عماد محي الدين
الحوار المتمدن-العدد: 1597 - 2006 / 6 / 30 - 15:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل إصلاح سورية ممكن؟ إذا كان كذلك، كيف يمكن أن يتم؟
لا نعتقد أن الإصلاح يمكن أن يتم من دون تضحيات كبرى من أركان النظام وأركان المعارضة. فعلى الرئيس أن يستقيل ويعلن عن انتخابات رئاسية لا يكون هو أحد المرشحين إليها. و هذا أهم شيء، كي لا تتكرّر التجربة المصرية حيث أعلن الرئيس المصري عن انتخابات حرة ثم رشّح نفسه وفاز؟
من هم المرشحون لرئاسة السورية؟ هل هم عبد الحليم خدام والسيد بيانوني وسواهم من أركان السلطة والمعارضة الأسلامية؟ ربما نعم، ربما لا. لكن ماذا عن أركان المعارضة الذين دفعوا سنوات طويلة في السجن: رياض الترك مثلاً، عماد شيحا مثلاً، ومحمد فرحان الزعبي الذي يعاني سجناً أشد قسوة من الأعدام في المعتقل البعثي منذ انقلاب "الحركة التصحيحية" 1970؟ ربما، لم لا ؟ هل لأنه ما زال في السجن؟ وإن يكن، ألم يرشّح أحد قادة حماس نفسه إلى الرئاسة وهو في السجن الاسرائيلي؟ هل ما يسمح في سجون العدو يمنع في سجون الوطن؟
في كل الأحوال، ومع الأخذ بعين الاعتبار لحسابات كثيرة ذاتية وموضوعية، نعتقد أن كل من سبق لا يصلحون لرئاسة الجمهورية السورية مع احترامنا وتقديرنا العاليين لتضحيات الجميع. فهؤلاء أشبه بالبشر الملائكة، نريدهم أن يبقوا رصاصاً مؤجلاً لمعركة المستقبل السوري، وأنواراً عالية تصل إلى الأجيال السورية كلها لا تنفد حتى مئات السنين، ليقبعوا عالياً في الأولمب السوري مع الآلهة السورية المقدسة .
لكن مع ذلك مازال لدينا في السجن السوري العتيد رجال يصلحون لذلك، نقصد لرئاسة الجمهورية. هنا استعراض سريع لثلاث شخصيات سورية مهمة تصلح لأن ترشح لرئاسة الجمهورية السنة القادمة 2007.
البروفسور عارف دليلة: ( اللاذقية)
لا نعتقد أن سورياً يتابع الأخبار لا يعرف عارف دليلة. فهو أشهر من نار على علم. أهم خصال البروفسور دليلة أنه عالم أقتصاد. و أي عالم. عالم من الطراز الرفيع. ليس ذلك فحسب. بل هو وطني عنيد من الطراز الأرفع. رجل لا يمكن أن تشكك في وطنيته و التزامه. أياً كانت الحجج وأياً كانت التلفيقات التي يمكن أن يسوقها أبواق النظام و أجهزة مخابراته. عارف دليلة يجب أن يكون رئيس جمهورية. إن لم يكن كذلك، فرئيس وزراء مطلق الصلاحية. ليس لأنه علوي، وهنا ندخل في حسابات طائفية. لا سمح الله. لكن لأنه رجل اقتصاد وهو يفهم آليات و خزعبلات و تفاصيل الأقتصاد المحلي و العربي والدولي. فهو يمكن أن يحول سورية بما لديها الآن وبواقعها الجحيمي إلى جنة المال والأعمال دون تدمير القطاع العام. هذا الرجل عملاق في علمه ووطنيته. حاربه النظام السوري البعثي رغم أنه بعثي. لكنه بعثي شريف ومحارب عنيد للفساد وفاضح كبير لناهبي وسارقي المال العام ولا سيما النفط. فهو أول سوري تجرّأ على كشف أن النفط السوري سوف ينضب سنة 2008 - كما فعل في توقيت متقارب معه النائب الشجاع رياض سيف الذي فصل من مجلس الشعب وسجن ثلاث سنوات لهذا السبب تحديداً- ولذلك نال عذاباً كبيراً من قبل هذا النظام إضافة لكونه علوياً. وهو ما جعله يعاقب مرتين او ثلاث مرات. مرة لأنه معارض. مرة لأنه بعثي. مرة لأنه علوي. ودفع ثمناً كبيراً بمحاولة قتل ولده الوحيد شادي دليلة وتشويه سمعته ثم سجنه بعد ذلك في محاولة للتأثير على البروفسور دليلة .
