ساعة بقرب الحبيب

جمال المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 1600 - 2006 / 7 / 3 - 04:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يتوقع الكثيرون بأني سأستضيف في عمودي هذا بعض نجوم الفن اسوة بالبرنامج اللبناني المعروف الذي يحظى به احد المعجبين ليجلس بجانب احدى الفنانات لمدة ساعة واحدة امثال نبيلة عبيد وبوسي وفيفي عبدة وغيرهن من فناناتنا العربيات .
ولكني اطمئن القراء باني لن استضيف أي فنانة لاعربية ولا عراقية ،وانما استضيف فيه المواطن الاشد تذمراً والأكثر لوعة وألام التي تسهر على اطفالها وهي (تهفي) لهم من اجل ان يناموا تحت نسمة هواء من (مهفة) صارت ملازمة للمواطن العراقي في القرن الواحد والعشرين .
ساعة بقرب الحبيب ..البرنامج الذي أُقر اجبارياً على المواطن .. (5) ساعات قطع مقابل ساعة كهرباء او (11) ساعة قطع مقابل ساعة كهرباء وما عليك الا ان تلصق لنصف ساعة خدك الايمن على المبردة والخد الايسر في النصف ساعة الثانية .
او ان تهرع ربة البيت للاستفادة من الساعة في تشغيل الغسالة لتغسل اكبر عدد من ملابس اطفالها الذين يستهلكون الكثير منها يومياً لانهم دائمو اللعب واللهو ,وقد تزداد حيرة عندما يطلب منها زوجها ان تكوي له بنطلوناً وقميصاً لأن الكهرباء قد (هلت) مثل هلال رمضان وقد تسبب هذه الطلبات في مشكلة كبيرة تهز كيان العائلة .
هذه الساعة بقرب الحبيب قد لاتستمر كما هي ،فقد (تقطع) اوصالها الى ارباع الساعات ويجتزاون منها دقائق معدودة لتصبح نصف ساعة بقرب الحبيب وما على الزوجة الا (الهرولة) لتلحق بعالم السرعة في القطع الكهربائي اللامبرمج .
وبينما وصل العالم الى المريخ رجعنا نحن العراقيون الى الوراء تاريخياً الى زمن المهفة واللالة والجولة والتنكة(الجرة) ،وبدلاً من ان يعيش المواطن في برج عالِ او ناطحة سحاب لملم اغراضه وبنى له بيتاً من الصفيح في (القرن الواحد والعشرين) ليلم به زوجته واطفاله لانه غير قادر على توفير السكن الملائم بسعر معقول مع الزيادات الكبيرة في الايجارات .
حيرة المواطن العراقي كبيرة ،ماذا يفعل في ساعة واحدة عليه التفكير عميقاً في الاستغلال العلمي لهذه الساعة فلا مجال ,لاضاعة الوقت فالدقيقة والثانية محسوبة والهدر في عصر السرعة مرفوض ..مرفوض…
في زمن التكنولوجيا الذي يستخدم العالم فيه كل الاجهزة (بالرموت كونترول) لازال العراقي يستخدم الادوات اليدوية البدائية ويجهد يديه ورجليه في الاشغال الشاقة التي فرضتها عليه الازمات من كهرباء وبنزين وحصة تموينية ووقوف في الطوابير وركض خلف عربات بيع الغاز او النفط .
واصبح المواطن يعيش في حالة يأس ،لم يعد يؤمن بالمستقبل ،الكهرباء سلبته حريته في النوم والراحة ومشاهدة برامج التلفزيون مع الستلايت الذ (يفره) في كل بلدان العالم ،الزمن الذي جعل المواطن يستخدم ثلاجته خزانة ملابس افضل من وضعها ديكوراً في المنزل .
مشكلة الكهرباء اصبحت الشغل الشاغل للشعب وافقدته اعصابه امام تصريحات المسؤولين فيها والتي يوعدون ولا ينفذون متذرعين باعذار تنم عن عجزهم في اداء دورهم ولم تتخذ الحكومة أي اجراء لمعالجة هذه المأساة سوى التصريحات النارية .

#جمال_المظفر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات