أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم الوائلي - العنف














المزيد.....

العنف


كريم الوائلي
كاتب وناقد ادبي وتربوي .

(Karim Alwaili)


الحوار المتمدن-العدد: 6635 - 2020 / 8 / 3 - 01:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد لا أكون مبالغا اذا قلت ان تاريخ البشرية منذ بدايتها هو تاريخ العنف ، اذ يمكن لاهوتيا ان نعد عصيان ادم لربه اول وسيلة عنف ضد إرادة الله، فالعصيان لون من الوان العنف ، الذي يجابه به العبد ربه ، وليس الامر متوقفا عند ذلك بل تحول العنف في الجيل الثاني مباشرة الى ارتكاب اول ريمة قتل وهو ليس قتل لإنسان لا تربط احدهما بالآخر علاقة قرابة ، اذ هما الاخوان هابيل وقابيل ، وبغض النظر عن التفسيرات المتناقضة التي يقدمها مفسرو الأديان حول هذه الجريمة لكنها تعد عنفا تجاوز الحد الى القتل لاختلاف بين اخوين مهما كانت طباعهما طيبة ونقاء وإرادة الاب كما هو الحال في قابيل .
وليس من باب القدرية ان تكون البشرية كلها من أبناء القاتل والمجرم ، وليس من أبناء الطيب والبريء.
وقد احتار الدارسون في فهم طبيعة العنف والتمرد ، هل هو رغبة للقتل او غريزة عدوانية ، ام ان العنف والتمرد سمات يتعلمها الانسان في مكتسبة وليست فطريه في النفس الإنسانية ، او انها ردة فعل للضغوط التي تعصف بالإنسان ,
وقد يخضع العنف لدوافع ذاتية فان ( هيثكلف ) في رواية مرتفعات ويذرنع مستعد لقتل البشرية كها كي يمتلك حبيبته ، كما يرى ذلك البير كامو 1 ، بغض النظر عن معقولية القتل او لا معقوليته . ويضيف كامو انه يرتكب الجريمة وعند هذا يقف معتقده ،ويفترض هذا العمل قوة الحب والمزاج الملائم وبما ان قوة الحب نادرة الوجود ، لذلك يبقى القتل عملا استثنائيا ، ويحتفظ اذن بطابعة التحطيمي .
وتعرف الموسوعة الفلسفية العنف بانه فعل يعمد فاعله الى اغتصاب لشخصية الاخر ، وذلك باقتحامها الى عمق كيانها الوجودي ويرغمها بافعالها وفي مصيرها منتزعا حقوقها او ممتلكاتها او الاثنين معا .2
وليس الامر مقتصرا على الافراد والمنظمات فان بعض الدول الكبرى وبخصة الولايات المتحدة وإسرائيل تتنمر على شعوب وحكومات فتعمد الى استخدام العنف بأقصى درجاته كالغزو والاحتلال ، او تغيير الأنظمة السياسية من وراء الكواليس ، والى استخدام وسائل متعددة من العنف كفرض العقوبات بأنواعها المختلفة ,
ويمايز جورج سوريل بين القوة والعنف ، فالقوة هي التي تفرض تنظيم وضع اجتماعي تكون فيه الأقلية هي الحاكمة ، اما العنف فهو الذي يرمي الى تهديم النظام 3وهو بهذا يعقد مقارنة بين ما تقوم به البرجوازية في استخدام القوة لتثبيت سلطتها ، وما تقوم به البروليتاريا في استخدام العنف لتقويض النظام البرجوازي بأصله الذي ربما يقصد العنف الثوري .
وليس غرييا او من قبيل المصادفة ان تضفي حنة ارندت على العنف أهمية كبيرة في دوره العظيم في حياة البشر, اذ يقترن لديها العنف والسلطة برباط يكاد يكون مقدسا ، حين تقتبس مقولة ماوتسونغ في ان السلطة تنبثق من فوهة البندقية ،وكأن هذا يعارض مع مقولات كارل ماركس الذي يرى ان العنف لا يمثل سوى دور ثانوي في احداث التغيرات لانتقال المجتمع من القديم الى الحديث ، لان التناقضات الموجودة داخل المجتمع هي التي تحدث ذلك .وهذا يعني ان القوانين قد لا تعدو ان تكون مجرد كلمات لا قيمة لها ان لم تعضدها البندقية .
وتخضع مشروعية العنف بحسب الجهة التي يصدر عنها العنف ، سواء اكانت في السلطة ام في المعارضة ، اذا تضفى الشرعية على العنف حين يكون العنف صادرا عن السطلة أصحاب عنف ضار ،ان الأفعال الصادرة عن السلطة السياسية وأجهزتها والتي تتصف بطابع القوة والشدة والقمع والاضطهاد والاعتقالات الكيفية هي أفعال غير عنيفة لأنها قانونية 5
ويظهر في هذا السياق مصطلحان هما العنف الرجعي والعنف الثوري ، وكان بريق العنف الثوري ساطعا بحيث يبرر للقائمين فيه شرعية تنفيذه ÷وبخاصة ضد كل ما يطلق عليه العنف الرجعي ، ومن الجدير بالذكر ان ما تقوم به الطبقة العاملة البروليتاريا هو عنف ثوري وما عداه فهو يعد عنفا رجعيا.
وليس من الغريب حين يستلم السلطة أصحاب الشرعية الثورية فانهم يمارسون الأدوار نفسها بالبطش بخصومهم وذلك جلي في كثير من الممارسات العالمية والعربية .
ومن الجدير بالذكر اني حضرت محاضرة في كلية الآداب جامعة بغداد أوائل السبعينات ، وكان المحاضر أستاذا جامعيا مرموقا ، تحدث فيها عن العنف الثوري وآلياته واساليبه ، ثم تساءل : ما موقفك حين تكلف بتصفية امبراطور جائر ، ولكنك في اللحظة الأخيرة قبل التنفيذ تشاهد بريق عيني طفل داخل العربة التي تقل الامبراطور ، فقاطعه من وسط القاعة ، مهرج قائلا : اذا كنت ثوريا ستنفذ المهمة وتقتل الامبراطور ومن معه .
المصادر :
1 ـ البير كامو ، الانسان المتمرد ، ترجمة نهاد رضا ، دار عويدات بيروت باريس 1983 ، ص 10 .
2 ـ الموسوعة الفلسفية العربية ، معن زائدة واخرون ، معهد الانماء العربي ، بيروت ، 1986 ص 625 .
3 ـ نفسه .
4 ـ حنة ارندت ، في العنف ترجمة إبراهيم العريس ، دار الساقي بيروت ، 2015 ص 10
5 الموسوعة الفلسفية ص 625



