|
تجليات في زمن الانتصار والخوف من المجهول
طالب الوحيلي
الحوار المتمدن-العدد: 1595 - 2006 / 6 / 28 - 11:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين كنا نغمض اعيننا على خوف وانتظار لطارق منتصف الليل حيث يجاح حرمات بيوتنا ،فنساق بين هلع امهاتنا وبكاء من سوف يطول انتظارهن لنا حتى الاستحالة ،وحين كنا مجرد ارقام في دفاتر الوقوعات اليومية ،او مواقع جمع الجثث او رموزا لأضابير لا تحمل سوى تنفيذ عقوبات الموت غيلة ،كنا نبحث عن لحظات تجلي في صلوات ممنوعة وشعائر دينية محرمة لانها تكاد تعكس معنى مظلوميتنا الازلية ،كنا مقننين حتى في عواطفنا ومقموعين حتى في محافلنا البريئة ،لكنا ما اذعنا لجميع طغاة العصور ،وحملنا جراحنا ولعقنا مرارة صبرنا وتوسمنا في الآتي فجرا يضيء مساراتنا المظلمة ،وعبر كل ذلك فنحن اكبر من مناهج الأيدلوجيات ومن تكتيكات واستراتيجيات النظم السياسية المختلفة ،حين اختصر ذلك ابسط فرد عراقي وبسبابته الراجفة لكي تبصم اكبر معنى لتأريخ نازف وجراح لم تندمل.. ولعلنا نستطيع الابحار كثيرا في سرد حكاياتنا ،ونحن نعلم ان من يقود مظلوميتنا هو جزء من تأريخنا ،فهو لم يكن من المترفين في صالونات اوربا ،ولم يكن مجرد رجل مخابرات صدرت له الأوامر لتمثيل دور معارض يلوك الأكاذيب ويوقع بالمناضلين ليكونوا طعاما سهلا لكلاب النظام الصدامي،او كان تاجر تطاول على صيد اسياده الثمين ،فقادة مسيرتنا هم مجاهدون وورثة دم لملايين الشهداء هم ابناء السيد محسن الحكيم و هم امتداد للصدر الاول والصدر الثاني وشهيد المحراب الذين هم خلاصة مشروع إسلامي وحدوي إنساني رسالي متحرر ،هو الجواب الشافي لكل الأسئلة والإرهاصات التي خلقتها موازين السياسة الدولية المواربة واللعوب والمستغلة لدماء الشعوب المضطهدة عبر كافة العصور، لذا فان الجميع مدينون لهذا التراث وان أي خطأ يشوب خطواتهم حتى ولو كانت تكتيكية فان جميع دماء الشهداء والضحايا سوف تكون خصما لهم يوم القيامة بعد ان نقع في شراك أعداء المذهب واعداء الشعب العراقي بأجمعه ،ففي هذا العالم المليء بالأخطاء مطالبون أن لا نخطيء ،لان غيرنا هو اقدر منا على استثمار أخطائه القاتلة ،كما حدث ذلك في العهود المنصرمة ،ولا داعي لاستذكار ذلك لان تقليب المواجع يزيدنا ألما على آلام هذه الأيام . منذ سقوط الطاغية ،توفرت العديد من الفرص الحاسمة اتجاه إنهاء الملفات التي تضخمت كثيرا حتى غدت غددا سرطانية في قلوبنا ،واهمها عدم استثمار هزيمة النظام البعثي وازلامه وتركهم فيما بعد يستعيدون تنظيمهم ويتوغلون في عمق المؤسسات الحكومية الملغمة بالطفيليين والفاسدين ،مستفيدين من عدم الانسجام السياسي بين الفرقاء السياسيين الذين كان ينبغي دخولهم إلى المعترك العراقي وقد نبذوا كل خلافاتهم خلف الحدود المختلفة ،وجاءوا متوافقين بعد أن استغرقتهم مؤتمرات المعارضة العراقية قبل سقوط الطاغية ،وكان بعضهم مأسورا بتقاليد السياسة الأمريكية وازدواجيتها ،فيما وجد صاحب العمق الشعبي الحقيقي نفسه وهو يكابد العناء في اكثر من محور ،كان أتخطرها الرعب الدولي من الالتفاف الجماهيري حول قيادته التي انضوت وتمسكت بكل أنفاس ومقررات المرجعية الدينية التي هي المحرك الحقيقي للمشاعر العقائدية والسياسية للمواطن العراقي في كل شوارده ووارده،وقد نجح المشروع السياسي للمرجعية اذ فرضت مبدأ الانتخابات عبر مسيراتها المليونية التي كانت مصدر الرعب الحقيقي للقوى الدولية على اختلاف مسمياتها ،بل ان كيسنجر كان اشد