|
إعتداء غاشم .. ومبادرة تستحق الثناء والتقدير
كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)
الحوار المتمدن-العدد: 1597 - 2006 / 6 / 30 - 15:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في هذا الوقت العصيب، الذي يمر به شعبنا العراقي، ويستلزم، من بين ما يستلزم، وحدة وتعاون وتكاتف كافة قواه وفصائله الوطنية الخيرة للوقوف بوجه إستكلاب قوى الإرهاب وعصابات الإجرام والقتل الجماعي الوحشي، من ايتام النظام الفاشي المقبور، بالتحالف مع زمر "القاعدة" الإرهابية المسعورة و دواب الإنتحاريين وأوباش المفخخات، وبقية أعداء الشعب العراقي والحاقدين عليه، ولوضع حد لاَثامهم وجرائمهم البربرية،ولتصفية كافة مخلفات النظام السابق.. المؤسف،في هذا الوقت بالذات، تتواصل الأعمال اللامسؤولة والإستفزازية،جنباً الى جانب الأعمال العدوانية والتخريبية، ضد القوى الوطنية العراقية المخلصة والحريصة على مصالح الشعب العراقي،بكافة قومياته وأطيافه وشرائحه، وأديانه وإتجاهاته، في ظل العهد الجديد، وبضمنها تعزيز المسيرة السياسية السلمية، بما يشيع ويرسخ الحياة الديمقراطية،وفي مقدمتها ممارسة الحوار، وإحترام الرأي الآخر، بدلاً من العنف والإستبداد والإرهاب، وحماية مكتسبات الشعب العراقي، وتعميق التحولات الديمقراطية، وصولاً لبناء العراق الفدرالي الحر والمستقل والديمقراطي.. وفي مقدمة هذه القوى الحزب الشيوعي العراقي،الذي هو أقدم الأحزاب السياسية العراقية، واحد اهم الفصائل الوطنية البارزة فى العملية السياسية والديمقراطية فى العراق.
لقد تعرض الحزب الشيوعي العراقي خلال السنوات الثلاث المنصرمة الى إعتداءات كثيرة ومتنوعة، وأضطر لتقديم كوكبة لامعة أخرى من الشهداء، أضيفت الى مئات اَلاف الشهداء الذين إسترخصوا حياتهم على مذبح الحرية والإستقلال والديمقراطية، خلال العقود السبعة المنصرمة من عمر حزبهم المديد، وتأريخه النضالي المشرف، الذي تحول الى جزء لا يتجزأ من التأريخ الحديث لشعبنا العراقي ومفخرة يعتز بها .
المؤسف ان يتضرر العديد من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي، ويستشهد العشرات منهم، في العهد الجديد، ليس فقط على أيدي القوى الإرهابية والظلامية والفاشية، وإنما أيضاً على أيدي عناصر من المحسوبة على القوى الوطنية والدينية العراقية، المعنية بالخلاص من النظام الدكتاتوري البائد- كما حصل في العديد من المحافظات والمدن العراقية..
وما أنفكت تتواصل الإعتداءات على الشيوعيين العراقيين، واَخرها الإعتداء الاَثم، في حزيران 2006، على مقر حزبهم في المحاويل، حيث قامت بالإعتداء هذه المرة قوى الأمن المحلية، التي داهمته وطوقته بالسيارات الحكومية، ورمت محتوياته الى الشارع العام، وبعثرتها، وإعتدت على المتواجدين هناك، دون اذن قانوني أو قضائي،وبطريقة فجة وسافرة شكلت انتهاكاً صارخاً لحقوق الافراد والجماعات،التي كفلها الدستور، ولم تختلف كثيراً عما كان يجري في ظل النظام المقبور على أيدي أجهزته القمعية الآثمة.
ويبدو أن هذا النمط من الإعتداءات ينفذ ليس بمعزل عن الثقافة البعثفاشية المقبورة.وذات الشيء ينطبق على تصريح وزير الدفاع الحالي عبد القادر العبيدى،الذي رفع من جديد، وفي أول إسبوع لتسلمه مهامه، شعار معاداة الشيوعية سيء الصيت،ناسياً أو لا يريد أن ينسى الفشل الذريع الذي مني به النظام السابق،الذي خدمه لفترة طويلة، في محاربته المسعورة للحزب الشيوعي العراقي، والذي رغم ما إمتلكه من جبروت، وأساليب بطش وحشية، إندحر وولى، غير مأسوف عليه، ليطمر في مزبلة التأريخ، بينما بقي الحزب الشيوعي العراقي شامخاً كشموخ جبال العراق الشماء،وباسقاً كنخيله، وفصيلاً وطنياً مناضلاً باسلاً وصلباً، لم ولن تهزه العواصف العاتية، ناهيكم عن التهديدات العنترية الخائبة !