#كريم_الوائلي (هاشتاغ)       Karim_Alwaili#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخابات ثانوية قتيبة
- إبداع القصيدة بين اللغتين المعيارية والفنيةفي التراث النقدي
- العودة الى التراث
- الشعر والتصوف
- الثقافة القامعة والثقافة المقموعة وعودة ذي الوجه الكئيب
- الرومانسية الصوفية وإبداع القصيدة في فكر صلاح عبد الصبور الن ...
- جماليات الأنظمة اللغوية عند ابن جني
- التعليم في العراق في اواخر العهد العثماني ، تأملات نقدية
- القلب كقطاة ، قصيدة للشاعر قيس بن الملوح
- التسامي في الحب عند رابعة العدوية
- ( المسلمون العقائديون ) منظمة اسلامية بنكهة يسارية
- الارهاب صناعة ثقافية / تربوية ( مقترحات ستراتيجية لتربية ما ...
- الدرس الادبي في الجامعات ، الواقع والافاق
- انشطار الذات وانشطار الوعي في رؤية البياتي للتراث
- الحداثة الزمانية ، المبرد وابن قتيبة انموذجا
- اختلاف الاجيال وتغاير الازمنة
- جدلية القامع والمقموع في الديمقراطية العراقية


المزيد.....




- بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
- الجيش الاسرائيلي: رشقات صاروخية من لبنان اجتازت الحدود نحو ...
- ليبيا.. اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في سرت (صور)
- صحيفة هنغارية: التقارير المتداولة حول محاولة اغتيال أوربان م ...
- نتنياهو متحدثا عن محاولة اغتيال ترامب: أخشى أن يحدث مثله في ...
- بايدن وترامب.. من القصف المتبادل للوحدة
- الجيش الروسي يدمر المدفعية البريطانية ذاتية الدفع -إيه أس 90 ...
- -اختراق شارع فيصل-.. بداية حراك شعبي في مصر أم حالة غضب فردي ...
- بعد إطلاق النار على ترامب.. بايدن يوضح ما قصده في -بؤرة الهد ...
- ترامب يختار السيناتور جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم الوائلي - العنف