أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نزال - العرب فى مائتى عام فى رحلة البحث عن الذات ! الجزء الثانى















المزيد.....

العرب فى مائتى عام فى رحلة البحث عن الذات ! الجزء الثانى


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 6617 - 2020 / 7 / 13 - 11:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



فشلت الحملة الفرنسية و عاد العثمانيون الى مصر عبر رجلهم الالبانى محمد على الذى دعمته فرنسا . و سرعان ما استقل بمصر و بدا ب التمدد نحو الشام و الجزيرة العربية و الاناضول وسط خشية الدول الاوروبية من ظهور دولة قوية فى الاقليم .القول ان محمد على كان له طموح لاقامة دولة عربية امر يسوده الغموض لاسباب عدة حسب اعتقادى.منها ان فكرة القومية العربية كانت من الامور الغير مفكر بها فى ذلك الوقت المبكر.الذين اعتبروا ان الهدف كان اقامة دولة عربية اعتمدوا على امرين.الاول ما قاله ما قاله دبلوماسى فرنسى ان هدف محمد على اقامة دولة عربية و هى وجهة نظره كما اظن و اشك كثيرا ان محمد على كان فى هذا التفكير خاصة ان الطبقة الحاكمة كانت تركية فى معظمها و كانت لديهم الكثير من النظرة العنصرية الاستعلائية على المصريين و العرب .و كذلك قول ابنه ابراهيم باشا لجنوده ان لا يتوقفوا الا حين يتوقف اللسان العربى.و الحقيقة ان قواته تجاوزت مناطق اللسان العربى ووصلت الى قونية الامر الذى يناقض ما نقل عن ابراهيم باشا.

حوصرت القوات المصرية فى بيروت من قبل قوات المارينيز البريطانية و تم قصف المدينة من البحر و قام الحلفاء عدا فرنسا التى كانت تؤيده بانزال قوات بحرية الى مدينة جونية وسط معارك حادة , و فى النهاية اجبرت القوات المصرية على الانسحاب الى مصر مع شرط ان لا يحاول محمد على العودة ثانية الى بلاد الشام و يبقى حاكما على مصر و السودان فقط . لكن مرحلة الحكم المصري رغم قصرها لم تمضى بدون ان يترك بعض الاثار اهمها مساواة المسلمين بالمسيحيين فى الوظائف و هو امر لم يكن موجودا ايام العثمانيين . و اقامة محاجر صحية فى دمشق و بيروت( الكرنتينا ) و اهتمامه بتطوير الزراعة .. و حتى لفظة المصارى بدل النقود او الفلوس لم تزل تستعمل فى بلاد الشام بعد صك المصريين للعملة.. لكن الحكم المصرى لم يمر بلا متاعب .فقد اراد ابراهيم باشا اقامة حكم مركزي على النهج المصرى لناحية الضرائب و الخدمة العسكرية الالزامية و جمع السلاح من الاهالى.

لكنه واجه ثورات عدة ابرزها فى صفد و ثورات الدروز فى جبال سورية الذين اتهموه بالتحيز للمسيحيين الذين ايدوا الحكم المصرى لانه حررهم من مفهوم الذمى العثمانى .و لربما بدات الحساسيات بين الفريقين تتكون فى تلك المراحل .فبعد انسحاب القوات المصرية بوقت قصير,وقعت مواجهات بين الدروز و الموارنة خاصة و المسيحيين عامة عام 1860 قتل فيها الالاف من الفريقين و امتدت الى دمشق التى لجا اهلها المسيحيين من باب توما و سواه الى قصر الامير عبد القادر الجزائرى الذى كان قد نفى الى سورية بعد فشل ثورته ضد المحتل الفرنسى للجزائر. و بموقفه هذا حمى الامير الالاف العائلات المسيحية التى كان من الممكن ان تتعرض للقتل .و هو موقف لا بد من الاشاره اليه لانه موقف انسانى و عاقل فى زمن الفتنة.
من بين ردود الفعل الوطنية الداعية الى نبذ الاحقاد اسس بطرس البستانى مجلة نفير سورية حيث كرسها للدعوة من اجل التكاتف بين ابناء البلاد بغض النظر عن اديانهم.
لكن من حوالى المائة و خمسون الف جنديا بقى قسما يتراوح بين ثلث و نصف عدد جنوده فى بلاد الشام حيث استقروا هناك و لم يعودوا الى مصر و هو امر من الصعب تفسيره .بعد اكثر من مائة عام على هذه الاحداث واجه المصرون مشكلة مشابهة فى سورية فى الوحدة الالحاقية التى تمت عام 1958 حيث انتهج الجنرال عامر فى سوريا سياسة اقرب الى سياسة ابراهيم باشا من حيث النهج المركزى فى ادارة البلاد .