ولا يفوتنا أن نسجل هنا، بأن الإعتداء الغاشم الأخير على مقر الحزب الشيوعي العراقي في المحاويل، لم يمر كعمل عدواني مدان، دون رد فعل من القوى الوطنية الأخرى. فإذا سكتت بعض القوى الوطنية والدينية في المرات السابقة عما تعرض له حزب الشيوعيين العراقيين من إعتداءات، وحرق لمقراته، وإغتيالات لرفاقه، فهذه المرة لم تسكت،لا بل ودانت الاحزاب الوطنية والدينية ومنظمات المجتمع المدني وبشدة انتهاك حرمة مقره في المحاويل، وأصدرت بياناً وقعه كل من: حزب الدعوة الاسلامية ،المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ،مكتب الشهيد الصدر، الحزب الاسلامي، حركة الوفاق الوطني، حزب الوحدة، حركة الديمقراطيين المستقلين ،الاتحاد الوطني الكردستاني، المجلس البلدي ،نقابة المعلمين ،اعيان العراق، نقابة العمال ،غرفة المحامين، ورابطة المختارين،اعلنت فيه عن تضامنها مع منظمة الحزب الشيوعي في المحاويل، وأعربت عن أسفها للإعتداء من قبل مسؤولين لا يقدرون حق المسؤولية. وطالبت القوى الوطنية والدينية ومنظمات المجتمع المدني المذكورة وزارة الداخلية بتأليف لجنة مستقلة ومحايدة لغرض تحديد المسؤولين عن الاعتداء الغاشم واتخاذ الاجراءات المناسبة ضدهم كي لا يتكرر فعلهم هذا في المستقبل.
والحق، ان هذه المبادرة الحضارية قد إفتقرنا لها طويلاً،خلال السنوات الثلاث المنصرمة. من هنا فان مبادرة القوى والأحزاب السياسية والدينية ومنظمات المجتمع المدني المذكورة، التي أدانت الإعتداء على مقر الحزب الشيوعي العراقي في المحاويل، تستحق كل الثناء والتقدير.ومبادرتها هذه تعبر عن شعور عال بالمسؤولية، وتضامن رفاقي صادق مع الحليف، أو الصديق، أوالنظير، وحتى الخصم الشريف، عند وقوعه في ضيق.وربما المبادرة هي ميزة تحسب للموقعين على البيان المذكور للتدليل على إدراكهم الجيد بأن ما تعرض له اليوم أحد حلفاءهم، أوأحد أصدقاءهم، أو أحد نظراءهم، بل وأحد خصومهم السياسيين، هو مؤشر بأن لا ضمانة بأنهم لن يتعرضوا له هم بالذات في يوم اَخر..وهي نظرة سياسية ثاقبة !
نأمل أن تتعزز مبادرة الإدانة والشجب والإستنكار العلني، الواضح، والصريح، من قبل كافة القوى الوطنية والدينية ومنظمات المجتمع المدني، عند كل إعتداء مدان،أو غير قانوني، من أي كان، وحيثما جرى، وضد أي كان من القوى الوطنية العراقية !
ونأمل، أيضاً، ان تتحرك الحكومة،وهي التي تسعى ان تكون حكومة وحدة وطنية، وأن يتحرك مجلس النواب بدافع المسؤولية الوطنية، ضد مثل هذه الإعتداءات،وإدانتها علناً، ومحاسبة المعتدي، أي كان، ومن أي جهة، رسمية كانت أو غير رسمية !
#كاظم_المقدادي (هاشتاغ)
Al-muqdadi_Kadhim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(3) الطفولة العراقية أمانة بأعناقكم
-
واقع حال الطفولة العراقي 2
-
لمناسبة الأول من حزيران- عيد الطفل العالمي: واقع حال الأمومة
...
-
لِمصلحة مَن تتواصل التصفيات الجسدية للكوادر العلمية العراقية
...
-
وزارة الصحة ونقابة الأطباء.. ما الذي فعلتاه لحماية منتسبيهما
...
-
إشكاليات المجتمع المدني والمجتمع السياسي والديمقراطية
-
لماذا يسكت دعاة حقوق الإنسان عن مذبحة اللاجئين السودانيين؟
-
لتكن المحكمة بإسم الشعب حقاً وفعلاً
-
لماذا التمييز بين العاملين في المؤسسات الطبية والصحة العراقي
...
-
البيئة العراقية..في مؤتمر علمي في لندن
-
إستباحة حياة المدنيين العراقيين.. إلى متى ؟
-
البيئة والصحة في مسودة الدستور المقترحة
-
لِمَ أصابهم التوهان والعشو أمام مشاكل البيئة العراقية ؟ََ
-
لماذا لم تُشكِل الجمعية الوطنية العراقية لجنة دائمة للبيئة ؟
-
رقابة المواد والمصادر المشعة.. من يقوم بها ؟
-
في يوم الصحة العالمي:صحة الأمومة والطفولة تستوجب حلولاً جدية
...
-
الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك تستحق دعم ومؤازرة كل ا
...
-
التلوث الإشعاعي ينتشر في أرجاء العراق والضحايا بإنتظار المعا
...
-
المرأة العراقية تستحق الإنصاف والتكريم
-
وزارة البيئة العراقية والكوادر العلمية
المزيد.....
-
المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل
...
-
مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت
...
-
إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس
...
-
-فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
-
موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق
...
-
وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
-
مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في
...
-
كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا
...
-
مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية
...
-
انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|