أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المهدي بوتمزين - الوطنية و الوثنية في العقد الإجتماعي















المزيد.....

الوطنية و الوثنية في العقد الإجتماعي


المهدي بوتمزين
كاتب مغربي

(Elmahdi Boutoumzine)


الحوار المتمدن-العدد: 6652 - 2020 / 8 / 20 - 22:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أن انتقل الإنسان من حالة الطبيعة إلى حالة المدنية و تألَّب في جماعات واسعة و أسس لنفسه مدنا و حضارات حاول معها حوكمة علاقاته الشخصية و المعنوية؛ فجاء العقد الاجتماعي كصيغة توافق بين الأفراد و المؤسسات و أصبح الشعب و الأرض أهم ركنين للدولة . في هذا السياق مرَّ التاريخ البشري بمراحل و أطوار عدة اختلفت معها طبيعة المجتمعات و نُظمها السياسية و الاجتماعية .
ولتجاوز احتمال أي إسهاب تسقطنا فيه فضفضة التاريخ و محطاته الأفَّاقة و الوارفة, ارتأينا الركون إلى الزمن الحاضر باعتباره محطة مشهودة لا يمكن أن ننخدع فيها بجرم التزوير و التشويه أو تَبَسُّر الحقائق .
المجتمعات الغربية في الزمن الاَني بعد أن دمرتها الحروب و الخلافات , غدت اليوم نموذجا راقيا و مدرسة فكرية تحطِّم كل أغلال الرق و الرجعية و تحقق رسالة الوجود السامية التي تدعو للتعايش و السلم . المجتمعات البشرية لم تستطع التخلص من تمظهرات العبودية و تحقيق العدالة و المساواة إلا في زمن بعض الرسل, لكن سرعان ما تعود إلى جرثومتها و أصلها و لعل العلَّة تكمن في غياب ردع عام يفرضه المجتمع الكبير – دول العالم – على المجتمع الذي ساد فيه الظلم و ضاعت فيه الحقوق السماوية و الوضعية .
هذا المجتمع الكبير يتمثل اليوم في منظمات دولية و أنظمة بيحكومية, حيث نجد الأمم المتحدة و المحكمة الدولية و مجلس الأمن الدولي و منظمات حقوقية تسهر على استتباب الأمن و تنزيل بنود القوانين و المعاهدات , على ما يعتريها من أُبنة و نقص تارة بسبب التواطئ و غض الطرف و حينا أخر بعلَّة البيروقراطية و مراعاة السيادة و التحالفات و المصالح بين الدول .
نرى المجتمع الدولي ممثلا في المنظمات السالفة الذكر يعزف على أكثر من وتر في قضايا إنسانية يندى لها الجبين . فالحرب السورية التي استعملت فيها أسلحة محرمة دوليا ناهيك عن أصناف التعذيب النفسي و الجسدي و الجنسي لم يتمتع فيها الضحايا بحق التقاضي ما جعل حقوقهم أسيرة بيد أطراف أجنبية لها مصالحها في إدانة النظام أو تبرئته . أما قانون قيصر فلا يمكن أن يغير شيئا لأن توالي سنين الحرب اجتثت معها جينات جغرافيا و شعب سوريا و أضحت حلب الشهباء سوداء بالرماد . ثم يكفي أن ترفع الأطراف التي تدعي دفاعها عن الحق المدني بعد تنزيل قانون قيصر فهي نفسها – أو أغلبها- التي تدعم النظام السوري بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .
البون بين دول الشمال و الجنوب كبير جدا , حيث تبدو معرفة مواطني الدول الغربية بحقوقهم و وضعهم التعاقدي أكثر بكثير من نظرائهم في الدول الإفريقية على سبيل المثال . فيغدو رئيس الدولة في المنطقة الأولى مجرد موظف منتخب له صلاحياته المحدودة التي لا يمكن أن تتجاسر على حقوق الاَخرين , هذا ما يبقيه ضمن دائرة الشعب و يَحفظ البلد من نظام سلطوي يشكل عاملا لبداية تكون أذرع الفساد في إدارات الدولة . حيث يدرك رئيس الدولة و كبار كوادرها و المسؤوليين فيها أنهم ليسوا بمعزل عن المحاسبة و العزل .
في الجانب الإفريقي – أقصد كل الدول المتخلفة معرفيا- لا ضمانة في البداية عن نزاهة الانتخابات حيث يتم اختيار رئيس صوري من قبل الدولة العميقة أو انقلاب على الشرعية الممنوحة من قبل الشعب أو تعيين من قبل مكاتب الظلاميين و هي المكاتب التي تمثل امتدادا لإستراتجية الإستعمار الذي انتقل من العسكرة إلى الإستخبارات, و مراميها لا تختلف عن السابق من تقسيم للبلدان و استنزاف لمقدراتها الاقتصادية و الحضارية و العسكرية و العلمية .
فالشعوب الغربية تعيش في ظل وطن يحكمه القانون الأفقي الذي يجعل القواعد عامة و مجردة , فيكون المواطن هو المحور الأساسي و المركز الرئيس الذي يهدم البنية الهرمية حيث تكون كل العناصر متفاعلة في دائرة واحدة . فيكون كل فرد أسندت إليه صلاحيات معينة في الأمن أو القضاء أو الإدارة و غيرها موظفا لأجل خدمة المواطن , هذا الأخير يخدم مصالح الأول حسب مركزه الوظيفي بما يخلق تفاعلا متجانسا يقوي أعصاب البلد .
في الدول المتخلفة التي غزتها الإمبريالية و دمرتها الرأسمالية و الإستعمار , نجد مواطنا من الدرجة الأولى تُجنَّد كل الإدارت في الدولة لخدمة مصالحه و يتمتع بحصانة ضد الإعتقال أو المساءلة و يملك النفوذ و مسالك للإستفادة من الثروة و المناصب, و غالبا ما يكون لاعبا في رقعة شطرنج الدولة من خلال الأحزاب السياسية أو الشركات الكبرى أو عمالته لجهة معينة لإستغلال ملفات محددة كالقضية الأمازيغية و حقوق الإنسان و العمَّال أو أن يكون إسلامويا أو ضد التيار الإسلامي و غيرها . ثم نجد درجات المواطنة الأدنى و كلما تقلصت مساحة الإرتباط بنفوذ الدولة و زاد هامش الإبتعاد عنه نصادف مواطنا في وطن اَخر إلى أن نبلغ درجة مواطن لاجئ أو أسير .
فعلى نقيض المواطن من الدرجة الأولى الذي يرتبط مباشرة بكوادر الصف الأول من الدولة و الذين تمت تسميتهم في المغرب ب خُدَّام الدولة , نعثر في أسفل الهرم على طبقة مسحوقة تئن في صمت مريب لا تستفيد من علاج و لا مسكن و لا ثروة بل أن حالها أسوء من اللاجئين في مخيم الهول و موريا , لا تملك أموالا لسداد أبسط حاجيات العيش , تحيا في تشرد و فقر مدقع لا يرضاه حتى أتباع الفلسفة الكلبية أو التشاؤمية التي أسسها الفيلسوف أنتيستنيس .
هذا المواطن الأنتيستنسي – نسبة إلى مؤسس الفلسفة الكلبية - قد نجد أنه السبب الأول في تثبيت أركان الفساد و العبودية و الإستغلال . ففي الوطن العربي و بدعم من قوى أجنبية تم الإنقلاب على الرئيس المنتخب من قبل الشعب و إقامة حكم عسكري ساهم في وضعه إلى جانب القوة الخارجية قوة داخلية تمثلت في طبقة فقيرة أردات أن تلعب دور المرتزقة و قطاع الطرق فظهرت لنا الشبيحة في سوريا الذين رفعوا شعار الأسد أو نحرق البلد , كما كان لهم دور في باقي البلدان العربية مندفعين بجهلهم أو من قبل أجهزة الأمن الفاسدة نفسها .
إن الدول العربية تختزل الوطنية في تقبيل صور الرئيس و علم البلد و التغني بمنجزاته حتى و ان كانت إقامة مهرجان لإختيار أفضل كبش أو كلب أو عنزة . فحُرِّفت الأغنية و الفن و الرياضة و السياسة و التعليم عن مسارها الصحيح , فأضحينا نرى الكل يصدح بالرئيس و علم البلد و نسي الجميع أن البلد ليس ملكا للرئيس و أن الراية مجرد قطعة قماش رمزية .
إن الوطنية أن تدافع عن مصالح المواطنين جميعا , و هذا لا يكون إلا إذا وضعنا الحلول العملية للمشاكل و العراقيل و الحل يحتاج لتحليل و التحليل يقتضي التصريح بكل المعطيات و انتقادها . أما أن يستمر المواطن العربي الإفريقي في مدح السلطات و تقبيل التراب و الحذاء فسنبقى في مؤخرة الركب إن بقينا موجودين أصلا .
خلاصة القول إننا بحاجة اليوم في وطننا العربي إلى إعادة قراءة العقد الاجتماعي و جعل المادة القانونية في مقدمة المواد المعتمدة في التدريس قبل الجامعي , حتى يكون لنا مواطن يدرك حقوقه و واجباته وليس ألة حمقاء للداعية و الديماغوجية و الغوغائية . و لا يمكن أن نحقق نتائج إيجابية إلا بفصل السلط و أن يقوم كل بالدور المنوط به لاسيما في النقد البناء ورفع العراقيل و تقديم الحلول حتى إن كان الحل حل البرلمان و الحكومة و تغيير رئيس البلد , فمصلحة المواطن أولى من مصلحة الوطن .