و لو قرا المصريون تاريخ الحكم المصرى ايام ابراهيم باشا جيدا فلربما تجنبوا بعض الاخطاء .فالعقل المصرى بحكم التاريخ و نمط العيش الذى يعتمد على الرى المنظم فى النيل عقل مركزى اعتاد على الحكم المركزى لاجل تنظيم الرى فى بلد له طبيعة مسطحة على المستوى الجغرافى مع تجانس مجتمعى كبير . على عكس العقل السورى الذى يعتمد على الزراعة المطرية و التجارة حيث هناك هامش اوسع من الحرية فى بلد يحتوى على جبال و تتنوع اكبر فى الثقافات المحلية التى تتمع كل منها بحكم الامر الواقع بنوع من حكم ذاتى ثقافى . و لا بد لهذه الفروقات فى انماط التفكير قد عززت لدى السوريين الشعور انهم واقعون تحت الهيمنة المصرية .و لعل هذه كانت من اسباب حركة الانقلاب العسكرى التى قادها العقيد عبد الكريم النحلاوى بعد ثلاثة اعوام من الوحدة .اى ان الصراع كان فى العمق حسب اعتقادى حضاريا ثقافيا بين انماط تفكير مختلفه و ربما متصادمة .

واجه المصريون لللاسف الذين استقروا فى بلاد الشام من مواقف عنصرية كانت تتراوح بين منطقة و اخرى .و كان قسم لا باس منهم يعمل كقطروز و هى كلمة لا اعرف اصولها تعبر عن مرتبة اقل من الاجير و افضل من المملوك,و تعنى الذى يعمل لدى اسرة مالكة من الفلاحين و يقطن عندها . مثلما كان من الصعب احيانا للشاب المصرى ايجاد امراة ليتزوجها . و كان زواج قسم لا باس منهم من فتيات فاتهن قطار الزواج من بنات الفلاحيين ممن كانوا يعملون عندهم .هذا الوجود الكثيف يفسر وجود عدد كبير من اصول مصرية فى بلاد الشام و خاصة فى فلسطين .علينا ان نتذكر اننا نتحدث عن مجتمعات محافظه كان زواج الاقارب و ابنة العم سائدا بقوة.وحتى الان يعتبر تعبير بنت العم فى بلاد الشام مرادفا للزوجه .لذا ليس من المستغرب لشاب مصرى بدون عائلة او اهل و اقارب ان لا يجد صعوبات فى ايجاد زوجة فى بيئة محافظة .

لقد حصل فى المرحلة حدثين هاميين كان لهما تاثير على سياق التغيرات التى بدات تحصل شيئا فشئيا .منها هزيمة الدولة العثمانية بسرعة على يد ابراهيم باشا الامر الذى اضعف من شرعية الدولة و ان بصورة بطيئة الامر الذى بدا يقوض من شرعيتها شيئا فشيئا خاصة فى مراحل لاحقه عندما بدا الوعى بالذات الجمعية العربية ينمو باطراد.

. و الاخر كان بدء البعثات التبشيرية التى بدات تؤسس مدارس كان اهمها تاسييس الكلية السورية البروتستانتية فى بيروت عام 1860 التى صار اسمها لاحقا الجامعة الامريكية .لعبت الكلية السورية البروتستانية دورا فى بعث اللغة العربية خاصة ان البروتساتنت كانت حركة دينية من البداية اعتمدت اللغات المحلية فى الانجيل بدل اللاتينية.و قام علماء من جبل لبنان مثل بطرس البستانى و ناصيف اليازجى بترجمة الكتاب المقدس الى العربية .كما قام بطرس البستانى الذى عرف بالمعلم بتاليف معجم محيط المحيط الذى كان بحق اول معجم عربى عصرى.و قد لعب هذا كله بتكون بذور الوعى القومى لدى العرب خاصة فى بلاد الشام .

كان تلك بداية مرحلة تعرف العرب على لغتهم و اعادة عصرنتها .و الامر الذى لعب فى اعتقادى فى انطلاقة النهضة العربية فى اواخر القرن التاسع عشر.من الصعب القول ان البعثات التبشيرية الغربية كانت بريئة تماما من اجندات سياسية غربية فى المنطقة لكن رغم ذلك من الصعب ايضا القول انه لم يكن لها تاثير فى نشر العلم و الثقافة و فى نقل افكار جديدة لمنطقة كان قد تجمد فيها الفكر لمرحلة طويلة.

