أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - مجد العصا , والدم














المزيد.....


مجد العصا , والدم


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1597 - 2006 / 6 / 30 - 15:03
المحور: الادب والفن
    



( نص , منشور الدماء )
يتلبسني الحزن , وتتجرع صبري الآلام , ولم أجد من ينوح عليّ , فأرفع سبابتي للموت , مستسلماً ومهاجراً على زاوية الفضيحة, من أين لي أن أوزع كل هذه الأحزان, والآلام على مساحات جسدي , يتناثر وجعي صهيلاً إلى نقي عظامي , ويتناثر ألمي فضائح , تحاصرني نوبات الوجع , فاسلم الروح للسحاب , وأشيلني وأهرب بي إلى مدارات الحلم , تتسكع على جبيني الغيوم , وتتهادى الطيور على أغصان قلبي , فأرتجف عصفوراً يتقلى بزيت الفضيحة , كم أحاول أن أتدثر بالضباب , وأهاجر إلى حميم اللحظات , لأنسى الموت المطبق الذي يهوي بروحي إلى ظلمات الأبدية , من قصقص جناحاي , ومن رما بهما إلى مهبط الشمس , كم أتوق إلى وردة الندى , وأحلم بسماوات لهنّ رائحة لا تشمها إلى الدواري , وسكرا لنحل , لماذا كلما أغوص إلى أعماقي , يشدني ألفُ حبلٍ نوراني إلى رجفة ِ الصبى , فأصبوا فتتصابى معي الذكريات , والهموم تنسج حول روحي مقابض الألم , وأسأل لماذا تتقاطر مني الأحزان , وتسومني الويلات على خيول الإنكسار , من ولّد فينا كل هذه التعاسات , ولما نرثي الآخرين ونحن موتى , فهل من موت سوى الموت الذي نعيش , وأيّ سجن ٍ أكثر ظلاماً من قهر النفس لحد الذل ؟ وهل من غربة ٍ تحاصرك وأنت بين ناسك اللذين لا تربطك بهم سوى يافطات النفاق ؟ وكم تتصّيدك العيون التي أبهمها الله بالخديعة ! كم تصفّيتَ لتصفوا شمعة من صفاء ! أيها البائس الذي لا يصادق سوى الليل , الرائع في تسفيه الأشياء , المشرئب بالنور , المتأرجح بين الندامة والقهر , من رجّ كل الملذات فيك , ومن جعل عظامك نايات تعزف هشيم الروح , أيها المتلذذ بالموج المجاني , المتفاخر بالتاريخ المترهل كذنب ثعلب جائع , ألم يتعبك الهلاك وأنت تسجن نفسك بعيداً عن رائحة الشواء الآدمي , الضاج بعفن الرياء ؟ ألم تهفو يوماً إلى هذا الخنجر الذي يشوي أمعاءك مخترقاً جسدك اللين الطري ؟ ومن قال أنك طريّ كمثل شمامة صيف ؟ أم أن اللحم الآدمي الذي كونته من حشائش الواحات كان طرياً على ألم السكين ؟ وهل هذا الثعلب الدائم اللعوب المتوجس من الفتنة الأبدية , أضحى سماءاً بلا نجوم ؟ كم يدهشك فرح العصافير والأطفال وخرير الماء ؟ وكم رقّ عليك نهر الفرات , وأنت تتصيد عظامه بسكاكين عظامك الخشنة ؟ أيها الرافد بالحنين , لما لم تألفك المزامير , والكمنجات الحزينة ؟ أيعقل أنّ ومضة القلب منك أسراب طيور من حزن ؟ ثم من كون هذا الكائن فيك ؟ وكيف يشف كنسيم لا يرى تنهيدته المتواشجة مع الغيم ؟ أيها الناثر في الفلاة حبوب الرحمة , يا من تتراحم على عدوك من نفسك , أيها المملؤ بالخيبات , من الذي كون تراحم الكون فيك ؟ ومن أي شجر مجنون , تتقاذفه روحك أتيت ؟ أيعقل أن ملايين الأسئلة التي تتساءل : تتوازعها الغيوم البلهاء ولا حنين , وأنت تدري ( إنّ غيوم الصيف كذابة ولا تمطر ) فلتترك المطر الداخلي يهمي في أعماقك إذن , فالغربان تنق عليك من الجهات , والبوم لم يعد يحزن على أبنائه , وحتى ضواري الفلاة هجرت قطعانها , وتفرّدت تبحث عن قطرة ماء , لم يعد النهش هو الحي الباقي , فالسّر في قطرة الماء , السِّرُّ في السّراب , وما القادم إلا جراد أسود لا ينحني إلا للنهم الدودي , وهذا الكائن المتلذذ بالذبح , وبالخراب الدائم , الذي أتقن لغة الفناء , هذا الأبد المشلوح على خوازيق الجلالات المتخمة بالعفن , الذين لم يسكروا بعد من لعق الدماء , دماء في كل مكان , دماء تلطخ وجه الزمن , دماء وقبح وحرائق , حرائق من الشواء الآدمي , دم في العيون , دم فيما هو كائن وما سيكون , دم في العرافة , دم بحبر الصحافة , دم في الكلام , دم في الصحون , دم في الطريق , دم فيما هو آت وما ليس آت , دم بكل اللغات , دم في الجريدة , دم بحبر القصيدة , دم في السجون , دم فيما يفعلون وما لا يفعلون , دم فيما يأكلون وفيما يشربون , دم بهذي الحياة اليباب الخراب , دم في الشهادة , دم في الولادة , دم في المساجد , دم في القصور , دم في الغسق , دم في الرغيف , دم في الزهر , دم بصدر الحبيب , دم في عيون الغريب , دم في الحضارة , دم في عيون المخادع , دم في لحاء الشجر , دم في الفرات , دم في جميع اللغات , دم في العيون , دم في النهود , دم في الكؤوس , دم في النقود , دم في السرير , دم في صولجان الأمير , دم في صهيل الخيول , دم بعب النخيل , دم في الصحافة , دم بحبر العَرَافة , دم في النخيل , دم في النخيل , دم في النخيل , دم في القدس وفي الجليل , ومهرجان دمٍ بوجه القاتل والقتيل , هنا كربلاء , قبلة العاشقين , والكل يريد قتل الحسين 0

