أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - -ما هْلكْنا في تونسْ كانْ النضالْ الإيديولوجي !-















المزيد.....

-ما هْلكْنا في تونسْ كانْ النضالْ الإيديولوجي !-


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6660 - 2020 / 8 / 28 - 11:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


L`Universel dépasse de loin le Culturel, mais ne le nie pas

أعني النضال بجميع إيديولوجياته، الدستورية والنقابية والقومية واليسارية والإسلامية، وجميع تمظهراته، حروب تحرير مسلحة (مواطن العالَم غانديُّ الهوى)، مظاهرات، اعتصامات، قطع طرقات، إضرابات عن العمل أو عن الطعام. كلها لم تأتِ لنا بحلولٍ لمشاكلنا بل زادتها تعقيدًا وحوّلت كل مشكلةٍ عندنا (المشكلة = مشكل له حل) إلى معضلةٍ (المعضلة = مشكل لا حل له في المستقبل القريب)، وعوض أن ننظر مباشرة في واقعنا، نظرنا إلى ما تقوله في واقعنا الإيديولوجيات المستوردة والكتب المستوردة من الغرب والشرق.
وفدتْ علينا الإيديولوجيات، الدستورية والقومية والنقابية من العالم الحر (أوروبا وأمريكا)، والشيوعية من الاتحاد السوفياتي، والإخوانية من مصر، والوهابية من السعودية. كلها إيديولوجيات وافدة من الخارج لكنها منبتّة في الداخل وغير متجذّرة فينا. كنا مجتمعًا متناسقًا فشتّتَتْنا الإيديولوجيات شِيَعًا وأحزابًا وفرّقت بين الأخ وأخيه وبين الابن وأبيه.
1. النضال الدستوري قسّم البلاد في فجر استقلالها إلى بورڤيبيين ويوسفيين، وقامت بينهم حربٌ أهليةٌ انتصر فيها الأقربُ لأطروحات فرنسا الاستعمارية لا فرنسا الثورية. الأحزاب الدستورية في تونس: الحزب الحر الدستوري، حزب نداء تونس، حزب تحيا تونس، حزب المبادرة، حزب قلب تونس، إلخ.
2. النضال النقابي انتشر في غير موضعه الطبيعي، أي في القطاع العمومي عوض القطاع الخاص مَهْدُ نشأته وسِرُّ نجاعته. حسب رأيي كـ"أنسيان" نقابي أصبح بعد التقاعد معاديًا للنضال النقابي: يجب دسترة مَنْع الإضراب في القطاع العمومي لأن كل يوم انقطاع عن العمل يدفع ثمنه دافعو الضرائب لا الرأسماليين ولا المسئولين السياسيين.
3. النضال القومي جزّءنا أكثر ممّا وحّدنا وجلب لنا الهزيمة تلو الهزيمة، ناصر 56، ناصر 67، صدام 2003 والقادم أشوم. مصر قبل ناصر كانت بلدًا ثقافيًّا ثريًّا باختلاف أديانه واختلاط أجناسه (cosmopolite et hétérogène: grecs, italiens, anglais, juifs, chrétiens, musulmans, arméniens, etc). جاء ناصر فطرد الأجناب بتعلة الوطنية الشوفينية السمجة وأفقد مصر جميع أنواع ثراءها: الاجتماعي والثقافي واللغوي والديني والتجاري والعلائقي. الأحزاب القومية في تونس: حزب حركة الشعب و حزب التيار الشعبي، إلخ.
4. النضال الشيوعي، أرادوا تطبيق مبدأ صراع الطبقات في بلدٍ لا توجد فيها طبقات بالمعنى الماركسي لمفهوم الطبقة. تونس، بلدٌ لم تتكون الطبقاتُ فيه بعدُ لأن الطبقة يحددها ضمير الطبقة وليس المستوى المادي للطبقة أو عدد العمال (La classe est déterminée par sa conscience non par son nombre). الأحزاب الشيوعية في تونس: الحزب الشيوعي التونسي والبوكت والأوطاد، إلخ.
5. النضال الإسلامي أرجعنا إلى ما كان سائدًا قبل الإسلام، حروبٌ وصراعاتٌ طائفية ومذهبية دون قضية. أقصد كل الإيديولوجيات وكل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ولا أقصد الإسلام كوحيٍ إلهيٍّ لا ريبَ فيه. أقصد الإيديولوجيات الشيعية والإخوانية والسلفية والوهابية والصوفية، إلخ. أقصد الأحزاب الإسلامية المسلحة الأكثر ضررًا، مثل: أحزاب الله اللبنانية والسورية والعراقية، حزب الدعوة العراقي، حزب الفيس الجزائري، حزب الإخوان السوري، حزب الإخوان الليبي، حزب المحاكم الإسلامية الصومالي، حزب بوكو حرام النيجيري، ، حزب داعش العالمي، حزب أنصار الشريعة التونسي، إلخ. وبصفة أقل ضررًا لأنها أحزاب إسلامية غير مسلحة، مثل: حزب الإخوان الأردني، حزب التحرير العالمي، حزب النور المصري، حزب العدالة والتنمية التركي والمغربي، حزب النهضة التونسي، إلخ.

