|
ما الذي يجمع بوتين بغازي كنعان؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 6661 - 2020 / 8 / 29 - 19:58
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
عادة ما تكون قوانين التاريخ أقوى من معطيات السياسة وممكنات القوى، ومن هذا المنظور يمكن فهم سقوط وانهيار وتلاشي إمبراطوريات وكيانات عسكرية كعلب الكرتون، وأمثلة عليها الاتحاد السوفييتي، ويوغوسلافيا، وإيران الشاه، والمنظومة الشرقية التي حاولت تحدي قوانين الطبيعة والحياة والناموس العام، وهذا ما ينطبق على سوريا هذه الأيام، وكما ستنهار وتتلاشى قريبا كوريا الشمالية في القادم من الأيام.. ومن هنا لم يستطع بوتين نفسه، وكان، هو نفسه، مسؤولا رفيعا بالبلاد بجهاز الاستخبارات المعروف KGB (مسؤولا عن أهم قطاع وهو المانيا الشرقية التي سقطت لاحقا هي الأخرى وعادت لحضن الرأسمالية والحريات)أن يمنع تفكك وزوال وانفراط عقد الاتحاد السوفيتي البائد وتحوله لدولة كاريكاتورية فاشلة تديرها شراذم من اللصوص والعصابات وقطاع الطرق، وبعدما نهشته وأنهكته المافيات والإدارة البوليسية والعقلية الأمنية ووصل أعلى مراحل الفساد والانحطاط وبعدما وصلت الشعوب السوفييتية تحت الاحتلال إلى درجة القرف والغليان والاشمئزاز والانفجار بسبب القلة والجوع والحرمان والفساد الرسمي الذي تديره النخب الحمراء الحاكمة بأمر كتاب رأس المال، فيما بقيت الديمقراطيات الغربية التي تعمل بمبادىء الشفافية والنزاهة والمحاسبة والمسؤولة والحريات واحترام حقوق الإنسان راسخة مستقرة مزدهرة وقبلة للمظلومين والمضطهدين من كل مكان؟ عمليا، ورمزيا، كان بوتين، ومقارنة بمقاييس السياسات السورية، هو غازي كنعان ورستم الغزالي التابع لكن للاتحاد السوفييتي البائد والمنهار، فكان يشغل مسؤول الأمن ورئيس وحدة الكي جي بي KGB الروسية الملحقة بالسفارة السوفييتية ببرلين الشرقية، ما يعادل عند حلفائه السوريين لاحقا منصب مدير "الأمن والاستطلاع"، او حاكم عنجر كما كان يلقب في اوج حقبة الاحتلال السوري للبنان، وكان القيصر "بو علي بوتين" (حسب منطوقات الرفاق)، مكلفاً بالملف الألماني الشرقي والحاكم المطلق لألمانيا الشرقية وكان إريش هونيكر مجرد موظف صغير ومخبر لدى الاستخبارات الروسية ويأتمر بإمرتها كأي "درويش" من دراوش "المقاومة" والبعث والعروبة بلبنان أيام زمان، ، وكانت ألمانيا يومها درة تاج المستعمرات السوفييتية ورأس حربتها ورمزاً للهيمنة السوفييتية على جزء حيوي من أوروبا الغربية، بناء على تفاهمات يالطا، ومسؤول الأمن الأول فيها، ومع ذلك انهارت وسقطت وعادت للحضن الرأسمالي الوثير حيث تغلبت اعتبارات الايديولوجيا على قوانين الحوكمة والإدارة.... بنفس السياق، فشل ضابط الاستخبارات ذو الصيت القوي، يومها، غازي كنعان بلبنان، فشلاً ذريعاً، إذ انتزع من تحت السيادة السورية، بنفس الطريقة التي فشل فيها بوتين بألمانيا الشرقية وعادت لبنان للمنظومة إياها، كما برلين للمجمع الغربي الليبرالي الديمقراطي بعدما رزحت لعقود تحت نير الاستبداد الشيوعي الفاشي الفاشل.. ففشل العقل الأمني والإدارة الأمنية واحد بكل مكان...