28/6/2006



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصرة
- أخوان الأردن وسيدهم الزرقاوي
- المرأة وموروث القهر
- الليل
- هل العلمانية دين جديد ؟
- العلمانية حياة
- سعاد خيري وأطفال فلسطين
- المخبر-1-
- دجالون في أوروبا , جرذان في بلادهم
- سعدي يوسف ينجو من – الكوسج -
- رفقاً بالموتى , أيها الإرهابيون0
- سيدة الصباح
- اللذين مع الحياة , هم مع الحرية والديمقراطية
- جدل العلاقة بين اليهود, والنصارى, والإسلام
- إليكِ تجيء الجداول غرقى بنشور روحي
- لا للحجاب , لا لحز الرقاب , ونعم لليلى عادل
- أدباء السلطة – سلطة الأدباء
- الواطي 1
- حماراً , ُيِّحولُ – دريد لحام – حصانَ طارق بن زياد
- السيد المسيح يغادر الجنة


المزيد.....




- سعاد بشناق عن موسيقى فيلم -يونان-.. رحلة بين عالمين
- الشارقة تكرم الفنان السوري القدير أسعد فضة (فيديو)
- العربية أم الصينية.. أيهما الأصعب بين لغات العالم؟ ولماذا؟
- سوريا.. رحلة البحث عن كنوز أثرية في باطن الأرض وبين جدران ال ...
- مسلسل -كساندرا-.. موسيقى تصويرية تحكي قصة مرعبة
- عرض عالمي لفيلم مصري استغرق إنتاجه 5 سنوات مستوحى من أحداث ح ...
- بينالي الفنون الإسلامية : أعمال فنية معاصرة تحاكي ثيمة -وما ...
- كنسوية.. فنانة أندونيسية تستبدل الرجال في الأساطير برؤوس نسا ...
- إعلاميون لـ-إيلاف-: قصة نجاح عالمي تكتب للمملكة في المنتدى ا ...
- رسمياً نتائج التمهيدي المهني في العراق اليوم 2025 (فرع تجاري ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - مجد العصا , والدم