طه رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 6639 - 2020 / 8 / 7 - 11:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يجد صديقي عبود بُداً من القبول بالممثلات اللاتي كن من نصيبه ( كنَّ اسوء ثلاث ممثلات شكلا وصوتا ولفظا واداءً) للعمل في مسرحيته، وهي اطروحة تخرجه ، بمطلع سبعينيات القرن الماضي، في اكاديمية الفنون الجميلة.. وكانت اللجنة المشكلة من كبار الفنانين، انذاك، إبراهيم جلال وجعفر السعدي، سامي عبد الحميد، بدري حسون فريد، قاسم محمد...
كان " عبود" معروفا بقفشاته وسرعة بديهيته الهزلية..صعد عبود ليلقي كلمة المخرج ( وكانت كلمة المخرج ضمن سياق الامتحان ويحسب لها جزء من درجة النجاح حالها حال اختيار الممثل/ الطالب المناسب للشخصية في هذه المسرحية او تلك)، صفق له زملاؤه المشاهدون، اخرج ورقة كبيرة من جيبه، سرعان ما دعكها واعادها الى جيبه الثاني. ارتجل عبود بالحاضرين، لجنةُ واساتذةً وطلاباً، كلمة مختصرة جاء فيها: " خرج الامير ومعه خادمه للصيد، وفي الطريق قال الامير لخادمه اذا اصطدت ارنبا فلك الارنب وإن اصطدت غزالا فلك ارنب. انا الخادم"!
وغرقت القاعة، اساتذة وطلابا، في الضحك لاعتذار صديقنا، بطريقة ذكية عن سوء " شكولات" ممثلاته!
الاعتذار من شيمة الكبار، افرادا ومجاميع، شرط ان يكون في محله، كما فعل عبود، والا ينقلب ضده! حتى لو تراكم الغيظ بوضعك او بوضع وطنك الى الدرك السفلي من القهر والالم! وبكلمة اكثر وضوحا: الوضع الحالي الذي يمر به شعبنا لا نحسد عليه نتيجة تراكمات سياسية قاتلة اعتمدت المحاصصة وعاثت فسادا خلال اكثر من خمسة عشر عاما وتحول الوطن الى مكان غير قابل للعيش الكريم لفقدانه المنظومات الحياتية الاساسية!
ماهو موقف " المثقف" مما يجري؟ ما المطلوب منه؟ ماذا عليه ان يفعل؟ او ليس " تبصير" الجمهور يُعدُّ من المهام الارأس للمثقف الوطني؟!
لا اعتقد انه يحتاج الى ندب حظه او البكاء على اطلال تاريخ مضى عليه قرون ولا الاعتذار من الجلادين الذين حكموا وطنه قبل هذه الحقبة ووقف ضدهم في يومٍ ما، فهم لا يستحقون بالمطلق الاعتذار، وليس النظام السابق هو المقصود بل كل الحكومات التي حكمت العراق منذ ١٩٦٣ وليومنا هذا فهي لا تستحق الاعتذار! والاسوأ لا يبرر السيء مثل ما السيء لا يبرر الاسوء.. ومقارنة العجوز العراقية بين نظام صدام والوضع الحالي هو الجواب الشافي حيث قالت: صدام وجهه" امصخم" والجماعة بيضوه!
ليس غريبا ان تكون المراة العجوز اكثر ذكاء من ذلك المثقف في تشخيصها لانها صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير المنشود!
،
#طه_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