أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 1














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6658 - 2020 / 8 / 26 - 15:25
المحور: الادب والفن
    


بيوت الأعيان، حظيَ بها القسم الغربيّ من الحي، الملاصق لحي الصالحية. عبرَ الدرب الرئيس لهذا الأخير، كان أولاد الحارة يذهبون إلى مركز المدينة، مستخدمين وسائل المواصلات المناسبة لدخل كل منهم. قنطرة أجليقين، الكائنة بالقرب من مقام الصاحبة، شقيقة السلطان صلاح الدين، شكّلت صلة الوصل بين الحيين. فيما قنطرة بوظو، كانت مدخل القسم الغربيّ للحي إلى البساتين، وبجانبها يهدر نهر يزيد بمياهه الغزيرة. تحت القنطرة الأولى، كان جدّ بيان لأبيها يمر كل يوم وهوَ على العربة المشدودة بالخيل؛ وكان يعمل عليها كحوذيّ. والدها، ما لبثَ أن استبدل العربة بسيارة من ماركة " فورد "، ليمضي يومياً من ذلك المكان نفسه مع زبائنه. القنطرة الأخرى، كانت بطلة سيرتنا تقف عند مدخلها العتم في رهبة، وهيَ تنتظر سيارة والدها غبَّ انتهاء دوام المدرسة.
قصر محمود باشا بوظو، الكائن فوق القنطرة، أجّر أصحابه قسماً من دوره الأرضيّ للحكومة لتحوله إلى مدرسة، أعطيت اسمَ " ست الشام "؛ وهوَ لقبُ الشقيقة الأخرى للسلطان الأيوبي. بعد عودة بيان ببضعة أيام من حوران مع أسرتها، استقبلتها المدرسة مجدداً في فصلها الثاني. سرّها أن غالبية زميلاتها من الفصل الأول، صرنَ الآن معها تحت سقف حجرة كبيرة وأنيقة تقع على يمين الإيوان، المتميّز بسقفه العالي ونقوشه الباذخة. أقرب الزميلات إليها، كانت " ملك " ابنة الآغا " علي زلفو ". كون العم موسي عمل فيما مضى وكيلاً لأعمال هذا الأخير، فإن زمالة التلميذتين تحولت منذ عام مضى إلى صداقة وطيدة.

***
ذاتَ ظهيرة خريفية، وقفت بيان أمام باب المدرسة برفقة صديقتها. كان من المقرر أن يأتي الأب في سيارته، فيحملها مع أختها رودا. الأخت، كانت تتكلم في الأثناء مع إحدى زميلاتها، لما انتبهت إلى تناهي سيارة فارهة إلى المكان. هنا، اقتربت بيان من أختها لتخاطبها في شيء من التردد: " صديقتي تريدني أن أذهب في سيارة أبيها إلى منزلهم، ماذا تقولين؟ ". على الفور، ردت رودا بنبرة مشجّعة: " في وسعك الذهاب لو شئتِ، وأنا سأتولى إعلام والدنا بالأمر ". عانقت الصغيرة أختها الكبيرة، تعبيراً عن الامتنان، وما لبثت أن هرولت باتجاه السيارة، ملوّحة بيدها لزميلتها وكانت هذه جالسة في المقعد الخلفيّ.
منزل الآغا، كان يقع بالقرب من زقاق بكَاري، وهنالك أمام مدخله البسيط توقفت السيارة. لكن بولوجها في أثر صديقتها، انفتح لبيان مشهدُ المنزل بفخامة عمارته وبهاء نقوشه وزخارفه. كان أيضاً أشبه بالقصر، يحتوي على دورين؛ أحدهما العلويّ وهوَ الحرملك، والآخر كان السلاملك. درج رخاميّ، منحن، كان يصل بين الدورين. ومن مادة الرخام نفسها، أبلطت باحتيّ الدار، العلوية والسفلية. إلى هذه الأخيرة، مضت ملك مع ضيفتها عبرَ درج عريض. بحرة بيضوية، تتراقص مياه نافورتها بنعومة، كانت تتوسط الباحة، فيما أشجار مثمرة من حمضيات وأكيدنيا، منحت ظلالها للمكان. لفتَ الإيوانُ نظرَ بيان، لكنه لم يكن بفخامة إيوان قصر الباشا، أينَ تدرس مع صديقتها. وإنها كذلك، سمعت حمحمة رجل، صادرة من موضع ما في المنزل التحتانيّ.

***
" هذه على ما أعتقد صديقتك، التي طالما كلمتيني عنها؟ "، خاطبَ الرجلُ ملك بصوت أجش. كان قد خرجَ من مكتب أعماله، المُتخذ من حجرة إلى يسار الإيوان. تحت نظرات مَن أدركت فوراً أنه الآغا، انكمشت بيان للفور على نفسها فيما عيناها مثبتتان بالأرض. لكن والد صديقتها ما أسرع أن وجه سؤاله إليها، وبنبرة حاول أن تكون أبوية: " ابنة من أنتِ، يا صغيرتي؟ ". لما تباطأت بيان في الإجابة، تولت صديقتها ذلك: " عمها كان وكيل أعمالك؛ ألم أخبرك بذلك مرةً؟ "
" آه.. نعم.. تذكّرتُ ذلك "، قالها الآغا بشكل ممطوط. لاحظَ ما في الضيفة الصغيرة من خجل وارتباك، فشاءَ أن يكف عن طرح الأسئلة. فتوجه لابنته بالقول: " خذي صديقتك إلى الحديقة، وسأعطي الأمرَ أن يُحمل إليكما الشرابَ والحلوى ". ما أن زالَ من على أرض الباحة ظلُ الآغا، المرهوب الجانب، إلا وبيان بدأت تتنفس بحرية. ثم ما عتمت أن سارت بأثر صديقتها باتجاه الحديقة، وكان مدخلها مفتوحاً من جهة الحمّامات. هذه المرة، تنفست الضيفة عبقَ الأزهار، وكانت ما تني يانعة تحت شمس الخريف المبكر. انبهرت أيضاً بمنظر الحديقة الكبيرة، المترامية حتى ضفة النهر، والذاخرة بعشرات الأشجار المثمرة. قالت ملك، مشيرةً إلى مبنى ذي سقف قرميديّ، برزَ من وراء جدار الحديقة الغربيّ: " ذاك منزل جد زميلتنا، فدوى قوطرش ". وكانت تعني تلميذة في الفصل الدراسيّ نفسه، ارتبطتا معها بالصداقة: عم هذه التلميذة، " بكري بك "، ستلتقي به بطلة سيرتنا في عام تالٍ، ثمة في أقصى الشمال الشرقيّ من البلاد. لقد شاء والدها الانتقال إلى مزرعة في تلك الأنحاء، بغيَة استثمارها، متحججاً باقتراب خطر الحرب من الشام.

* الرواية الأخيرة من خماسية " أسكي شام "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثاني
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 1
- بضعة أعوام ريما: الخاتمة
- بضعة أعوام ريما: الفصل الرابع عشر/ 5
- بضعة أعوام ريما: الفصل الرابع عشر/ 4
- بضعة أعوام ريما: الفصل الرابع عشر/ 3
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الرابع عشر
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 5
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 4
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 3
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 2
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 1
- بضعة أعوام ريما: بقية الفصل الثاني عشر


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 1