أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابراهيم بسيوني - التطبيع اليوم














المزيد.....

التطبيع اليوم


محمد ابراهيم بسيوني
استاذ بكلية الطب جامعة المنيا وعميد الكلية السابق

(Mohamed Ibrahim Bassyouni)


الحوار المتمدن-العدد: 6652 - 2020 / 8 / 20 - 14:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تجربة الاربعون عاما من العلاقات المصرية – الإسرائيلية ظلت، في جوهرها، عند الحد الأدنى لها. كانت إسرائيل هي الطرف الساعي للتطبيع وتوسيع العلاقة، وكانت مصر هي الطرف المتحفظ في ذلك الاتجاه. فمصر قد حصلت على مكسب مادي محدد على الرغم من كل التحفظات إزاءه وهو عودة سيناء بالكامل إليها، في حين أنها قدمت عناصر رمزية ومثالية، أي الاعتراف بإسرائيل وإنهاء حالة الحرب معها. وبداهة، فإن تلك المكاسب المعنوية لم تكن كافية للإسرائيليين، وكان إصرارهم على دعمها بمكتسبات مادية محددة كجزء لا يتجزأ من اتفاقية السلام. ويعني ذلك بالتالي أن التطبيع كان مطلباً إسرائيلياً لذاته.
يمكن القول إن استفادة مصر من العلاقات بإسرائيل كانت أقل كثيراً مما استفادت به إسرائيل. حقاً لقد حصلت مصر على سيناء (بصرف النظر عن شروط ذلك الحصول)، لكن ليس هناك ما يثبت الاستفادة من القنوات العديدة التي فتحت للتوغل في المجتمع الإسرائيلي، والاقتراب أكثر منه، وفحصه ودراسته عن كثب.
وهكذا، ففي حين تدفق على مصر مئات وآلاف من الإسرائيليين يجوبون مصر ويدرسونها ويحللون الأوضاع فيها، ويرصدون إمكانات مستقبلها، فإن الأمر لم يكن بتلك الصورة من الجانب  المصري.
غير أن الثمرة الأهم للعلاقات المصرية – الإسرائيلية، بالنسبة إلى مصر، تظل هي الثمرة التي لم تكن واضحة في البداية، أي: تنامي الفتور (بل الرفض) الشعبي إزاء إسرائيل وإزاء العلاقات بها. وتبدو هذه النتيجة مثيرة للغاية؛ فهي تعني في الواقع أن الإسرائيليين، عندما أتوا إلى مصر وتعاملوا مع المصريين، إنما أتو وكرههم معهم. وهكذا، فإن العداء "الرسمي" القديم لمصر إزاء إسرائيل، في ظل الانقطاع عن أي اتصال بها (والذي ساد بقوة بالذات في الفترة الناصرية) استبدل به الآن عداء "شعبي" حديث في ظل الاتصال المباشر بإسرائيل. وهناك العديد من الأسباب التي تدعونا إلى الاعتقاد أن هذا العداء الأخير أكثر تجذراً وفاعلية، وإنْ كان أقل صخباً وضجيجاً.
إن مقتضى هذه النظرة هو التركيز على العداء الشعبي لإسرائيل ليس كسبب لفتور العلاقات بها (فليس في ذلك، في الواقع، أي جديد) وإنما كنتيجة لوجود تلك العلاقات، ولآلياتها.
ولم يأت الموقف المعارض لنمو العلاقات المصرية – الإسرائيلية (أو: التطبيع) من داخل الأحزاب والقوى السياسية فقط، وإنما جاء أيضاً من نقابات واتحادات مهنية وهيئات ثقافية، وكان في مقدمتها نقابات المحامين والصحافيين والأطباء والصيادلة والبيطريين وبعض شُعب نقابة المهندسين، والاتحاد العام للعمال ونقاباته العامة، واتحاد طلاب الجمهورية (قبل حله)، ونقابات المهن الفنية، ونوادي أعضاء هيئات التدريس في الجامعات المصرية... إلخ.

ويمكن أيضاً القول إن هذا المناخ العام ضد تنمية العلاقات المصرية – الإسرائيلية هو ما يفسر، في الأساس، حقيقة أن السياحة بين مصر وإسرائيل إنما سارت – عملياً – في اتجاه واحد، أي من إسرائيل إلى مصر. وساعد قرار الأنبا شنودة – بابا الأقباط -  بوقف الحج إلى القدس، ما دامت الكنيسة المصرية لم تتسلم دير السلطان، وتأكيده أن المسيحيين لن يذهبوا إلى القدس إلا مع إخوانهم المسلمين، في حرمان السياحة المصرية لإسرائيل من أهم أرصدتها المرتقبة. كما أفلحت حملات المثقفين المصريين غالباً ضد اشتراك إسرائيل في المعرض السنوي للكتاب في القاهرة، وضد مشاركة الخبراء الإسرائيليين في المؤتمرات العلمية، أو زيارة بعض كتابهم لمصر. وفي الواقع، فإن إدانة إسرائيل والصهيونية، وإبراز الأوجه السلبية للتعامل معهما، والتشديد – في المقابل – على الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، كانت موضوعاً لسلاسل متوالية من المطبوعات والندوات والمحاضرات التي نشطت فيها قطاعات مهمة من المثقفين المصريين. كما حوصرت، من ناحية أخرى، مظاهر النشاط الثقافي لإسرائيل في القاهرة، وتعقبت حملات الإدانة العناصر التي دمغت بالتعاون مع إسرائيل.

إن علاقات مصر مع إسرائيل لم تتحول إلى أمر عملي داخل الحياة اليومية للشعب المصري، من ينظر إلى الشارع المصري يتضح له على الفور أن السلام لم يصبح بارداً كما يقولون بل أصبح في طي النسيان، إن العلاقات بين مصر وإسرائيل محدودة ومقيدة داخل دوائر مقيدة معزولة عن بقية مجالات الحياة.



#محمد_ابراهيم_بسيوني (هاشتاغ)       Mohamed_Ibrahim_Bassyouni#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سكة حديد مصر
- علاج جديد للسرطان
- ثمن السلعة
- الاهلي وبطولاته
- وظيفة الجامعات
- علاج جديد للكورونا
- اختبارات الكورونا
- فيروس جديد في الصين
- يعاني المتعافون من فيروس كورونا من أعراض مرضية طويلة المدى.
- اللقاح الروسي
- هل الفيروس جديد علي البشرية حقا؟
- نظرية المؤامرة
- لن يتم الاغلاق مرة اخري
- ليس بالتوتوك التقدم
- الحل
- الاشعة فوق البنفسجية
- متي تنتهي؟
- في هذه الايام
- دراسة جديدة ومهمة
- تصريح رئيس منظمة الصحة العالمية


المزيد.....




- الجيش الأمريكي يستعد لخفض قواته في سوريا
- الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الأرجنتيني
- فرنسا.. حكم بسجن مؤثرة جزائرية
- إيقاف مستشار رفيع في البنتاغون عن العمل على خلفية التحقيقات ...
- -وول ستريت جورنال-: واشنطن تريد استغلال الرسوم الجمركية لعزل ...
- السفارة اليابانية تعلن تخصيص 3 ملايين يورو لصندوق إعادة إعما ...
- مجموعة السبع تدعو لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في السود ...
- وزير الخارجية الأميركي يبحث مع رئيس الوزراء الأردني الوضع في ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن إسقاط طائرة مسيرة محملة بأسلحة قدمت من ...
- تونس: مصرع ثلاثة تلاميذ جراء انهيار سور مدرسة يشعل الاحتجاجا ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابراهيم بسيوني - التطبيع اليوم