خاتمة: هذا وصفٌ وليس تحليلاً ولا حُكمًا، نتيجةٌ كارثيةٌ لا أجد لها تفسيرًا ولا تبريرًا. خللٌ في المناعة أصاب الجسم العربي (Une maladie auto-immune)، مرضٌ عُضالٌ لا علاجَ له لأن مضاداتنا الحيوية (Les anticorps) أصبحت لا تُفرّق بين الأخ والعدو (Le soi et le non-soi) بل تقضي على الأول قبل الثاني. ضَعُفَتْ مناعتُنا الداخلية حتى أصبح كيانُنا عُرضةً للأمراض الانتهازية (Les maladies opportunistes) وأصبحت أوطانُنا مستباحةً من قِبل الأعداء الضعفاء قبل الأقوياء. علينا إذن تحطيم الإيديولوجيات وبناء الكفاءات. فهل يقدر على هذا "مناضلونا الأشاوس" (Les militants et les activistes de tous bords)؟ والله أشك! "مناضلونا الأشاوس" لم يبنوا شيئًا وعلى حد عقلهم لا يرون ضرورة للتنظير والتمحيص والتفكير، همهم الوحيد يتمثلُ في الوصول إلى السلطة بأي طريقةٍ، حتى ولو كانت سلطة بالوكالة، سلطة ترعى مصالح الخارج على حساب مصالح الداخل.

إليكم قراري الافتراضي الصادِر عن شخصٍ صفرٍ على الشمالِ في بطاقة النضالِ: لو كنتُ في السلطة -ولن أكون، فلا تفزعوا أيها "المناضلون الأشاوس"- لَمنعتُ كل المناضلين بجميع تلويناتهم الإيديولوجية من تولِّي المناصب العليا في الدولة، وعوض أن أصرفَ لهم تعويضًا، سوف أحاسبهم على الفُرَصِ التاريخية التي فوّتوها علينا للحاق بِرَكْبِ الدول المتقدمة وأفضَل الدول المتقدمة عندي اليوم هي الدول الأسكندنافية الأقل إيديولوجية والأكثر عدْلاً !
لكنني إنسانيًّا لستُ ضد مبدأ التعويض لهم أو لذويهم وخاصة التعويض لمَن تعرّضَ منهم للاغتيال أو القتل أو السجن أو التعذيب أو الفصل عن العمل أو التجويع أو النفي أو التشريد، مثلما حدث في تونس للعشرات من اليوسفيّين والقوميين واليساريين وللآلاف من الإسلاميين.

ملاحظة ديونتولوجية: رجاءً هاجموا الفكرة ولا تشتموا ناقلَ الفكرة أو صاحبَها فهذا الأخير، وحيدُ زمانه، هو جليسي اليومي المفضل في مقهى البلميرا بحمام الشط الشرقية، المقهى الثقافي التي تتحطم فيه الإيديولوجيات، كل الإيديولوجيات (Café culturel où on déboulonne les leaders politiques, tous les leaders politiques et où on déconstruit des idéologies, toutes les idéologies).