فكانت قد سقطت لبنان وخرج السوريون منها وعادت للحضن العربي التقليدي وسقطت برلين امام عواصف الحريات التي اجتاحت الحصن الشيوعي ولم يؤثر وجود وسلطة غازي كنعان في منع الانهيار كما لم يؤثر وجود وسلطة بوتبن في منع الانهيار...مات غازي كنعان منذ اكثير من عقد من الزمان فيما لا زال بوتين حيا يرزق يطمح للرئاسة والتجديد رغم ماض مهني متواضع اتسم بالفشل والتقصير والتهاون والخذلان.. لا يمكن بالقطع تجاوز ونكران بعض الشذرات الروسية في ميادين مختلفة علميا وأدبيا وإبداعيا والحق يقال، لكن روسيا واقتصادها ومخها الاستبدادي الشرقي القيصري لم يستطع تجاوز آفات وعاهات الشرق الاستبدادي وبقيت تراوح مكانها متخلفة عن آخر دولة أوروبية متخلفة كاليونان ربما، وقد قطعتها حتى الصين "الشيوعية" بأشواط صناعيا وإنتاجيا، وفي عالم العولمة، عالم اليوم، لا مكان لروسيا تحت الشمس، حيث تتصرف كدولة مارقة ومشاغبة ومحاصرة ولا تملك أيا من أوراق الضغط السياسي والاقتصادي وأدوات الحرب الناعمة وهنا المعيار ومكمن القوة، وحيث لا يوجد اسم منتج روسي واحد معروف يقدم الخير والفائدة والمتعة للبشرية، فيما اللغة الروسية لغة متخشبة ميتة والروبل يترنح إليه لعب دور لاعب إقليمي ومقاول صغير بوتين ويلوي ذراعه في غير مكان، وأما القوة العسكرية فكانت على الدوام رمزا للهمجية والبطش والتوحش أكثر مما هي دليلا على التحضر والمدنية والإنسانية ولنا في هتلر وجنكيز خان وهولاكو خير أمثلة على ذلك.... التدخل الروسي في سوريا، لا ينكر جانبه المضيء في القضاء على داعش وإرهاب التأسلم السياسي، لكن كان يجب أن يتوقف عند هذا الحد، كي لا يجتر الروس تجارب الماضي القريب والبعيد هذا دليل آخر على قصر النظر والغباء الطبيعي والفطري الذي يتمتع به العقل الأمني العسكري الذي أخذ الاتحاد السوفييتي، سابقاً، إلى الهلاك والدمار.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسرائيل: سقوط لاءات الخرطوم
-
خرافة العلوية السياسية
-
مناهضة الحداثة والإجهاز على الدولة الوطنية الحديثة
-
جواز السفر الإماراتي والسوري
-
أوقفوا عدوان أردوغان وبني أمية على التراث الإنساني:
-
في عيد الإب: اية ذكريات
-
الخطوة الألمانية والشيزوفرينيا القريشية
-
خرافة وكذبة الحضارة العربية والإسلامية
-
سوريا: فتوحات الأمن الجنائي وبطولاته الدونكيشوتية
-
تقزيم ونسف الهوية الوطنية السورية
-
يا سامعين الصوت: على أساس الإسلام هو الحل؟
-
خرافات الاستقلال: شعوب المنطقة بين السيطرة والاستعباد
-
وداعاً للمقاومة: انقعوها واشربوا ماءها
-
مخاطر الاعتقاد بثقافة قريش
-
بمناسبة عيد الدجل العالمي عند قريش: هل كرّم الإسلام المرأة؟
-
ما هي الحكومة المثالية؟
-
بنو أمية: إمبراطورية اللقطاء الأشرار
-
لماذا يجب رفض وتجريم الدولة القومية العربية؟
-
السادة أعضاء مجلس الشعب/ المحترمون
-
لماذا سوريا ليست عربية؟
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
علاقة السيد - التابع مع الغرب
/ مازن كم الماز
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
المزيد.....
|