|
نتيجة تبعية مطلقة ، صُنعَ نموذج سيء ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6642 - 2020 / 8 / 10 - 15:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ بادئ ذي بدء ، وقبل كل شيء ، يتوجب تقديم تشخيص مبسط للمعنى الحقيقي لوظيفة رئيس الجمهورية اللبنانية ، بالطبع أغلب الدول التى تتشابه بالحال والأحوال ايضاً تمارس ذات الوظيفة ، ( التشكرات ) ، نعم تقتصر وظيفة الرئيس اللبناني المشاركة في الموتمرات الدولية لكي يشكر من حين لآخر الدول التى دعمت بلاده بالمال والمساعدات ، أما في المقابل ، هو الجزء الآخر من لبنان ، ينطبق عليه مقولة سقرط الشهيرة ( يميل الناس إلى المبالغة في كل شيء إلا أخطاءهم ، يرونها لا تستحق النقاش ) ، باختصار تحول لبنان واللبنانيون إلى معمل مختبرات لحزب الله ، الاختبارات لم تقتصر على الاقتصاد والسياحة والسياسة والبرلمان والحروب والتدخلات ، بل التفجير الأخير كما يبدو تجاوز مسألة التخزين المتعارف عليه وباتت عنابر المرفأ تُستخدم لأشياء مجهولة حتى الآن أو إذا كان هناك فساد واهمال مركب ، فإن من يتحمل المسؤولية ، هو من بالفعل يسيطر أمنياً على هذه المواقع ، لأن ليس معقولاً علمياً أن يشتعل الميناء وتشتعل العاصمة معاً، إلا إذا كانت النيترات الأمونيوم اختلطت بشيء آخر ، وطالما نفى أمين عام حزب الله حسن نصرالله سيطرة حزبه الأمنية على المرفأ ، رغم أن لو سئل أي طفل في بيروت عن ذلك ، لأجاب بأن المرفأ والمرافئ الأخرى والمطار وجميع منافذ البرية بقبضة الحزب وتخضع بشكل مباشر لسيطرة عناصره ، بل أكثر من ذلك ، النظام الإداري في لبنان مازال نظام بيروقراطي قديم لم يطرأ عليه أي تطور جديد وبالتالي جميع المعلومات الشخصية التى تحتاج إلى ساعة واحدة من أجل إنجازها في أي دولة عربية مثل إصدار جواز سفر أو البطاقة الشخصية ، في لبنان تتطلب أسابيع ، إلا إذا كان صاحب المعاملة على معرفة مع أحد أنصار حزب الله أو عناصره ، فهولاء بشهادة اللبنانين ، بالفعل يقدمون خدمات تسريعية ومجانية ، وبالتالي المواطن اعتبرها لوقت طويل بأنها مسألة جيدة وناجعة في ظل نظام بيروقراطيين عفن .
المشكلة الأهم التى يواجهها الشعب العربي اللبناني ، أنه كان لفترة طويلة متخوف ومازال من استدراج حزب الله بلدهم لمعارك عالية التكاليف مع الكيان الصهيوني ، لكن مع مرور الوقت اكتشف الشعب ، قد دُمر اقتصادياً وتدمرت عملتهم وتوسع الفقر بشكل كبير واخيراً بات شراينه الحيوي في خبر كان ، وقد حصل كل ذلك دون دخول لبنان في أي مواجهة ، إذن اللبنانيون يدفعون الويلات بإسم عدائهم لإسرائيل ، لكن الحقيقة الفعلية ، لبنان يدمر بأيدي ابنائه .