خاتمة: أنهِي بـأبلغِ جملةٍ كُتِبتْ في نقدِ الإيديولوجياتْ، كل الإيديولوجياتْ:
Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites. Sartre Jean Paul, 1948, qu’est-ce que la littérature ? Collection idées / Editions Gallimard p.193
"الإيديولوجياتْ، كل الإيديولوجياتْ، هي حرية في بداية تَشكّلها، قمعٌ في نهاية تَشكّلها" (الفيلسوف المرحوم سارْتِرْ).

مقاربة إنسانية:
مقاربةٌ قد تبدو لأول وهلةٍ مناقضة للمقاربة الفلسفية أعلاه، لكن حتى غاندي نفسه قال:
Je crois en vérité que s il fallait absolument faire un choix entre la violence et la lâcheté, je conseillerais la violence. (...) Mais je crois que la non-violence est infiniment supérieure à la violence
لذلك -ورغم غانديّتي- أقفُ إجلالاً وأنحنِي احترامًا للمناضلين الصادقين، يساريين كانو أو إسلاميين أو دساترة أو مجاهدي حروب تحرير، رغم عنفهم وأخطائهم التي قد يكونوا أجبِروا على ارتكابها وأثمّن صبرَهم ومكابدتهم في سبيل تحقيق نواياهم النبيلة حتى ولو كانت وسائلُهم غير نبيلة (mais la fin ne justifie pas les moyens comme il l’a bien dit le grand philosophe allemand Kant).

إمضائي (فكرة فيلسوف حمام الشط، تأثيث مواطن العالَم )
"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف الرمزي أو اللفظي أو المادي" (مواطن العالَم)
وَ"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن أيِّ ضميرٍ مِهَنيٍّ تَتَحَدَّثونْ؟
- طَرحٌ ضد التيّار!
- سؤال -امْحَيِّرْنِي-: لماذا كلما قلتُ لزميلٍ غير مختصٍّ في ا ...
- دردشة مقاهي بين فيلسوف حمام الشط (ماركسي) ومواطن العالَم (يس ...
- هو نارْ تِﭬْدِي... وأنا رْمادْ مْهَبِّي !
- الكَوْنِي يتجاوز الثقافي لكنه لا ينفيه
- -العنف الشرعي- الوحيد هو العنف ضد الوَسْواسِ الخَنّاسِ
- في انتظار الإصلاح التربوي الموعود، هل نستطيع بالموجود بلوغ ب ...
- الدين ليس مسألةً شخصيةً كما يعتقدُ اليساريون التونسيون، الدي ...
- الحزب الشيوعي والبوكت والوطد، أحزابٌ ستالينيةٌ، هي وحدها تقر ...
- الحرية والعدالة الاجتماعية قِيمتانِ نبيلتانِ، لكن للأسف لم ي ...
- في مقهى البلميرا، سُئِلَ فيلسوفُ حمام الشط: ما الفضيلةُ يا س ...
- المسلم الداعشي هو الإنسان الوحيد الذي يتمتع ب-حريته الطبيعية ...
- الأخلاقُ ليست معرفةً حتى ندرّسَها، بل هي فِعلٌ نمارسُه في ال ...
- هذه هي هيبة الدولة بالحق (أمريكا، 1957)!
- الفنّانون في المجتمع: هل يَصْلُحُونَ لِشيء؟
- إشكالية مطروحة منذ بداية التاريخ: هل نجحت الأخلاق الفلسفية أ ...
- اللغة العربية، التغيير والديمقراطية: أي علاقة؟
- الحداثة الغربية المعلّبة المعولمة غولٌ يغزونا بسهولةٍ وسيولة ...
- توضيح حول مقولة ماركس الشهيرة -الدين أفيون الشعوب- التي وظفه ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - -ما هْلكْنا في تونسْ كانْ النضالْ الإيديولوجي !-