ما يرعبه لو ان السيد السيستاني قد دعى الى المظاهرات المليونية ! فيما وضع الشهيد الحكيم اكثر من قاعدة عمل للقوى المخلصة أشار الى العديد من إشكاليات الواقع القلق لولا استشهاده الذي كان يفترض ان يترك اكثر من سؤال او اتهام او شك ،لكن الرد الرائع قد تجلى عبر الاندفاع المستميت نحو صناديق الاقتراع التي تركت عند كل واحد منها العديد من المآثر والذكريات المعمدة بالدماء وكانت مصدر إعجاب وتفاخر الرئيس الأمريكي وامثاله ،لكن تلك النتائج قد تذكرنا بتجارب عديدة مرت على العالم كان للشعب الدور الحاسم فيها كالتجربة الانتخابية في تركيا وفوز حزب الفضيلة او التجربة الجزائرية واستحالتها الى حرب أهلية أشاعت جرائم قطع الرؤوس وإبادة الأسر وغير ذلك من جرائم غدت مألوفة جدا ألان في العراق مما يجعلنا أمام أسئلة صعبة يجب على القائمين عليه على حكم البلاد الإجابة عليها . مجرد تأمل تشكيل الحكومة العراقية يجعل الباحث السياسي او القانوني يضعها في سياق السبق القانوني الذي لم يكن له ما يضاهيه في العالم ،فالناخب حين يضع كل ثقله عبر الورقة الانتخابية لايضع بديلا لممثله في مجلس النواب او في طاقم تشكيل الحكومة ،وهو يعلم ان من وضع الدستور الدائم لا يمكن ان يجعل منه مجرد متن منسي ،فكيف انتهى الحال باستحقاقه الانتخابي وقد صار هشيما تذروه الرياح؟!ووجد مقاعد الحكومة تتحول الى محاصصات الهم الاول منها الانتصار لتقاليد الماضي المبنية أساسا على مظلومية الشعب المبتلى ،فيما تبنت اطروحات لايد للشعب ولا لممثليه ولا قول وكأنه مجرد حملة انتخابية أفرغت من محتواها بعد ان تقمص الحكم فيها فلان وفلان،فأين يذهب من اقسم يمين الولاء لشعبه من بكاء الثكلى وانين الآباء على فلذات أكبادهم وقد ساقتهم المجاميع الإرهابية من موقع عملهم في منشأة نصر الهندسية ،ليقتلون فيما بعد وبدم ابرد من سقاء الحكومة ،وإذ يقف ذوو المخطوفين على ضفاف دجلة الخير او يعثرون على جسدا مقطعا لاحد أبطال التكواندو او تجيش جيوش الإرهاب في شارع حيفا والفضل لصد المصلين الزاحفين من مدينة الصدر إلى مسجد جمعة الشهداء في براثا حيث التوحد الاخير،فعلى الجميع ان يلقوا باقلامهم ولينظروا أي مصالحة سوف تلف بشراكها على أبناء العراق وأي مصير ينتظر الجميع؟!
#طالب_الوحيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاور حادة في هشيم الحدث اليومي
-
جدلية الصراع والانتصار عبر طوفان الدم العراقي
-
اختصاص المحكمة الاتحادية العليا في الدستور الدائم
-
جذور الارهاب في العراق وخفايا العامل الدولي
-
موازنة بين الحوار الوطني وتداعيات الارهاب الاخيرة
-
مصرع الزرقاوي بين الحدث وتكتيكات المستقبل
-
رافضة) الظلم والاستبداد أقوى من كل قوى الظلام)
-
جرائم بلا عقاب ودماء اراقها المجهول !!
-
القواعد العامة في الرقابة القضائية على الدستور
-
شهود الزور وخداع محامي صدام ملاذ الطاغية الاخير
-
مطالعات في الواقع الدستوري للعراق الجديد
-
محاكمة الطاغية ام مهرجان خطابي!!
-
الثروة الوطنية بين الحيازة الغير مشروعة وآفة الفساد الاداري
-
عراق بلا معادلات ظالمة
-
العراق بين الحدث الدموي اليومي ومن وراءه
-
معادلات مترهلة في زمن عراقي صعب
-
الدستور العراقي الدائم وضمانات البقاء !!
-
لائحة على هامش محاكمة الطاغية
-
استراتيجية الاحتلال او الانسحاب..رؤية من الداخل
-
الحكومة الدائمية بين الممكن والتحفز لعبور المستحيل
المزيد.....
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|