هنا ايضاً أشد وضوحاً ، وهو أمر رهيب الدالة في الواقع ، لقد خاض الرئيس أنور السادات حرب 73 من القرن الماضي ( 1973)م ، حقق نصف انتصر وواجه طيلة مدة حكمه تذمر داخل الجيش المصري حتى جاءت اللحظة وتم اغتياله ، تماماً هكذا هو نصرالله ، قاد معركة يتيمة مع الاحتلال الاسرائيلي عام 2006م وبعدها تربع على عرش لبنان ومنذ ذاك اليوم ، اعتمد على الصراخ والتهديدات لإسرائيل حتى استنفذ آخر كلمة من قاموس المقاومة ، فاليوم كثير من أعضاء الحزب وانصار الحزب وايضاً كثير من الناس يعيشون حالة التذمر ذاتها ، تماماً كما كان يعيشها الجيش المصري آنذاك ، لكن الفارق بين السادات ونصر الله ، أن الأخير منذ حرب إياها اختفى عن الأنظار في مخبأه ، وبالتالي أفقد المتذمرون فرصة اغتياله ، لكن ايضاً هناك حقيقة ، بالرغم من إدارته للحكم ، عند كل كارثة تحصل سرعان ما يحيل أسبابها لأدواته الذين يستخدمهم طيلة الوقت حتى لو أنكر ذلك علناً ، بل التذمر بات متنوع بين الفئات ، الجهاديين تحولوا إلى وقود في معارك مذهبية والمواطنون وصل حالهم إلى ما بعد خط الفقر ، بالإضافة إلى الكوارث التى تتعاقب دون توقف ، أي باختصار ، لا حرب ولا اقتصاد ولا حرية ولا تعليم ولا صحة ولا أمن ، في المقابل ، فقر ونفايات وبنية تحتية متهالكة ونظام متآكل ( متخلف ) وفساد أخطبوطي وطائفية مقيتة وبالتالي نصر الله تحول عبء ليس ثقيل فحسب بل ضرورة اجتثاثها ، لأن ما يغيب عن أمين حزب الله هو الفارق بين سوريا ولبنان ، فالمسيحيو نصف المجتمع في البلد ، وهؤلاء لا يعتقد نصرالله بأن الغرب سيسمح أن يُفعل بهم كما فعلوا بالسوريين اولاً ، وثانياً من المستحيل أن يتنازلوا عن أنماط حياتهم الخاصةُ .
مصيبة أمين حزب الله حسن نصرالله ، أنه لا يتحلى بالحرية الفكرية ، اعتاد على التبعية ، وهذه التبعية ظهرت عندما دعى اللبنانيين لضرورة الاعتماد على الاكتفاء الذاتي ، كالزراعة والتربية المواشي والتصنيع الشامل ، وبالتالي لا يوجد في التاريخ قائد يشاور الشعب أو ينتظر موافقته في صنع القوة والتوازن ، بل عادةً مجالس القيادة ، تقوم في صنع نماذج مختلفة على الأرض ومن ثم المواطنين يلتحقون بالنموذج الناجح أتوماتيكياً ، تمام كما قام الحزب في زراعة المخدرات ونشرها في العالم ، حينها فقط لم يدعوا الشعب اللبناني إلى زراعتها لأنها تدر المال الكبير وتفقده المداخيل التى تميزه ، بل تبعية حزب الله لإيران تعتبر نسخة سيئة ، فالحزب لم يستفيد من الإيراني في جانب وتطور في جوانب أخرى ، بل ترك نفسه أن يصبح نسخة مطابقة وأي نسخة .
