الجامعة طه حسين، وقف معه موسى وقفة شجاعة ضد ديكتاتورية إسماعيل صدقي وكتب يقول: «إذا كان هناك من يظن أن طه حسين وزملاءه من الأدباء الأحرار انهزموا أمام الرجعية الواثبة فهو مخطئ، لأنه يأخذ بالظواهر، ولو تأمل لم يجد بداً من الاعتراف بأن هؤلاء الأحرار منتصرون، إن لم يكن اليوم فغداً».
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