#المهدي_بوتمزين (هاشتاغ)       Elmahdi_Boutoumzine#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهدي المنجرة و اشكالية العالم العربي
- البروليتاريا تنتفض في يومها العالمي ضد جائحة الرأسمالية


المزيد.....




- المخرج معتز الديب.. رحلة من تطوير الأعمال والكيانات إلى الإخ ...
- وُصفت بـ-غير لائقة-.. ما حقيقة الصورة المنسوبة إلى وزيرة مغر ...
- رئيس الشاباك يعلن استقالته: في 7 أكتوبر انهارت السماء وجميع ...
- إلى أين تتجه العلاقة بين الأكراد وحكومة دمشق في ظل التوترات ...
- إيران.. ارتفاع حصيلة ضحايا انفجار ميناء رجائي إلى 65 قتيلا
- بيسكوف: الهدنة في ذكرى عيد النصر تؤكد حسن نية الجانب الروسي ...
- الجزائر.. الأمن الوطني يضبط أكبر شحنة من -الإكستازي- في إفري ...
- صحيفة: الولايات المتحدة تطلب من اليونان تسليم أوكرانيا أنظمة ...
- عملية غسيل سيارة تتحول إلى حادث مأساوي في تركيا (فيديو)
- توقعات ألمانية بتصاعد المواجهة مع روسيا في ظل الحكومة الجديد ...


المزيد.....

- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المهدي بوتمزين - الوطنية و الوثنية في العقد الإجتماعي