. ادرك محمد على ان الزمن قد تغير.بدا حكمه بدعوة مئات كبار المماليك الى القلعة.و هناك احاط بهم جنودة و بداوا بقتلهم و لم ينجو سوى القلائل ممن خاطروا برمى انفسهم من اعلى القلعة.كان هذا الحادث الماساوى مؤشرا ان المرحلة السابقه من التاريخ المصرى و العربى قد انتهت . و كان هذا بداية حكم اسرته الذى استمر حتى تموز العام 1952.

بدا محمد على بمساعدة المهندسن الفرنسيين بناء جسور مثل القناطر الخيرية و مستشفي القصر العينى فى القاهرة.لكن تحديث محمد على ظل فى اطار القشرة و لم يصل الى عمق المجتمع المصرى الذى ظل فى غالبيته اميا فى الارياف.

بدا محمد على بالقيام بمشروع نهضوى بداه بارسال بعثات مصرية الى فرنسا لاجل التعلم.كان شيخ الازهرحسن العطار رجلا منفتحا على االعصر و لعله كان اول من بدا الاصلاح فى الازهر .رشح العطار الشيح رفاعة الطهطهاوى لكى يكون اماما للبعثة المصرية التى قرر محمد على ارسالها الى فرنسا

.و فى 13 نيسان العام 1826 ابحرت من ميناء الاسكندرية السفينة لاترويت الفرنسية و على متنها 40 طالبا مصريا كان اغلبهم اتراكا و البان و عدد اقل من المصريين من يتحدث اللغة العربية.عاد الطهطهاوى و هو مفعم بالامل بعدما صدمته الحضارة الغربية المتفوقه كما شاهدها فى باريس التى جعلته يعى تخلف بلاده .كتب كتابا اسمها تخليص الابريز فى تلخيص باريز الذى لقى شهرة لانه قدم معلومات لم تكن معروفه عن الحضارة الفرنسية او الاوروبية

.و الكتاب فى جله وصف للحياة الفرنسية فى مختلف مناحى الحياة و احيانا مقارنتها مع مثبلاتها فى مصر.و من ابرز ما قام به افتتاحه لدار الترجمة و كذلك جعل جريدة الوقائع المصرية باللغة العربية بدلا من التركية كما كانت .فى تلك المرحلة صودف ان الامبرطور اليابانى ميجى قرر ان يقوم بتحديث اليابان,فكان ان ارسل طلابا الى مختلف البلاد الاوروبيه و ارسل ايضا طلابا الى مصر ليتعلموا من خبراتها .
فى حدود العام 1850 قدر كاتب ارمنى مصرى ان المسافة الحضارية بين مصر و فرنسا حوالى خمسين عاما .و لعله كان محقا فى اعتقاده .و لو مضى مشروع محمد على و خلفاؤه بعمق اكبر فى مسالة التغيير المجتمعى فلربما تغير تاريخ مصر و المنطقة العربية



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوميه العربية الى اين . الجزء الثانى
- العرب فى مائتى عام فى محاولة البحث عن الذات ! الجزء الاول
- ماذا تكثر اغانى الحب فى المجتمعات البدويه؟
- نهاية القومية العربية! الجزء الاول
- فى نظرية تراجع المجتمعات العربية حلول عصر الظلام على المنطقه ...
- فى نظرية تراجع المجتمعات العربية
- نحو نظرية تراجع المجتمعات العربية اعوام الفوضى و الاضطراب
- نحو نظرية تراجع المجتمعات العربية افول المرحلة الثورية القوم ...
- فى جذور التراجع العربى
- هذا العالم المتشابك !
- من زمن الحوارات!
- من زمن سبارتاكوس الى ثورة السود فى امريكا النضال السياسى ادا ...
- تسعة دقائق هزت العالم !
- اللغة الخشبية!
- قوانين الحياة!
- نبوءة زهير بن ابى سلمى
- لا تستعجلوا! الطريق طويلة !
- بين التمرد و الثورة!
- تاملات فى ذكرى نكبة فلسطين
- الطريق الى النكبة الجزء السادس غياب العقل السياسيى


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نزال - العرب فى مائتى عام فى رحلة البحث عن الذات ! الجزء الثانى