أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - أنا واليهود














المزيد.....

أنا واليهود


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 6649 - 2020 / 8 / 17 - 19:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بداية تسعينات القرن الماضي كنت من بين الذين يتحلقون حول نجيب محفوظ في مساءات مواسم الصيف يومياً في حديقة فندق سان استيفانو الأمامية المطلة على البحر.
فوجئت ذات مساء ونحن نتبادل النقاشات المهمومة بالوطن وبالإنسان، مع الأديب والإنسان والأب الجميل،
بقدوم مجموعة أشخاص رحب بهم الأستاذ وجلسوا بيننا.
كانوا إسرائيليين، جاءوا من القاهرة لزيارة الإسكندرية،
لحضور احتفال عملية تبديل رئيس المركز العلمي الثقافي الإسرائيلي بالقاهرة.
والذي قالوا أنه سيكون الليلة في مطعم "سي جل" الشهير بالمكس.
يصعب على وصف حالتي النفسية بدقة في هذه الأثناء.
كنت فكرياً ونظرياً بريئاً تماماً من الميراث الناصري وكراهية اليهود والإسرائيليين.
لكن ليس الفكر النظري هو كل مافي الأمر.
كان لم يسبق لي أن رأيت واحداً من تلك الكائنات التي تصورناها عدوة وشيطانية.
لا أعرف إن كان قد ظهر على ملامح وجهي حينها حالة الاحتقان في سيكيولوجيتي.
جلست صامتاً أرقب كلامهم وابتساماتهم الودية التي يوزعونها على الجميع،
محتاراً فيما يموج داخلي من اضطراب ورهبة.
كانت الكائنات الغريبة هذه ترتدي ملابس مثل ملابسنا،
وتتحدث كما نتحدث نحن.
بعضهم يتحدث عربية سليمة تماماً،
والبعض يتحدث عربي مكسر، والبعض بالإنجليزية.
لم أنتبه لما كان يقال وقتها، وإن كان مجرد تبادل عبارات ودية.
كانت الشمس قد غرقت تماماً أمامنا في أقصى صينية البحر الفضية،
حين نهضت الكائنات الزائرة،
مع دعوة حارة لمن يريد مصاحبتهم إلى الاحتفال في "سي جل".
اعتذر الأستاذ نجيب عن الذهاب. ونهض البعض منا ليذهب معهم.
لفت انتباهي وأدهشني لحظتها مواقفة سيدتين قاهريتين على الذهاب معهم. وقد كانتا مواطنتين عاديتين لا تحسبان من المثقفين، وكانتا قد جاءتا لرؤية نجيب محفوظ ونوال شرف الجلوس معه.
ربما موقف هاتين السيدتين هو الذي أحرجني أمام نفسي،
أنا صاحب أفكار الإنسانية والسلام، الذي يقف متردداً مأخوذاً من الرهبة، وكأنه أمام كائنات فضائية جاءت من كوكب زحل.
ساحة الاحتفال في "سي جل" الذي لم يسبق لي دخوله كانت رائعة.
وكانت حالة الرهبة والاحتقان في رأسي مازالت كما هي.
انتظمنا على موائد مصريين وإسرائيليين.
هي مصادفة وحسن حظ معاً.
أن أجد في مواجهتي مباشرة زوجة رئيس المركز الثقافي الجديد.
كانت قريبة الشبه جداً من عمتي وكأنها أختها.
امرأة سمينة تميل بشرتها للبياض،
الفستان الذي ترتديه كأنها قد استعارته قبل الحفل من دولاب ملابس عمتي.
وتتحدث وتشير بيديها أثناء الحديث بعفوية وتلقائية تفيض بالطيبة الفطرية.
ها هي توأم عمتي تجلس أمامي،
تأكل معي جمبري وبربون حجر، بأحجام لم يسبق لنا أنا وعمتي أن رأيناها.
مع الموسيقى والمغنية الإسرائيلية التي أحيت الليلة، ومع وجه توأم عمتي وحديثها الطيب الودود،
هدأت نفسي.
وتضاءلت الرهبة من تلك الكائنات التي هبطت علينا في سان استيفانو،
إلى مستوى يقترب من الصفر،
وإن لم يصل إليه تماماً.
وإن كنت أرجو أن تزول تلك الرهبة يوماً إلى درجة الصفر.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتفاقيات السلام ومصالح الفلسطينيين
- ماذا يحدث في الفيسبوك؟
- لبنان اليوم وغداً
- نقط على حروف لبنان
- لبنان حطام سفينة الحضارة
- حديث الحرية
- رؤية لمصالح الشعوب
- كلمة أخيرة عن المثلية
- المسيحية. . بحث في الجذور
- عفواً د. يوسف زيدان
- بين الإيمان المجرد والتدين
- فوضى العبث الكونية
- نحن ومبارك والأبوية
- أرض السلام
- ثورة 25 يناير وأنا
- ظلال الإله على الأرض
- لبنان حديث متحضر
- بين الثورات البرتقالية والربيع العربي
- قصة قصيرة- نهدان على الضفة الأخرى
- دستور يا أسيادنا


المزيد.....




- كيف سيغيّر مقتل يحيى السنوار مسار الحرب؟.. الجنرال باتريوس ي ...
- ترحّمت على يحيى السنوار.. شيخة قطرية تثير تفاعلا بمنشور
- صورة يُزعم أنها لجثة يحيى السنوار.. CNN تحلل لقطة متداولة وه ...
- استشهد بما فعلته أمريكا بالفلوجة والرمادي وبعقوبة.. باتريوس ...
- قائد القيادة المركزية الأمريكية يهنئ الجيش الإسرائيلي بالقضا ...
- سوء الأحوال الجوية يؤخر عودة مركبة Crew Dragon إلى الأرض
- رماة يتألقون في عرض -يابوسامي- ضمن مهرجان الخريف بمعبد نيكو ...
- الحرب بيومها الـ378: مهندس -طوفان الأقصى- يودع ساحة المعركة ...
- الأزمة الإنسانية تشتدّ... المنظمات المحلية طوق نجاة السوداني ...
- علماء يرسمون خارطة للجدل البشري قد تساعد في معالجة الندوب


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - أنا واليهود