لبنان باختصار يحتاج إلى نظام غير تابع إلى الايديولوجيات الطائفية أو السياسيات الخارجية ، البلد يحتاج إلى برلمان قادر على مراقبة ومحاسبة الحكومة ، وبالتالي زمن تقاسم مقدرات البلد ولى أو بالاحرى لم تترك الطبقة الفاسدة شيء ليتقاسمه ، بل المعنى الوحيد لتمسكهم بالسلطة ، هو تخوفهم من المحاسبة ، فلبنان للأسف وهذه حقيقة وايضاً هو تاريخ مؤرخ ، مازال يقف عند احداث الفتنة الصغرة لعام 1840م ، لكن سرعان ما ينتقل إلى الفتنة الكبرى التى بدأت في عام 1860م عندما حصلت المجازر الكبيرة ، منذ ذلك التاريخ ، ينتقل إلى الحرب الأهلية ثم يعود إلى منطقة الهدوء الحذر ، لقد فشلوا اللبنانيين وذاك يعود لأسباب ارتباطاتهم الخارجية في بناء دولة وطنية ، لهذا قد تكون المحاولة الشهابية ( فؤاد الشهاب ) 1902م- 1973م ، تعتبر الوحيدة التى استطاعت إحداث تغير نوعي لكنه جزئي وكان لها الفضل في تصنيف لبنان دولياً بباريس الشرق ، إذن اليوم لبنان ينتظر شهاب المجدد للوطنية اللبنانية ، بالرغم أن الرئيس شهاب ترك في دفتر التاريخ مقولة لها أبعد سيكولوجية عميقة ، عندما قال ، الشعب اللبناني غير مؤهل لتخلي عن الإقطاعية وغير مقتنع حتى الآن ببناء دولة حديثة مدنية ، وبالتالي محض هذه القراءة الجيو عرقية سياسية ، الترجمة الفعلية لها ، بأن لبنان حسب التجربة لا يُحكم إلا بشخصية جامعة بعيدة عن التمحور والأدلجة والارتباطات الخارجية ، لأن عكس ذلك ، سيحوله العالم إلى جحيم ، وفي كل مرة الجحيم لم يستثني من ناره أحد ، ولكم أيها اللبنانيون في التاريخ عبرة لمن أراد أن يعتبر . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تستحق السيادة عندما تكون سيد نفسك ..
-
لجنتان واحدة وطنية وأخرى دولية ، ما هو المانع ...
-
هل يمكن يا سيدي الحصول على المال بلا إصلاحات ...
-
الوقوف إلى الجانب الخاطئ من التاريخ ...
-
السد الإثيوبي مقابل الاستراتيجية المائية ( المصرية )...
-
الإمارات شطرت الذرة وتعوم بين المجرات ...
-
بعد الاعتماد على الأب الروحي يعتمد الأوروبي على ذاته ..
-
كابوس الطاعون الذي لا نهاية له ..
-
شاعر الشام وشاعر الحركة التصحيحية ...
-
الاستثمار بالإنسان هو الهدف الأساس لإرسال مسبار الأمل ...
-
بلقمة واحدة ابتلعت الصين إيران ...
-
حبة الرمل ونقطة النفط ...
-
القضية الفلسطينية رهينة سياسات الإدارة الأمريكية ...
-
من الخطأ أن لا نعرف حجم مصر ...
-
إتفاق السلام بين حركة طالبان وإدارة الرئيس ترمب / يقلب الطاو
...
-
ولاية الفقيه بين الصمت المطبق للضربات العسكرية ونشر السموم .
...
-
من رحم الاستخبارات إلى عرش القياصرة ...
-
المقدم السابق أبو أحمد علي رئيس مجلس الوزراء الحالي ...
-
جيش بلا لحمة وشعب بلا خبز ...
-
التوازن بين الواقع والحلم ...
المزيد.....
-
القيادة المركزية الأمريكية تنشر فيديوهات توثق عملية تجهيز ال
...
-
-صنع في الصين-.. فستان متحدثة البيت الأبيض يهز مواقع التواصل
...
-
-أكسيوس-: التهديدات الأمريكية بالانسحاب من المفاوضات حول أوك
...
-
جولة جديدة من المفاوضات الأمريكية الإيرانية يوم السبت في روم
...
-
تدريبات جوية مشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في
...
-
ما دلالات بدء الانسحاب الأميركي من سوريا؟
-
ماكرون يستقطب العلماء الأجانب بعد تقليص ترامب تمويل الأبحاث
...
-
الولايات المتحدة تضع خطة لمراقبة وقف إطلاق النار في أوكرانيا
...
-
الأمين العام لحزب الله: الفرصة التي نمنحها للحل الدبلوماسي غ
...
-
الرئيس الفلسطيني في أول زيارة إلى دمشق منذ 16 عامًا... ما هي
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|