فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 6648 - 2020 / 8 / 16 - 01:59
المحور:
الادب والفن
أيُّهَا الطفلُ العجوزُ...!
أَمَا زلْتَ بعدَ خمسينَ عاماً
تنامُ على جنبِكَ الأيمنِ...
وتهزُّ الكوابيسُ
جنبَكَ الأيسرَ...؟
تُحلِّقُ خارجَ الهواءِ
كطائرةٍ من ورقْ...
توزعُ الحلوَى والسُّكَّرَ
على جيشٍ من الملائكةِ ...
لينسَوْا أنَّ الحربَ
مجردُ خُدعةٍ...
والصفقةَ
خُزْعَةٌ بْلَاسْتِيكِيَّةٌ...؟
أيُّهَا الطفلُ العجوزُ...!
أَمَا زلتَ تمضغُ أقراصَ الشمسِ
فيتناسخُ الملاكُ شيطاناً ...
ويصيرُ للشيطانِ جناحانِ
يَغْشَى بِهِمَا الجنةَ مرَّتيْنْ...
وهو قدْ خرجَ من النارِ والجنةِ
مرَّتَيْنْ...؟
أيُّهَا الطفلُ العجوزُ...!
أَكُلَّمَا رَقَنْتَ رسالةً على الحَجَرِ
تَفَتَّتَتِْ الصفقةُ...؟
بريدُكَ لَا يخلُو من هزائمَ
تُقَسِّطُهَا الريحُ على الخرابِ...
لِتَجْلُوَ مخيِّلَةَ الحربِ
فتتذكرُ كَمْ مرةً زَخْرَفْنَا
الهزائمْ...؟
أَيُّهَا الطفلُ العجوزُ...!
خمسونَ عاماً...!!!!!
و أَنَا أحملُ الرسائلَ
من جنديٍّ أَصْلَعَ...
ومن امرأةٍ
شَفَطَتِْ الدهونَ من مرآةِ القرنْ...
أيُّهَا الطفلُ العجوزُ...!
خمسونَ عاماً!!!!!
وأَنَا أَشُقُّ النكباتِ في جبينِي
أَتَوَسَّدُ تجاعيدَ حريَّتِي ...
ثمَّ أنفُضُ الليلَ
في مقابرَ جماعيةٍ
كَيْ أمحوَ ذاكرةَ الرصاصْ...
أيُّهَا الطفلُ العجوزُ...!
خمسونَ عاماً...!!!!!
و أَنَا الطفلةُ تمشِي على بطنِهَا
تلوكُ الصفقةَ تِلْوَ الصفقةِ تِلْوَ الصفقةِ...
وتنظفُ الحربَ من عَمَى الألوانِ
ومن عصيانِ العابرينَ ...
الرصاصَ
ينفجرُونَ من الضحكْ...
أيُّهَا الطفلُ العجوزُ...!
خمسونَ عاماً...!!!!!
واللهُ يتجلَّى
لترفرفَ الأرضُ دونَ رمادٍ...
تقرأُ رسالةً من طفلٍ
أكلَ نفسَهُ وأكلَ أُمَّهُ ...
وماتزالُ الوجباتُ سريعةً
كُلَّمَا نبتَ في رؤوسِنَا ريشٌ أبيضْ...
أيُّهَا الطفلُ العجوزُ...!
خمسونَ عاماً...!!!!!
وماتزالُ الأرضُ تشربُ دمَهَا
و تلحسُ رَغْوَةَ العشبِ
من الجثثْ...
لتسُدَّ ثقبَ الشمسِ
تستريحَ الحرارةُ من سُعَارِ ...
شهيدٍ ثقبَ وجهَ السماءِ
لِيُنْهِيَ صفعةَ القرنِ...
ويستقيلَ من دوارِ الأرضِ
في رأسِهِ...
ذَاكَ الطفلُ العجوزُ...!
مِنْ حُزَيْرَانْ إِلَى حُزَيْرَانْ
يُكَشْنِرُ رسائلَهُ ...
بِأصابعَ حَجَرِيَّةٍ
لِيقرأَهَا من جديدٍ ذاتَ حُزيرانْ ...
في حليبِ أمِّهِ
فمتَى سيتذوَّقُ لذَّةَ الترابَ في حزنِهِ ...؟
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