رواء محمود حسين
الحوار المتمدن-العدد: 6647 - 2020 / 8 / 15 - 11:07
المحور:
الادب والفن
قال الثعالبي في الحنين إلى الوطن:
" كتبت يا سيدي ادام الله عزك من بعض منازل النقلة. ومطارح الغربة. وقد تقاذفت بي البلدان. ونبت عني الاوطان. حتى كاني موكل بمساحة الارض. ومعرفة الطول والعرض. أو كأني خليفة الخضر. في قطع البر والبحر. فان اسفرت أسفاري عن صفقة الرابح وانقلبت إلى الوطن بغنيمة الفائز فالحمد لله على حياة الآمال. وصلاح الاحوال. وان تكن الاخرى فبعض الشر أهون من بعض. ولا يأس في الغربة من دعة وخفض. والسلام " اخرى في حل قول الآخر… كتبت اطال الله بقاء مولاي وإذ تذكرت الوطن خنقتني العبرة. واستولت علي الزفرة. حنيناً إلى ارض انشأتني تربتها وغذاني هواءها. ورباني نسيمها. وحلت عني التمائم فيها. وتأسفاً على بلدة بها اخضرار شاربي. واقتبال شبابي. وفيها مجمع أترابي. وأخواني وأحبابي. وقد كانت الإقامة بها مع الإعسار. أحب إلي من استيطان سواها على اليسار. ولكن قضاء الله لا دفاع دونه ولا احتجاز. ولا امتناع منه ولا احتراز فيا رحمتي للغريب المبتلى بكربة الغربة. وحرقة الفرقة. المقيم بالبلد البعيد من وطنه. النائي عن سكنه. ويا لهفي على ما صنع بنفسه. وقطع من انسه. حين فارق أحبابه الاخصين وإخوانه الاخلصين. فلاهم ينتفعون بالعيش من بعده. ويستريحون من التألم لبعده. ولا هو يستمتع بعدهم بحياته ويفرق بينهم وبين مماته وما على الله بعزيز أن يرد غربته. وييسر إلى أحبابه أوبته" (ينظر: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ): " رسائل الثعالبي"،. بدون بيانات أخرى، ص 29- 30).
وقال جالينوس: يتروّح العليل بنسيم أرضه كما تتروح الأرض الجدبة ببلل المطر.
وقال بقراط: يداوى كل عليل بعقاقير أرضه فإن الطبيعة تنزع إلى غذائها.
قال بعض الأدباء: عسرك في بلدك خير من يسرك في غربتك.
وقيل لأعرابي: ما الغبطة؟ قال: الكفاية ولزوم الأوطان والجلوس مع الإخوان. قيل: فما الذلة؟ قال: التنقل في البلدان والتنحي عن الأوطان.
وقال بعض الأدباء: الغربة ذلة فإن ردفتها علة وإن أعقبتها قلة فتلك نفس مضمحلة.
وقالت العرب: الغربة ذلة والذلة قلة.
وقال آخر: لا تنهض عن وكرك فتنقصك الغربة وتضيمك الوحدة.
وشبهت العرب والحكماء الغريب باليتيم اللطيم الذي ثكل أبويه فلا أم ترأم له ولا أب يحدب عليه (ينظر: إبراهيم بن محمد البيهقي: " المحاسن والمساوئ"، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، بدون تاريخ، الجزء الأول، ص 286، 288).
#رواء_محمود_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