الأستاذ ميشيل كيلو: (دمشق)
بدوره الكاتب و المفكر السياسي الأستاذ ميشيل كيلو أشهر من أن يعرّف. فهو القومي العربي والوطني السوري الذي لا يشقّ له غبار. أحد مهندسي ربيع دمشق والناطق الأبرز باسمه في كل المحافل والمناسبات. ضمّه الرئيس بشار الأسد إلى لجنة تطوير البعث و كان وراء معظم البيانات الأولى المعارضة التي أطلقها مع مجموعة من المثقفين- بيان المئة و من ثم بيان الألف- وكذلك الناطق باسم أعلان دمشق الشهير، وأخيراً أعلان بيروت-دمشق. كان يصنّف عند عموم المعارضة كمستقل، لا معارض ولا موالي. مع ذلك تبيّن أن ميشيل كيلو معارض من طراز رفيع لأنه حافظ بالضبط على مسافة متساوية بين جميع الأفرقاء في المعارضة والسلطة. ربما هذا ما لم يعجب بعض المعارضين الذين صنفوه كرجل محسوب على السلطة بسبب لقاء مع أحد النافذين فيها. في كل الحالات ميشيل كيلو شخصية سورية ذات وزن سياسي وهو معروف عربياً ودولياً ويحسب له حساب في المعارضة السورية وتحديداً المنطقة الوسطى بين المعارضة و الموالاة. أي المنطقة الرمادية. وهو بذلك أكثر المرشحين لرئاسة الجمهورية قوة وحظاً ربما. إنما كونه مسيحياً ربما يجعله غير مقبول من الوسط الأسلامي. لكن من قبل بحافظ الأسد العلوي – وهم الذين يعتبرون غير مسلمين لدى الوسط الإسلامي ومرفوضين أكثر من المسيحيين في هذا الوسط – يمكن أن يقبل بميشيل كيلو .
الدكتور كمال اللبواني: (ريف دمشق)
طبيب و فنان. مؤسس التجمع الليبرالي العلماني في سورية. رجل شجاع وجريء وصلت جرأته أن واجه السفيرة الأمريكية في دمشق واتهم بلادها بأنها تدعم النظام السوري. وقال لها إذا لم تغيروا هذا النظام فتأكدي أن نصف الشعب السوري سيتحول إلى الحركات الإسلامية المتشدّدة. سافر في جولة أوروبية وأمريكية والتقى مسؤولين في القارتين معرضاً نفسه وعائلته للخطر في سبيل بلاده . مقرّب من الوسط الأسلامي كونه سنّياً من ريف دمشقي. للدكتور لبواني مؤيدون كثر في الوسط السياسي السوري. كما له أعداء ألداء معروفون. لم يتورع بعضهم عن تلفيق الأتهامات له حتى و هو في السجن. وحاولت أجهزة المخابرات إحراق أسمه في الوسط المعارض يتلفيق بعض المقالات وتذييلها باسمه وارسالها إلى البريد الألكتروني لآلاف المثقفين السوريين. أهم ما في شخصية الدكتور كمال أصالته وشجاعته. فهو لا يؤمن بالعمل السري. يريد أن يعارض علناً. لذلك فهو في لقائه على قناة الحرة تحدث بصراحة عن الوضع السوري وعن جولته الأوروبية الأمريكية. كان اللبواني أول سياسي سوري في التاريخ يتجرأ على كسر التابو البعثي بلقائه سياسيين أمريكيين. لذلك ذكره الرئيس بوش في أحد خطاباته وطالب بالأفراج عنه. لأجل ذلك نتوقع اغتيال الدكتور كمال في السجن أو على الأقل أن يحكم بعشر سنوات سجن على الأقل.
* كاتب سوري
#عماد_محي_الدين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