رزان الحسيني
كاتبة ادبية وشعرية، ومترجمة.
الحوار المتمدن-العدد: 6660 - 2020 / 8 / 28 - 15:49
المحور:
الادب والفن
هناك، في الصالةِ المجاورة
تنطلق صرخاتٍ حادة، يبدو كطفلٍ ما
وُلِد تواً
اتخيلهُ زهريَّ البشرة، مُلتفاً بحللٍ بيضاء
تتلقفه الأيدي باسمةً
هل إحدى تلك الأيدي تعلم
أنها تتلقفه من السماء، تحرمهُ علياءهُ بلا حق
لو كان قد اختارَ
ربما، ان يأتي بمشيئتهِ
لِمَ إذن.. يبكي الآن بحرقة؟
كمن زلقت قدمه الى هاوية ما
وينجرفُ معها ويرتطم
دون ان يقدر على الرجعةِ، ولو قاوم.
لو كان الطفل فعلا خُيّر
وهو اللابثُ في جوف السماء
يتلئلئ بالضوء العسليّ الساقط عليه من الشمس
يسامرُ رفاقه وينعم بحقلٍ كثير العُشب
في إحدى المجرات
ان يترك ما عنده، ويستحيلُ
مخلوقاً صغيراً طريّاً
على ان يعيش ما لم يعشهُ
ان يختبر ويستكشف، يرفع بصره
ينظر الى رفاقه مُثاراً، ولا يميزهم
بل يود لو يميزهم
ان يحير، يدور
كما تدورُ قريتهُ المُعلّقة
حتى تصيرُ يوماً ما، ثقباً اسوداً
او مجرةً إهليلجية
هل كل الامور فعلاً آيلةً للزوال؟
ان يتركُ الخلود البراق
ويهبط ليتسنى له
ملامسة الوجود الاقحوانيّ
غير آبهٍ، باحتماليات التحسس
وربما، في ظهيرة يومٍ ما
وهو يعوم بين العشب، منّى نفسه
انه سيرزق نجمةً هو الاخر
وعلى ذلك الكوكب الازرق
دون ان يختبر مرارة القرنفل
على ان يُسلب منه كل تلك العجائب
دُفعةً واحدة، دون إنذار
حتى ولو كان يقطفُ للتو
اولى ثمار موسم الحصاد
او يشعلُ حطبةً ما اخيراً
بعد ان اشتد به الصقيع؟
هل حقاً وافق؟، او قل انه نادم
يبكي الان
ام انه فقد الذاكرة
جراء الصدمة؟
28 اب
#رزان_الحسيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